+A
A-

جاكوب زن: “السوشيل ميديا” الأداة الأولى لتسويق عقيدة الجماعات الإرهابية

استضاف المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية بالشرق الأوسط، مساء أمس الأول بمقره بالمرفأ المالي، الباحث في الشؤون الأفريقية والأورو آسيوية بمؤسسة جيمس تاون في واشنطن جاكوب زن، والباحث أول في الإسلام السياسي نيللي لحود، بندوة موسعة بعنوان “نزدهر منقسمين؟ (بوكو حرام) و(الدولة الإسلامية)”.

تناولت الندوة نشوء وتطور تنظيم “بوكو حرام”، وعلاقته المعقدة بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ومواضع قوته وضعفه، وسقوطه بسوريا والعراق، ومدى القبول لتنظيم “بوكو حرام” بغرب أفريقيا.

وأوضح زن أن المساحة الجغرافية لبوكو حرام بنيجيريا والقريبة لحدود السودان وليبيا، واسعة وكبيرة، ولا يمكن الاستهانة بها، مضيفاً أن “هنالك الكثيرين ممن يتكلمون اللغة العربية بهذه المنطقة، والتي يدور بها الصراع  بين مجموعتين، الدولة الإسلامية لغرب افريقيا، و”بوكو حرام” الموجودة بالغابات.

مضيفا أن “بوكو حرام” ظاهرة معقدة للغاية، وعلاقاتها مع دولة الخلافة الإسلامية (داعش) لها ثلاثة أبعاد، في مقدمتها استمرار مشاركتها بعمليات التمرد بسوريا والعراق، والهجمات المستمرة بشبكات التواصل الاجتماعي، وتأثيرها في بعض المناطق التي تسيطر عليها، كمنطقة سيناء بمصر، وملاوي بالفلبيين، وخراسان بإيران، والدولة الإسلامية بغرب افريقيا، والتي تمددت مساحتها، وتزايد عدد أفرادها، ونفوذها، بعد مبايعة قادتها لأبو بكر البغدادي.

وفي تساؤل لماذا يعلن الولاء للبغدادي، وكيف أصبحت “بوكو حرام” دولة تابعة لداعش؟ قال زن: “النقاش والجدل عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وتغلغل الفكر الأيديولوجي عبرها، أسهمت بظهور بعض الجماعات التي طرأت على الساحة اليوم، وتوضح المصادر أنه في 2011 وبعد انجلاء الربيع العربي، نظرت هذه الجماعات لعدد من الدول كتونس والمغرب ومالي، بأنها مناطق آمنة لهم، وعليه أرسلوا الكثير من عناصرهم إليها”.

ويكمل “في 2014 اعلن أبوبكر البغدادي الخلافة بسوريا وبلاد الشام، وكان أعضاء الكثير من الجماعات الراديكالية حينها، على قناعة بأنه الخليفة المقبل، منهم جماعة أنصار الشريعة بتونس، والذين استفادوا كثيراً من تواصلهم المستمر بعناصر تنظيم القاعدة حول العالم، لتشجيعهم وتحفزيهم على الانضمام للدولة الإسلامية”.

وتابع أن “تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب وغيرها كان يقاوم البغدادي، بخلاف “بوكوحرام” الذين اندمجوا عقائديا وايدلوجيا مع (داعش)، وبرفض مطلق منهم لإعلان الولاء للظواهري، أو لتنظيم القاعدة”.

وفي حديث عن جماعة أنصار المسلمين بالسودان، قال زن إنها “جماعة مختلفة عن الأخريات، من حيث الفكر، والأجندات، والهيئة الخارجية أيضاً، وتنتمي هذه الجماعة بالأساس للجماعات الإرهابية بنيجيريا، ولقد انفصلت عن “بوكو حرام” العام 2011، لأنها كانت تقتل الكثير من المسلمين، وتستبيح أموالهم، ولقد كانوا على استعداد للولاء للبغدادي لقناعتهم بأنه الخليفة المقبل، وعليه فلقد تواصلوا مع العناصر الشبيهة بتونس، ولقد كانت جماعة “بوكو حرام” على تحفظ مما يجري، ثم أعلنوا انفصالهم وتشكيلهم للدولة الإسلامية بغرب أفريقيا العام 2011”.

وأردف زن “طالب جماعة أنصار المسلمين بالسودان، جماعة “بوكو حرام” بأن يكون الاختطاف محصورا على الفتيات المسيحيات، لكن رئيسها والمدعو (شيكاو) رفض ذلك، وعلى أثر ذلك قامت الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا بقطع العلاقات معه، وأعلنت دولتها المستقلة، وأسست ذراعها الإعلامي الخاص بها، وبإمكانيات ابسط بكثير من الدولة الإسلامية بسوريا، وباعتبار أن نيجيريا أقل تطورا من سوريا”.

وقال إنه “في أغسطس 2013 دخلت الدولة الإسلامية بغرب أفريقيا، بصراعات دامية في نيجريا قتل على أُثرها 400 مقاتل، واختاروا على أُثر ذلك الانفصال عن (داعش) لأنهم أقل تطرفا، ولقد فضل الكثيرون الانخراط للدولة الإسلامية بغرب أفريقيا، لأنها تقتل أقل، وتتعامل مع السكان بشكل أفضل، وترى أن من يخالفها بالفكر، لا يعني الكفر، بعكس “بوكو حرام”.

ويردف “تمكنت الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا بالسيطرة على مناطق كثيرة، ونجحوا بتنشئة جموع غفيرة من الأطفال على إيمان عميق بدولة الخلافة، وهم تحت تأثير أيدولوجيتها المتطرفة، مع القدرة الفائقة في التمدد بالأراضي النيجيرية، وبقوة هائلة يعجز الجيش النيجيري نفسه عن مواجهتها”.

وقال “لا يزالون –حتى اللحظة- ينتهجون سياسة بيع الفتيات، لدر العوائد المالية لاستمرار بقاء دولتهم، وبمبالغ تتخطى الثلاثة ملايين دولار، وهنالك مفاوضات قائمة لإطلاق صراح الفتيات، وفي ظل وجود معسكرات كثيرة معنية بذلك، وجهود مستمرة لحلحلة الأمر، علماً أن السجون النيجرية غير قادرة على احتواء هذه عناصر، وعليه فدمجهم بالمجتمع هو الخيار الأفضل”.

ويضيف “المقاتلون الأجانب في (بوكو حرام) لا يمكن مقارنتهم بنظرائهم في سوريا أو سينا أو العراق، فطبيعة الأرض والحياة صعبة جداً، وهنالك مقاطع فيديو، تم أخذها لتلك الجماعات، وهم يقومون بظروف صعبة جداً مناخية صعبة، سواء الدولة الإسلامية بغرب أفريقيا، أو (بو كو حرام)، ويتساءل الكثيرون اليوم: أين يذهب أعضاء داعش بعد انهيار الخلافة؟ والجواب بأننا لا نعرف، ولا توجد هناك متابعات دقيقة لذلك، ولكن الأقرب بأن هنالك من عاد لبلاده، وخصوصا تونس أو ليبيا، كما أن هنالك من نزح لمالي وأفغانستان”.

ويكمل زن “تنقل المجاهدين التونسيين –تحديداً- أمر بغاية الصعوبة، لأنهم شديدو الحذر، ولربما توجهوا للفلبين ومنطقة سينا، أضف بأن هنالك تحديا آخر يكمن في عدم معرفة هوية القتلى منهم، خصوصاً أن علميات التتبع لهذه الهويات، مجهدة وتستهلك الوقت الكثير.

وفي تساؤل عن الارتباط الأيديولوجي لجماعة الأخوان المسلمين بجذور الجماعات الإرهابية، قال زن إن “جماعة (بوكو حرام)، وقادتها يعتبرون حسن البنا عالما كبيرا، وأستاذا، ومعلما، ولديهم إعجاب عميق بالإخوان المسلمين،  علماً بأن أساس الاختلاف بين الجماعات الجهادية والإخوان هو الدخول بالعملية السياسية.