+A
A-

“الخارجية”: يجب التفريق بين المطالبات الحقوقية وخرق القانون

أصدرت وزارة الخارجية امس تقريرًا تحت عنوان “الحماية القانونية لحقوق الإنسان، بين الإنجازات ومواجهة التحديات” للرد على جميع مزاعم منظمة العفو الدولية التي وردت في تقريرها بشأن وضع حقوق الإنسان في مملكة البحرين والذي تم نشره في سبتمبر الماضي، وتضمن تقرير منظمة العفو الدولية مزاعم وتفسيرات خاطئة لما أسمته “قمع المعارضة”.

وقالت وزارة الخارجية في تقريرها أنه كان الأولى بمنظمة العفو الدولية كمنظمة حقوقية بدلاً من أن تتبنى مزاعم وتفسيرات خاطئة مبنية على معلومات مغلوطة من مصادر مبهمة، أن تراجع الجهات المعنية بشأن هذه المعلومات، خاصة وأن المملكة أكدت مرارًا حرصها على التعاون مع والرد على المنظمات غير الحكومية، بل إنه مما يسيء إلى المنظمة أن يتبنى تقريرها أسلوبًا يبتعد عن الحرص الحقوقي الرصين، وينحصر في ادعاءات سلبية لا أساس لها من الصحة.

وأكد تقرير وزارة الخارجية على اعتزاز مملكة البحرين بسجلها الحقوقي في مجال حقوق الإنسان الذي يظهر بجلاء لكل منصف حرصها على حماية حقوق الإنسان من واقع نصوص دستورية وتشريعية تحمي هذه الحقوق، والتزامها بأغلب اتفاقيات حقوق الإنسان الأساسية من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية إلى اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، وتنعكس هذه الاتفاقيات على أرض الواقع في ممارسات يشهد بها القاصي والداني.

وقالت وزارة الخارجية إن مملكة البحرين تدرك عملية تشجيع احترام حقوق الإنسان وحمايتها عملية مستمرة لا تخلو من التحديات والصعوبات. لذا، تبذل مملكة البحرين قصارى جهدها على جميع المستويات لتعزيز وحماية حقوق الإنسان رغم كل التحديات، ومن بينها التدخل الخارجي في شؤون الدولة وسيادتها، وتعاظم المخاطر الطائفية المتطرفة والنزاعات الإقليمية والتعصب والإرهاب وانتهاك حق المواطنين والمقيمين في العيش بأمان، ومن بينهم ضباط الأمن الذين يستهدفون أثناء أداء واجبهم في حماية أرض الوطن. فتنتهك هذه الأعمال الإرهابية حق العيش في أمان وتعرقل الجهود المبذولة لضمان الاستقرار والتنمية الشاملة للجميع. فتسعى مملكة البحرين، وفقًا للقانون، لمواجهة هذه الأعمال ومعالجتها مع الحفاظ على حقوق الإنسان في الوقت ذاته، وذلك بتوفير آليات حماية وطنية تعمل على مراقبة احترام الأجهزة والمؤسسات الوطنية للقوانين دون المساس بالفرد في حقوقه الاجتماعية والسياسية والمدنية، فأصبحت هذه الآليات رقيبًا على تفعيل النصوص التشريعية والعمل على احترامها.

وأوضحت الوزارة في تقريرها أن المنظمات غير الحكومية الدولية، ومنها ما يشتغل بحقوق الإنسان، مطالبة بأن تُسهم بشكل إيجابي في بناء بيئة عالمية تؤدي إلى التنمية الشاملة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والحقوقية والصناعية ونقل التكنولوجيا والرعاية الصحية والاهتمام بالطفولة ودرء المخاطر البيئية وغيرها، لإنجاز التعاون الدولي وتحقيق المقاصد النبيلة لميثاق الأمم المتحدة.

كما أن الدور المتوقع للمنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان أن تعمل بحسن نية وبمصداقية معتمدة على جمع المعلومات بطريقة صحيحة وحيادية تاركة جانبًا الحراك السياسي المرتبط بالتدخلات العدائية لبعض الدول وما هو مرتبط بها من تنظيمات إرهابية، خاصة وأن هذه الدول والتنظيمات الإرهابية المرتبطة بها وارد ذكرها ضمن منظومة الأمم المتحدة، إضافة إلى الكثير من دول العالم. وهكذا يجب التفريق بين الحراك والمطالبات الحقوقية وبين خرق القانون الوطني وبث الكراهية ومحاولة تغليف الأعمال الإرهابية وواجهاتها السياسية بمسحة حقوقية هي بعيدة عنها كل البعد.

وذكرت منظمة العفو الدولية أن باحثين من المنظمة قاما بتقصي حالات انتهاك حقوق الإنسان المزعومة خلال الفترة من (يونيو 2016 – يونيو 2017)، ولم تذكر المنظمة منهجيتها في التحقق من مصداقية مصادرها، ومؤشرات الموضوعية التي اختطته لنفسها في قراءة تقارير إعلامية أو غيرها مما أشارت إليها بشكل غير محدد، وتحدثت في منهجيته عن قيام المنظمة بفحص معلومات قدمتها الجهات المختصة البحرينية وذلك من خلال مراسلات بين المنظمة والجهات الرسمية البحرينية، وتصريحات عامة صادرة عن السلطات، دون أن يحدد الجهات الصادرة عنها هذه التصريحات ومضمونها.

وبيّن تقرير وزارة الخارجية أن منظمة العفو الدولية قد سعت إلى جمع معلومات تتعلق بمزاعم حول خرق حقوق الإنسان، مؤكدة أن هناك قصورًا شديدًا في حصولها على معلومات ذات مصداقية، بعيدًا عن الحراك السياسي المرتبط بجهات متطرفة والذي ينجم عنها أعمال إرهابية.

وقالت الوزارة إنه من الملفت للنظر أن يشار إلى مقتل بعض المتظاهرين وعدم استخدام نفس الوصف لأفراد قوات الأمن، حيث تم وصف من فارق الحياة منهم “بالوفيات” مما يثير الانتباه، كما أنه من الضروري أن تقوم منظمة العفو الدولية بتوجيه مراسلاتها إلى وزارة الخارجية حيث إنها الجهة الرسمية المناط بها متابعة المواضيع المتعلقة بحقوق الإنسان ونقطة تلاقي جهود ومداخلات الجهات الرسمية البحرينية ذات الصلة.

وأشارت وزارة الخارجية في تقريرها إلى أن مساعد وزير الخارجية سعى منذ سبتمبر 2016 للاجتماع بالأمين العام لمنظمة العفو الدولية، وذلك لبناء قناة الاتصال بين وزارة الخارجية ومنظمة العفو الدولية إثر إناطة مهام هذا الملف بوزارة الخارجية منذ العام 2015، والاتصال والتعرف على فريق العمل المعني بمنطقة الخليج العربي والبحرين تحديدًا، بالإضافة إلى تقييم مسار التعاون بين الجانبين وسبل تطويره.

وفيما يتعلق بطلب منظمة العفو الدولية زيارة مملكة البحرين، قالت وزارة الخارجية إن ذلك جزء مهم من المواضيع التي ستُبحث في الاجتماع الذي طلبت عقده وزارة خارجية مملكة البحرين مع الأمين العام لمنظمة العفو الدولية منذ سبتمبر 2016.

وأما بالنسبة لتقديم الدعوة لمنظمات غير حكومية أخرى للزيارة فإن الأمر مقرر لمملكة البحرين فيما تراه مناسبًا لدعوة تلك المنظمات وفي الوقت المناسب. وأوضحت الوزارة على أن منهجية العمل التي التزمت بها منظمة العفو الدولية تحتاج إلى تعديل يؤسس لتعاون ذي مصداقية ينعكس بشكل إيجابي على تطوير وتعزيز حقوق الإنسان في مملكة البحرين.

وبالنسبة لتوصيات منظمة العفو الدولية بشأن حرية التعبير، والاحتجاز التعسفي، بيّنت وزارة الخارجية في تقريرها أن النيابة العامة بمملكة البحرين تقوم بمهامها في الدعوى الجنائية بموضوعية تامة وبتطبيق يتفق تمامًا مع ما نص عليه القانون، ومن ثم لا يتم إسناد اتهام لأحد بسبب ممارسته نشاطًا سياسيًّا مقررًا بحكم الدستور والقانون، إلا إذا وقعت منه جريمة مؤثمة صراحة بالقانون.

وأكدت الوزارة أنه بعد دراسة الوضع القانوني للسجناء الذين تم الإشارة إليهم في التقرير، تبين أنه قد تم إدانتهم بموجب أحكام قضائية نهائية في قضايا جنائية ليس لها علاقة بحقوق الإنسان وبعد محاكمة استوفت جميع المعايير الخاصة بالعدالة والشفافية. وأما بشأن ما تضمنته التوصية المذكورة “الكف فورًا عن مضايقة واستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان”، فإن التقرير قد تضمن عبارات عامة ومبهمة غير محددة الوقائع حتى يتسنى للوزارة الرد عليها، وأوضحت الوزارة بأنه قد تم توفير وسائل قانونية لضمان المساءلة الجنائية والتأديبية في حق كل من ينسب إليه ارتكاب وقائع تعذيب أو معاملة قاسية أو مهينة، فقد أكدت النيابة العامة بمملكة البحرين حرصها على مواجهة تلك الوقائع بما يتيحه لها القانون، وتصرفها فيها على المسؤولية الجنائية، بل تمتد إلى تحديد المسؤولية التأديبية، وهو ما يتم اتباعه حين ثبوت تلك المسؤولية في حق أحد من منتسبي الجهات الحكومية أيًا ما كانت درجته الوظيفية أو رتبته، وبناء على ذلك أحالت وحدة التحقيق الخاصة العديد من الحالات إلى الهيئة أو الدائرة الحكومية المختصة لمحاكمة من ثبتت مسؤوليته الناشئة عن التجاوز أو التقصير تأديبيًّا، وذلك بالإضافة إلى ما تحيله إلى المحاكم الجنائية المختصة في ضوء قيام المسؤولية الجنائية.

أما فيما يخص إغلاق صحيفة الوسط، فقد أوضح تقرير وزارة الخارجية بأن الإجراءات القانونية بوقف إصدار وتداول صحيفة الوسط في يونيو 2017 جاءت نتيجة لتكرار تجاوزاتها ومخالفتها لقانون الصحافة والطباعة والنشر لسنة 2002 والمواثيق الصحفية والإعلامية الوطنية والدولية، بعد تورطها في بث الشائعات والأخبار والتقارير المغلوطة المثيرة للفرقة داخل المجتمع، ومن شأنها التحريض على الكراهية الطائفية والعنصرية والإساءة إلى علاقات المملكة مع الدول الشقيقة والصديقة، وخدمة التنظيمات المتطرفة في ظل ما تواجهه المملكة من أعمال عنف وإرهاب.