+A
A-

دعوة لتسخير الثقافة والتعددية للتقارب بين الشعوب

استُهلت الجلسة النقاشية الثالثة من منتدى حوار المنامة مساء أمس بحديث مفتوح عن السلام بالشرق الأوسط، والتعددية، وإمكان تسخير الثقافة في التقارب ما بين الشعوب المختلفة.

واستضافت الندوة كلا من وزير الخارجية الهندي مبشر جاويد أكبر، ووزير الخارجية الياباني تارو كونو، والأمين العام بوزارة الشؤون الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي.

قيم واحدة

وأكد وزير الخارجية الهندي مبشر جاويد أكبر أن هناك كثيرا من الدول القريبة جغرافيا، لكن تفصلها مسافات في التقارب واللحمة، وعليه فلابد من تفسير هذه المسافة، وأضاف “هذه البلدان يجب أن تتشارك ذات القيم”.

وبين أن البشر أصبحوا حيوانات على الأرض، بقوله “نحن عالقون بوجود الاهتمامات الفردية بالمساحات فقط، وعليه لابد من إضافة الخارطة البحرية كأداة تسهم في التقريب بين البلدان والشعوب، ويمكن النظر في سياسة الهند الخارجية التي تقوم على التعددية والقيم والمصير المشترك، والقومية”.

وأردف أن “الشراكة التي نشأت بين الهند ودول الخليج أوجدت 9 ملايين هندي يعملون بها، وكثير يعملون بسلام دون اضطرابات كتلك التي حصلت بأوروبا قبل أعوام عدة، والتي نتجت عن إيجاد مخاوف من الهجرة، وفقدان الوظائف، ولكن الحقيقة أن الناس هنا تطورت من خلال الثقافة المشتركة والمقاربة الإسلامية المشتركة”.

بين الشعوب

وواصل “عندما نتحدث عن المقاربة التي تتعلق بالشعوب، في اليمن مثلا هناك جهود تبذل لتشكيل نوع من الحكومة، ولكن عندما نتشارك في ذلك ننسى أن اليمن أكبر من مجرد ممارسة حكومية، هم بحاجة ماسة للغذاء، والمأوى، والدواء، ونصف مليون منهم يعانون من سوء التغذية، لكننا لا نهتم بذلك، حتى نغير منظورنا للعالم”.

وأورد جاويد بسياق كلمته أن “التعددية هي واقع بكل فلسفة، وأنا كمسلم فخور أن خير مثال على التعددية هو نموذج المدينة في عهد الرسول (ص)، بوجود أماكن للعبادة، لكل الطوائف، وفي حال لم نقم بإعادة تأكيد التزامنا بالتعددية، من خلال نماذج المدينة، نكون قد خسرنا معركة الأدمغة والأذهان، الأمم أصبحت متساوية في الحقوق والواجبات نفسها، لكن قدراتنا مختلفة، ومتفاوتة”.

وتابع “نسعى لأن نقف مع دول الخليج في مواجهة التحديات الأمنية، ونهتم بأن نحافظ على المصالح المشتركة الخاصة بالعمال المهاجرين، ولذا نريد المشاركة بشكل فاعل بمكافحة الإرهاب، كالقرصنة البحرية، وتشكيل شراكات أمنية مع الخليج من خلال الاتفاقات والمعاهدات التي تم التوقيع عليها، ومكافحة الإرهاب ومكافحة المخدرات، وتبييض المعلومات والجرائم المعلوماتية والتي تتطور كثيرا”.

وواصل “أسهم تعاوننا الدفاعي من خلال المشاركة بالتمارين بالسعودية في أن نحقق الكثير من هذه الأهداف، فالهدف بنهاية المطاف تحقيق الأمن بالمنطقة، إيمانا منا بأن الازدهار هو الأساس التي تقوم عليه كل العلاقات الدبلوماسية”.

علاقات لوجستية

وفي السياق، أكد الأمين العام لوزارة شؤون الخارجية العمانية بدر بن حمد البوسعيدي أهمية النظر لحجم البنية الاقتصادية التي تتطور حاليا، بقوله “قبل 150 عاما بدأت سلطنة عمان تتوسع في علاقاتها التجارية مع دول العالم، وساعدت في بناء بنية تحتية ولوجستية مهمة للاتصالات ربطت ما بين أوروبا وآسيا، وبطريقة متواضعة بعض الشيء وبهدف هو وضع الاتصالات طويلة المدى بشكل فاعل”.

وقال “عمان كانت موجودة بهذا الرابط حينها، لكنها بشكل أنشط الآن، إذ جاءت المبادرة بشكل مختلف، وبنشاط يشارك بعملية رسم البنية التحتية لهذه المنظومة للقرن 21، وتشكل إحياء لدورنا في المنطقة، فالاستثمارات المتطورة بمجال النفط والطاقة ومجالات الصناعة الأخرى، والممرات الاقتصادية هي أمثلة على نظم التطور هذه، وهنالك تكثيف للنشاطات ذات الصلة. وعمان له شراكة مع إيران واوزباكستان في تطوير الممرات الدولية للشحن وغيرها. والملاحظ هو انضمام الهند التي عززت الترابط”.

وواصل “نحن متحمسون لتطوير مشاريع عملاقة كـ (جوادر) و(جبهار)، والذي سيساهم في تخفيض مدة الترانزيت، مما يعزز اتفاقية عشق اباد، واستفادة الجميع من هذا النجاح، ومن جميع مرافئ المنطقة”.

التجارة طريق للأمن

وقال البوسعيدي “إضافة إلى تطوير (الدقم) وميناء صلالة، نحن نعمل أيضا على عدد من المشاريع، فالمستثمرون الصينيون يهتمون بتعزيز قوة البنية التحتية التي تساهم بالدفع بالاقتصاد العماني قدما، وعلاقتنا مع الصين لا تكون على حساب الآخرين، بل على العكس نحن نحرص على علاقات جيدة مع الجميع”.

وأردف “العلاقات التجارية الجيدة تسهم في تطوير العلاقات الأمنية نفسها، ولدينا اهتمام في تعزيز الاستثمارات النفطية، وتعزيز الأمن الإقليمي بالمنطقة، وأكبر شبكة نقل بري وبحري تم بناؤها في التاريخ ستربط بين أوروبا وآسيا، ونحن نأمل أن نكون جزءا منها، مع أصدقائنا في المحيط الهادي، وآسيا تحديدا”.

أولوية السلام

وبمشاركة له، قال وزير خارجية اليابان تارو كونو، وهو أول وزير خارجية ياباني يشارك بحوار المنامة: “نعطي أولوية لعلاقاتنا مع شركائنا بالشرق الأوسط؛ لأن أهمية الاستقرار بالشرق الأوسط ضرورة لكل العالم، البعض منكم قد يتساءل عن أهمية مشاركة اليابان بالشرق الأوسط، أو قدرتها بالمشاركة بملفات الشرق الأوسط المعقدة، والواقع أن هناك بعض الأمور التي لا يستطيع أن يفعلها إلا اليابان، خصوصا أن اليابان دولة مسالمة عالميا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية ويمكنها أن تقدم الكثير من المشاركات بهذا السياق”.

وقال “نهتم كثيرا بالاستثمار في القدرات البشرية، وبالتحرك من خلال هذه المبادئ الأربعة التي نؤمن بها، منها التشجيع على التعايش، وتعزيز المساهمات الفكرية، والدفع بالمجتمعات لقبول التنوع، وعليه تستمر اليابان برفع مساهماتها بمجال التعليم، إذ دعونا الكثير من الأساتذة من العالم الإسلامي لليابان للتعرف على كيفية نهوضها بعد الحرب”.

وأكمل “كما أن لنا جهودا بجمع الأسلحة من العراق، مقابل توفير التعليم المهني والتدريب، وتقديم المساعدة لإعادة التأهيل للمساجين بالمغرب، وسنواصل مساعدة دول المنطقة بمحاربة تنظيم (داعش)، وبتوفير المساعدات الإغاثية للشعوب المتضررة، واليابان استطاعت أن توفر مؤخرا مساعدة إنسانية بقيمة 21 مليون دولار للشعب السوري؛ لتتجاوز مساعداتها 100 مليون دولار، إضافة إلى 300 مليون دولار للعراق وللشعوب النازحة”.

متغيرات اقتصادية

كما أكد الوزير الياباني أن “في ظل المتغيرات الاقتصادية فإن الإصلاحات الجادة والمدروسة أمر بالغ الأهمية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي نفسه، ومن هنا أود أن أشدد على أن أي جهود تبذل لتحقيق ذلك، ستكون اليابان سباقة بها، ونود أن نشارك بتكنولوجيا تحقيق العدالة الاجتماعية، وأن نعظم التعاون الاقتصادي مع الدول ذات المدخول العالي”.

وفيما يتعلق بالوضع الحالي لعملية السلام بالشرق الأوسط قال “ستستمر اليابان ببناء الثقة، وفي حل الدولتين بفلسطين، وهو أمر يجب التوصل إليه بناء على قرارات بين الأمم المتحدة والأطراف المتنازعة، وهو ما يتطلب تعاونا إقليميا واسع النطاق، ولي أن أشير إلى أن مشاريع اليابان في (اريحا) والتي مضى عليها 10 أعوام بدأت تؤتي ثمارها، حيث نعمل مع الأطراف ذات الصلة لتعزيز مخرجات المشروع، والترويج لمنتجاته الزراعية من خلال الأردن، ومنها لدول الخليج، وغيرها”.

وأنهى بالقول “كما نؤيد وبقوة تعدد الجهود السياسية التي ستسهم بتحقيق الاستقرار بالشرق الأوسط، وهو الأمر الذي يسمح لليابان للدفع بالتقدم نحو الاستقرار الإقليمي”.