+A
A-

حامد فخرو... المخترع المتمرد والمغامر بالأعمال

أول شركة أسستها فشلت بعد 6 أشهر فقط

يوسف بن جاسم الدرويش قدوتي في “البزنس”

أسست شركة اتصالات أبرمت صفقة  بـ 60 مليون دولار

إصــابتـــي بـ “الســرطــان” غيـــرت نظرتــي للحيـــاة

اختــرعــتُ منتجيـــن أحــدهــمــا بـ “التمويـــل الجمــاعـي”

 

“أنا إنسان متمرد”، هكذا يصف رجل الأعمال حامد فخرو ابن الوزير السابق والمفكر البحريني المعروف علي فخرو، حين يتحدث عن سيرته في مجال ريادة الأعمال. وعلى الرغم من أنه يعتبر نفسه “مغامرا” في مجال الأعمال، إلا أن فخرو الابن لا يجد مهربا من أن يعترف بأنه أخطأ الحسابات في كثير من الأحيان، وأولها حين بدأ شركته الأولى والثانية مع أحد الأصدقاء واللتين فشلتا بعد أشهر قليلة، إلا أنه يشير إلى أنه عندما توجد الأفكار والمعرفة، فعلى رجل الأعمال أو رائد العمل ألا يخاف، وأن يبادر بالتنفيذ دون خوف. لم تمنعه الإصابة بمرض السرطان من مواصلة طموحاته، حيث اعتبرها مرحلة مفصلية في حياته، دفعته للانخراط بشكل أكبر في الأنشطة التي تتعلق بمساعدة رواد الأعمال، وتحفيز الشباب على الإبداع وخلق المشروعات من خلال عدد من المبادرات.

وتبرز عزيمة فخرو حينما عرض أحد مخترعاته، وهي مغسلة خاصة بالوضوء لم تجد تجاوبا كبيرا، ليحوِّل نظره إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث هي أرض الأحلام ومقصد المخترعين، ليعرض اختراعه الثاني عبارة عن “سلة متنقلة للأمتعة” على موقع أمازون العالمي وذلك من خلال تأسيسه شركة أميركية، معتبراً أنه الوحيد الذي عرض منتج بحريني على “أمازون”.

وبالعودة الإخفاق في بداية مشاوره في مجال الأعمال والتجارة، شرع فخرو في إدخال فكرة جديدة، وهي “مراكز الأعمال المتكاملة”، والتي اعتبرت حينها تطور كبير أدخله في مجال مراكز الأعمال التي توفر مكاتب جاهزة وبجميع خدماتها لأصحاب الشركات. البلاد التقت فخرو الابن، وحاولت سبر قصته مع الابتكارات والمغامرة في الاعمال، فإلى نص اللقاء:

كونك من عائلة فخرو، وهي اسم كبير في الأعمال بالبحرين، كيف أثر ذلك على انطلاقتك؟

تركت البحرين وكان عمري 15 سنة، واخترت أن أذهب لمدرسة داخلية في لبنان؛ لأني كنت حينها ما يصطلح تسميته محليا “شوي شيطان”، ثم التحقت بجامعة بيروت في تخصص تسويق، لاستكمل الدراسة في الولايات المتحدة في مجال التسويق والأعمال وكذلك تقنية المعلومات.

الوالد وزير تربية والصحة سابقا وهو أول طبيب قلب في البحرين إلى جانب توليه مهام دبلوماسية بالسفارات في عدد من الدول، فهو لم يكن صاحب أعمال، لكنه ساندني.

 

إذن متى بدأت نشاطك في مجال الأعمال؟

بعد أن أنهيت الدراسة الجامعية، وكنت في العشرين من العمر، وقدمت إلى البحرين مباشرة، وأسست أول شركة مع صديقي، وكانت شركة تسويق، بعدها شركة متخصصة في مجال تقنية المعلومات، وأتذكر أن ذلك كان في العام 2001. أعتقد أننا تعلمنا دروسا صعبة بعد أن فشلنا في المشروعين.

 

ألم تفكر بالانخراط في عمل ما بإحدى المؤسسات قبل التفكير بتأسيس شركة في مقتبل حياتك؟

كانت العائلة تريد مني العمل في بنك أو شركة؛ لكي أكتسب خبرة، ولكن كنت أعرف أنى إذا انخرطت في مثل هذا العمل يعني أنني قد استمر في الوظيفة، ولن أمارس النشاط الحر أو تأسيس شركة خاصة. وكما ذكرت لك، فأنا متمرد، إذ لم يستطيعوا إخضاعي عن ممارسة ما أؤمن به أثناء المدرسة، ولا أقبل أن يملي علي أحد ما أفعله. كنت أرفض أن أكون موظف في شركة من الأساس، لا أحب الاستيقاظ مبكرا ولا أحب أن ألتزم بدوام أو أوامر معينة. أحب أن أشعر بالحرية.

 

لماذا فشلت الشركتان؟

وقعنا في أخطاء، حينما كنا شباب شغوفين بطموح عال، نريد أن تتوسع الشركتان بسرعة، وظفنا أكثر مما ينبغي وبدأنا بحجم أكبر مما هو مطلوب، وهذا سبب تراكم في الالتزامات المالية في بداية المشوار، حيث بدأنا حينها بعشرة آلاف دينار، وانتهى المبلغ خلال 6 أشهر فقط.

هل توقفت بعدها؟

لا، وجدت حينها فرصة في قطاع الاتصالات، وفتحت شركة في مجال الاستشارات التي تتعلق بالاتصالات في الدوحة في العام 2003، حيث كانت الدوحة وقتها في بداية مرحلة الانتفاخ الاقتصادي، وكانت الشركة تنمو. وكما تعلم، فإن عائلة فخرو لها تواجد في البحرين وقطر، هناك أحد التجار المعروفين وهو يوسف بن جاسم الدرويش، من أكبر تجار قطر، قدم لي المساعدة، وأعتبره مدرستي وهو أستاذي في مجال الأعمال، وهو من غير حياتي. كان رجل عصامي، بدأ عمله من المخازن قبل أن يصبح ذا شأن كبير، وهو ما غير وجهة نظري عن كبار رجال الأعمال، كنت أعتقد أن هناك من يدير العمل لهم، لكنني وجدته ملما بكل شيء.

 

هل حققت شركتك في الدوحة نجاحاً؟

نعم، كنت أعرف الأخطاء التي وقعت فيها، بدأنا بفريق عمل صغير، وكنا محددي الأهداف التي نريدها ونعلم تماما ما نريده. وتمكنا من الحصول على مشاريع جيدة من “كيوتل” حينها، حيث حصلنا على وكالة من إحدى الشركات الأميركية المتخصصة في الاتصالات. وأبرمنا صفقات كبيرة إحداها بنحو 60 مليون دولار، لذلك حصلت على مبلغ محترم حينها، وبدأت الاستثمار في البورصة القطرية، والتي كانت في بدايتها، إذ كانت  الأسعار مناسبة، وهذه أول مرة في حياتي أضع أموالي في البورصة، وكانت هذه نصيحة من العم، وأنا بطبيعتي مغامر.

 

وكم مكثت ممارسا للأعمال في قطر؟

مكثت هناك نحو 5 سنوات، ولكن رجعت إلى البحرين حينما أردت الزواج في العام 2007.

 

ألم تكن لك استثمارات في البحرين؟

نعم، حين كنت أعمل في قطر، كنت استثمر بعض الأموال في مجال العقارات وغيرها، واشتريت طابقا في مبنى بالسيف لتأجير المكاتب أو ما يعرف بمركز أعمال (Business center).

 

وكيف كان أداء هذه الاستثمارات بالبحرين؟

عندما قمنا بتجهيز الطابق كمركز الأعمال، شرعنا في تأجير المكاتب ولبثنا قليلا قبل تداهمنا الأزمة المالية العالمية، كان التوقيت صعباً، فكان علينا التحرك بالسرعة، بعد خروج عدد من المستأجرين الأجانب.

راجعنا أسعار الإيجارات، وجعلناها تتناسب أكثر للتاجر البحريني في ظل الظروف القاسية.

كان هناك عدد من مراكز الأعمال، لكن أسعارها كانت مرتفعة، ولم تكن الخدمة مبسطة بأسعار شاملة لجميع الخدمات، لكنني قمت بإدخال الخدمات الشاملة في مركز الأعمال ليشمل جميع النفقات، فيكفي أن يستلم صاحب الشركة مفتاح المكتب فقط ليحصل على جميع المرافق والخدمات بما فيها خدمة المكتب أو السكرتيرة، كنت أول من فعل ذلك، والجميع نسخ التجربة. لم يكن هذا المفهوم موجودا. مع وجود الطلب قمت بتوسعة مركز الأعمال، وإضافة طابق آخر في المبنى.

 

ما قصتك مع الاختراعات؟

عندما استقر بي المقام قليلاً، وجدت متسعا من الوقت لعمل بعض الاختراعات، اخترعت مغسلة للوضوء، وبدأت الفكرة حين كان ظهري يؤملني، وكنت أرغب في الوضوء، ولم أستطع رفع رجلي، ومن هنا بدأت فكرة صناعة مغسلة خاصة بالوضوء لكبار السن أو من يعانون مشكلات صحية. وقمت بتصنيع المنتج في سلطنة عمان، ثم توزيعه على نحو 50 مسجدا ودارا للعجزة وغيرها، ولكن كانت هناك صعوبات من ناحية التعامل مع البيروقراطية.

وماذا بعد ذلك؟

دفعني التجربة الأولى إلى إعادة النظر والتفكير في السوق الأميركية التي تعتبر من أكبر الأسواق وأكثرها تقبلاً للابتكارات، فقمت بعمل اختراع ثان، وهو عربة أو سلة تسوق أو لحمل المعدات قابلة للطي تشبه المظلة، تتيح حمل 15 كيلوجراما، وتم تسجيل براءة اختراع.  قمت بصناعة  300 قطعة من المنتج، واستطعت تسويق بعضها، كما أرسلت عدد منها إلى من قام بتمويل الاختراع، إذ حصلت على التمويل عن طريق التمويل الجماعي Crowdfunding، كما قمت بتسويقه عبر موقع أمازون، وهو أول منتج بحريني يتم بيعه على موقع أمازون، إذ لا تقبل أمازون أميركا بيع منتج ما لم يكن لشخص أميركي أو شركة أميركية، لذلك قمت بتأسيس شركة أميركية لهذا الغرض. كما أن الاختراع واسمه puffie، هو الأول الذي يحصل على تمويل جماعي عن طريق الموقع العالمي Kickstarter، كما عرضت المنتج كذلك على شركة Ebay.

كيف دخلت السوق الأميركية الكبيرة في ظل حديث عن عدم استفادة البحرين منها؟

لم نستفد كما ينبغي كتجار بحرينيين من السوق الأميركية، هناك فرص كثيرة، لكن هناك تحديات في دخول هذه السوق بالنسبة لمكونات المنتج وغيرها.

 

وما توجهك الحالي بمجال الأعمال؟

أصبت بمرض السرطان ومكثت في المستشفى لمدة عامين في الولايات المتحدة، وأعتقد أنها تجربة غيرت من نظرتي للحياة، وعلى الإنسان ألا يتوقف عن العطاء، وأن يمنح وطنه شيئا، فالإنسان لا يعلم إلى متى سيمكث في هذه الحياة.

عندما رجعت إلى البحرين في العام 2015 وعدت نفسي أن أعمل أكثر في النشاط المتعلق بقطاع الأعمال ومساعدة رواد الأعمال والشباب، وعملنا على مشروع “ستارت آب بحرين”، والعمل في مشروعات “إنجاز”، والتعاون مع بنك البحرين للتنمية، إلى جانب وزارة العمل على المساعدة بتأسيس شركات ناشئة. كما استطعت أن أجلب شركة أميركية لتدريب عدد من طلاب البحرين على لغة متخصصة في البرمجة.

 

ما نصيحتك للشباب بشأن الأعمال؟

أنصح الشباب أن يمارس عملا يعرف تفاصيله ويفهمه تماما، كما يجب أن يبدأ بأقل تكاليف ممكنة، وأن تكون حساباته دقيقة.