+A
A-

"كلمة"يصدر ترجمة كتاب "مدن مستقبليّة: العمارة والمخيّلة" لپول دوبراشتيك

أصدر مشروع "كلمة" للترجمة في دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي ترجمة كتاب "مدن مستقبليّة: العمارة والمخيّلة"، لمؤلفه البريطاني پول دوبراشتيك، وقد نقله إلى اللغة العربية تحسين الخطيب، وراجعها الدكتور أحمد خريس.

نشر الكتاب في أصله الإنجليزي، عن دار "ريآكشن" البريطانية في شهر فبراير سنة 2019. ويسعى إلى استقصاء الكيفيّة التي يتداخل فيها الواقعي والمُتخيَّل، لا سيّما في العصر الرّقْمي، ويشتبكان معاً: كيف يمكنهما أن يشقّا الطريق أمام ظهور إمكانات ثرّة، بالنّسبة إلى الكيفيّة التي نفكّر فيها بالمستقبل؟ وبما أنّ أغلب التفكير الحاليّ، المُنصبِّ على المدن المستقبليّة، هو تفكير عمليّ، في طبيعته، يستند على التنبّؤات القائمة على العِلم؛ فلا بُدّ، لكي تُفهَم هذه الكيفيّة، على وجه التّحديد، أن نكون قادرين على الجمع بين الرؤى المتعلّقة بالمدن المستقبليّة، منذ القديم وحتى وقتنا الرّاهن، في جميع أشكالها الكثيرة والمتعدّدة؛ في الأدب والفنون والصور المعماريّة المتخيّلة والسينما وألعاب الڤيديو. فالهدف الرئيس لهذا الكتاب هو تأصيل وجود هذه المدن المتخيّلة في الممارسة المعماريّة، موضحاً كيف يمكن أن تُوجَد صلات كثيرة بين الاثنين، مبيّناً كيف أنّ الصور المستقبليّة، بصرف النظر عن الصورة العجائبيّة التي قد تبدو عليها، هي صور عن اللحظة الراهنة حقّاً؛ وهي طريقة لتغيير التفكير السائد، والممارسة السائدة، لكي تُطلَق في مسار، أو مسارات مختلفة.

ينظّم الكتاب تمثيلات المدن المستقبلية في ثلاثة حقول موضوعاتيّة مختلفة؛ المدن غير المستقرّة (المغمورة بالماء، والعائمة فوق سطح الماء، والطافية في الهواء)، والمدن العموديّة (ناطحات السّحاب، والمدن المشيّدة تحت سطح الأرض)، والمدن المدمّرة (كالأطلال والموادّ المهملة المُستنقذَة)، حيث تقدّم كل واحدة منها طائفةً من الأمثلة التي تمتّ بصلة إلى المعضلات الحقيقيّة التي تواجه المعماريّين والمتخصّصين في تخطيط المدن في الوقت الراهن.

يسعي الكتاب، في صميمه، إلى الكشف عن الطرائق الجوهريّة التي تؤثّر فيها المخيّلة على الكيفيّة التي نفكّر فيها عبر العوالم المستقبليّة المدينيّة، وعلى الكيفيّة التي ترتبط بها هذه الطرائق (ويمكن لها أن ترتبط) من خلالها مع الكيفيّة التي تُصمّم بها المدن ويُعاش فيها اليوم. وهذا يعني العمل على أن يعود المتخيَّل إلى الاتصال بما هو واقعيّ؛ أو، بالأحرى، العمل على إظهار مدى تجسُّد المتخيَّل في الواقعيّ.

يخلص المؤلف، في بحثه، إلى أنّ الحياة، في المدن المتسقبليّة، لن تكون أكثر ثراء وغنىً، إلّا بربط مزيد من الأشياء في هذه المدن، بعضها مع بعض. فلا وجود لمدينة متخيّلة دون وجود مدينة حقيقيّة؛ إنّهما مترابطتان بالفعل، فما يمكن تخيُّله موجود فعليّاً في الحقيقة، سواء في الماضي أو الحاضر. ولكنّ هذا الترابط، من حيث الفرضيّة، هو ترابط بين عالمَيْن متصارعين، إذ يُنظَر إلى المخيّلة على أنّها ضدّ الواقعي أو مشتملة عليه؛ إنّها جدليّة المثاليّة القديمة ضدّ البراغماتيّة. بيد أنّنا نستطيع، على الدّوام، إقامة صلات بين هذين العالمَيْن، حين نرغب في ذلك. فليس التفاعل القائم بين المُتخيَّل والواقعيّ هو تفاعل قائم على نحو سلس ومريح، ولكن ينبغي علينا، حين نقيم هذه الصّلات، أن لا ندفع الصرّاع والتناقض إلى أن يُحدِثا انفصالاً بين الواقعي والمُتخيَّل. ولعلّ الطريقة الأنجح كامنة في السّماح، بكل بساطة، لثراء المخيّلة أن يتجلّى بأكمله: أن ننخرط، بصدق، في الإمكانات الهائلة التي ينطوي عليها هذا الثراء. حينئذ، تغدو جميع الصّلات غير المتوقّعة واضحة، سامحة بمزيد من التداخل بين اليوميّ والعجائبيّ.

مؤلف الكتاب، بول دوبراشتيك، باحث وكاتب بريطاني، يدرّس بكليّة العمارة بلندن. متخصص بفنون العمارة والثقافة البصريّة التي سادت الحقبة الڤكتوريّة. نُشرت بحوثة على نطاق واسع في المجلات والدوريّات المحكمة المعنيّة بهذه المواضيع. صدر له: "المدينة الميّتة: الأطلال المَدينيّة ومشهد التّلف والانحلال" (2017)، و "الحديد والزخرفة والعمارة في بريطانيا الڤكتوريّة" (2014). كما شارك في تحرير كتاب: "الدّالة والفنتازيا: العمارة الحديديّة في القرن التاسع عشر الطويل".

أما المترجم، تحسين الخطيب، فهو مترجم أردني، صدر له، مؤخرًا، ضمن مشروع "كلمة للترجمة":  "أدب أمريكا اللاتينيّة الحديث" (2019)، و"حدود المادّة: الكيمياء والتعدين والتنوير" (2019)، و"المجرّة: رسم خريطة الكون" (2018).