+A
A-

هل تفخخ هجمات الكاتيوشا حوار بغداد واشنطن؟

على الرغم من انطلاق الحوار العراقي مع أميركا قبل أيام، وتأكيد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أنه يسعى لتعزيز جسور التواصل بين البلدين بما يخدم مصلحة العراق، استمرت الهجمات الصاروخية في البلاد، لتتعالى أصوات تسأل عن مصير تلك المباحثات.

ولعل آخر فصول صواريخ الكاتيوشا هذه التي تسقط غالبا في محيط المنطقة الخضراء أو على مقربة من قواعد عسكرية أميركية عراقية، ما شهدته البلاد ليل أمس، وما دفع الناطق باسم قيادة العمليات المشتركة تحسين خفاجي، إلى الإعلان اليوم الثلاثاء تشكيل لجان لملاحقة الجهات التي تقوم بإطلاق الصواريخ على عدد من المواقع في بغداد وتقديمها للعدالة، وذلك بعدما نفذت ليل الاثنين، هجمات ليست الأولى من نوعها، حيث سقطت 4 صواريخ كاتيوشا قرب مطار بغداد الدولي.

كما أكدت قيادة العمليات المشتركة أن إطلاق الصواريخ ما هو إلا تصرفات فردية، كما أن الحكومة ماضية بعدم السماح بحدوث خروقات والحفاظ على هيبة الدولة.

مباحثات مرضية

إلا أن هذه الهجمات تطرح أسئلة مهمة حول مصير الحوار العراقي – الأميركي، خصوصاً بعد انتهاء الجولة الأولى قبل يومين، بنتائج مرضية إلى حد ما رغم الضغوط الإيرانية.

فقد أكد بيان مشترك لحكومة البلدين صدر بعد المباحثات، على المبادئ المتفق عليها في "اتفاقية الإطار الاستراتيجي" الصادرة عام 2008، كما تعهدت الولايات المتحدة تزويد العراق بالمستشارين الاقتصاديين لتعزيز مستوى الدعم الدولي لجهود حكومته الجديدة، وكفلت أيضا تسهيل الدعم المقدم من المؤسسات المالية الدولية، ومشاركة شركاتها في مشاريع الاستثمار بقطاع الطاقة والمجالات الأخرى، إضافة إلى مساعدة العراق في تطبيق برنامجه الحكومي والإصلاحي لاستعادة الاستقرار وإعادة إعمار البلد، وتنظيم انتخابات حرة عادلة ونزيهة بعيدا عن الضغوطات.

إيران منزعجة

لكن تلك المباحثات أزعجت على ما يبدو بعض الفصائل الموالية لإيران في العراق.

وتعليقا على هذا الموضوع، أفاد الدبلوماسي السابق غازي فيصل في تصريح لـ"العربية.نت"، أن المشهد السياسي العراقي اليوم أمام مفترق طرق شديد التعقيد، وأمام بغداد اتجاهان فقط، فإما أن يذهب العراق إلى نظام الفوضى، والحروب والعنف، وانتشار الميليشيات أو أن يبقى دولة تحكمها الديمقراطية.

وأضاف أن في العراق اليوم أكثر من 100 ميليشيا مرتبطة بالاستخبارات الإيرانية والحرس الثوري الإيراني.

تهديد أمني خطير

كما لفت الدبلوماسي إلى أن العراق أمام تهديد أمني خطير، بسبب خضوعه للهيمنة الاستراتيجية الإيرانية عبر تلك الميليشيات الولائية، لكن في الوقت نفسه هناك نهوض وطني وفكري ووعي غير مسبوق في البلاد، وقد لوحظ بشكل كبير خلال التظاهرات، وصاحبه رفض شعبي واسع النطاق مناهض للهيمنة الإيرانية.

كما أكد أن إيران لعبت دوراً كبيراً في تدمير الاقتصاد العراقي عبر ميليشياتها، ففي العراق اليوم أكثر من 50 ألف مصنع معطل، وتستورد البلاد أكثر من 92% من المواد الغذائية من إيران، بينما تتراكم الديون، وتكثر الجريمة المنظمة، وتبييض الأموال وتهريب النفط، منوهاً بأن هناك أكثر من 300 ألف برميل نفط يوميا تهرّب من نفط البصرة عبر الميليشيات.

من جهة أخرى، لفت فيصل إلى أن للعراق حلفاء، كأميركا وأوروبا وحلف شمال الأطلسي وبريطانيا والصين وروسيا والدول العربية المؤمنة بالتحرر وبرفض الهيمنة الإيرانية ورفض التدمير الذي تمارسه إيران في لبنان وسوريا وفي العراق وفي اليمن وفي مختلف الفضاءات.

إلى ذلك، شدد على أن الوقت حان لكي تقوم الحكومة العراقية بمهامها ومعها مختلف المؤسسات، من أجل تقويض سلطة الميليشيات وتعزيز التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأميركية في المجالات الاقتصادية والنفطية ومجالات الطاقة، إضافة إلى المجال الأمني والعسكري والعلمي والتكنولوجي وغيرها لتوفير ضمانة للأمن الوطني العراقي ولمواجهة نظام الاستبداد وميليشيا الاستبداد الإيرانية في العراق وغيرها من بلدان المنطقة العربية.

استراتيجية ضغط

من جهته، أوضح المحلل الاستراتيجي باسل حسين لـ"لعربية.نت"، أن الخطة الإيرانية تكمن في استمرار مشهد سقوط الصواريخ والاستهدافات، من أجل الضغط المستمر على أميركا.

معاملة الإرهابيين!

ولفت إلى أن الهجمات الصاروخية الأخيرة جاءت بعد تجديد الالتزام من قبل الحكومة العراقية الجديدة بحماية القوات العسكرية للتحالف الدولي والمرافق العراقية التي تستضيفهم بما ينسجم مع القانون الدولي والترتيبات المعينة بما يوافق هذا الاتفاق.

إلى ذلك نوّه بأن هذه الخطوة تعيد العراق إلى نقطة الصفر، التي توحي بأن الحكومة غير قادرة على الالتزام بتعهداتها بردع الميليشيات، وهو ما يضعف الموقف العراقي ويعيدنا إلى سيناريو اللادولة الذي تريده طهران، فإيران ترغب بأن يكون الحوار إيرانيا – أميركيا، لذلك على الحكومة اتخاذ إجراءات حازمة ضد الميليشيات وتطبيق المادة 4 من قانون الإرهاب في البلاد.

يشار إلى أنه منذ أشهر تتعرض قواعد عسكرية عراقية، تستضيف جنوداً أميركيين، فضلاً عن السفارة الأميركية ببغداد، لهجمات صاروخية متكررة.