+A
A-

أولياء الأمور: الواجبات المدرسية تحول المنزل ل “ساحة حرب”

أظهرت تقارير أن دولاً متقدمة علمياً وتكنولوجياً كـ”فنلندا” تصدرت عالمياً أيضاً على مستوى التعليم ونتائج الطلبة بعد أن ألغت الفروض المنزلية، وربطت الواجبات بالحصة المدرسية فقط.

“البلاد” استطلعت آراء مجموعة من أولياء الأمور بشأن فكرة إلغاء الواجبات المدرسية، حيث أظهروا مواقف متباينة جداً بين مرحب بالفكرة وداعٍ لها من جهة، وبين متحفظ ومعارض لها بقوة من جهة أخرى.    

وأكد المعارضون للإلغاء أن الواجبات المدرسية فرصة للتواصل مع عالم المدرسة والوقوف على مستوى الطالب العلمي، وإعادة شرح الدروس غير المفهومة بالنسبة للأبناء إذا ما كان مستوى معلم المدرسة ضعيفاً.

 

الإرهاق والتعب

وأما المطالبون بحصر الواجبات على الحصة المدرسية، فأشاروا إلى استهلاك اليوم الدراسي لحياة الطفل سواء في البيت أو المدرسة، واصفين أداء الواجبات في حال كثرتها بـ “الحرب”.

وأكدوا أن أولياء الأمور في أحيانٍ كثيرة هم من يؤدون عملياً الواجبات المدرسية في المنزل عوضاً عن الأطفال، وذلك نتيجة وصولهم لحالة من الإرهاق.

 

الطفل الأول

بهجة عبدالله، أم لـ 6 أبناء (3 أبناء و3 بنات)، تشكو من قلة توافر الوقت لتدريس أطفالها، وتقول “لدي القليل من الوقت لقضائه مع أطفالي لحل واجباتهم المنزلية”.

وتردف: الأمر كان مختلفا عندما كان لدي طفل واحد فقط ..  حينها كنت مسؤولة عن طفلي الأول فقط، وأتذكر وجود كثير من الوقت لتربيته والاهتمام به وتدريسه، ومن ثم سارت الأمور على نحو معاكس مع ولادة الطفل الثاني والثالث .. الفرق شاسع جداً اليوم.

وتستطرد: أجل أنا مع إلغاء الواجبات المدرسية المنزلية، فهي مرهقة لنا، ولهم على حدٍ سواء.

التعليم الذاتي

يبدو وضع زهراء سيد محسن أفضل حالاً من بهجة عبدالله، فهي أم لـ4 بنات، وقد دخلت 3 منهن في مرحلة الاعتماد على النفس في أداء الواجبات.   

وتقول: أنا الآن أتحمل مسؤولية أداء الواجبات المدرسية في المنزل مع الطفلة الأصغر فقط، ولذا أجد من الوقت ما يكفي للاهتمام بها وتدرسيها، والحديث معها بقدر ما تطلب.

غير أن زهراء تلفت أيضاً إلى ميلها لآلية التعليم الذاتي في التحصيل العلمي، والتي نفذتها مع بناتها الثلاث الأكبر سناًَ.

وتستطرد: إن المستوى الدراسي لبناتي ممتاز، فهن يتميزن بالذكاء، وعليه لا أقلق كثيراً حيال المذاكرة ومتابعة الدروس، ولا أتدخل إلا طلبن ذلك.

 

لا للخوف

هذا الواقع المريح نسبياً، يدفع زهراء إلى تأييد استمرار فرض الواجبات الدراسية في المنزل ... نعم أؤيد فكرة الواجبات المنزلية لتعزيز الطالب بعملية الدراسة والحفظ والمراجعة حتى لا يفقد المعلومات التي تلقاها في المدرسة.

وتتابع: أرى أن فكرة تكرار الدروس تضمن تنشيط عقل الطفل، وتذكيره بدروسه، ولكن يجب إعطاء الطالب واجبات بشكل معقول ... لا إفراط ولا تفريط.

وتؤكد أن الطالب يحتاج الواجب لتقييم مستواه الدراسي وألا يجري التعامل معها بآلية الأمر والعقاب على حد قولها، فالطفل يجب أن يؤديه وهو راغب ومطمئن، وليس خائفاً.

 

ضاع المستقبل

وأما خاتون العمران، فتشكو من صعوبات تواجهها في تنظيم الوقت إجمالاً بكل ما يتعلق بأسرتها وأطفالها الثلاثة، وتقول: إن لم انجح في جزئية تنظيم الوقت، قد يضيع مستقبل أطفالي بحسب تعبيرها.

وبالنسبة لتجربة تدريسها لأطفالها في المنزل، تتحدث خاتون عن المرحلة الأولى بكثير من “الظلام”، فهي لم تكن تعلم مستواهم وقدراتهم في المدرسة، إلا أن الأمر قد تغير مع الوقت.

وتضيف: مع نمو أولادي، استطعت تمييز قدرات كل واحد فيهم، وحينها تأقلمت مع الوضع والواجبات المنزلية.

 

لا للإلغاء

وتظهر خاتون رفضا لفكرة إلغاء الواجبات المدرسية المنزلية على نحو كامل، وتفيد: لقد ساعدتني الواجبات كثيراً في التعرف على مستوى أطفالي وأتمنى آلا تلغى.

وتبدو المسؤولية على ليلى أحمد أخف قليلاً، مع تأكيدها أن اثنين من أبنائها لا زالوا على مقاعد الدراسة، غير أنهما يعتمدان على نفسيهما في حل الواجبات المدرسية.

وتزيد أحمد: لا أؤيد إلغاء الواجبات المدرسية في المنزل لأنها جزء من المذاكرة وتعزيز محتوى الحصة المدرسية.

إعادة الشرح

وتؤيد بشرى “أم عبدالله” في فكرة استمرار الواجبات المدرسية المنزلية، مشيرة إلى أن لديها 3 أطفال “اثنان منهم على مقاعد الدراسة في المرحلة الابتدائية”.

لا تواجه أم عبدالله أي مشاكل أو صعوبات في حل الواجبات المدرسية مع أبنائها، وتصف التجربة بـ” الجيدة والمنظمة على امتداد الأسبوع”.

وتضيف: أجد في الواجبات المدرسية بالمنزل فرصةً لمتابعة الدروس وتدريب للطفل على التمارين الرياضية والعلمية، خصوصا أن الطفل أحياناً لا يستوعب لشرح المدرس، فيكون الواجب بمثابة فرصة لإعادة الشرح مرة ثانية في البيت.

 

الحرب

في المقابل، تظهر زهرة مشعل تأييداً كبيرا لفكرة إلغاء إحضار الواجبات المدرسية إلى المنزل، واصفةً تجربتها في حل الواجبات المدرسية مع أبنائها بـ”الحرب” خصوصاً إذا ما كانت الفروض كثيرة.

وتردف مشغل وهي أم لـ4 أطفال، اثنان منهما على مقاعد الدراسة: أؤدي الفروض المدرسية مع أطفال، ورأى في إلغاءها فرصة لإعطاء أبناءنا نافذة على العالم الذي يحيط بهم.

تنفير وكراهية

وتستطرد: كثرة الواجبات الملقاة على الطفل لا تمنحه وقتاً لأي أمر آخر، فيصبح يومه دراسياً بالكامل، سواء في البيت أو المدرسة، وهذا الواقع قد يكون مزعجاً و منفراً ويؤدي إلى كراهية المدرسة.

لا يبدو الوضع مختلفاً كثيراً لدى أولياء الأمور الرجال، وإن توقع المجتمع ذلك، فيقول إبراهيم عطية، وهو أب لـ 3 أبناء: أهتم بتفاصيلهم الصغيرة والكبيرة وأحرص على أن أكون متواجداً على نحو دائم، لدرجة لم أعد أملك فيها وقتاً للفراغ.

 

الأب المثالي

ويستطرد: أسعى إلى تكوينهم “رجالا في المستقبل”، ولذا أقف بجانبهم اليوم في أداءهم لدروسهم، وأعلمهم خطوة بخطوة ... أحياناً لا أفهم المنهج، ولكن تظل هذه إحدى مسؤولياتي.

ويستطرد: رغم حرصي على التواجد، إلا أنني أطبق أيضا “منهج التعليم الذاتي”، فهو أفضل بكثير من المراجعة الجماعية أو ما يعرف بـ”التدريس الخاص”.

ويتابع: أنا أشجع كل طالب أن يؤدي واجباته في المنزل حتى يقيم نفسه و مستواه الدراسي.

 

المشاركة

الواقع مختلف قليلاً أيضاً مع علي أحمد الذي اتفق هو وزوجته على التعاون في مسألة تدريس ابنيهما الاثنين.

ويوضح المسألة قائلاً: نتداول هذه المسؤولية فيما بيننا حتى نصل إلى هدفنا الرئيس وهو رفع مستوى التحصيل الدراسي لولدينا فهما ذكيان وسريعا الفهم، وهذا ما يجعلني فخورا بهما.

الهم الوحيد

ويضيف: أنا أعمل في شركة خاصة، والوقت محدود، ولكن همي الوحيد هو إرضاء أسرتي، ولذا أسعى بكل جهدي أن أوفر الحاجات الأساسية لأطفالي ولزوجتي، وعليه اعتمدت برنامجاً دقيقاً لتنظيم الوقت في منزلنا.

ويرى أحمد أن فكرة أداء الواجبات المدرسية في المنزل ممتازة بلا شك، وذلك ليتسنى له كأب معرفة مستوى ولديه .. فأنا جدا مهتم في تفاصيل المعدل أو ما يسمى بالـ “بوينت”.

 

تبادل الأدوار

يبدو وضع قثم عبدالله أكثر راحةً من أحمد، فهو أب لطفلين فقط، ووالدتهم هي المسؤولة عن تدريسهم، والجلوس معهم للمذاكرة أو أداء الواجبات المنزلية.

ويوضح قثم أن المسؤولية تتحول إليه بشكل كامل في فترة الامتحانات النهائية .. “أنا المسؤول عن الامتحانات، ولكن في الأيام العادية لا امتلك الوقت فأدع الأمر لوالدتهم”.

يؤيد قثم فكرة بقاء الواجب المدرسية لتؤدى في المنزل، حتى يتسنى لذوي الطفل مراجعة دروسه خطوة بخطوة ولضمان محافظة الطالب على مستواه الدراسي.

 

مرهق جداً

على الضفة المقابلة يقف أحمد الصفار وهو أب لطفلين، ويظهر رفضا قاطعاً لاستمرار مسلسل إحضار الواجبات المدرسية لغاية المنزل، مطالباً بنظرة جديدة للتحصيل العلمي.

يقول الصفار إن والدة طفليه هي من تقوم بحل الواجبات المدرسية، غير أنه يصف التجربة كمراقب يومي لها بـ “المرهقة جداً” وتحتاج لمتابعة مكثفة لتأديتها على أكمل وجه.

ويتحدث أحمد شارحاً موقفه الرافض للواجبات المدرسية المنزلية، قائلاً: نعم أرفضها وبشدة لأن تأديتها خارج المناخ الدراسي متعب للطالب ووالديه أيضا، خصوصاً إذا كان الوالدين ليسا مطلعين على المادة العلمية ولا يمكنهم شرحها وتوصيلها لأبنائهم.

 

دمج الفروض

ويقف علي درويش، وهو أب لـ 4 أطفال، في ذات الجهة مع أحمد الصفار ويطالب بإلغاء إحضار الواجبات المدرسية إلى المنزل.

يشير درويش إلى أن 3 من أطفاله يدرسون في روضات أو مدراس، ويؤكد أنه والدتهم هي من تتابع تحصيلهم المدرسي، وأداء واجباتهم.

ويضيف: اعتقد بوجوب إلغاء الواجبات المنزلية، و دمجها كفرض داخل الحصص، وذلك لأن ولي الأمر هو من يحل الواجبات فعليا. w