+A
A-

وزير الخارجية: لم يعد مقبولا أن تكون بيننا دول مارقة

 قال وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة إنه “لم يعد مقبولا اليوم، أن تكون بيننا دول مارقة، تقوم باحتلال الأراضي، وتتعدى على سيادة الدول، وتهدد الأمن والسلم الدوليين، وتدعم التطرف والإرهاب، وتنشر الكراهية والفوضى، ولا يمكن أن يسمح لهذه الدول، بأن تكون طرفا في جهود إنهاء الصراعات وحل النزاعات وتسوية الخلافات، وإنهاء المآسي الإنسانية المعقدة التي كانت هي سببا في تفاقمها، وذلك لضمان عدم إعطائها الفرصة لتستغل وجودها بيننا”.

وأضاف في كلمة مملكة البحرين في الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك “من هذا المنطلق، وتعزيزا للجهود المبذولة للقضاء على التطرف والإرهاب، وإيمانا بأهمية التحالفات لتثبيت الأمن والسلام، قامت مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية وبدعم من دول عدة، بممارسة حق سيادي من حقوقها التي كفلها القانون الدولي”.

وأكد أن الدول اتخذت “قرارا بقطع العلاقات مع قطر، بعد صبر طويل، واستنفاد كل السبل المتاحة لإيقاف سياسات انتهكت علاقات الأخوة ومبادئ حسن الجوار والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وتوفير الدعم المادي والملاذ الآمن للإرهابيين وللمطلوبين قضائيا في بلدانهم، والترويج عبر وسائلها الإعلامية لخطاب الكراهية والفكر المتطرف والمؤسسات والشخصيات الداعمة له، والتي قمنا بوضعها في قائمة موحدة للإرهاب، معظمها متوائم مع قوائم الإرهاب الدولية، وذلك لتكون واضحة أمام العالم، بعد أن امتدت آثار هذا الإرهاب إلى العديد من الدول ومن بينها بلادي، حيث كانت قطر داعمة للأحداث الإرهابية الممنهجة التي مررنا بها وعانينا منها في مملكة البحرين، وكلفتنا الكثير من أرواح الأبرياء من المواطنين ورجال الأمن، وذلك في محاولة منها لتقويض الأمن الوطني والسلم المجتمعي وقلب نظام الحكم بمساعدة أطراف مرتبطة بها”.

وتابع “لذلك فالمسؤولية الجماعية تحتم علينا حماية دولنا وشعوبنا، ممن يضمر لنا السوء والضرر والتصدي له بحزم، وإن كانت قطر جادة – فعلا لا قولا – في الحوار والعودة إلى مكانة كانت لها بيننا، فعليها أن تلبي وتلتزم بكل شفافية ووضوح مطالبنا العادلة المبنية على المبادئ الواردة في البيان الصادر عن اجتماع دولنا الأربع في القاهرة بتاريخ 5 يوليو 2017م، والمتوافقة مع المواثيق والعهود الدولية، مقدرين الجهود الحثيثة والمساعي الحميدة التي يقوم بها صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة”.

وشدد على أن “كل ما اتخذناه من خطوات تجاه قطر لم - ولن - يمس شعوبنا ولا الشعب القطري الشقيق، الذي نكن له كل التقدير والاعتزاز، وتربطنا معه أواصر الدين والقربى وعلاقات النسب والتاريخ المشترك، وسنظل سندا داعما لأمنه واستقراره”.

 

شراكة مع الأمم المتحدة

وأكد أن مملكة البحرين، تحافظ بقيادة عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ورئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وولي العهد نائب القائد الأعلى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، على نهجها الراسخ في تعزيز علاقات التعاون والشراكة مع الأمم المتحدة بكل أجهزتها وهيئاتها، إيمانا بالدور الذي تضطلع به منظمتنا في التوصل إلى عالم أكثر استقرارا ورفاهية.

 

تهنئة السعودية

ومن جانب آخر، أعرب وزير الخارجية عن تهنئة مملكة البحرين للمملكة العربية السعودية الشقيقة، “بمناسبة النجاح الكبير لموسم الحج، والذي كان محل إشادة لكل من أدى هذا الركن الاسلامي العظيم، في رد بليغ على كل من أراد تسييس فريضة الحج، وجعله موسما للصراع والفتنة، ولتبرهن الحكومة السعودية قدرتها الفائقة في حماية الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وكل قاصديها من حجاج ومعتمرين وزوار، كهدف أسمى تحرص عليه قيادة المملكة العربية السعودية، كما عهدناها، منذ أمد بعيد”.

 

معاول هدم

وقال إن “الأنظمة التي دأبت على نشر الفوضى والشر، وتمثل معاول هدم وتخريب، ستكون هي الخاسر الأكبر، جراء ابتعادها عن قيم التعاون الجماعي المتعارف عليها بين الدول، وستكون شعوبها هي الضحية، كما هو الحال في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي يعاني شعبها من الظلم  والبؤس و الفقر والقمع والمشانق المعلقة في الشوارع، في ظل أوضاع معيشية صعبة، أرجعت هذا الشعب، ذا الحضارة التاريخية العريقة، إلى الوراء عشرات السنين، بسبب هدر النظام لثروة الشعب وأمواله، وتسخيرها لتغذية العنف وتقويض الأمن في المنطقة، لتحقيق طموحاته في الهيمنة والتوسع، من خلال حرسه الثوري، ودعمه للتنظيمات الإرهابية التابعة له، ومن بينها حزب الله الإرهابي في لبنان وسوريا، والميلشيات الانقلابية في اليمن، والجماعات والخلايا الإرهابية في كل من مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية ودولة الكويت وجمهورية العراق، وغيرها من الدول التي عانت من هذه التصرفات العدائية لسنوات طويلة”.

قراءة صحيحة

وأكد أن “خطاب الرئيس الأميركي هنا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، تضمن قراءة صحيحة تكشف وبكل وضوح، عن الطبيعة الخطرة للنظام في إيران كونه مارقا ومقوضا للسلام في المنطقة، مما يفرض على العالم أن يقوم بدوره في مواجهته، لمنعه من الاستمرار في سياساته، ووقف دعمه وتمويله للإرهاب وإلزامه باحترام سيادة جيرانه”.

ووأضاف “ولأننا نسعى دوما إلى الخير والسلام، فإننا نؤكد أن قيام علاقات طبيعية مع إيران، يبقى مرهونا بتخليها عن سياسات الهيمنة الطائفية والمذهبية، واحترام قيم المواطنة لدى الشعوب، والكف عن محاولات تصدير ثورتها القائمة على ولاية الفقيه، والالتزام بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، مطالبين إيران في الوقت ذاته، بإنهاء احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) والتجاوب مع المساعي السلمية المقدرة التي تبذلها الإمارات العربية المتحدة، لاستعادة سيادتها على أراضيها، وحل هذه القضية عن طريق التفاوض الجاد والمباشر أو باللجوء لمحكمة العدل الدولية.

 

إنجاز العراق

من جانب آخر، قال وزير الخارجية إن جمهورية العراق التي عانت -وما تزال- من التدخلات الخارجية لجعلها ساحة للصراع، حققت إنجازا يستحق الإشادة والدعم، حيث تمكن هذا البلد الشقيق، بما توفر له من إمكانات، من تحرير مدينة الموصل وقضاء تلعفر من قبضة تنظيم داعش الإرهابي، وهو ما لم يكن ليتحقق، لولا تضحيات القوات العراقية، وعزيمة الحكومة برئاسة دولة حيدر العبادي، وكذلك دعم التحالف الدولي لمحاربة داعش، والذي تشارك فيه مملكة البحرين بفعالية، مؤكدًا استمرار موقفنا الداعم لكل الجهود الرامية لإحلال الأمن والاستقرار في جميع أنحاء العراق والحفاظ على سيادته واستقلاله ووحدة وسلامة أراضيه.

 

دعم الشرعية في اليمن

أما بشأن الأوضاع في الجمهورية اليمنية، فجدد الشيخ خالد بن أحمد “التأكيد على استمرار دعمنا للحكومة الشرعية بقيادة رئيس الجمهورية اليمنية عبدربه هادي، من خلال المشاركة ضمن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وتأييدنا للإجراءات التي تتخذها لبسط نفوذها على كافة الأراضي اليمنية، وإنهاء سيطرة الميلشيات الانقلابية المدعومة من الخارج، والتوصل لحل سياسي شامل وفقا للمرجعيات الرئيسية والمتفق عليها وهي: المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2216، بما ينهي جميع أشكال التدخل الخارجي، ويضع حدا للحالة الإنسانية الصعبة التي يعاني منها الشعب اليمني الشقيق”.

وجدد التأكيد “إننا لسنا مع طرف يمني دون آخر، وإنما ضد التدخل الخارجي الذي لا يهدف أبدا لخير هذا البلد العزيز، مقدرين الجهود التي يبذلها السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن”.

 

حقن دماء السوريين

وفي الجمهورية العربية السورية، حث وزير الخارجية “المجتمع الدولي على بذل مزيد من الجهود لحماية المدنيين هناك وحقن دمائهم، وإلزام كل الأطراف بقرار وقف اطلاق النار وتحديد مناطق تخفيف التصعيد، وضمان إدخال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة، وتكثيف الدعم والمساندة للدول المستضيفة للأعداد الكبيرة من الأشقاء السوريين، وفي مقدمتها المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، ودفع الجهود الرامية إلى تحقيق حل سياسي يحفظ لسوريا وحدتها الترابية، وينهي التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية، ويقضي على وجود التنظيمات الإرهابية، ويكفل الأمن والأمان لجميع أبناء الشعب السوري الشقيق، ليكون قادرا ومشاركا رئيسا في تحديد مستقبله، استنادا إلى بيان مؤتمر (جنيف 1)، وقراري مجلس الأمن 2254 و2268”.

وأكد دعم “مباحثات أستانا، وجهود المبعوث الأممي الخاص بسوريا ستيفان ديمستورا، التي نأمل أن تساهم في وضع حد لهذه الأزمة التي طال أمدها”.

 

قضية فلسطين بالصدارة

وعن القضية الفلسطينية، قال وزير الخارجية إنها تتبوأ “موقع الصدارة في سلم أولويات السياسة الخارجية لمملكة البحرين، التي تقف مع الشعب الفلسطيني الشقيق لنيل كافة حقوقه المشروعة، وقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 1967، وفقا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية ومبدأ حل الدولتين”.

ورحب “بالخطوات الإيجابية الهامة التي اتخذتها الفصائل الفلسطينية مؤخرا لإنهاء حالة الانقسام وإعلاء المصلحة الفلسطينية العليا، وانتهاج العمل السلمي ونبذ العنف، فإننا نشيد بالدور الكبير الذي قام به الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة في هذا الشأن، والذي يؤكد المكانة المحورية لمصر في دعم ومساندة قضايا أمتها العربية، باعتبارها العمق الاستراتيجي لمحيطها العربي، وركيزة أساسية من ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة”.

وقال إن “القضية الفلسطينية ليست قضية دينية، فأرض فلسطين هي مهد الديانات التي عاش عليها الجميع في تعايش ووئام، وإنما هي قضية سياسية بامتياز، قضية احتلال أرض ينبغي أن ينتهي، وشعب يجب أن يعود إلى وطنه، وسلب لحقوق يجب أن ترد لأصحابها، وهذا ما يجب على إسرائيل أن تعيه، رغم كل هواجسها الأمنية، فالسلام لن يتحقق لها ولا لشعبها، إلا بتخليها عن كل مظاهر العنف ضد الفلسطينيين، وعدم التعدي على حقوقهم وممتلكاتهم المسلوبة، وتوقفها عن أنشطتها الاستيطانية، وعدم انتهاك حرمة المقدسات، وخاصة ما يشهده المسجد الأقصى المبارك من اعتداءات متكررة تستفز مشاعر المسلمين كافة، بما يشكل عائقا رئيسيا لاستئناف عملية السلام وجميع المبادرات الإقليمية والدولية الداعمة لها”.

 

العمل الجماعي

واختتم كلمته بالقول: “آمنت مملكة البحرين ومنذ قيامها ككيان عربي إسلامي العام 1783، بأهمية العمل الجماعي في تحقيق الأمن والتنمية والرخاء، وأن تسخر كل إمكاناتها للريادة، خدمة لشعبها ومحيطها والعالم أجمع، على مر الأزمنة والعصور، فقد حباها الله بقيادات حكيمة، تتوارث روح المسؤولية التامة لتحقيق المقاصد المثلى في العلاقات بينها وبين جيرانها، وهي سائرة بمنهجها هذا، ولن تحيد عنه أبدا، عضوا فاعلا ومؤثرا في الاسرة الدولية، وشريكا يعتز بشراكته مع محيطه العربي والإسلامي، وسنظل متمسكين وبكل قوة بهذا النهج، باعتباره القاعدة الصلبة لعلاقاتنا الخارجية، وملتزمين بالانفتاح على مختلف الثقافات والشعوب، بقيم التسامح والاعتدال، وسائرين على طريق التطور والتنمية، بكل إصرار وعزيمة، لحماية ما حققناه من مكتسبات ومنجزات ونهضة ورخاء”.