+A
A-

من أين ستأتي الأزمة المالية العالمية المقبلة؟

منذ عشر سنوات، أوقف بنك بي إن بي باريبا الفرنسي التعامل في ثلاث عمليات تمويلية مؤقتا، قائلا إن السبب وراء ذلك يعود إلى تبخر السيولة في بعض قطاعات السوق الأميركية، واعتبر البعض هذا الأمر بمنزلة بداية لأزمة ائتمان.

وأدى التشديد في سوق الائتمان وفقدان الثقة في القطاع المصرفي بعد ذلك إلى انهيار ليمان براذرز، عندما بلغت الأزمة المالية العالمية ذروتها خريف عام 2008.

وفي تقرير نشرته الإيكونوميست، يطرح بشكل متكرر سؤال حتمي في الأسواق عن مدى وقوع أزمة مالية عالمية أخرى، ولكن من أين ستأتي هذه المرة؟

 

ارتفاع الديون.. وحذر أميركي

ارتفعت مستويات الدين العالمي إلى 217 تريليون دولار أو 327 % من الناتج المحلي الإجمالي على مدار السنوات العشر الماضية، بحسب ما ذكر معهد التمويل الدولي.

وتوزع هذه الديون بشكل مختلف منذ عام 2007، وبعض الديون مملوكة من قبل الحكومات، وبعضها الآخر مملوكة لبنوك مركزية، ولكن تلك البنوك لديها ما يكفي من رؤوس الأموال، التي تجعلها مؤمنة ضد الأزمات، كما أن الفائدة على الديون أقل على الشركات والمستهلكين.

ورغم تعافي الاقتصاد الأميركي، وانخفاض البطالة في الولايات المتحدة، وعودة الأحوال الاقتصادية إلى طبيعتها تقريبا، لا يزال الفدرالي يتحرك بحذر في رفع معدل الفائدة، ولم يبدأ المركزي الأوروبي وبنكا إنكلترا واليابان تشديد سياستهم النقدية بعد.

 

أين ستحدث الأزمة؟

مع الأخذ في الاعتبار ما سبق، فإن الأزمة المالية المقبلة، ربما تكمن إما في ارتفاع حاد في معدلات التعثر في سداد الديون، أو ارتفاع قوي في معدلات الفائدة.

ويمكن أن تنشأ الأزمة في الحالتين نتيجة اندلاع حرب بين أميركا وكوريا الشمالية، أو نشوب نزاع تجاري بين واشنطن وبكين، وربما نتيجة مشكلات دين محلية في الصين.

وربما يكون موطن أزمة مالية مستقبلية في سوق سندات الشركات، التي تعاني من ضعف السيولة، مقارنة بما كانت عليه في الماضي، الأمر الذي ينتج عنه مبيعات مكثفة على السندات، وهناك احتمالات أخرى من وقوع أزمة نتيجة تفاقم ديون الطلبة أو السيارات في أميركا.

ويرى خبراء أن الأكثر احتمالية في وقوع الأزمة وجود خلل في السياسة النقدية للفدرالي، فعندما بدأ برنامجه للتيسير الكمي، تخوفت الأسواق من مخاطر التضخم.

ولم تحدث مخاطر التضخم، ولكن مع بدء الفدرالي تشديد سياسته النقدية، تخوفت الأسواق ــ خاصة السندات ــ مثلما حدث عام 1994، حيث بدأ الفدرالي وقتها رفع الفائدة.

ومع الأخذ في الاعتبار تأثير الفدرالي، وهيمنة الدولار عالميا، وثقل الاقتصاد الأميركي، وتأثيره في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فإن الأزمة المقبلة ربما تأتي من واشنطن.