+A
A-

الطالبة الأم تصارع الإنذارات لتبقى بالجامعة

على عتبات العلم سواعد ما انفكت تكافح لتثبت وجودها في هذا العالم وقلوب هفت نحو الأمومة أو الأبوة، فكان تحدي الطموح والعاطفة لإثبات الذات. هنا.. في أروقة جامعة البحرين، طلبة أمهات، آباء، يحفرون أسطر مستقبلهم على صخور التحدي، بين أطفال يبتغون اهتماما وحنانا ومتطلبات لا متناهية للوصول لطموحِ لطالما داعب أجفانهم. التقينا فئة من هؤلاء وتناولنا آراء بعض المختصين، فكان التحقيق التالي:

تصف زينب إبراهيم (كلية الآداب - ماجستر لغات تطبيقية) - التي اختارت مواصلة الدراسات العليا بعد الزواج- رحلة الدراسة بعد الزواج والإنجاب بالمغامرة اللامنتهية التي تحمل بين طياتها تجارب تصقل الشخص وتجعله أقوى.

وتؤكد أن التجربة الطالبة الأم مختلفة تماما على الرغم من المسؤوليات الكبيرة والمتزايدة، إلا أنه وفي نهاية المطاف لا يوجد أجمل من مشاركة الأم فرحة نجاحها مع عائلتها وأطفالها، ففي النهاية ستكون هذه ذكريات لا تنسى.

تتفق معها خديجة جعفر (كلية الآداب - لغة انجليزية)، فتقول أنها قد اعتادت الوضع منذ البداية، فمع تزايد عدد الأطفال تزايدت رغبتها في تحدي الواقع وتجاوز العراقيل، حيث اعتادت تنظيم وقتها لتلبي احتياجات الطرفين.

كما أكدت أن تنامي المسؤوليات لا يحد طموحها، فهي وفي المستقبل تفكر في مواصلة دراساتها العليا.

دوام كامل

وتختلف معهما زينب يوسف (كلية الهندسة) التي ترى أن مهمة الطالبة الأم مهمة مستحيلة، ترهق المرأة نفسيا وعقليا و جسديا، ففهي نهاية اليوم وعندما تغادر الطالبة الحرم الجامعي تجد نفسها بين مسؤولية طفل يحتاج اهتماما، وزوجا متطلبا، علاوة على المهام والواجبات والاختبارات التي تحتاج إعدادًا مسبقاً وبشكل جيد.

كل ذلك يعرقل مسيرة هذه الطالبة، ولا نستغرب إن رأينا تلك الطالبة الأم تنسحب من مقاعد الدراسة لتكون أما بداوم كامل.

نوبات بكاء

وتوافقها في الرأي س.إ (كلية العلوم) التي لطالما رفضت الارتباط إلا أنها رضخت في النهاية للضغوط، فتزوجت وأنجبت وعانت أقسى الأمرَّين، ففي مرات كثيرة ترى نفسها عاجزة وتبدأ في نوبات البكاء نتيجة عجزها عن الموازنة بين مسؤولياتها كأم وواجباتها كطالبة علم.

شريك متعاون

ومن ناحية أخرى، ترى فاطمة علي (كلية تقنية المعلومات) أن الدراسة لا تشكل حاجزا كبيرا خاصة مع تواجد زوج متعاون، فبالنسبة لها وكون زوجها خريج من التخصص نفسه والجامعة ذاتها ترى أن الموضوع سهل، ويتطلب مرونة، وشريكا داعما يشاركها مسؤوليات أطفالهما.

أمٌ طموحة

كذلك هنادي الشيخ طالبة في (كلية الآداب – سياحة) صاحبة حساب uob youth الطلابي تؤكد أن الأمر ممكن خاصة مع وجود أم طموحة، إلا أنه يتوجب عليها الموازنة بين المسؤوليات، إلا أنه – وللأسف – في معظم الأحيان ترجح كفة أمر على آخر، لكنها تعود وتؤكد أنه مع وجود الصبر، التحمل والإصرار على النجاح تصل الأم الطالبة إلى ما تصبو اليه.

ومن منبثق آخر ترى نور محمد (كلية الحقوق) أنه ونظرا إلى طبيعة التخصص ومتطلباته، فإنها قد قامت بتأجيل موضوع الإنجاب حتى سنتها الأخيرة في الجامعة لتتفرغ فيما بعد لإنشاء طفل يُحاط باهتمام الأم ورعايتها، فهي ومنذ بداية زواجها قد اتفقت مع زوجها على إنجاب طفلهم الأول في الفصل الدراسي الأخير لها على مقاعد الدراسة.

أما زينب حسن (كلية الآداب – إعلام)، فهي قد أجلت موضوع الإنجاب حتى استكمال دراستها، خصوصا وأنها ترى أن التوفيق بين الأمرين مهمة مستحيلة قد تنهي مستقبلها الدراسي وتوأد أحلامها في مهدها.

صراع الإنذارات

وترى مريم عبدالله (كلية إدار الأعمال) أنه وبعد إنجاب طفلها الثاني قد أعادت النظر في الموضوع، فبعد أن كانت محايدة أصبحت تعارض زواج الطالبة خاصة أنها وقد مرت بتجربتين أنهكتا معدلها التراكمي وجعلها تصارع الإنذارات؛ لتبقى في الجامعة وتصل إلى عتبات التخرج.

رفضٍ قاطع

أما بالنسبة لطاهرة محمد (كلية التربية – الرياضة)، فقد عبرت عن رفضها وتحدثت عن معاناتها التي أدت إلى فقد طفلها الأول، فبسبب الإرهاق وصعوبة الموازنة بين الحياة الشخصية ومتطلبات الدراسة، فقدت جنينها الأول؛ الأمر الذي أدى إلى مرورها بأزمة نفسية أدت إلى انخفاض معدلها الدراسي.

مرونة الهيئات

وتخالفها الرأي نوراء عبدالزهراء (كلية التعليم التطبيقي) التي تؤكد سهولة الموضوع بالنسبة لها، خاصة مع مرونة هيئة التدريس وتعاون زملائها؛ الأمر الذي دفعها لمواصلة مسيرتها الدراسية بعد إنجاب توأمها.

أما بالنسبة لأماني سلمان (كلية الأداب – إسلاميات) التي ارتبطت في سنتها الدراسية الأولى، وهي مؤمنة كل الإيمان بقدرتها على الموزانة بين مسؤولياتها كأم لأطفالها وطالبة طموحة تسعى لإثبات ذاتها؛ لذلك فهي تخطط لإنجاب طفلها الأول خلال سنوات دراستها في الجامعة.

مقاعد الدراسة

وفي الطرف الآخر، آباء مازالوا على مقاعد الدراسة يخطون مستقبل أبنائهم بأحلامهم، محمود الحايكي (موظف في جامعة البحرين – طالب إعلام) يدعم الأم الطالبة، حيث يرى أن المرأة البحرينية تمتلك عزما لا يُقهر وطموحا يعانق عنان السحاب، فصحيح أن الدرب يشوبه الشوك إلا أنه ومع وجود أشخاص داعمين ومساندين سيكون الدرب مفروشاً بالورد.

ويقول “يكفينا أن نرى في نهاية الدرب تلك الخريجة التي تشارك عائلتها فرحتها وكأنها قد حصدت نجمة من السماء الشاهقة، فهنيئا لمن اختارت الكفاح والطريق الصعب لتثبت أنها باستطاعتها بلوع مبتغاها.

جديرة بالتوثيق

ومن زاوية أكاديمية يرى دكتور علم النفس (م.م) أن تجربة الأم الطالبة تجربة جديرة بالتوثيق؛ نظرا لصعوبتها ووجود جملة من التحديات التي تنهك الطالبة نفسيا و جسديا، فالأم عندما تعود من المنزل تقوم بسلسلة من المهام اللامنتهية لإنشاء جيل الغد وعندما تلتحق بركب الدراسة، فهي تقدم تضحية كبيرة متمثلة بالوقت الذي تقضيه مع أطفالها الذين هم في أمس الحاجة لها خلال المراحل المبكرة من حياتهم. فتحية للأم الطالبة الجديرة بكل الاحترام. كذلك ترى دكتورة علم الاجتماع (س.ك) أن وجود زوج متعاون ومتفاهم يعزز من فرص الطالبات الأمهات في نيل شهاداتهن، كذلك أثارت نقطة مهمة متمثلة في وجود اختصاصية نفسية لمساعدة الطالبات الامهات اللاتي قد يعانين كبوات نفسية قد تثبط من عزيمتهن، وتؤثر على أدائهن الأكاديمي وعلاقتهن مع أطفالهن.

الخاتمة

وفي الختام، فإن قارئ الآراء السابقة يرى أن هنالك تفاوتا في وجهات النظر فيما يختص بوضع الأم الطالبة وقدرتها على الموازنة بين مسؤولياتها الأكاديمية وواجباتها كأم.

في الواقع، صعوبة التوفيق بين الدراسة وواجبات الأمومة أمر قد يكون واضحا للعيان، إلا أنه وبوجود أطراف مرنة ومتعاونة في مسيرة الأم الطالبة قد يعبد لها الطريق المليء بالعراقيل والأزمات.

لذا، قد يكون أمر جيد أن ندعم هذه الفئة من الطالبات بلفتة بسيط بابتسامة أو مساعدة قد تزيح عن كاهلها الكثير والكثير من الهموم.