+A
A-

المنجز القصصي البحريني اعتنى بشخصية المرأة

يستمد القاص البحريني شخصياته ونماذجه القصصية إن كانت رجلا، امرأة، ولد، فتاة، شيخا كبيرا، امرأة مسنة، شابا أو شابة من عمق المجتمع البحريني وبما يكتنز به الواقع المجتمعي المحيط به من نماذج معبرة ومؤثرة على نفس القاص الذي يجد فيها مادة دسمة لكتابة قصصه وتنعكس على جمال التجربة والمنجز الأدبي، ومن كتاب القصة من يغوص في تقديم نماذج من الطبقة الكادحة وكذلك العكس حيث تناول كتاب آخرون نماذج وشخوص من الطبقة الأورستقراطية ليقدمها بحسب الأسلوب والبناء القصصي الذي يعنيه ويرتضيه، وما ذهبت إليه الأمسية الأدبية “المرأة في القصة البحرينية” التي نظمها ملتقى القصة بأسرة الأدباء والكتاب هو البحث في مكانة وموقع ونصيب المرأة في القصة القصيرة البحرينية وكيف تناول القاص البحريني المرأة ومن أي زاوية تعامل معها وقدمها في نصوصه القصصية.

ومنذ البداية أشارت الكاتبة شيماء الوطني إلى قلة الدراسات والمصادر المهتمة بتتبع النتاج البحريني من القصة القصيرة، إلا أنها استعانت بأسماء لمجموعات قصصية كتبها بحرينيون وبحرينيات للوصول إلى الهدف، وتضيف “وين المرأة جزء ي يتجزأ من هذا الواقع فإن ذلك منحها حضوراً رئيسا ضمن شخصيات معظم القصص القصيرة”، وترصد الوطني أبرز صور المرأة في القصة البحرينية خاصةً وأن عدد ي يستهان به من المجموعات القصصية قد صدرت لقاصين وقاصات في فترة ممتدة منذ الخمسينات وحتى اليوم وقد تنوعت ما بين شخصيات رئيسية ومحورية مؤثرة في سير أحداث القصص، وشخصيات أخرى هامشية باهتة وغير مؤثرة.

وتواصل الكاتبة شيماء حديثها قائلة: وسنجد أيضا من أورد المرأة في قصته ي لشيء إي ليبرز الكيان الذكوري في العمل من خيل استحضار نقيضه اينثوي وبدايةً سنتطرق إلى النماذج النسائية التي تناولتها بعض القصص القصيرة، التي تنوعت ما بين شخصيات رئيسية ومحورية مؤثرة في سير أحداث القصص، وشخصيات أخرى هامشية باهتة وغير مؤثرة، أولاً سنبدأ بأكثر النماذج نمطية وتكرار في القصص وهو نموذج الأم حيث تميل معظم القصص القصيرة البحرينية إلى تناول الأم من جانب إيجابي يفيض بالحب والحنان والتفاني لأجل رعاية من حوله، فهي في قصة (كلما رأيتها) للكاتب أحمد المؤذن في مجموعته (أنثى لا تحب المطر) أم لا تملك قوت يومها ولكنها تضحي بالقليل مما تملكه لإحضار شاحنة يحلم بها طفلها، أو هي (جوهرة) عند الكاتبة عائشة عبدالله غلوم، المرأة المتفانية التي تفقد حياتها أثناء ولادتها لابنتها الثانية التي ستحمل إسمها من بعدها.

 

 

وتتطرق الوطني إلى نموذج المرأة الزوجة كأحد النماذج المتكررة بامتياز في القصة البحرينية حتى وإن كان دوراً مكملاً لشخصية الرجل المطروحة في القصة، فشخصية المرأة الزوجة تختلف وتتعدد وإن كان الزواج هو الإطار العام لها فهي متعددة الوجوه والأحوال (العاشقة، الوحيدة، المضحية، المتفانية، العاملة، العاقر، الأرملة، المخدوعة والمطلقة، وتقدم الوطني مثالا عند الكاتبة أمل عبدالوهاب التي قدمت نموذج الزوجة الصابرة التي تتحرق شوقاً للقاء زوجها في قصة (انتظار)، وفي نموذج المرأة المعنفة والضعيفة تشير الكاتبة إلى أن هذا النموذج له نصيب الأسد من الحضور في مجمل القصص القصيرة، صورة المرأة المغلوبة على أمرها تحت وطأة العديد من الضغوطات، فالمرأة سلبية خاضعة للسلطة الذكورية المتمثلة غالباً في (الأب، الأخ والزوج) وضحية للعنف، الهجر والخيانة، تعاني الوحدة والتهميش، كما هو عند زهراء الروساني في قصتها (ظل) حيث تقدم نموذج الأم الضعيفة والمغلوب على أمرها وهي تحاول إقناع ابنتها أن تقبل الحياة ذاتها التي تعانيها فقط لتكون تحت حماية (ظل) رجل!، واما عند يثرب العالي في قصة (قلم كحل) تجد المرأة المعذبة خلاصها بإصابة من زوجها العنيف بالعمى، وحتى عند عائشة عبدالله غلوم فإن المرأة تقبل الزواج من رجل أعمى ولكنه يقابل تضحيتها بالعنف اللفظي والمادي في قصة (بين الصمت والموت).

وتؤكد الكاتبة شيماء الوطني في الورقة المتميزة التي قدمتها أنه ليست الكاتبات فقط هن من كتبن عن معاناة المرأة المعنفة ولكن الكاتب أحمد المؤذن في قصته (نافذة لا تفتح) يحكي لنا عن المرأة المغلوب على أمرها وهي تخاطب حالها (سنين أنت زوجي ومن واجبي طاعتك أفعل ما تشاء) منتهى الانهزامية والاستسلام لغطرسة الزوج الذي (أرادها خرقة يمسح فيها غروره وعقده الداخلية) كما صاغ الكاتب حاله!، وأما المرأة المغتصبة وهو نموذج صارخ لقضية العنف ضد المرأة وانتهاك حقوقها فقد عرضته أمل عبدالوهاب في قصة (وقت ليس لي) وهو العنوان الذي حملته مجموعتها الصادرة مؤخراً.