+A
A-

فقدت أعز إنسانة في الوجود

المشكلة:

سئمت الحياة بعد أن فقدت أعز إنسانة في الوجود، فقدت والدتي التي كانت تمثل لي كل شيء في الحياة! أصبحت إنسانة لا أطيق الحياة الآن، فكيف لي أن أعيش بعد أمي التي علمتني معنى الحياة والتي ذاقت مرارة الحياة لتطعمني حلاوتها؟ إنها أمي التي عانت الكثير من أجلي لا أعتقد أن هناك حبًا يضاهي حبها، لا طعم للحياة من دونها!! لقد أصبحت إنسانة ضعيفة لا أستطيع التعامل مع الناس والتحدث معهم أو القيام بأي عمل.

نعم أصبحت إنسانة انطوائية من الدرجة الأولى، لا أعرف كيف أتصرف، أحيانا أثور وأغضب في وجه الناس لأتفه الأسباب، لا أتحمل الناس.. أشعر بحرمان شديد بسبب فقداني أمي!!

فماذا أفعل بعد فراق والدتي الغالية؟! أرجو أن ترشدني.. وتقبل مني جزيل الشكر والتقدير.

 

المرسلة ف.ح.أ


 

الحل: 

ابنتي العزيزة، أتفق معك تمامًا بألا شيء يضاهي حب الأم ومكانتها العظيمة في قلوبنا كأبناء وبنات... إن كلمة الأم ليست مجرد كلمة عابرة وتنطق باللسان وإنما هي تعني الكثير، فهي الحياة وأساس بناء الأسرة وقاعدة المجتمع ومنبع الحياة والعطف، حقا إنها الأم التي تقع الجنة تحت أقدامها، فمهما قلنا ومهما فعلنا من أجلها لن نجزيها حقها بشيء مقابل لمسة حنان، إنها الأم التي عرفتها البشرية بكل معانيها الصادقة وإيمانها الكبير بهذه الإنسانة العظيمة!!

ولكن هل نرفض أو نعترض على قدر الله سبحانه وتعالى وحكمه وقضائه عندما يختار هذه الإنسانة في عداد الأموات؟! بالطبع لا يمكن ذلك ما دمنا نؤمن بقضائه وقدره.. فمهما كان من صعوبة وقسوة الأمر وألم الفاجعة عندما نفقد إنسانة عزيزة مثل الأم لابد أن نخضع لأمر الواقع ونسلم بقضاء الله وقدره ونعيش حياتنا كبشر ولنا أدوارنا الطبيعية نؤديها ونرحل مثلما رحل من سبقنا، فهذه هي دورة الحياة ستعيشين هذا الواقع الأليم؟ وهل يمكنك استرجاع والدتك بتلك الأحزان والمواقف السلبية؟!

لا يا عزيزتي أن وضعك ويوحي بالهروب من الواقع، فدعي عنك الانطواء القاتل.. حاولي أن تشغلي نفسك بأمور نافعة، مارسي الرياضة وعبري عن  تلك الخواطر الحزينة التي تجول في نفسك بالكتابة، وأعتقد أن التوجيه الديني مفيد أيضا وخصوصا في مثل هذه الحالات والظروف.. فعليك بقراءة القرآن فإنها أفضل وسيلة روحية تخشع لها النفس وتقربك إلى الخالق في صورة وجدانية عميقة، كما اقترح عليك إن أمكنك ذلك القيام بزيارة إلى بيت الله الحرام لأداء مناسك العمرة أو فريضة الحج.. لا شك أن هذا سيخفف عنك الكثير من الهموم وسيزيل عنك الأحزان ويجعلك إنسانة حليمة في تعاملك مع الناس ويزيد من تقربك إليهم ويزداد حبك لهم ومن ثم ستشعرين بالراحة والطمأنينة النفسية، وسوف تعوضك هذه الصلة الإلهية الكثير مقابل فقدانك لأمك، وأنصحك بالجلوس في خلوة مع نفسك لمراجعة جميع أوراقك بتمعن شديد من جانب، والنظر في الأمور المقترحة من جانب آخر، وذلك لموازنتها ومحاولة توصيل خطوطها المقطوعة معا بشكل منطقي وذلك استعدادا لما يمكن تنفيذه من تلك النصائح أو التوجيهات المقترحة عليك أو غيرها حسبما ترينه مناسبا لك.. وفقك الله.