+A
A-

وزير الداخلية: إحباط محاولات اغتيال عدد من المسؤولين والشخصيات العامة

 في إطار استراتيجية الشراكة المجتمعية وتعزيزا للتواصل مع الهيئات الوطنية الرسمية والشعبية، التقى وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة نخبة من أبناء الوطن، ضمت أصحاب الفضيلة علماء الدين وأعضاء من مجلسي النواب والشورى، ورؤساء الجامعات والمعاهد ومديري المدارس وممثلين عن مؤسسات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام ورؤساء تحرير الصحف والصحافيين، وجمع من رجال الأعمال والمحامين والأطباء وأصحاب المجالس والوجهاء ورؤساء الأندية الرياضية والمراكز والجمعيات الشبابية وفي بداية اللقاء.

وألقى وزير الداخلية كلمة، هذا نصها:

يطيب لي بداية، أن أرحب بكم جميعاً، وأن أشكركم على تلبية الدعوة لحضور هذا اللقاء الذي يأتي في إطار الشراكة الأمنية. اليوم المؤشرات العامة تبين الاستقرار ولله الحمد في الموقف الأمني، ولكن أردت إطلاعكم على بعض المعلومات المهمة التي تمس الأمن العام في مملكة البحرين، تحقيقاً لمبدأ الشفافية والشراكة المجتمعية التي نحرص جميعاً على إدامتها لما فيه مصلحة الوطن وأمنه. ونستعرض معكم بعض العمليات الإرهابية النوعية عام 2017 وقد اخترت أربع عمليات رئيسة، بداية من عملية الهروب من سجن جو والتي نتج عنها استهداف لرجال الشرطة واستشهاد الشرطي عبدالسلام سيف، والعملية الأخرى كانت في فبراير واستشهد فيها الملازم أول هشام الحمادي.

وفي يونيو تم استهداف دورية أمنية في منطقة الدراز والتي على إثرها استشهد الشرطي عبدالصمد حاجي وأصيب عدد من رجال الأمن. وفي أكتوبر تعرضت حافلة لأفراد قوات حفظ النظام على شارع الشيخ خليفة بن سلمان لاستهداف، نجم عنه استشهاد الشرطي سلمان وإصابة عدد من أفراد قوة حفظ النظام، وكانت هناك عمليات أخرى في نفس الفترة لم نتطرق لها. وعلى إثر هذا التطور في الموقف الأمني، عملنا على تكثيف الجهود وتنسيق العمل من أجل مواجهة ذلك التصعيد الأمني، وكسب زمام المبادرة في الميدان، فقد باشرنا في عملية جمع معلومات شاملة عن العناصر والتنظيمات التي تنشط في الساحة الأمنية بالتنسيق مع جهاز الأمن الوطني وباقي أجهزة المعلومات الأمنية ومصادرها واستمرت هذه العملية فترة من الوقت، تخللها حدوث بعض العمليات الإرهابية، مثل عملية تفجير أنبوب النفط عند قرية بوري في شهر نوفمبر.

ومن خلال مراقبة تطور الموقف ونتيجة للعمل المكثف والمستمر، تبين لنا أن الخلايا الإرهابية، كانت مسؤولة عن تخزين الأسلحة والتجهيزات التي تدخل في صناعة المتفجرات، ونقل وتوزيع العبوات والأموال، وهذه المغلفات التي أعرضها أمامكم، كانت تحتوي على مبلغ مقداره (50) دينار، وللأسف لم تكن مكافآت للشرطة بل مكافآت للقتل وتبين كم أن قتل النفس رخيص، حيث كانت هذه مكافأة للإرهاب والتخريب، وأن هذه الخلايا تمت إدارتها من العناصر الموجودة في إيران وأنها تقوم بالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني والحشد الشعبي في العراق وحزب الله في لبنان، من أجل تدريب هذه العناصر، وهذا أمر سبق أن أوضحناه، ولا يزال مستمرا. ولكن أود أن أبين أن هؤلاء الأشخاص لن نتركهم يعملوا بدون حساب، وإذا كانت الدول التي يقيمون فيها، لا تتعاون مع منظمة الإنتربول ولا تلتزم بنشراتها الحمراء، ولا عن طريق التنسيق الثنائي المباشر، لذا فإن هذه الفئة، لا حقوق مدنية لهم عندنا، ولا وجود أو امتداد لهم بيننا، وهذا ما سنعمل عليه ونتأكد من تنفيذه. وبعد هذا الجهد المكثف، تمكنا ولله الحمد، من تحديد الأهداف وتصنيف خطورتها، وعلى أثر ذلك قمنا بتنفيذ خطة أمنية لاستهداف مصادر الخطر والتهديد للأمن الداخلي والتي كانت موجودة على الخارطة الأمنية، لتكون هذه العملية من أهم العمليات الوقائية التي تم تنفيذها طوال الفترة الماضية، ومن أهم النتائج التي تم تحقيقها:

أولاً : القبض على (47) عنصرا إرهابيا من العناصر الرئيسة والذي ينتمي أغلبهم إلى ثلاث تنظيمات هي ( سرايا الأشتر الإرهابية، سرايا المقاومة الشعبية الإرهابية، وسرايا المختار الإرهابية ) وهذه الجماعات الإرهابية بدأ العالم بتصنيفهم ومن ينتمي إليهم كإرهابيين، بعدما تأكد للعالم ارتكابهم الأفعال الإرهابية.

ثانياً : إحباط عدد من الجرائم التي كان الإرهابيون ينوون تنفيذها ومنها الشروع في عملية اغتيال عدد من المسؤولين والشخصيات العامة، استهداف رجال الأمن من ضباط وأفراد، حرق وتدمير المنشآت النفطية بهدف ضرب الاقتصاد الوطني، التخطيط لتنفيذ عمليات تخريبية خلال فترة الاحتفالات بالأعياد الوطنية. ثالثاً: القبض على عدد من المطلوبين الخطرين في جرائم إرهابية تم تنفيذها في مراحل سابقة. وقد تم تنفيذ (105) مهمات أمنية، شملت تفتيش (42) موقعا ومستودعا من خلال عمليات القبض، تم إحالة 290 مطلوبا ومشتبها إلى النيابة العامة، إضافة إلى العثور على كميات من الأسلحة والمعدات والتجهيزات والمواد المتفجرة، وسوف تقوم النيابة العامة بإعلان نتائج التحقيق. رابعاً :التعرف على نوايا الإرهابيين وقدراتهم ومصادر تدريبهم وأماكن عملهم. خامساً : تكامل المعلومات الاستخباراتية عن حجم التنظيم والمتورطين فيه بالداخل والخارج. سادساً : متابعة عملية القبض على باقي المطلوبين. الحضور الكريم : إن مهمتنا الأمنية، لا تنتهي بالقبض على تنظيم إرهابي وعدد من المخالفين للقانون، فمهمتنا الأمنية شاملة، والهدف منها أن يسود الأمن والاستقرار، كل أنحاء البلاد، وأن تكون نظرتنا الأمنية شاملة والوقوف على أهم الأسباب والدوافع التي تؤثر على الوضع الأمني بشكل عام. ومن الأمور الأساسية التي أود التركيز عليها، نظراً لعلاقتها المباشرة بأمننا واستقرارنا، هو موضوع الهوية الوطنية، حيث أن هويتنا البحرينية، تأثرت بعد أحداث 2011 وما تلاها من تداعيات، تركت أثرها على العلاقات الاجتماعية، ومما لا شك فيه أن الجهود التي بذلت من أجل استيعاب الجميع واحتواء الوضع منذ ذلك الوقت، أصبحت جليّة وواضحة، حيث قاد هذه الجهود سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، حفظه الله ورعاه، من خلال حرصه على التواصل مع الناس في العديد من المناسبات الوطنية، إضافة إلى الالتقاء بوجهاء المحافظات والأهالي، وتكريم المتفوقين في شتى المجالات، كما حرص صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، وصاحب السمو الملكي ولي العهد، نائب القائد الأعلى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، حفظهما الله، على التواصل مع الجميع من خلال مجالسهم الأسبوعية التي تأتي في إطار التواصل والشراكة مع المواطنين، إضافة إلى ما تشكله الزيارات الميدانية للإخوة الوزراء والمسؤولين، من فرصة للاطلاع على الأوضاع وتلبية الاحتياجات في مجال الرعاية والخدمات، ولكن أريد أن ألفت الانتباه إلى أمر مهم، ففي أكثر من مناسبة، صرح سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، حفظه الله ورعاه، بأن نهجنا، نهج الوسطية والاعتدال، ومفهومي لهذا التوجيه الكريم من لدن جلالته، أنها دعوة من جلالة الملك المفدى لتحرير الناس من عزلة الطائفية وخندق التطرف إلى فضاء الوطنية، إنها دعوة للإيجابية والتفاؤل والأمل، وهي دعوة المحبة الأبوية الكريمة. وإن تحقيق هذا الهدف الوطني، يتطلب منا مواجهة التطرف والطائفية والكراهية. ودعوني، أذكر بما سبق أن قلته، قبل أكثر من عشر سنوات، بأن أول توجيه استلمته من جلالة الملك المفدى، حفظه الله ورعاه، كان (تذكر أنك لخدمة الجميع) أي جميع الناس بدون استثناء. وكنت أتساءل بعد سماعي لهذا التوجيه.. لماذا قال جلالته ذلك وما هو القصد منه؟ وقد أدركت أن جلالة الملك المفدى، حفظه الله ورعاه، يريد أن ينعم الجميع بالأمن والاستقرار، وأن يجنب شعبه الألم والمعاناة.

ولو استعرضنا البرنامج الإصلاحي لجلالة الملك المفدى، حفظه الله ورعاه، لوجدنا أنه أكبر مشروع وطني، أقر فيه الميثاق ووضع الدستور وتشكل المجلس الوطني بشقيه النواب والشورى، وصدرت قوانين وأنظمة، ولم نجد في هذا الإنجاز الكبير، كلمة واحدة تفرق بين مواطن وآخر. ولكن دعوني أوجه هذا السؤال: كيف تريدون البحرين في المستقبل لأبنائكم ؟ هل تريدون بحرين 2011 ؟ وهل نريد لأولادنا أن يعيشوا في اختلاف؟ نحن، والحمد لله، نشأنا في وطن تسوده المحبة والاحترام، وباختصار، نحن واجب علينا، أن نحافظ على الأمانة التي استلمناها.  ولكن الشيء الذي أود التركيز عليه أيضاً هو خطورة استهداف وطنيتنا البحرينية، ومن الأمور التي تؤثر على هويتنا الوطنية، هناك تربية عقائدية خاطئة ونهج تحريضي، وإعلام خارجي موجه، وسلوك انعزالي، يرفض الاندماج، ويسعى إلى تكوين مجتمعات مغلقة، وهذا يقودنا لأن تكون لدينا استراتيجية لتعزيز الانتماء الوطني. فالنهج التحريضي من الأمور التي لابد أن لا تتكرر وهي وتيرة التحريضات التي كانت تتم، إما من خلال منابر سياسية أو دينية أو إعلامية، وكان لها تأثير سلبي على الهوية والروح الوطنية، وهذا أمر لا بد من ملاحظته وضبطه من خلال القوانين والأنظمة والروح الوطنية المسؤولة، أما بالنسبة للتربية العقائدية الخاطئة، فإن تربية المنزل وتربية النشء بالمدارس والتي أود أن أوجه الشكر إلى وزير التربية والتعليم على تنفيذ برنامج التربية الوطنية والذي أرى أنه لابد أن يأخذ الأهمية المطلوبة والجدية في تحقيق الأهداف المرجوة منه، ومن المهم جدا أن نركز على هذا الموضوع، وألا يكون أمرا جانبيا بل أمرا أساسيا في نهج التعليم، وفي رأيي فإن أهم ما في الأمر هو المدرسين والمدرسات الذين يؤدون هذه المهمة، فبقدر ما يكونوا مؤمنين برسالتهم الوطنية، بقدر ما سيكونوا قادرين على توصيلها إلى الناشئة.

لذا فإنني أيها الأخوة والأخوات، أتقدم بمبادرة شاملة للانتماء الوطني ترتكز على خمسة عناصر (التشريعات والأنظمة- المناهج والمقررات-المطبوعات- حملات العلاقات العامة - وبرامج الانتماء) وأتطلع أن يتم إنجاز هذا المشروع الوطني من خلال مشاركتكم، وسنطلب من البعض ليكون من ضمن اللجنة التي تعمل على وضع التفاصيل التنفيذية للدراسة ليتم رفعها إلى الحكومة الموقرة. والأمر الآخر يسعدني أن أعلن بهذه المناسبة عن جائزة سنوية من وزارة الداخلية لأفضل عمل لتعزيز الولاء والمواطنة وترسيخ قيم الوطنية والانتماء، وسوف نعلن عن تفاصيلها فيما بعد. والله أسأل أن يوفقنا بما يسهم في تأكيد الهوية الوطنية والانتماء الوطني وتعزيز المواطنة والتي هي قضية حيوية تبرز أهميتها من كونها أحد الأركان الأساسية اللازمة لبناء الدولة الوطنية الحديثة التي تعد أحد الأهداف الرئيسية التي سعى إلى تحقيقها المشروع الإصلاحي لسيدي حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المفدى حفظه الله ورعاه. الحضور الكريم، لا أجد أثقل على صدر المرء من فقدان رجال يضحون بأرواحهم من أجل الوطن إلا فقدان الوطن، ولن نسمح بذلك بعون الله. وإن التضحيات التي قدمها رجال الأمن، مكنتنا من مواجهة الموقف من أجل أن تظهر الحقيقة، وتحملنا حتى يكون الوضع تحت السيطرة، وليكون قابلاً للإصلاح. وأن مكافأة هذه التضحيات التي بذلت من أجل المحافظة على مكتسباتنا الوطنية أن تظل البحرين وطنا للتآخي والمحبة. فبناء الوطنية، يتطلب قلوبا كبيرة، تعلو على الطائفية والتطرف وتستوعب الجميع. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

من جهتهم، عبر الحضور عن الشكر والتقدير للوزير على حرصه على التواصل مع أبناء المجتمع، واطلاعهم على كافة الأوضاع الأمنية والترتيبات والإجراءات التي تنتهجها الوزارة في التطوير والتحديث لبناء المنظومة الأمنية المتكاملة، مشيدين بجهود رجال الأمن وتضحياتهم من أجل الحفاظ على سلامة الجميع وصون المكتسبات الوطنية.