+A
A-

دراسة أكاديمية للباحث إيهاب عدوان: البحرين تتصدر دولا بقياس نضج استخدام التكنولوجيا في البناء

قدم الأستاذ المساعد بكلية تقنية المعلومات بجامعة البحرين إيهاب عدوان، رسالة الدكتوراه بعنوان: نضج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (SMEs) لقطاع البناء والتشييد البحريني: من منظور البنى المؤسسية (EA).

وأكدت نتائج رسالة الدكتوراه قياس نضج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لمؤسسات قطاع البناء والتشييد البحريني في ضوء اختلاف بيئات العمل الداخلية لتلك المؤسسات من حيث عدد ونوعية ومهمة الاهداف الاستراتيجية ووحدات الأعمال والأفراد والإجراءات والوظائف والخدمات بمختلف مؤسسات مملكة البحرين ذات العلاقة، من خلال حساب مستويات النضج عالميا والتي سبق الحصول عليها من خلال تحليل نتائج 68 دراسة إحصائية أجريت في 17 دولة واتبع فيها الأسلوب الإحصائي ميتا انليسز (meta-analysis approach).

35 مجموعة

وأكد أن الدراسة تمكنت من تحليل وتصنيف 35 مجموعة من التطبيقات المستخدمة عالميا والتي صنفت بناءً على خصائصها الوظيفية، وأكدت أن قطاع البناء والتشييد في مملكة البحرين حقق ما نسبته 64.9 % في التواجد، وتعد نسبة مرتفعة إذا ما قورنت بغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي كالمملكة العربية السعودية على سبيل المثال التي بلغت نسبة 2.4 %، والمملكة الاردنية الهاشمية بنسبة 2.4 % والجمهورية التركية بنسبة 15.6 %.

وأضاف أن الدراسة خلصت إلى أن متوسط الاستخدام للتطبيقات في كامل القطاع حقق نسبة 31.6 % تبعا لكل أهداف العمل الاستراتيجية والوحدات والأفراد والوظائف والإجراءات والخدمات والكيانات الوظيفية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، الأمر الذي يعد نسبة منخفضة نسبيًا ترجع إلى قدر من سوء الاستغلال والتوزيع لتطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في ذلك القطاع على المستوى المحلي.

وأضاف أن الدراسة العلمية عملت على تطوير نموذج موحد ومرجعي للبيئة الداخلية لقطاع البناء والتشييد في البحرين ويتكون على وجه الدقة من 6 أهداف عمل استراتيجية و15 - 20 وحدة عمل وأفراد و6 وظائف عمل و10 عمليات عمل و4 خدمات عمل فضلا عن 3 كيانات وظيفية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، الى جانب رصد 38 تطبيق منفرد متوفر في قطاع البناء والتشييد في مملكة البحرين والتي أمكن تصنيفهم الى 11 مجموعة بناءً على خصائصهم الوظيفية، ناهيك عن تمكن الدراسة إلى الاعتماد على النموذج المطور من حساب مستويات نضج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بطريقة التتبع والاستخدام من حساب مستويات النضج محليا وبطريقة التواجد من حساب مستويات النضج عالميا، واستخدام طريقة التتبع من إنتاج مصفوفة صورية للعلاقة بين التطبيقات وأماكن استغلالها في المؤسسات بناء على أهداف العمل الاستراتيجية ووحدات وأفراد ووظائف وإجراءات وخدمات الأعمال وكيانات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الخاصة بكل مؤسسة على حدة وفي مجمل القطاع.

قصور

وبدا واضحا القصور في استغلال بعض التطبيقات مفردة أو مركزية في بعض الوحدات أو عدم الحاجة لها في أماكن أخرى أو ضرورة شراء خوادم ونسخ شبكية وتوزيعها على الوحدات المعنية لتقليل التكلفة.

هذا واستخلص الباحث فكرة الدراسة ونشأتها من رصد جملة من السلبيات في عدد من مؤسسات البناء والتشييد الرفيعة في مملكة البحرين ذات العلاقة المباشرة بجودة المخرجات الفنية المعتمدة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، تلخصت في تباين جودة الرسومات الهندسية المنتجة وعدد من أرصدة تكلفة مشاريع البناء والمجسمات ثلاثية الأبعاد المحاكية للبناء، فضلا عن التباين في التقارير والمرفقات الهندسية المستخدمة في استصدار رخص البناء وحسابات التكلفة وزمن الإنجاز في جميع مراحل مشاريع البناء وجودة التواصل بين منتسبي تلك المؤسسات ببعضهم وبالجهات الحكومية وبالزبائن وغير ذلك.

وإيمانًا من الباحث في الدعم الذي توليه مملكة البحرين لقطاع البناء والتشييد، ودورها البارز كونها محركا أساسا في عجلة التنمية الاقتصادية في المملكة كثالث أكبر قطاع اقتصادي من جانب، وللدور المحوري الذي تلعبه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في نمو ذلك القطاع من جانب آخر، كل ذلك عزز الفضول لمحاولة اكتشاف أسباب التباين في جودة المخرجات الفنية في ذلك القطاع، عبر التركيز على قياس نضج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من خلال دراسة مكثفة لبيئة العمل الداخلية في هذا القطاع ولتطبيقات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات المستخدمة فيه.

فجوة معرفية

وكانت الفجوة المعرفية التي استأنس من خلالها الباحث بدراسته العلمية هي: عدم وجود توافق عالميا على طبيعة مؤسسات قطاع البناء والتشييد في البحرين من حيث كونها مؤسسات صغيرة ومتوسطة (SMEs) أو ما دون ذلك إذا ما قيست بناء على عدد العاملين أو رأس المال أو المردود السنوي، إلى جانب ما تتمتع به مؤسسات قطاع البناء والتشييد من بيئات عمل داخلية لا مركزية ومجزأة مما يجعلها غير متطابقة مع مثيلاتها في نفس القطاع من حيث عدد ونوعية ومهمة تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ نظرا للاختلاف في عدد ونوعية ومهمة الأهداف الاستراتيجية وحدات الأعمال والأفراد والإجراءات والوظائف والخدمات.

وأضاف عدوان في مضمون الدراسة العلمية أنه وعلى الرغم من تحديد عدد من الدراسات العلمية المحكمة والمنشورة (68 دراسة على 38 مؤسسة في 17 دولة) والتي هدفت جميعها لقياس نضج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مؤسسات قطاع البناء والتشييد، إلا أن جميع تلك الدراسات لم تأخذ في اعتبارها الاختلافات بين تلك المؤسسات من حيث عدد ونوعية ومهمة الأهداف الاستراتيجية ووحدات الأعمال والأفراد والإجراءات والوظائف والخدمات، وعليه افتقرت تلك الدراسات لاعتماد نموذج موحد ومرجعي لقياس ذلك النضج، هذا وعلى الرغم أيضًا من توافر عدد من الدراسات العلمية المحكمة والمنشورة (87 دراسة) والتي أشارت من قريب أو بعيد لمفهوم البنى المؤسسية في مؤسسات قطاع البناء والتشييد، إلا أنه لم يوجد ما يشير إلى استخدام أو تطوير لإطار عمل عالمي كـ “توجاف”؛ ليكون نواة لتطوير نموذج موحد ومرجعي يمكنه وصف بيئات العمل الداخلية من جهة وتطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المرتبطة بها من جهة أخرى.

وتندرج أهمية الدراسة العلمية لعدوان على النحو التالي:

1. يعتبر هذا النموذج الموحد هو الأول من نوعه لوصف البيئة الداخلية لقطاع البناء والتشييد في البحرين ومن ثم يعتبر مرجعيا لقياس نضج كل من تطبيقات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لكامل القطاع بدقة.

2. يصلح هذا النموذج لوصف البيئة الداخلية ولقياس نضج كل من تطبيقات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لأي قطاع اقتصادي لاتصافه بالشمولية والمرجعية.

3. روعي في تصميم هذا النموذج الجوانب النظرية والعملية متمثلا في رصانة المنهجية العلمية وأدواتها وصدقها وثباتها وكذلك القبول العالمي لألية العمل من حيث استخدام علم البنى المؤسسية والدراسات المقارنة العملية لأطر العمل ذات القبول العالمي وأخيرا التطوير لإطار عمل مثل توجاف بما يتناسب مع معطيات القطاع.

التوصيات

وأوصت الدراسة التي تستهدف عددا من الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة في مملكة البحرين مثل: وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني، ووزارة المواصلات والاتصالات، ومزودي حلول البرامج والمطورين (أوراكل، ساب)، صندوق العمل (تمكين)، هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية، ووزارة الصناعة والتجارة، حاضنات الأعمال وإدارات التخطيط ذات الصلة، إضافة إلى المراكز البحثية والجمعيات ذات الصلة وغيرها، وأوصت بضرورة تبني قطاع البناء والتشييد في البحرين لأهداف إستراتيجية شاملة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لكل مؤسسات القطاع على الرغم من وجود أهداف عمل منفردة في معظم المؤسسات وربطها برؤية مملكة البحرين الاقتصادية 2030، وربط الأهداف الاستراتيجية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بأهداف العمل وفق خطة وطنية شاملة لما يمثله هذا القطاع من أهمية اقتصادية كونه حقق المركز الأول بنسبة 35.7 % في ترتيب القطاعات محليا لفئة SME والمركز الثالث بنسبة 11.2 % في ترتيب القطاعات لما دون ذلك من أصل مجمل القطاعات الاقتصادية في البحرين وعددها 17 قطاعا اقتصاديا، إلى جانب ضرورة وجود وحدة عمل خاصة لتقنية المعلومات في المؤسسات تقوم بالإشراف على جميع المهام المتعلقة بالمؤسسة بدءا بعقود الشراء ومرورا بتنصيب التطبيقات حتى صيانتها وتطويرها، والعمل على ضرورة التطوير المستمر لتطبيقات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لمواكبة التغيرات الاقتصادية العالمية ولجذب استثمارات أجنبية.

فقد تبين أن هناك قصورا شديدا في بعض من التطبيقات والتكنولوجيا مثل إدارة المستندات وإدارة المشاريع وبعض التطبيقات الخاصة مثل البرامج ثلاثية الأبعاد والإضاءة والحرارة والتبريد، إلى جانب الاستعانة بالتطبيقات العالمية الحديثة مثل نظم المعلومات الجغرافية وأنظمة المشتريات الإلكترونية وتطبيقات الحسابات المعقدة ونظام إدارة سلسلة التوريد، فقد تبين عدم توافرها أو استخدامها محليا، والتعاون مع صندوق العمل (تمكين) كمنظمة وطنية مهمتها تطوير القطاع الخاص في البحرين لتسهيل الحصول على أحدث وأجود التطبيقات وبتسهيلات في السداد.