+A
A-

عثمان الريس... دخل معترك التجارة فطوره واستلهم السياسة والاقتصاد

مجال الوالد التجاري دفعني لخوض غماره منذ السبعينات

التضارب بالقرارات اضطرني للانسحاب بهدوء من “الغرفة”

 

اعتاد الناس على إطلاق لقب “وجيه” على كل رجل ذي قيمة ومنفعة للمجتمع والوطن بحيث يصبح سيد القوم بأفعاله وأعماله. هذه المرتبة لا يستطيع المرء الوصول إليها ما لم يكن قد مر بمراحل شتى في حياته من النشأة والى الدراسة، ثم ولوج ضروب العمل والتربع على خدمة الشأن العام ليكون ملما في نهاية المطاف بكل شاردة وواردة في الحياة.

ضيفنا اليوم من هذه الشاكلة من الناس تنطبق عليه كل هذه الصفات آنفة الذكر وأكثر، بل هو غني عن التعريف. إنه الوجيه ورجل الأعمال والنائب السابق عثمان شريف الريس. “البلاد” التقت الريس وحاولت سبر أغوار وجاهته ونجاحه، وفيما يلي إفاداته لدى الحوار معه:

 

النشأة والدراسة

أنا من مواليد مدينة الحد في العام 1953، نشأت وترعرعت فيها ودرست بمدارسها الابتدائية، ثم المرحلة الإعدادية بمدرسة طارق بن زياد بالمحرق، والمرحلة الثانوية في “الهداية الخليفية”، وكان معي مجموعة كبيرة من الطلبة الذين يتبوأون الآن مناصب بارزة في الدولة والقطاع الخاص.

وبعدما أنهيت الثانوية العامة (علمي) كنت أمام مفترق طرق إما السفر لمواصلة الدراسة بالخارج أو في البحرين، وكان الخيار محدودًا في البحرين في فترة السبعينات، حيث توجد فقط كلية الخليج الصناعية، والتخصصات فيها محدودة.

وخيرني وقتها المغفور له والدي الذي كان يمتهن التجارة بمؤسسة فردية أسسها في الخمسينات، بين الاستمرار بالعمل معه في التجارة أو مواصلة الدراسة واستعانته بشخص آخر لمساعدته في إدارة عمله (...) وبعد دراسة الموضوع خصوصًا أنني الابن الأكبر بين 7 إخوان و3 أخوات الذين كانوا لا يزالون بالمراحل الدراسية، قررت التخصص في مجال المحاسبة وإدارة الأعمال في كلية الخليج الصناعية؛ لأنها تتماشى مع طبيعة عمل الوالد بالتجارة، وتخرجت بشهادة دبلوم عالٍ.

 

بداية مشوار العمل

بعدها حصلت على فرصة لمواصلة الدراسة، لكن ظروف العمل جعلتني أكتفي بالشهادة ودخول معترك العمل التجاري وتطويره في منتصف السبعينات مع الوالد رحمه الله.

كان متجر الوالد بشارع باب البحرين، وهو المتجر (الأم) لبيع الملابس الجاهزة، ثم غيرنا النشاط ليصبح بيع الساعات والأجهزة الإلكترونية واستمررنا فيه ومازال موجودا. بدأنا مجال الأجهزة الإلكترونية والساعات عبر الوكلاء مع الحصول على نسب، ثم تطورنا لنصبح مستوردين، ثم وكلاء لمجموعة منها.

وبمرور السنوات تخرج الإخوان، وفضل اثنان منهم الالتحاق بالتجارة، فكان لابد من فتح وخلق مجال جديد، وتم إضافة نشاط خياطة للملابس الرسمية، وبدأنا بمتجر صغير بثلاثة خياطين في شارع الحضرمي بالقرب من شارع باب البحرين. وعملنا على زيادة عدد الخياطين بالتدرج حسب حجم الطلبات.

 

مرض الوالد... حملني وإخواني مسؤولية العمل

شاءت الظروف في 1983 أن يصاب الوالد بمرض عضال وأتحمل وإخواني مسؤولية العمل، فطلبت من الأخوين وليد وخالد إدارة قسم الساعات، وتكفلت مع أخي عبدالرحمن بإدارة الخياطة والأقمشة والملابس الرسمية.

حصلنا على عقود من الشركات والمؤسسات لتزويدها بالملابس، ثم تطور العمل وأصبح لدينا مشغل؛ نظرًا لزيادة الطلب، واستطعنا الحصول على مزيد من العقود، وكانت تلك الفترة الذهبية تمكنا فيها من تطوير عملنا. تزامن مع هذا التوجه إنشاء المجمعات التجارية، ففكرنا بالتطور والتوسع، وبعد دراسة جدوى دشنَّا 3 متاجر للأقمشة والساعات في مجمع السيف تحت الاسم التجاري ألامود Alamode للساعات، و(بيت الأصواف) للأقمشة، وتوسعنا بالحصول على عروض في مجال الخياطة، فرأينا تطويره، فانتقلنا من متجر الخياطة إلى مشغل بشارع القصر، وازددنا عدد الخياطين إلى أكثر من 100، ثم أعددنا هيكلته وطريقة إدارته وتطوير التقنية المستخدمة في الخياطة، وعلى ضوئها تضاعفت وزادت الإنتاجية وتطورت مع المحافظة على جودة المنتج والسمعة على مستوى البحرين والخليج، حيث كان لدينا عقود للتصدير للمؤسسات والفنادق وخطوط الطيران بالخليج. بعد افتتاح مجمع السيف بفترة قصيرة، افتتحنا متجرين في مجمع العالي إلا أننا أغلقناهما لضعف القوة الشرائية وموقعهما لم يكن جيدًا.

 

14 متجرًا وفرعًا في البحرين

عند افتتاح المجمعات التجارية الأخرى، دشنَّا 3 متاجر في سيتي سنتر، ومتجرين في مجمع الإنماء، واثنين آخرين في مودا مول، ومتجرين في سيف المحرق، وأصبحت الأسواق غير متمركزة بمكان واحد لتقترب من الزبائن. وسنفتح متجرا للأقمشة في الأفنيوز التابع لمجموعة الشايع قريبًا، والتي اختارت مجموعة محدودة ومختارة للاستئجار في المجمع، لدينا حاليًا أكثر من 14 متجرا وفرعا في البحرين. وبعد اتساع المتاجر والفروع، قررنا إدارتها من تحت سقف واحد، فاشترينا أرضا في العدلية قبل 15 عامًا، وأنشأنا مبنى احتوى معرضا ومشغلا وقسما للهدايا والساعات والإدارة، وانتقلنا إليه في 2003.

وفاة الوالد... وتحويل المؤسسة الفردية إلى شركة “ذات مسؤولية محدودة”

توفي الوالد في 1996 واتفقنا جميعًا كورثة على تحويل المؤسسة من فردية إلى شركة ذات مسؤولية محدودة مملوكة فيما بيننا، وأسسنا الشركة وشكلنا مجلس الإدارة الذي أترأسه.

وإلى جانب المتاجر لدينا بعض الاستثمارات العقارية والأسهم وما شابه.

الرياضة ورئاسة نادي البحرين

انضممت لنادي البحرين؛ لأن معظم زملائي بالهداية الخليفية أعضاء فيه (...) دخلت مجلس إدارته في 1978 بذات الشهر الذي تزوجت فيه، وتدرجت بالمناصب الإدارية بمجلس إدارة النادي حتى استلمت رئاسته بدورة 1994 - 1996 وكان وقتها الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة الرئيس الفخري للنادي، وفي 1996 تنحيت عن الإدارة لإفساح المجال للآخرين.

حدثت بعدها مشكلة في اتحاد كرة القدم، فأصدر رئيس الاتحاد الشيخ عيسى قرارًا بتعيين مجلس إدارته، حيث كان المغفور له الشيخ سلمان بن محمد بن سلمان آل خليفة الرئيس، والنائب الأول الشيخ دعيج بن سلمان آل خليفة، وكنت النائب الثاني لرئيس للاتحاد (...) استمررنا في العمل لمدة سنتين بالاتحاد، ولم أترشح لانتخابات الدورة التالية للتفرغ للأعمال الخاصة.

النواب والعضوية

بعدما أصدر جلالة الملك في 2002 ضمن المشروع الإصلاحي لجلالته مجموعة من القوانين للإصلاحات، ومن بينها الدعوة إلى إقامة المجالس التشريعية، وطلب جلالة الملك من الجميع وضع أيدينا في يد القيادة لإنجاح المشروع لصالح المجتمع وكلا من موقعه (...) ولأن لديَّ خلفية اقتصادية ورياضية دخلت جمعية الشورى التي تأسست كإحدى الجمعيات السياسية، ثم استقلت منها. وتعود أسباب استقالتي من الجمعية لرغبتي في الترشح لمجلس النواب مستقلا.

كانت دائرة عراد من الدوائر الصعبة التي بها جميع التيارات، كان التنافس بين 7 مرشحين (...) استطعت الوصول إلى الجولة الثانية مع عبدالرحمن عبدالسلام رئيس جمعية الشورى الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات بالجولة الأولى، وفي الجولة الثانية حصلت على أصوات ودعم ناخبي المرشحين الذين لم يتمكنوا من الفوز مثل أنيسة فخرو وعبدالله حويحي، ففزت بهذه الجولة بنحو 53 % من إجمالي الأصوات وتفاجأ الشارع بهذه النتيجة.

كان مجلس النواب في 2002 أول مجلس نيابي ورغم قلة خبرته إلا أنني اعتبره أفضل مجلس؛ لضمه كل الأطياف والتيارات.

ترشحت 2006، لكنني لم أفز؛ لأني كنت مستقلا، في حين كانت الأجواء تصب باتجاه الجمعيات السياسية. وفي 2010 طلب مني الكثير الترشح، خصوصا أن المزاج العام كان يؤيد المستقلين، وبالفعل ترشحت وفوزت في مجلس ضم المعارضة وشهد أداء جيدا حتى مع الأحداث المؤسفة (...) أعتقد أن المجلس يحتاج معارضة بناءة تعمل من أجل الوطن والمواطن.

أحداث 2011 حملتنا مسؤولية وطنية كبيرة، حيث حاول غالبية الأعضاء ثني “الوفاق” عن الاستقالة، لكن دون جدوى (...) فالمشكلة أن الأعضاء التكميليين أثروا على أداء المجلس، فالمواضيع المطروحة لم تكن بالمستوى المطلوب، والتركيز على المواضيع الخدمية على حساب التشريع، ما جعل تلك الدورة ضعيفة.

بعد العام 2014 ابتعدت عن المجلس للتفرغ لإدارة أعمالي.

مرحلة الحياة النيابية وسعت المدارك والأفق للاقتصاد؛ لأن السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة، فجعلتني أهتم أكثر بالجانب السياسي (...) تلقيت الكثير من الاتصالات تؤيد ترشحي لدورة 2018، وهذا الموضوع مازال قيد الدرس.

  

“الغرفة”... وعضوية مجلس الإدارة

ترشحت لانتخابات مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين في 1989 لرغبتي في تحديد موقعي، ولم أفز كما كنت متوقعًا؛ نظرًا لوجود أسماء تجارية كبيرة، فدخلت في لجان الغرفة وعملت مع الأعضاء. في 1994 ترشحت وفزت بعضوية مجلس الإدارة. كان الأداء جيدًا في هذه الدورة واستطعت كسب ثقة الأعضاء وكونت علاقات. في الدورة التالية استطعت تثبيت نفسي ضمن القائمة الرئيسة المرشحة للانتخابات، واستمررتُ على هذا المنوال حتى 2016 عندما قدمت استقالتي بعد المشكلات التي حدثت بالغرفة (...) طوال هذه الفترة عملت بدورتين مع علي بن يوسف فخرو، وخالد كانو، ودورتين مع عصام فخرو، ومنذ التحقت بالغرفة اكتسبت خبرة كبيرة منهم.

وبالنسبة للمناصب في الغرفة، تمكنت من دخول المكتب التنفيذي كأمين مالي في 2008 بعد تعيين جهاد بوكمال وزيرًا للإعلام الذي كان أمينًا ماليًا للغرفة (...) وأصبحت رئيسًا تنفيذيًا بالوكالة في العام ذاته لأن بعد تعيين الرئيس التنفيذي للغرفة أحمد نجم مديرًا للتلفزيون، واستمررتُ في المنصب لمدة عام ونصف العام تزامنت هذه الفترة بالانتقال إلى المبنى الجديد “بيت التجار”.

في فترة الأحداث المؤسفة التي مرت على المملكة حدثت بعض الظروف والتغييرات في الغرفة أفضت إلى استلامي منصب الرئيس التنفيذي بالوكالة، وأحيل لديَّ ملف المفصولين الذي أنجزته وتمت تسويته بالكامل.

دخلت انتخابات مجلس الإدارة في 2014 ضمن القائمة الرئيسة المترشحة، واستطاع 13 عضوًا من أصل 18 دخول المجلس واستطعنا الحصول على مناصب، وكنت نائب أول للرئيس، وبعد سنتين حدث انشقاق بالمجلس وذلك بسبب رغبة بعض الإخوان في الاستحواذ على المناصب بحجة تغيير المكتب التنفيذي لأدائه (...) طبعًا المكتب التنفيذي لديه صلاحيات معينة، لكن مجلس الإدارة لديه كل الصلاحية في اتخاذ القرارات، وكان لكل واحد وجهة نظره وأنا وجهة نظري أنه مخالف للائحة التنفيذية وقانون الغرفة، والقانون فوق الجميع وفوق قرار مجلس الإدارة إذا كان القرار يخالف فلا يجوز (...) فوصلنا إلى مرحلة كان يتم فيها اتخاذ الكثير من القرارات المخالفة، وإذا استمررتُ في عضوية المجلس سأكون مشاركًا في هذه القرارات، ففضلت الانسحاب بهدوء.

الأسرة والأبناء

لديَّ 5 أبناء هم 3 بنات وولدان، ابني الكبير طارق، ويعمل معي بالشركة بعد تخرجه وحصوله على البكالوريوس على أساس تهيئته وتأهيل الجيل الثاني لاستلام زمام الأمور، وابنتي الثانية تعمل في بيت التمويل الكويتي خريجة جامعة البحرين، وعلي خريج جامعة البحرين تخصص هندسة معمارية والتحق بالعمل بمجموعة البركة المصرفية، ولدي ابنة متزوجة وتعيش في ألمانيا؛ نظرًا لابتعاث زوجها للدراسة، والبنت الثالثة في المرحلة الأخيرة من السنة الجامعية.

 

بسرعة مع الضيف

* هواياتك؟

- القراءة والاطلاع والسفر ومتابعة المواضيع الاقتصادية والسياسية والرياضية.

* وجبتك المفضلة؟

- الأكلات الشعبية.

* أول راتب حصلت عليه؟

- 300 دينار أواخر السبعينات بعد الزواج، حيث كنت أسكن مع المغفور له بإذن الله والدي.

* أول سيارة اقتنيتها؟

- كرسيدا تويوتا سوداء بالعام 1982.