العدد 4296
الأحد 19 يوليو 2020
banner
الحب الكبير
الأحد 19 يوليو 2020

قرأت وسمعت عن الحب الكبير، عن العواطف عندما تفيض، وعن الأسى عندما يجيش بالخواطر، وعن الأرق عندما يتوسد مخادعنا، ويتلصص علينا في الليالي الطويلة، لكنني عشته بكل جوارحي وأنا ألتمس الأعذار لأصدقائي، وحين ألملم بواعث الألم من وجوه المرافقين لي، وبعد كل مكروه يتعرض له قريب أو صديق أو جار، أو حتى غريب، لكن الأعلى شأنًا، والأعمق أثرًا، والأصدق أرقًا لم أواجهه طيلة عمري مثلما واجهته مع الأب الرئيس وسموه يُجري الفحوصات الطبية الأخيرة التي تكللت بالنجاح والحمد لله.

صحيح أنني لم أكن كغيري أعلم بفحوى الفحوصات، وإذا ما كانت تنم عن وعكة بسيطة، أو عارض طارئ يمكن أن يتعرض له أي إنسان لا سمح الله، أم إنها مجرد فحوصات دورية والسلام، لكن الصحيح أيضًا أن التباعد الاجتماعي الذي فرضته جائحة كورونا، وأن تقنيات الحداثة التي نلتقي من خلالها مع الأحبة، لم تكن تكفي، فالشوق الجارف، والنطق بالمشاعر، والشعور بالطمأنينة لا يحققه إلا التلاقي عن قرب، السلام واليد باليد، والكلام والصوت يناجي رفيقه قبل الوصول.

كنا بحاجة كنخب وأنا شخصيًا من بينهم أن نلتقي بالأب الرئيس عن قرب، أن نتعرف مجددًا عما يجول بخواطره، عما يجيش بمشاعره، وعما يتسلل قلبه عبر العديد من جوائحنا ونحن نعيش الجائحة الكونية بكامل طواقمنا البشرية، وكامل معداتنا الواقية.

كنت كغيري من المحبين والتواقين لخليفة بن سلمان، أحتاج لذلك الالتفاف الحاني حوله، وكنت كغيري من المواظبين على مجلسه العتيد نرى في التواصل الممتد أملًا في بقاء الاستمرارية على كامل تألقها، وحلمًا طالما عاصرناه عندما كنا نحتسي التوجيه مع قهوة الصباح وسموه يرمقنا بعينيه العميقتين وهو يقول لنا: مرحبًا أين أنتم؟ كيف حالكم؟ لعلكم جميعًا بخير؟ فنرد عليه التحية قائلين: نحن بنعمة يا صاحب السمو، جميعنا بخير طالما سموكم بألف خير، وجميعًا نعيش الزمن الذي أرسيتموه، والازدهار الذي شيدتموه، والأمان الذي سيجتموه.

وبعد مرور الزمن، وبعد فوات أوان من الوقت المرصع بالأمنيات الطيبة لسموكم بدوام الصحة وكمال العافية، نعيد قولنا إلى سامعنا، لعله يصل إلى جلال مسامعكم، ولعلنا نربح سلامة الوصول مع يقين عطفكم، ووجيه دربكم، ورفيق عافيتكم.

لقد مرت الأيام ثقيلة متكاسلة هكذا هو عهدنا بها ونحن نواجه محنة بسبب جائحة، أو ألم من أجل عزيز أو شوق على فوهة مدافع الأرق الليلي، لكننا لا نملك لسموكم سوى الدعاء، سوى أن نرفع على الدوام أيدينا إلى السماء متوجهين إلى الله جلّ وعلا، بأن يديم عليكم نعمة الصحة وبهاء العافية، وإعادة المياه إلى مجاريها، واللقاءات معكم إلى سابق عهدها، وإلى مجلسكم المهيب ديمومة التألق، وصيرورة التعايش مع آلامنا وآمالنا، الله يوفقكم ويحفظكم ويرعاكم، ويسدد على طريق الخير خطاكم، ولبلادنا وقادتنا الكرماء وشعبنا الوفي كل عزة وتقدم وازدهار، إنه سميع مجيب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .