+A
A-

اللؤلؤ الحر... اسم البحرين في أذهان العالم

تمازح فاطمة، العجوز الأردنية، ابنها الذاهب إلى البحرين لحضور ندوة اقتصادية، بقولها “احضر لي عقدا من اللؤلؤ”، فهي بحسب ولدها عبدالله تربط - كغيرها كثيرين - اسم الجزيرة التي بالكاد يعرف موقعها الجغرافي بالمجوهرات والغوص والبحر واللؤلؤ الطبيعي الحر.

ويقول عبدالله الذي كان يتجول في مدينة الذهب باحثا عن هدية لوالدته، إنها المرة الأولى التي يحضر فيها إلى البحرين التي اقترن اسمها في ذاكرته وانطباعه بالشواطئ ورحلات الغوص واللؤلؤ الناصع الذي لا يمكن له أن يكون إلا هنا.

وتسعى البحرين وتجارها للمحافظة على هذا الإرث الحضاري، وعلى خصوصية الجزيرة من خلال اقتصار الاتجار في السوق المحلية على اللؤلؤ الطبيعي (الحر) والإبقاء على القانون الذي يمنع الاتجار بغيره سواء كان مصنعا أو مستزرعا.

وتمنع المملكة الاتجار باللؤلؤ المستزرع، حتى لو كان داخلا في المشغولات، بحيث يحظر بيعه وشراؤه وعرضه؛ بهدف حماية اللؤلؤ البحريني الأصيل الذي يكتسب شهرة عالمية واسعة.

ويؤيد معظم تجار البحرين، أو الكبار منهم، هذا القرار، إذ يعتبروه مهما جدا للحفاظ على تاريخ المملكة وإرثها وحماية هذه التجارة التي تمتد لمئات السنين.

 

كيف يستزرع اللؤلؤ؟

واللؤلؤ المزروع هو الذي يتكون داخل الصدفة بمساعدة الإنسان، بمعنى أنه ينتج من خلال إفراز المادة من قبل الحيوان (المحار) ولكن ليس بشكل طبيعي بل بسبب التدخل بوضع شيء على مدخل الصدفة ليضطر الحيوان إفراز المادة عليها. ولا يمكن أن يظهر الفرق بين اللؤلؤ الطبيعي والمزروع إلا بالفحص المخبري.

وبرعت في إنتاجه اليابان بداية الأمر فيما دخلت الصين على الخط منذ سنوات وأصبح ينتج بكميات كبيرة، مما يجعل عقدا كاملا يباع بـ 10 دولارات فقط، قياسا بآلاف الدولارات للؤلؤ الطبيعي.

وصدر أول قانون لتنظيم تجارة اللؤلؤ في البحرين في العام 1928، كما صدر أول تشريع للرقابة على المشغولات الذهبية في العام 1968.

وبحسب نص الأمر الأميري رقم 4 لسنة 1975 فإنه “يحظر الاتجار في اللؤلؤ المزروع ولو كان داخلا في مشغولات مطعمة به”.

لكن تبقى هناك بعض الأصوات التي تطالب بالسماح بتداول اللؤلؤ المزروع بدعوى أن السوق تنتهج سياسة الانفتاح، وبالتالي فإن المستهلك صاحب القرار فيما يريد.

ويقول مؤيدو هذا التوجه إن كميات اللؤلؤ الطبيعي الموجودة في السوق لم تعد تكفي في ظل انتهاء عمليات الغوص منذ سبعينات القرن الماضي، وهو أمر خالفهم به التاجر إبراهيم مطر الذي أكد أن السوق ما زالت تستقبل وباستمرار لؤلؤا طبيعيا يتم استخراجه سواء من البحرين أو من بعض الدول الخليجية الأخرى.

 

 

ارتباط البحرين بصناعة اللؤلؤ

وتابع مطر “اسم البحرين ارتبط منذ القدم بصناعة اللؤلؤ، لذلك فهو إرث وتاريخ يجب المحافظة عليه بما يعطي سببا وجيها للاستمرار في حظر الاتجار باللؤلؤ المزروع”.

ومن المعلوم أن هذا النظام يجعل من السوق البحرينية محط ثقة للتجار والمستهلكين على مستوى العالم. ويعد اللؤلؤ البحريني الأفضل عالميا من حيث النوعية واللون والنقاء والبريق، إذ يرجع السبب إلى وجود ينابيع المياه العذبة في مواقع التنقيب، والتي تحافظ على بريقه على عكس مياه البحر المالحة التي تعطيه شيئا من العتمة.

ولا يوجد - بحسب تجار ومراقبين - أي إحصاءات عن الكميات المتوافرة في السوق.

ويقول مطر لـ “البلاد” إن “اللؤلؤ الحر موجود بكميات لا بأس بها، وهو مازال يستخرج بشكل مستمر في البحرين وبعض الدول الخليجية”، مشيرا “هناك عمليات عرض وطلب بشكل شبه يومي”.

وأكد أن “لكل دولة خصوصية وهي لا يمكن أن تبنى في يوم وليلة، كما لا يمكن تعويضها في حال خسارتها، والبحرين الدولة الوحيدة في العالم التي يرتبط اسمها باللؤلؤ كما أنها الوحيدة التي تحظر تداول اللؤلؤ المزروع، وهي ميزة فريدة يجب المحافظة عليها بشتى الوسائل”.

 

البحرين “مبروكة”

وبين مطر أنها “تجارة مربحة بالنسبة لأولئك الذين يغوصون من بحارة وشباب وهواة، فالأسعار جيدة، وهي أفضل من ذي قبل، خصوصا أن الآن لا يوجد وسيط كما في السابق”.

وتابع “البحرين مبروكة بحمد الله، ومازال بحرها ينتج اللؤلؤ المميز الذي نفخر به بالأسواق العالمية”. وأوضح أنه يفخر بالبحرين التي تمنع تداول اللؤلؤ المستزرع، فهي تحافظ على إرث عمره مئات السنين، (...) هناك اهتمام على أعلى المستويات بهذه التجارة، فهناك مختبر بالمملكة على مستوى عالمي، كما أن هناك إجراءات لتنظيم مهنة الغوص وسن تشريعات تحكم العملية برمتها.

وعن الأسعار بين أنه من الصعب جدا تحديدها أو وضعها في إطار أو مستوى معين، فلكل حبة لؤلؤ سعرها الخاص بها، ولكل خبير نظرته وبالتالي لا يوجد معيار للأسعار.

وتابع “هناك اختلافات كثيرة بالحجم والشكل واللون ودرجة اللمعان.. الخ، (...) كيف لك تحديد الأسعار؟ المسألة صعبة”.

وأشار إلى أن “بعض العقود يستغرق نظمها سنوات، حتى يستطيع الصائغ أو العامل باللؤلؤ تجميع العدد المطلوب وبالأحجام المتساوية لغايات التوازن”. من جهته، قال رئيس مجلس إدارة شركة الزين للمجوهرات نبيل الزين لـ “البلاد” إنه في الماضي كان من المؤيدين للسماح ببيع وتداول اللؤلؤ المزروع في السوق البحرينية، لكنه عاد وغير رأيه؛ كونه يرى الآن أن الأمر يميز البحرين ويعطيها خصوصية عالمية.

وتابع “باتت البحرين البلد الوحيد بالعالم أجمع الذي يمنع تداول اللؤلؤ المزروع في الأسواق المحلية، وهو أمر يحافظ على الإرث والتاريخ”.

 

قوانين وتشريعات منظمة

وأضاف الزين “الجهات المعنية لم تأل جهدا في تنظيم السوق وهي سنت القوانين والتشريعات المانعة لتداول اللؤلؤ المزروع وحافظت بذلك على تاريخ طويل، (...) أي شخص يريد اقتناء هذه النوع من اللؤلؤ يستطيع شراءه من الخارج”.

ويستخرج من قاع البحر كثير من المحار والأصداف التي يحتوي القليل منها على اللؤلؤ، وهو يختلف في شكله وحجمه ولونه ولمعانه ونقاء سطحه ولهذه العوامل أهمية كبيرة في تحديد جودته وبالتالي سعره، ومن أهم أنواعه “جي ون”، “شيرين”، “قلوة”، و “البدلة”.

ويقدر هواة وغطاسون نسبة تواجد اللؤلؤ تقريبا بمحارة واحدة من بين كل 10 آلاف محارة.

وهناك ألوان عدة للؤلؤ تؤثر في صفائه وجماله ويكون لها قيمة عند تثمينه أهمها الأبيض والأصفر والسماوي والسنقباسي والكريمي والنباتي والوردي والأسود.

ويتم فرز اللؤلؤ من حيث الحجم بانتقاء اللآلئ الكبيرة والفريدة في نوعها وتسمى حصباه، أما باقي اللؤلؤ فيفرز طبقا لحجمه وشكله ويطلق عليه مسميات متعارف عليها محليا وأهمها الدانة (مستديرة كاملة) والبطن (نصف كورية وتشبه الزرار) والسجني (شكل الدمعة) والسحتيت (اللؤلؤ الصغير) والبوكة (اللآلئ الصغيرة جدا) والخاكة (تراب اللؤلؤ) والمطعج (لؤلؤ غير منتظم الشكل).