+A
A-

إلزام “البلديات” بدفع نصف مليون دينار لسيدة استُملِكَت أرضها

ألزمت المحكمة الكبرى المدنية الأولى (الدائرة الإدارية) وزارة شؤون البلديات والتخطيط العمراني أن تدفع لصالح سيدة تملك أرضًا غير مصنفة وتقع في منطقة أثرية بالقرب من قلعة البحرين، مبلغًا يزيد عن 538 ألف دينار؛ تعويضًا عن التأخير في صرف مبلغ استملاك الأرض للمنفعة العامة لصالح هيئة البحرين للثقافة والآثار، فضلاً عن احتساب المحكمة سعر الأرض بمبلغ 107 دنانير و640 فلسًا لكل متر مربع والملزمة بدفعها لصالح المدعية باعتبارها سعر العقار المستملك، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات تقدمت بها المدعية، والتي وألزمتها بمصروفات الدعوى وأتعاب الخبير.

وذكرت المحكمة في حيثيات حكمها أن المدعية أقامت دعواها بطلب الحكم لصالحها أولاً: بإلغاء قرار لجنة التظلمات بوزارة شؤون البلديات والتخطيط العمراني فيما تضمنه من تأييد قرار لجنة التثمين بإعادة تقدير التعويض المستحق عن استملاك العقار موضوع التداعي على أساس سعر 107 دنانير و640 فلسًا لكل متر مربع، والقضاء بتعديل تقدير التعويض المستحق ليكون على أساس سعر 150 دينارًا لكل متر مربع، مع ما يترتب على ذلك من آثار.

ثانيًا: إلزام المدعى عليه (وزير شؤون البلديات والتخطيط العمراني) بأن يؤدي إلى المدعية مبلغًا وقدره  مليون و108 آلاف و571 دينارًا و500 فلس كتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي أصابتها نتيجة عدم صرف التعويض المستحق لها منذ العام 2005، إضافة إلى الفوائد القانونية بواقع 10 % من تاريخ رفع الدعوى وحتى السداد التام، مع إلزام المدعى عليه الرسوم والمصارف ومقابل أتعاب المحاماة.

تقرير الخبير

وأوضحت المحكمة أن تقرير الخبير انتهى إلى تقدير التعويض المستحق عن استملاك العقار موضوع التداعي على أساس سعر 129,168 دينار لكل متر مربع، وتقدير التعويض عن عدم استلام مبلغ التعويض الكلي بمبلغ 739 ألفًا و47 دينارًا و629 فلسًا. وأفادت المحكمة ضمن حيثيات الحكم بأن المشرع أناط بوزير شؤون البلديات تشكيل لجنة لتثمين العقارات موضوع الاستملاك، حيث تتولى هذه اللجنة تقدير قيمة التعويض المستحق عن العقار موضوع الاستملاك على أساس القيمة السوقية للعقارات في تاريخ نشر قرار الاستملاك بالمنطقة التي يقع بها العقار أو المناطق القريبة أو المماثلة بحسب الأحوال.

وأن نصوص المواد القانونية تفيد بأنه يجب على المستملك أن يدفع تعويضًا للمالك المنزوعة ملكيته، وأن ما يستحقه المالك مقابل نزع ملكيته للمنفعة العامة يعتبر تعويضًا له عن حرمانه من ملكه جبرًا، وأن العبرة في تقدير ثمن العقار المنزوع ملكيته للمنفعة العامة هي بوقت الاستملاك على أساس أن نشر قرار نزع الملكية يترتب عليه ذات النتائج التي تترتب على تسجيل عقد الملكية والأصل أن ثمن المبيع يقدر وقت البيع.

صعوبة التسعير

وتابعت: لما كان الثابت بتقرير الخبير – والذي تأخذ منه المحكمة كدليل – أن الأرض المستملكة محل التداعي تقع في منطقة أثرية وغير مصنفة بالقرب من قلعة البحرين ولا يسمح فيها بالبناء والإعمار، وأن التصنيف الرسمي لها “غير مخططة”، كما أن الأراضي في تلك المنطقة غير مصنفة ويصعب تحديد سعر لها على تلك الحالة، وتعذر الحصول على معلومات من إدارة التسجيل العقاري لصعوبة استخراج أسعار الأراضي للمباني المجاورة في تاريخ الاستملاك، وتحديد سعر الأرض المستملكة محل التداعي، وأن أسعار الأراضي والعقارات الكائنة بالمنطقة ذاتها طبقًا لسعر السوق وقت الاستملاك، مع مراعاة وجود تصنيف لها ودخولها الحيز العمراني (بعكس الأرض محل التداعي غير المصنفة) تقدر بسعر 129 دينارا و168 فلسًا للمتر المربع. وأضافت أن السعر الأخير الذي انتهي إليه الخبير في تقريره خاص بالعقارات المصنفة الداخلة في الحيز العمراني، وبالتالي لا ينسحب التقدير على الأرض موضوع التداعي؛ كونها غير مصنفة على نحو ما أثبته الخبير في تقريره، الأمر الذي تطرح معه المحكمة ما انتهى إليه الخبير من تقدير سعر الأرض موضوع التداعي بسعر 129 دينارًا و168 فلسًا للمتر المربع، وتطمئن إلى ما انتهت إليه لجنة التثمين من تقدير قيمة التعويض المستحق عن العقار موضوع الاستملاك على أساس سعر  107 دنانير و640 فلسًا لكل متر مربع، بما يضحى معه طلب المدعية إلغاء قرار لجنة التظلمات فيما تضمنه من تأييد قرار لجنة التثمين، قائمًا على غير سند من القانون جديرًا بالرفض. وأشارت في حكمها إلى طلب المدعية التعويض عن الأضرار الناتجة عن التأخير في صرف مبلغ التعويض للمدعية، فإن لجنة التثمين قدرت هذا التعويض بمبلغ وقدره 538 ألفًا و888 دينارًا و900 فلس كبدل عن الضرر الحاصل من عدم استلام مبلغ التعويض، أي بمعدل 10 % سنويًا من مبلغ التعويض الكلي لمدة 7 سنوات منذ موافقة الملاك على مبلغ التعويض في تاريخ 17 مارس 2009.

الخلاصة

وخلصت المحكمة فيما تقدم إلى الأخذ بما انتهت إليه لجنة التثمين من تقدير التعويض المستحق عن استملاك عقار التداعي، وطرحت ما انتهى إليه الخبير في هذا الشأن، فضلاً عمّا انتهى إليه من تقدير بدل الضرر المحتسب للمدعية، رغم أنه سار على نهج لجنة التثمين نفسه؛ وذلك لأنه اعتمد في تثمين سعر المتر المربع للعقار المستملك على سعر أعلى مما انتهت إليه لجنة التثمين، مما لا مناص معه من تقدير التعويض المستحق للمدعية كبدل ضرر عن التأخير في صرف مبلغ التعويض المقرر لعقار التداعي وفقًا لما خلصت إليه لجنة التثمين، أي بمبلغ وقدره 538 ألفًا و888 دينارًا و900 فلس فقط.

من ناحيةٍ أخرى، قالت إنه لا يغير مما تقدم، صدور قرار من لجنة التظلمات بتاريخ 16 نوفمبر 2016 بتقليل نسبة الضرر إلى 7 % تُضاف على كامل مبلغ التعويض المقرر للأرض موضوع التداعي وذلك بعد تظلم الجهة المستملكة -هيئة البحرين للثقافة والآثار- من التعويض الذي قدرته لجنة التثمين للمدعية كبدل عن الضرر الحاصل من عدم استلام مبلغ التعويض بمعدل 10 % سنويًا من مبلغ التعويض الكلي، استنادًا إلى عدم وجود ميزانية كافية لدى الهيئة لتغطية مبلغ التعويض المقدر من جانب لجنة التثمين، وأن الهيئة غير مسؤولة عن هذا التأخير الذي حدث في عهد وزير سابق، إذ لا علاقة للمدعية بهذه المبررات، والتي لا تحول دون حصولها على التعويض العادل جراء تأخير صرف مبلغ التعويض المقرر لعقار التداعي، ومن ثم فإن المحكمة تطمئن إلى سلامة التقدير الذي انتهت إليه لجنة التثمين في شأن احتساب بدل الضرر المستحق للمدعية، وتلتفت عما انتهت إليه لجنة التظلمات في قرارها، سالف الذكر؛ وذلك لفقدانه السبب القانوني الصحيح الذي يقوى على حمله.