+A
A-

قوات الأسد ترفع حالة التأهب تحسبًا لضربة أميركية

تنذر الخطوات الأخيرة التي اتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ووزير دفاعها، جيمس ماتيس، بأن رد واشنطن العسكري على الهجوم الكيماوي للنظام السوري بات شبه حتمي، في وقت أشعل هذا الملف الطارئ حربا دبلوماسية في مجلس الأمن بين روسيا والولايات المتحدة.

في حين قالت مصادر سورية، أمس الثلاثاء، إن قوات النظام والميلشيات المتحالفة معها في حالة تأهب قصوى، واتخذوا إجراءات احترازية في قواعد ومواقع عسكرية بجميع أنحاء البلاد، وسط مخاوف من هجوم عسكري أميركي وشيك. وفي مؤشر على قرب الرد الأميركي، أعلن البيت الأبيض إلغاء ترامب، زيارته إلى أميركا اللاتينية “للإشراف على الرد الأميركي على سوريا”، بعد الهجوم الكيماوي الذي استهدف مدينة دوما، قبل أن يتخذ وزير الدفاع قرارا مماثلا، حسب ما أوردت قناة “فوكس نيوز” الأميركية.

وكان ماتيس أكد أنه لا يستبعد “أي شيء” بشأن سوريا، ملقيا باللوم على روسيا؛ لأنها لم تف بالتزاماتها لضمان تخلي النظام السوري عن أسلحته الكيماوية، وقال إنه سيتعامل مع هذه القضية بالتعاون مع الحلفاء والشركاء في حلف شمال الأطلسي.

ووضع المخططون العسكريون الأميركيون عدة خيارات لتنفيذ رد “عسكري” محتمل ضد سوريا، بما في ذلك شن ضربات صاروخية، مثل ما فعلت الولايات المتحدة العام الماضي على مطار الشعيرات السوري.

ونقل موقع “واشنطن إكزامينر” عن مسؤولين في البنتاغون، رفضوا الكشف عن هوياتهم، قولهم إن الخيارات المتاحة حاليا هي مشابهة لتلك التي قُدمت إلى ترامب بعد الهجوم الكيماوي الذي وقع العام الماضي في شمال سوريا.

وكانت واشنطن قد شنت ضربة صاروخية على مطار الشعيرات السوري باستخدام 59 صاروخ كروز من طراز توماهوك، ردا على هجوم كيميائي بغاز السارين على منطقة خان شيخون في 4 أبريل 2017.

وبالتزامن مع هذه الخطوات التي جاءت بعد سلسلة تهديدات صريحة من الولايات المتحدة ودول غربية أخرى بالرد على الهجوم الكيماوي، تشهد أروقة مجلس الأمن معركة روسية أميركية، بعد أن طرح البلدان بشكل منفصل مسودات قرار بشأن سوريا للتصويت الثلاثاء.

وقال دبلوماسيون إن روسيا أبلغت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أنها ستطرح مسودتي قرارين بشأن سوريا للتصويت، لأنها لا تتفق مع نص أميركي لمشروع قرار يهدف لإجراء تحقيق جديد لتحديد المسؤول عن الهجمات الكيماوية في دوما بالغوطة الشرقية لدمشق.

وأعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، أمس الثلاثاء، أنها سترسل “خلال فترة قصيرة” فريق تحقيق إلى مدينة دوما السورية، للتحقيق في الهجوم الكيماوي، الذي أدى إلى موجة من ردود الفعل المستهجنة في العالم.

وقالت المنظمة، في بيان، إنها طلبت من دمشق “القيام بالإجراءات اللازمة” للإعداد لهذه الزيارة، مضيفة أن “الفريق يستعد للانتشار في سوريا خلال فترة قصيرة”، وأن المدير العام للمنظمة أحمد أوزومجو، يريد منها أن “تلقي الضوء على الوقائع المحيطة بهذه الادعاءات”.

وكانت المنظمة تلقت دعوة رسمية من دمشق لزيارة دوما، والقيام بالتحقيق اللازم. وكان الهجوم الكيماوي على دوما أثار موجة من الغضب في دول عدة اتهمت الرئيس السوري بشار الأسد بالضلوع فيه.

وأكد مسؤولون أميركيون أن واشنطن تدرس ردا عسكريا تشارك فيه دول عدة، في حين أشار البيت الأبيض إلى أن ترامب والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تحدثا هاتفيا للمرة الثانية في أقل من 24 ساعة لتنسيق ردهما.

وفي هذا السياق، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب، أمس الثلاثاء، أن حلفاء النظام السوري يتحملون “مسؤولية خاصة” عن الهجوم الكيماوي، وقال، في الجمعية الوطنية، إن “حلفاء النظام يتحملون مسؤولية خاصة في هذه المجزرة” كما في “خرق الهدنة” التي أقرها مجلس الأمن الدولي.

وتابع فيليب، ردا على سؤال للنائب عن حزب “الجمهورية إلى الأمام” (الغالبية الرئاسية) فيليب شالومو، أن استخدام هذه الأسلحة (...) يقول الكثير عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، مضيفا أن “ردنا على استخدام هذه الأسلحة سيقول الكثير أيضا عنا نحن”.

من جهتها، قالت وزيرة التنمية الدولية البريطانية بيني موردونت، امس، إن الحكومة البريطانية تبحث التدخل العسكري مع حلفائها في سوريا ردا على هجوم كيماوي مزعوم في الغوطة الشرقية قرب دمشق.

وقالت الوزيرة “هذه الوحشية غير مقبولة، وبصرف النصر عما قد نقوم به لمحاسبة المسؤولين عن ذلك في المستقبل، فإن ما يشغلني بشكل أساس هو ألا تتكرر هذه الفظائع المروعة، وأن نفعل كل شيء في استطاعتنا لحماية الرجال والنساء والأطفال المستهدفين”.

وقالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، إنها ستتحدث إلى الرئيس الأميركي بشأن الهجوم الكيماوي. من جهتها، شددت الوزيرة المكلفة الشؤون الأوروبية ناتالي لوازو، على “مسؤولية روسيا”، مشيرة إلى أنه “لا تقلع أي طائرة سورية من غير أن يتم إبلاغ الروس بذلك”. وأكدت “هناك بالتالي مسؤولية لحلفاء سوريا المقربين”.

وتتوعد دول غربية منذ يومين بـ “رد قوي”، وتحدثت واشنطن عن قرار مهم في “وقت قصير جدًا”، فيما أكدت فرنسا أنها سترد في حال تخطت دمشق “الخط الأحمر”، بعدما تحدث مسعفون عن سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى في هجوم كيميائي مساء السبت في مدينة دوما.