+A
A-

الذكرى الخالدة... دور رئيس الوزراء في رعاية الشعائر الدينية والحسينية (1 - 2)

على مدى عقود من الزمن، مثلت ذكرى عاشوراء الحسين (ع) ولا تزال، مكانة ذات مرتبة عالية لدى رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وعلى مر تلك العقود، يمكن أن ننظر إلى الواقع من جهة، والوثائق التاريخية من جهة أخرى، لنجد أن عطاء سمو رئيس الوزراء واهتمامه بهذه الذكرى منطلق من إيمان سموه العميق بمعاني ومضامين ذكرى عاشوراء، بالإضافة إلى أنها تمثل لسموه امتدادًا وتجسيدًا لمناخ الحرية والانفتاح الذي تتميز به مملكة البحرين طوال تاريخها.

تلك الجوانب، جاءت ضمن مساحة كبيرة في نظرة سموه لاحترام الأديان والمذاهب وحرية ممارسة المعتقدات والشعائر في مجتمع متحاب ارتبط أبناؤه بمشاعر حب وود وتلاحم، وغدت مثالا للتعايش والتكاتف وروح الألفة بين أبناء الأسرة البحرينية الواحدة، وتأصيل هذا الشعور الوطني أمر أولاه سمو رئيس الوزراء كل اهتمام؛ كونه يسير في اتجاه تعزيز الانتماء الوطني والعمل لتحقيق الخير لهذا الوطن الكريم، والحفاظ على أمنه واستقراره. هذا يأخذنا إلى الخلاصة التي يرتئيها سمو رئيس الوزراء، وهي النظر إلى المستقبل بتعاون وتكاتف وتعايش جميع أبناء المجتمع بتفاؤل وإخلاص وعمل وتفان، ومواصلة النهضة والبناء على ما تم إنجازه والحفاظ على مكتسبات الوطن. هذه المعاني الكريمة تمثل نبراسًا ومدرسة تجسدها ذكرى عاشوراء بكل ما فيها من مبادئ سامية.

 

الذكرى الخالدة بقدسيتها

تمثل إحدى الوثائق، وهي رسالة مؤرخة بتاريخ 23 مارس من العام 1970 الموافق للسادس عشر من شهر محرم الحرام من العام 1390 وتحمل الرقم (435 - 23) من حكومة البحرين (رئاسة مجلس الوزراء)، وهي مذيلة بتوقيع سمو رئيس الوزراء، تمثل مكانة ذكرى عاشوراء لدى سموه حفظه الله ورعاه، فهي رغم كونها تحمل أسطرًا يسيرة، لكن معانيها كبيرة، وهي موجهة كرد على رسالة شكر وردت من أعضاء هيئة المواكب الحسينية يقول نصها :”استلمنا كتابكم المؤرخ في 21 مارس 1970، ونحن نشكركم على ما تضمنه من عبارات طيبة، وإننا في الواقع لم نقم إلا بما يفرضه الواجب بحكم المسؤولية التي نضطلع بها، كما أننا نشكر للجميع تعاونهم؛ من أجل الاحتفاظ بهذه الذكرى الخالدة بقدسيتها”.

احتفاء بالهيئة العامة للمواكب الحسينية

من حسن الطالع، أن نستشهد باللقاء الذي جرى في قصر القضيبية يوم الأحد 17 سبتمبر 2017، وفيه دلالات كبيرة على رعاية صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر واهتمامه بالشعائر والمناسبات الدينية، ولاسيما ذكرى عاشوراء، فقد تحدث سموه في اللقاء مع أعضاء الهيئة العامة للمواكب الحسينية، قائلا إن مملكة البحرين عبر تاريخها الطويل قدمت للعالم نموذجاً في التآخي وتماسك النسيج الاجتماعي، وهو ما شكل سياجاً وحصناً قامت عليه أسس بنيانها الحضاري ونهضتها الحديثة، مع إشارة سموه إلى دور المناسبات الدينية في تعزيز روح التآلف وتقوية النسيج الاجتماعي، وبما تقومه به دور العبادة ومكانتها الدينية في الحفاظ على وحدة الكلمة بين أفراد المجتمع، وترسيخ ونشر الوسطية والاعتدال والقيم والمبادئ التي يحض عليها ديننا الإسلامي الحنيف، علاوةً على كفالة حرية ممارسة الشعائر الدينية في مملكة البحرين هو نهج نابع من التمسك بما يدعو إليه ديننا الاسلامي الحنيف من قيم ومبادئ ساميه، وقد حرص الآباء والأجداد على كفالته على مر التاريخ، في إطار التمسك بنشر وترسيخ قيم التسامح ووسطية الإسلام واعتداله.

المسيرة الطيبة ودلالاتها

إن سمو رئيس الوزراء حين يوجه الجهات المعنية كافة لبذل قصارى جهدها واتخاذ ما يلزم لتسهيل جميع الإجراءات المتصلة بالمناسبات الدينية بالشكل الذي يسهم في تدعيم دورها في نشر قيم المحبة والتعاون، ففي هذا استمرار لهذه المسيرة الطيبة في تقديم التسهيلات والخدمات طوال موسم عاشوراء، وثناء سموه على جهود رئيس وأعضاء الهيئة العامة للمواكب الحسينية في إحياء المواسم الدينية والعمل على ترسيخ الموروث الثقافي والاجتماعي الذي تميزت به مملكة البحرين، هو المعنى الأشمل لمنهج سموه في التعبير عن المساندة والدعم، ولصدى هذه الحفاوة تقدير أيضًا عن أعضاء الهيئة الذين أشادوا بتوجيهات سموه الكريمة؛ لتوفير التسهيلات اللازمة بموسم عاشوراء، والحفاظ على إقامة مثل هذه الشعائر الدينية في جو يسوده الأمن والأمان في ظل ما تنعم به المملكة من مناخ الحرية والانفتاح طول تاريخها في ممارسة الشعائر والأديان لجميع الطوائف.

الدور المبارك لسموه

تقديرًا لدور سمو رئيس الوزراء المبارك في دعم وتعزيز الشعائر الدينية والحسينية في مملكة البحرين، قدم أعضاء الهيئة تقريرًا لسموه، وهو بمثابة عمل وثائقي مهم لدور سموه وحكومته الموقرة في دعم وتعزيز الشعائر الدينية والحسينية، وما مشاركة سموه في افتتاح المآتم الحسينية عبر الوثائق والصور التاريخية إلا تأكيدًا لأبعاد مرتبطة بإيمان سموه بالدور المنوط إلى هذه الهيئة انطلاقًا من أهمية ذكرى عاشوراء دينيًا ووطنيًا واجتماعيًا.

تميز البحرين بين الدول

ومن الجوانب المهمة في التقرير، أنه في إطار الرعاية الدائمة لسمو رئيس الوزراء وتوجيهاته السديدة والدائمة للاهتمام بالشأن الاجتماعي والديني لمختلف قطاعات المجتمع، وعلى وجه الخصوص المؤسسات الدينية وتشديده الدائم بالنأي بها بعيدًا عن التداخلات السياسية، كل ذلك حفاظاً على وحدة الكلمة بين أفراد المجتمع البحريني وخاصةً في ظل التحديات على الصعيدين الأمني والاجتماعي محليًا وإقليميًا، من خلال تأكيد سموه الدائم إلى سعي الحكومة المتواصل لتبني المزيد من المبادرات الاجتماعية بالتعاون مع العائلات البحرينية في مختلف مناطق المملكة، والتي تدعم مسيرة التقدم والحفاظ على الموروث الثقافي والاجتماعي ما يميز مملكة البحرين فيما بين الدول في الإقليم، إذ يحرص سموه الكريم دائمًا أن يكون رأي أبناء هذه العائلات حاضرًا في جميع المناسبات ذات العلاقة على مر السنين.

دعم المؤسسات الدينية والحسينية

وتأكيدًا على ذلك الدور، فقد كان أولى سموه اهتمامًا بالشؤون الدينية على مر السنين ولفترات تعبر عقودًا من الزمن، وخاصة في عهد المغفور له بإذن الله صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة طيب الله ثراه حاكم البحرين، حيث دعم المؤسسات الدينية والحسينية وأصدر في عهده القانون الأول لتنظيم إدارتي الأوقاف السنة والجعفرية لتنظيم شؤون الأوقاف ودور العبادة، والإشراف والحفاظ عليها وإعمار المساجد والمآتم ودور العبادة، فيما عرف بقانون تنظيمي بشأن اللائحة الداخلية الصادر في الأول من يناير من العام 1961 الموافق للسابع عشر من ذي الحجة من العام 1381 للهجرة، وقد تفضل المغفور له صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة (طيب الله ثراه) عندما كان وليًا للعهد نيابةً عن والده وبمرافقة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة بافتتاح مأتمي مدن والقصاب بالعاصمة المنامة، وكان لحضور أصحاب السمو في افتتاح المآتم أهمية خاصة وأكبر أثر ومعنى لتجسيد روح الأسرة الواحدة المتلاحمة، والتي تمثلت في توجيه صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة (طيب الله ثراه) ببناء مأتم مدينة عيسى الكبير على نفقة سموه الخاصة؛ تخليدًا لذكرى أهل البيت عليهم السلام. (تبع 2-2).