+A
A-

رحيل عملاق الكوميديا عبدالحسين عبدالرضا

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بخبر وفاة نجم الكوميديا الخليجي الأول عبدالحسين عبدالرضا (78 عاماً)، وتصدّر وسم وفاته في “تويتر” في جميع الدول الخليجية والعربية، وتتالت التعازي وذكر مناقب الفنان الراحل، والتي جاءت معبرة عن الفقد الكبير.

وأعلنت الكويت السبت، وفاة الفنان الكبير في أحد مستشفيات العاصمة البريطانية، لندن، الجمعة، بعد صراع مع المرض. ونشرت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية خبر وفاة الفنان، قائلة إنه وبذلك “تغلق الثقافة الكويتية صفحة من إبداعاتها وتودع قامة شامخة قدمت الكثير لأمتها وأثرت بالحياة الفنية الكويتية ونالت التقدير أينما حلت”. ونقلت الوكالة عن عائلة الراحل قولها إن “الفنان تعرض لمضاعفات خلال علاجه في أحد المستشفيات البريطانية”.

ونعى وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير الإعلام الكويتي بالوكالة الشيخ محمد عبدالله المبارك الصباح الفنان الراحل في بيان جاء فيه إن “الفنان عبدالحسين عبدالرضا حمل من خلال أعماله هموم الشارع العربي والخليجي بشكل خاص في أزمنة مختلفة”.

وأضاف البيان “تمكن الفنان الراحل من ملامسة قلوب الجمهور عبر بساطة الطرح وعفوية الأداء، ما أكسبه شهرة واسعة على المستويين الخليجي والعربي”.

وكان للفنان زيارات عديدة للبحرين كانت آخرها في غبقة مجموعة الحواج، وكان رحمه الله يردد أن لأهل البحرين عنده معزة خاصة في قلبه.

وتناقل كبار الفنانين الخليجيين والعرب خبر وفاة عبدالرضا، حيث قال الفنان السعودي، ناصر القصبي على صفحته بتويتر: “أعزي نفسي بوفاة الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا وأعزي عائلته الكريمة وأبناءه عدنان وبشار. وداعاً أيها العظيم غيابك أيها المعلم لا يملؤه أحد”.

ونعى الفنان طارق العلي الراحل: “انتقل إلى رحمة الله والدي ومعلمي ووالد جميع فناني الكويت الفنان عبدالحسين عبدالرضا، أسأل الله القدير أن يسكنه فسيح جناته ويلهمنا الصبر والسلوان. الله يرحمك يا أبانا الحنون وسندنا بعد الله، وأسأل الله سبحانه أن يرحمك ويغفر لك ويسكنك فسيح جناته أدعو له بالمغفرة والرحمة”.

ونعى الشيخ مشاري العفاسي الراحل داعيا له بالمغفرة: “اللهم اغفر لعبدك حسين عبدالرضا وارحمه رحمة واسعة، وتجاوز عنه وثبته عند السؤال ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس”.

من جهتها، قالت الفنانة الإماراتية أحلام على صفحتها بتويتر: “اللهم برحمتك وغفرانك اغفر للأب والأخ والأستاذ المعلم عبدالحسين عبدالرضا، واجعل هذه الأيام خير أيامه، وأبدله دارا في الجنة، فإننا نحبه فيك”.

أما الفنان عبدالمجيد عبدالله، فقال: “رحمك الله يا بوعدنان رحلت ولا رحلت،” في حين قال راشد الماجد: “رحم الله الفنان عبدالحسين عبدالرضا، سائلين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته. إنَّا لله و إنَّا إليه راجعون”. وعلقت الكاتبة الكويتية فجر السعيد عبر حسابها في تويتر: “عظم الله أجر الكويت كلها في عبدالحسين عبدالرضا. الكويت حزينة الليلة بوداع أبو عدنان. الله يرحمك ويسكنك الجنة”.

عمل الراحل في وزارة الإرشاد والأنباء في قسم الطبع، ثم سافر في بعثة إلى مصر على نفقة الوزارة العام 1956 لتعلم فنون الطباعة، وفي العام 1961 سافر في بعثة إلى ألمانيا لاستكمال الدراسة في فنون الطباعة.

وتدرج في الوظائف الحكومية حتى وصل إلى منصب مراقب عام قسم الطباعة في وزارة الإعلام العام 1959 إلى أن تقاعد في 30 سبتمبر 1979.

تعرض الفنان عبدالحسين عبدالرضا لعدة أزمات صحية، فتعرض لأزمة قلبية العام 2003 أثناء تصويره مسلسل الحيالة، نقل على إثرها إلى المستشفى، وتبين إصابته بانسداد في الشرايين، وسافر بعدها إلى لندن لإجراء جراحة عاجلة وعاد بعد شفائه لاستكمال تصوير المسلسل.

كما تعرض لأزمة حادة في العام 2005 إثر إصابته بجلطة في المخ أدخل على إثرها العناية المركزة بمستشفى مبارك الكبير، ونقل بعدها للعلاج في ألمانيا.

وبعد الانتهاء من مسلسل العافور، أجرى عمليتي قسطرة للقلب في لندن العام 2015، وفي 9 أغسطس الجاري تم نقله إلى المستشفى، حيث قد تعرض لوعكة صحية شديدة في العاصمة البريطانية لندن، وقد دخل العناية المركزة.

ولد الفنان الراحل العام 1939 في منطقة فريج العوازم شرق الكويت، لأب يعمل بحارًا، وله 13 شقيقا هو أوسطهم. تلقى تعليمه الثانوي في مدرستي المباركية والأحمدية، ومن ثم عمل في وزارة الإرشاد بقسم الطباعة، وتدرج في الوظائف الحكومية منذ العام 1956- 1979.

ينحدر الفنان الراحل من أسرة فنية كان لها الأثر الأكبر في تنمية طموحه على المسرح والشاشة الصغيرة، فشقيقه أمير فنان تشكيلي، وممثل مسرحي، وابن أخيه هو الممثل المعروف علي محسن، وابن عمه المغني غريد الشاطئ.

تزوج  4 مرات، ولديه ولدان و3 بنات “منى ومنال وبيبي”، وأكبر أبنائه عدنان وأصغرهم بشار، وهو فنان له محاولات شعرية وفي إعداد البرامج التلفزيونية. يعتبر الفنان الراحل من مؤسسي الحركة الفنية في الخليج، واشتهر بتأدية الأداور الكوميدية على المسرح وعلى الشاشة الصغيرة.

كانت بداياته في العام 1961 من خلال مسرحية صقر قريش بالفصيحة، حيث كان بديلاً للممثل عدنان حسين، وأثبت نجاحه أمام أنظار المخرج زكي طليمات، وتوالت بعدها الأعمال من مسلسلات تلفزيونية ومسرحيات لتنطلق معها الإنجازات والشهرة والجوائز، بحسب ما أورده موقع “وكيبيديا”.

قدم مسلسل “درب الزلق” مع سعد الفرج وخالد النفيسي وعبدالعزيز النمش وعلي المفيدي، وهذا المسلسل ترك بصمة في الخليج، ويحتل المرتبة الأولى هناك إلى يومنا هذا. كما مثل في دور البطولة بمسلسل الأقدار الذي كتبه بنفسه.

وأما عن أشهر عمل مسرحي كوميدي قدمه، فبالتأكيد مسرحية باي باي لندن، كما كان له بصمات كوميدية لن ينساها محبوه في  “بني صامت”، و”عزوبي السالمية”، و”على هامان يا فرعون”.

ولم يقتصر إبداعه الفني على تأدية أدوار البطولة، فقد كتب بعض أعماله المسرحية والتلفزيونية بنفسه، منها “سيف العرب”، و”فرسان المناخ”، و”عزوبي السالمية”، و”30 يوم حب”، و”قاصد خير”.

اشتهر الفنان الكويتي الراحل بصوته الجميل ما جعله يخوض تجربة الغناء، كما كان لحسه الموسيقي دور بارز في خوضه تجربة التلحين أيضًا. عرف عنه اطلاعه السياسي المؤثر في رحلته الفنية، فاشتهر بالشخصية الساخرة التي تنتقد الأوضاع العربية بقالب كوميدي، كما كانت له آراء جدلية بشأن قضية “البدون” دفاعًا عن مطالبهم. وفي أحد اللقاءات التلفزيوينة، كشف الفنان الراحل أنه تطوع للحرب في مصر عندما تعرضت للعدوان الثلاثي في العام 1958.

أسس فرقة “المسرح العربي” العام 1961 وفرقة “المسرح الوطني” العام 1976، وفي العام 1979 أسس “مسرح الفنون”، كما أسس شركة “مركز الفنون للإنتاج الفني والتوزيع” في العام  1989.

قدم الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا العديد من الثنائيات في الإذاعة والتلفزيون لعل أشهرها مع الفنان سعد الفرج، والذي اتضح في مسلسل “درب الزلق”، و”مسلسل الأقدار” وعدد من المسرحيات، وكذلك مع الفنان خالد النفيسي في مسلسلات محكمة الفريج وديوان السبيل والحيالة، علمًا بأن بدايته مع الثنائيات كانت مع عبدالعزيز النمش ومحمد جابر في مسلسلات “مذكرات بوعليوي” و”الصبر مفتاح الفرج”، ومن أشهر الثنائيات التي قدمها كانت مع الفنانة سعاد عبدالله في عدد من الأوبريتات.

وربما تشير الجوائز التي نالها عبدالرضا على مدى مشواره الفني إلى مكانته المهمة ودوره وإسهاماته الفنية التي لا يمكن إغفالها، فهو حاصل على جائزة “رائد المسرح العربي الأول” من جامعة الدول العربية، وجائزة “الريادة الأولى للمسرح” من تونس، وجائزة “رائد المسرح العربي” من مصر، وجائزة “سلطان العويس” للإبداع الفني العربي، من الإمارات.

وفي العام 2006، حصل على “جائزة تكريم للعمالقة الذين أثروا الفن العربي” من جامعة الدول العربية، وغيرها العديد من الجوائز.