+A
A-

مختصون يؤكدون لـ“البلاد”: عدم تأثر المواطنين والمقيمين بـ“الضريبة الانتقائية”

أكد عدد من المختصين في الشأن الاقتصادي أن التصديق على مشروع قانون الضريبة الانتقائية سيساهم في زيادة إيرادات خزينة الدولة، وتنويع مصادر الدخل. وتوقعوا في تصريحات لـ “البلاد” سرعة تمرير مشروع قانون الضريبة الانتقائية لدى السلطة التشريعية؛ لأنه يصب في صالح المجتمع والمواطن، إذ من المتوقع أن يتم تطبيق القانون في بداية شهر ديسمبر المقبل أو يناير 2018 على أبعد تقدير.

وتطرق بعض ممن استطلعت “البلاد” آراءهم إلى أنه بالإمكان تعديل مشروع القانون من جانب السلطة التشريعية، بينما أشار آخرون أن الدولة هي المتضررة من عدم تطبيق هذه الضريبة، وهي التي تتحمل تكاليف الآثار الصحية السالبة لمواطنيها إذا لم تصادق عليها. وقدر المختصون أن تكون إيرادات الضريبة الانتقائية أقل بكثير من إيرادات الضريبة المضافة.

وكان مجلس الوزراء قد وافق في جلسته الاعتيادية أمس الأول على مشروع قانون بالتصديق على الاتفاقية الموحدة للضريبة الانتقائية لدول مجلس التعاون، والتي حررت في 27 نوفمبر 2016 بعد إقرارها من لجنة التعاون المالي والاقتصادي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وقد قرر مجلس الوزراء إحالته إلى السلطة التشريعية وفق المادة (87) من الدستور، وتتضمن هذه الاتفاقية الأطر المشتركة المتعلقة بسياسة الضريبة الانتقائية لدول مجلس التعاون بشكل موحد وسبل تحصيل الضريبة الانتقائية، ووفقها تفرض ضريبة على السلع الضارة بصحة الإنسان والبيئة والسلع الكمالية وفق القائمة والنسب الضريبية التي تحددها لجنة التعاون المالي والاقتصادي لدول مجلس التعاون.

وتفرض الضريبة  الانتقائية على مشتقات التبغ بنسبة 100 %، و50 % على المشروبات الغازية وضريبة بنسبة 100 % على مشروبات الطاقة. وينظم مشروع القانون التعامل مع حالات التهرب الضريبي والعقوبات الجنائية لذلك واسترداد الضريبة وحالات الإعفاء منها، والتسجيل لأغراض الضريبة والترخيص للمستودع الضريبي.

 

بوعلي: مناقشة “الضريبة الانتقائية” خلال 14 يوما

إلى ذلك، أوضح رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية ولجنة الخدمات، النائب عبدالرحمن بوعلي أن مشروع قانون التصديق على الاتفاقية الموحدة للضريبة الانتقائية لدول مجلس التعاون ومشروع قانون الضريبة الانتقائية سيحالان إلى مجلس النواب وفق المادة (87) من الدستور، إذ يجب البت في مشروع القانون خلال 15 يومًا من يوم إحالته على المجلس، ثم  يتم إحالته على مجلس الشورى سواء بُت فيه أم لا، (...) وإذا توافق مجلسا الشورى والنواب عليه يعتبر نافذًا أما إذا لم يتوافقا، فيعود إلى مجلس النواب.

ولفت بوعلي أن مشروع قانون الضريبة الانتقائية بالإمكان تعديله، وفيه سلع محددة “مشتقات التبغ والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة”، وهذا مطلب للجميع، وأعتقد أن المجلس لن يكون لديه ممانعة لتمريره، (...) وننتظر إحالة المشروع على المجلس الذي كان يتوجب أن يكون استدراكًا على جلسة النواب المنعقدة (أمس الثلاثاء)، مشيرًا إلى أن مشروع القانون سيحال على لجنة الشؤون المالية والاقتصادية ولجنة الخدمات رسميًا ليتم مناقشته الأسبوع المقبل مع الحكومة، ويتطلب ذلك تواجد وزير المالية لاستيضاح الأمر.

وتوقع بوعلي مناقشة مشروع القانون في جلسة النواب المنعقدة يوم الثلاثاء 31 أكتوبر الجاري، وهذا أمر شبه مؤكد أن يتم مناقشته خلال 14 يومًا، مؤكدًا أن الضريبة الانتقائية لن تؤثر على المواطن.

وفيما يتعلق بالإيــرادات المتوقعة من تطبيــــق الضـريبة الانتقائية، قال إن إيــرادات ضريبــــــــة القيمة المضافة (VAT) تقدر بنحو 300 مليون دينار. أما إيرادات الضريبة الانتقائية، فسيتم استيضاحها بعد الاجتماع مع الحكومة.

وتوقع أن يصدر قرار تطبيق الضريبة الانتقائية مع بداية شهر ديسمبر المقبل أو على أبعد تقدير شهر يناير 2018، مبينًا أن الأمور ستتضح بعد الاجتماع مع وزير المالية.

وتطرق بوعلي إلى أن مشروع قانون بالتصديق على الاتفاقية الموحدة للضريبة الانتقائية لدول مجلس التعاون غير مرتبط بمدة زمنية محددة، ولا يستطيع مجلس النواب تعديله، إلا أنه يجب الموافقة عليه وتمريره قبل مناقشة مشروع قانون الضريبة الانتقائية.

وأكد رئيس اللجنة أن تطبيق قانون الضريبة الانتقائية أمر جيد، ولن يضر المواطن ويعد إيرادًا جيدًا لخزينة الدولة، إلا أنه بيَّن ضرورة توعية المواطنين من جانب الجهات المختصة أن هذه الضريبة الانتقائية لن تضره وستوفر إيرادات لخزينة الدولة.

 

جعفري: مرحلة تحول من اقتصاد ريعي إلى مدني

بدوره، أكد المحلل الاقتصادي والرئيس التنفيذي لشركة جافكون للاستشارات أكبر جعفري أن الضريبة الانتقائية هي خطوة للأمام، وفي الاتجاه الصحيح ليس فقط لتنويع مصادر الدخل للحكومة، ولكن لتقليل أضرار بعض المواد الاستهلاكية، ومن هذا المنطلق أصبحنا نساير الدول المتقدمة الآن، ونحن نحبذ الاستهلاك في هذا الاتجاه وزيادة عدد المواد الانتقائية، وفي الوقت نفسه نحن نطلب من المواطنين والمقيمين التفهم لهذه الأمور؛ لأنها لصالح المجتمع، ولن تشكل ضغوطات مالية، إذ إن الخيار أمام المستهلك للحد من استهلاكه لهذه المواد لأن في مجملها مضرة، والحكومة تتحمل أعباء تصحيح الإفرازات السلبية لهذا الاستهلاك. وفيما يتعلق باللائحة التنفيذية للضريبة الانتقائية، قال المحلل الاقتصادي “إننا نتوقع أن تبدأ الحكومة في تشكيل جهاز خاص للضرائب، وهذا الجهاز في الوقت الحاضر هيكليته غير معروفة، لكننا نأمل أن تكون هيئة مستقلة وتكون مهنية، وهذا ما نطمح إليه”.

ودعا جعفري لعدم القلق لأن الاقتصاد سيوازن نفسه، فكما حدث عند رفع أسعار الوقود لم يشعر أي أحد بشيء، وحتى من أحس بارتفاع أسعار الوقود كان لديهم آلية للتصحيح في الاستهلاك، وتقليص الحيز السلبي في الاستهلاك وانكماش الإهدار والإسراف، وفقًا لتصريحاته.

ولفت إلى أن المواد الأساسية والضرورية في حياة الإنسان في البحرين لن تتأثر، ويجب التفهم ومجاراة هذا الوضع؛ لأننا في مرحلة التحول من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد مدني.

وحول توقيت تطبيق الضريبة الانتقائية، قال جعفري إن كل المؤشرات تظهر أن الضريبة الانتقائية سيتم تطبيقها في الربع الأول من العام المقبل 2018.

وأشار إلى أن الضريبية الانتقائية ستشمل المواد التي فيها تبعات سلبية، والحكومات تتحمل التكاليف الآن. وعن تجارب الدول الخليجية الأخرى، قال جعفري إن الإمارات على سبيل المثال سبقتنا في تطبيقه، ويعد المردود فيها كبيرًا، إلا أن تأثير الضريبة الانتقائية عمومًا لن يكون تأثير كبير جدًا؛ كونها تعتبر ضمن حزمة مصادر الدخل للحكومة.

 

المشعل: ضرورة في أسرع وقت

إلى ذلك، أوضح ‏رجل الأعمال، والمحلل في الشؤون الاقتصادية يوسف المشعل أن الضريبة الانتقائية هي ضريبة تختارها الدولة لبعض المواد التي تكلف الدولة مصاريف إضافية في حال لو لم تكن موجودة، فعلى سبيل المثال السجائر مضرة لجسم الإنسان ويمكن أن تؤذيه، وبالتالي يحتاج علاجا، وذات الأمر ينطبق على مشروبات الطاقة والمشروبات الغازية، وقد اختارت الدولة هذه الضريبة الانتقائية بحيث يتم انتقاء المواد التي تسبب مضرة وتكلفها ماديًا بسبب هذه الأضرار، (...) وفي هذه الحال المواد مضرتها في العلاج الصحي وتكاليف هذا العلاج، وأعتقد أن التطبيق يتم في أسرع وقت؛ لأنها عبارة عن ضريبة تأخذها الجمارك لدى وصول البضائع إلى الموانئ.

وأضاف المشعل أن الضريبة الانتقائية يتم أخذها على المورد للمواد المستوردة، فعلى سبيل المثال المشروبات الغازية يبلغ سعرها حاليًا 150 فلسًا وسيرتفع مع تطبيق الضريبة الانتقائية إلى 200 فلسًا، وذات الأمر ينطق على المواد الأخرى. وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية طبقت الضريبة الانتقائية ووصل سعر علبة السجائر إلى 24 ريال السعر وذاتها في الإمارات العربية المتحدة، وفي البحرين سيكون ذات الأمر لدى تطبيق الضريبة الانتقائية في أسرع وقت، وقبل نهاية العام الجاري.

ودلل على سرعة تطبيق الضريبة الانتقائية بالقول إن تأخر تطبيقها سيؤدي إلى مشكلات على حدود الدول، إذ على سبيل المثال بقاء سعر علبة السجائر كما هو في البحرين. أما في السعودية التي تطبق الضريبة الانتقائية، فوصل  سعر العلبة إلى الضعف، هنا سيتم تحميل كميات كبيرة من البحرين إلى السعودية أو انتشار سوق سوداء، أو تجار شنطة، داعيًا لسرعة تطبيق الضريبة الانتقائية تلافيًا لأية مشكلات على الحدود بين الدول المطبقة والأخرى غير المطبقة، متوقعًا سرعة تمرير الضريبة الانتقائية لدى السلطة التشريعية؛ لأنه يصب في صالح المجتمع والمواطن.

وفيما يتعلق بالإيرادات المتوقعة من تطبيق الضريبة الانتقائية، أوضح أن الإيرادات لن تكون مبالغ كبيرة؛ لأن سوق البحرين صغيرة ومستهلك هذه المواد ليست سوقًا كبيرًا، كما أن المملكة لا تعتبر سوقا لديها حب لمشروبات الطاقة وغيرها، ربما المشروبات الغازية الأكثر نسبة، إلا أن الدخل لن يكون كبيرًا، ولن يصل إلى مئات الملايين من الدنانير، (...) وتوقعاتي أن تصل كأقصى حد إلى 10 ملايين دينار سنويًا.

وأشار المشعل إلى أن القانون الذي سيصدر يجب أن يتضمن أن احتساب الضريبة الانتقائية سيتم على السلعة النهائية أو المواد الأولية الداخلة في الصناعة.

وأوضح المشعل أن بعض المواد قد تعتبر ضارة، إلا أنها معفاة من الضرائب؛ لأنه حتى الآن لم يظهر منها الضرر الكبير إلى درجة فرض ضرائب عليها، وربما تضاف في فترة لاحقة.

ولفت المشعل أن الضريبة الانتقائية هي ضريبة على السلع لن يدفعها المواطن لدى شراء السلعة، وإنما تأخذها الدولة مباشرة على البضائع المستوردة والمصانع وبالطبع ستزيد اسعار السلع على المستهلك وفقًا لهذه الضريبة.

 

الصائغ: 30 مليون دينار إيرادات “الانتقائية”

من جهته، قال المحلل الاقتصادي، رئيس جمعية الاقتصاديين جعفر الصائغ إن الدولة ستطبق الضرائب في القريب العاجل، بعد أن طبقت بعض دول الخليج الضريبة الانتقائية (...) أتوقع خلال أسابيع أو أشهر معينة لا تتجاوز الشهرين أو الثلاثة أشهر. وأوضح أن وضع البحرين الاقتصادي يتطلب منها دراسة متأنية قبل فرض الضرائب؛ بسبب ضعف الموارد الطبيعية وارتفاع الدَّين العام، كما أن تطبيق الضرائب سيكون له تأثير جانبي اقتصادي ومالي وما شابه ذلك، مؤكدًا أن دراسة البحرين المتأنية للموضوع؛ بهدف تفادي المخاطر وتقليلها، وكذلك تقليل التداعيات السيئة التي قد تنجم عن تطبيقها.

وعبر عن اعتقاده الشخصي أن البحرين ستحتاج في القريب العاجل تنويع إيراداتها سواء من خلال الاستثمار أو من خلال نظام ضريبي متكامل، وأعتقد أن الدولة قريبًا ستبدأ في تطبيق قانون الضريبة الانتقائية، (...) النظام الضريبي كان يجب تطبيقه منذ فترة طويلة، لكنه يحتاج المناخ الاقتصادي المناسب لتنفيذ مثل هذه الأنظمة عبر تهيئة الأفراد والمستثمرين والشركات، وأهم ما في الموضوع هو دراسة كيفية تنفيذه ليكون عادلا ومطبقا على الجميع، وأن يكون هنالك جهاز إداري فعال قادر على تحصيل هذه الضريبة بشكل فعال، مبينًا إذا أوجدنا نظام إداري غير فعال، فأعتقد أن النظام الضريبي لن يكون مجديًا وعادلا، ولذلك فإننا نحتاج جهازا إداريا قادرا على تحصيل الضرائب.

وأشار إلى أن الضرائب الانتقائية سيتم تحصيلها من المصانع والموردين. أما السلع المعاد تصديرها في دول الخليج، فيجب تجنب الازدواج الضريبي عليها عبر نظام ضريبي فعال يتمكن من تحصيل الضرائب. واستعبد أن تكون إيرادات الضريبة الانتقائية كبيرًا، إلا أن التوقعات الأولية أن تتراوح ما بين 20 إلى 30 مليون دينار، في حين أن الإيرادات من تطبيق ضريبة القيمة المضافة تتراوح ما بين 300 إلى 400 مليون دينار.

وتوقع الصائغ ارتفاع أسعار سلع أخرى بخلاف السلع الانتقائية التي ستفرض عليها الضريبة؛ وذلك لأن أصحاب المتاجر هم من يبيعون المشروبات الغازية والسجائر ومشروبات الطاقة، وبالتالي سيتأثرون بسبب الإيجارات وما شابه ذلك، وأعتقد سيكون لها تأثير جانبي نسبي. كما توقع الصائغ ارتفاع أسعار المعسل البحريني؛ كونه يندرج ضمن مشتقات التبغ.

واختتم الصائغ حديثه بالقول إنه ستتوسع السلع المندرجة ضمن السلع الانتقائية تدريجيا، ومن المتوقع أن تدخل سلع أخرى مستقبلا في هذه الضريبة، خصوصًا أن هنالك جهات معينة تحدد ما السلع التي تضر بالبيئة أو الصحة، مؤكدًا أن الدولة ستضطر لضم سلع أخرى للضريبة الانتقائية في المستقبل.