+A
A-

“قوة الدفاع” من نواة وليدة لصرح شامخ يضاهي أعتى الجيوش

 تحتفل قوة دفاع البحرين بعيدها الخمسين وهي ترفل بثوب العزة والكرامة وتزدهر بكم كبير من الإنجازات على الصعد التدريبية والدفاعية والعسكرية كافة.

بدأ التأسيس الفعلي للجهاز الدفاعي لدولة البحرين منذ قبل إعلان استقلالها الرسمي، من خلال إنشاء نواة أولية سميت في أواخر ستينات القرن الماضي بـ “الحرس الوطني”، إذ كلف عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة القائد الأعلى آنذاك بإدارة هذا الكيان الوليد باعتباره من أوائل الخريجين العسكريين في البحرين في تلك الفترة.

وأدرك جلالته بحكم طبيعة نشأته ودراسته وخبراته التي اكتسبها والتوجيهات التي كُلف بها من سمو أمير البلاد الراحل سمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، حاجة البلاد عقب استقلالها إلى قوة عسكرية مسلحة خاصة بها تتجاوز حدود هذه الفكرة الأولية والتسمية المرحلية التي سبقت الإعلان الرسمي عن إنشاء القوة، خصوصا أن “الحرس الوطني” في المفهوم العسكري يعتبر رديفًا وسندًا للقوة العسكرية الأساسية، ووجوده لا يغني عن ضرورة العمل من أجل بناء قوة مسلحة خاصة بالبحرين.

لذلك، وعقب توليه هذه المهمة الوطنية الجبارة التي ستفضي لرسم وصياغة صورة القوات المسلحة البحرينية، باشر صاحب الجلالة عاهل البلاد ومنذ توليه مسؤولية حمل أمانة التأسيس واجباته ومهامه الوطنية، إذ تم فتح باب التجنيد للدفعة العسكرية الأولى في تاريخ البحرين الحديث، وذلك في الربع الأخير من العام 1968، وتقدمت للتجنيد الطوعي وقتها أعداد غفيرة من أبناء هذا الوطن الأبي الذي آمنوا بأنهم وحدهم الأقدر على حماية سياج الوطن.

ونظرًا للإقبال المتزايد من الشباب على الانضمام للنواة الأولى للقوات المسلحة البحرينية، صدرت الأوامر السامية بتغيير مسماها ليصبح المسمى الجديد لهذه النواة العسكرية “قوة دفاع البحرين”، حيث حضر صاحب الجلالة الملك القائد الأعلى الجهود المبذولة لعملية الإنشاء والتطوير لهذه القوة الوليدة، وقام بالتخطيط لبنائها وفق أحدث أنظمة بناء الجيوش الحديثة وأحدث النظريات العسكرية سعيًا منه لخلق قوة مؤهلة قادرة على النهوض بدورها الوطني المهم سواء في الداخل أو بالتعاون مع أشقائها أو أصدقائها.

ومع تراكم الخبرات العسكرية لجلالة العاهل الذي شارك إخوانه في الأردن الشقيق تجربتهم في مجال القوات المسلحة أوائل سبعينات القرن الماضي، ومع حصوله على الدورة الخاصة بالقيادة والأركان التي عقدت بالولايات المتحدة العام 1971، تمكن جلالته من بناء أول مركز تدريب شبه متكامل في البحرين، وكان مقرًا للقيادة العامة لقوة الدفاع آنذاك رغم صغره النسبي، وقام بإعداد العدة المناسبة لكي يؤدي هذا المركز عمله المناط به، كما زوده بالأسلحة الخفيفة المطلوبة لتدريب الدفعة الأولى من المجندين، وذلك في غضون 3 أشهر تقريبًا.

وتوالت عقب ذلك الخطوات لإنجاز هذا العمل الوطني الضخم، وهو بناء قوة دفاع البحرين وفق أحدث أنظمة التدريب والتسليح؛ لضمان تحقيق الإنجازات تلو الأخرى التي شهدتها البحرين في تلك الفترة الخصيبة التي شهدت إعادة بناء الدولة عقب استقلالها، إذ تم وبعناية خاصة من جلالته وضع أنظمة التجنيد لانخراط أبناء الوطن في سلك العسكرية.

كما وُضع تحت إشراف جلالته البرامج الضرورية لتدريب عناصر القوة سواء داخل البلاد أو خارجها، واستطاع جلالته بتوجيهات من القيادة الراحلة توفير مصادر التمويل المادي واللوازم العسكرية وغير ذلك من اللوائح العسكرية التي وفرت للقوة الإطار القانوني الذي تعمل به، وإن كان استكمال القوانين العسكرية المطلوبة استمر خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر قوة الدفاع.

يشار هنا إلى أن هذه الإنجازات التي حققتها قوة دفاع البحرين في غضون هذه الفترة القصيرة نسبيًا مرجعها إلى الخبرات العسكرية التي كانت تتوفر بأهل البحرين في تلك الفترة، فضلًا بالطبع عن الحرص والرغبة الدفينة التي ملكت عقول وقلوب القيادة الرشيدة وأبناء هذا الوطن الكريم لبناء قوة مسلحة جديدة مزودة بكل مستجدات العصر وقادرة على التعامل معها.

وإدراكًا من صاحب الجلالة عاهل البلاد القائد الأعلى لأهمية المرحلة الأولى من عملية البناء والتأسيس التي سيتوقف عليها مدى الإنجاز المحقق للقوة بعد ذلك، أولى جلالته عناية خاصة بالدفعة الأولى من المجندين البحرينيين، التي تخرجت في مناسبة خاصة وعزيزة على كل قلب مواطن بحريني حتى هذه اللحظة، وهي في الـ 5 من فبراير العام 1969، التي تمثل عيدًا لقوة الدفاع، إذ وفر جلالته لهذه الدفعة كل ما تحتاجه من مستلزمات مادية ومعنوية، كما تابع جلالته بنفسه برامج تدريبهم، وأشرف عليها شخصيًا، بل وشارك في مختلف النشاطات انطلاقا من إيمانه بضرورة أداء الواجب المقدس كقائد عام لقوة الدفاع.