+A
A-

إدانة أطباء أهملوا علاج طفل... تسمَّم دمه والدماغ فتوفي

أدانت محكمة ابتدائية فريقا طبيا وتمريضيا بمستشفى خاص بالتورط بوفاة طفل بسبب تشخيص وعلاج خاطئ بالحبس لمدد تتراوح ما بين سنة وشهر.

وتسبب الإهمال والعلاج الخاطئ في هبوط دم الطفل وتسمم ميكروبي بالدم والدماغ.

وحكمت بمبالغ كفالة تتراوح ما بين 500 و50 دينارا لإيقاف التنفيذ.

وأتهم الطبيب الأول بالقصور العلمي العلاجي، والثاني أخل بالمعايير الدولية لعملية الإنعاش، والثالث غادر المستشفى دون الكشف على الطفل، وتناسى الأمر، وقدم نصيحة للممرضة بالهاتف.

وأمرت المحكمة الصغرى الجنائية الرابعة بإحالة الدعوى للمحكمة المدنية المختصة؛ لتعويض ولي أمر الطفل المتوفى.

6 متهمين

ومثل أمام المحكمة 6 متهمين من الجنسية الآسيوية يعملون بمستشفى خاص يقع في محافظة العاصمة.

واتهمتهم النيابة العامة بالتسبب في موت طفل نتيجة إخلالهم بما تفرضه عليهم أصول مهنتهم.

وقال والد الطفل المتوفى بتحقيقات النيابة العامة أن ابنه كان يعاني ارتفاعا في درجة الحرارة، وإثر ذلك نقله للمستشفى الخاص، وحضر المتهم الأول (طبيب) وقاس درجة حرارة المجني عليه، ولاحظ وجود انتفاخ أسفل عينه اليمنى.

وذكر والد الطفل أن المتهم الأول أبلغه أن سبب ارتفاع درجة الحرارة وجود مثل هذا الانتفاخ الناتج عن حساسية يعانيها المجني عليه، فأدخل المستشفى وصرف بعض المسكنات والعقاقير؛ لمنع انتشار الحساسية لأماكن أخرى بالحسم وانصرف.

وواصل ولي الأمر: عقب فترة من انصراف المتهم الأول (الطبيب)، ارتفعت درجة حرارة الطفل، وكان يتقيأ مرتين أو ثلاث مرات، وتم إبلاغ الممرضات المتواجدات، وحضروا وأعطوا الطفل تحميلة لخفض درجة الحرارة، فانخفضت درجة حرارته قليلا، إلا أنها عادت للزيادة مرة أخرى.

وأردف: عادت درجة الحرارة للارتفاع مرة أخرى، وصاحب ذلك تقيؤ، وأبلغت الممرضات مرة أخرى، ولم يقوموا بإعطاء المريض شيئا، وطلبوا الانتظار، وستنخفض درجة الحرارة.

وأشار إلى أن الممرضات اتصلوا بالمتهم الأول (الطبيب) أكثر من مرة لعدم تحسن صحة الطفل، وإلا أنه لم يرد، وعقب العديد من المحاولات حضر الطبيب، وكشف على الطفل، وتبين انخفاض الضغط إلى 58، وتغير لون أطراف الطفل، للون الأبيض.

وبيَّن أنه تم تزويد الطفل ببعض الأجهزة لرفع الضغط، وغادر الطبيب المستشفى، واصطحب الطفل لإجراء أشعة على المخ، وأبلغه الطبيب المختص بأن ابنه لا يعاني ثمة شيء بالمخ، وربما يعاني شيئا آخر.

وقال: لاحظت أن الطفل لا يتحرك، وأجري له تنفسا اصطناعيا، إلا أنه قد فارق الحياة.

استمرار الاستفراغ

وسجلت المحكمة أن المتهم الثالث (طبيب مناوب 24 ساعة بالمستشفى) قد اعترف بتحقيقات النيابة العامة بأنه تلقى اتصالا من المتهمة الخامسة (الممرضة) وأبلغته بوجود طفل يعاني حالات استفراغ وحمى.

وأشار إلى أنه سأل المريضة عن العلامات الحيوية للمريض، وردت بأنه في وضع صحي مستقر. وطلب منها أن تصرف له تحميله خاصة لوقف استمرار الاستفراغ.

ولفتت المحكمة إلى أن المتهم الثالث (الطبيب) لم يكشف على الطفل، وتلقى اتصالا هاتفيا في اليوم التالي من أقرباء الطفل، وأبلغوه بوفاته.

وقال الطبيب إنه أخطأ عندما أبلغته الممرضة بحالة الطفل، وكان يتوجب عليه الكشف عليه في خلال فترة بسيطة لاحقا على إخطارها، إلا أنه لم يقم بذلك الأمر، وغادر المستشفى دون الكشف على المجني عليه وتناسى الأمر.

السكتة القلبية

ولفت المتهم الرابع (ممرض) بتحقيقات النيابة العامة من أن حالة الطفل قد تم تشخيصها من المتهم الأول (الطبيب)، وهو من أوصى بإدخال الطفل للمستشفى، إلا أنه عند مشاهدة المجني عليه لم يكن أحد متواجد من الأطباء، واتصال بالمتهم الأول، وأوصى الأخير بتعريض الطفل للأشعة المقطعية، وفحص عينة من دمه، وتم نقله لإجراء الأشعة تحت إشراف المتهم الرابع.

ونبه الممرض إلى أن الطفل تعرض لاضطرابات، ودقات قلبه بطيئة، تنفسه للأكسجين غير طبيعي، وعلامات الملاحظة عليه هي علامات السكتة القلبية، وعلى الفور تم نقله إلى قسم الطوارئ، وأجري تنفس اصطناعي، وتمت محاولة إنعاش الطفل، إلا أنه فارق الحياة.

تحقيقات “نهرا”

وكشفت تحقيقات الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية (نهرا) أن مؤهلات المتهم الأول (الطبيب) تؤهله للعمل على مستوى طبيب مقيم قانونيا، ولكن ليس لديه الحق في أن يدخل المريض المستشفى باسمه، وأن يكون الطبيب المعالج الرئيسي للطفل، مما يعتبر خرقا لقوانين التراخيص الطبية المعمول بها، وهذه مسؤولية الطبيب والمستشفى.

ولفتت الهيئة في تقرير لجنة تحقيق شكلتها أن نتائج إدخال المريض في حال حرجة بسبب القصور العلمي والتقني في الخدمة العلاجية بالغ الأثر في تدهور حالته ووفاته.

وأشارت إلى أنه تم إدخال المريض دون عمل التحاليل المخبرية الكاملة.

ولفتت إلى أنه كان من المفترض إدخال المريض للعناية المركزة منذ البداية، بينما تُرك تحت عناية الممرضات غير المؤهلات للعناية بالحالات الحرجة، ولم يكن هناك طبيب أطفال مقيم لمتابعة الحالة، وإنما ترك ذلك للأطفال المناوبين، بالرغم من عدم خبرتهم في أمراض الأطفال.

العلاج المتأخر

وقالت الهيئة إنه بعد الاطلاع على ملف المريض، فإنه كان يعاني هبوطا في ضغط الدم وتسارع ضربات القلب، إضافة لدرجة متوسطة من الجفاف، وهذا يعني أنه كان بحاجة إلى كمية كافية من السوائل المناسبة لحالته ومراقبة قصوى لضغط الدم ومعدل النبضات.

واستدركت: إلا أن ذلك لم يحدث على حسب تقدير الطبيب المعالج مما نتج عنه ازدياد في هبوط ضغط الدم، والذي عولج متأخرا بإعطاء السوائل عن طريق دفعات وريدية، ثم إعطاء دواء، ولكن بعد حصول صدمة هبوط في ضغط الدم وتسمم.

وبينت الهيئة أن الطفل كان يعاني نوبات استفراغ في الليل، ولم يأخذ الطبيب أو الممرضات الإجراء المناسب للفحص، وقد تكون هذه النوبات بداية لما جرى لاحقا من هبوط الدم وتسمم ميكروبي في الدم والدماغ.

وقالت: تم الاستعانة بالطبيب المناوب، وهو طبيب عام، في الواحدة صباحا ثم الخامسة صباحا، ولكنه لم يحضر لمعاينة المريض، واكتفى بإعطاء نصيحة عبر الهاتف.

وسجلت أن عملية الانعاش التي تم عملها للمريض لم تراع فيها المعايير المتفق عليها دوليا.

وانتهى التقرير لمسؤولية المتهمين عن وفاة الطفل