+A
A-

إسقاط ولاية أب على ابنته لرفضه تزويجها

ذكرت المحامية ابتسام الصبّاغ أن المحكمة الاستئناف العليا الشرعية أيدت إسقاط ولاية أب وجد على شابة، في شأن تزويجها وقضت باستقلالها في تزويج نفسها من المدعى عليه الثالث، والذي تقدم لخطبتها ورفضه والدها بدون تقديم أية مبررات بالرغم من أن المدعى عليه الثالث حسن السيرة والخلق والدين ومتقارب معها بالعمر، لكنه رفضه انتقامًا لزوجته والدة المدعية لإجبارها على التنازل عن القضايا الشرعية المرفوعة ضده بالنفقة وغيرها؛ وذلك بعد صيرورة هذا الحكم نهائيًا وألزمت الأب بمصروفات الدعوى.

وأوضحت الصبّاغ أن المدعى عليه الأول هو والد الفتاة المدعية والثاني جدها لأبيها، وأن موكلتها لم يسبق لها الزواج، وقد تقدم لخطبتها المدعى عليه الثالث، وهو كفوء لها ويعمل في إحدى الشركات الخاصة، وحسن السيرة والخلق والدين ومناسب لها في العمر.

وأفادت أن والدها الفتاة المدعية امتنع عن تزويجها من المدعى عليه الثالث دون أن يقدم أية أسباب أو مبررات لرفضه، سوى أنه على خلاف مع والدتها وبينهما دعوى طلاق في المحكمة الشرعية، وأنه علّق موافقته على تنازل والدتها عن تلك الدعاوى وإغلاق ملف النفقات المحكوم بها عليه ولإخوتها، كما أن المدعى عليه الثاني يكون جدها لأبيها ويرفض التدخل في موضوع تزويجها، الأمر الذي اضطرها لإقامة هذه الدعوى طالبةً الحكم فيها بتزويجها من المدعى عليه الثالث.

وأشارت المحامية إلى أن المدعى عليه الثالث أكد للمحكمة أنه وبعض من أفراد أسرته حاولوا جاهدين مع والده المدعية بأن يوافق على تزويجهما إلا أن محاولاتهم لم تنجح.

وجاء في حكم محكمة أول درجة أن وكيل الأب المدعى عليه دفع بأن سبب رفض موكله تزويج ابنته للشاب المذكور ليس الخلاف الدائر بين موكله وبين والدة المدعية، والسبب الحقيقي هو أن ابنته لم تتجاوز سن الـ 18 من عمرها ولا تزال صغيرة، مضافًا إلى أنه لم يتقدم لخطبتها منه رسميًا، فهو لا مانع لديه من أن يتقدم لخطبتها، وحينها سينظر في موضوع الموافقة من عدمها.

وبالفعل حاول الشاب التقدم لخطبة الفتاة رسميًا بالاتصال بوالدها أكثر من مرة، إلا أن الأخير كان يقابلهم بالسب والشتم، فيما ذكر وكيل الأب في الجلسة اللاحقة أن موكله غائب عن الجلسة لسبب طارئ، كما ادعى وأنه سيعود للبلاد خلال يومين فقط.

وطلب محامي الأب المدعى عليه تأجيل الجلسة مجددًا لموعد آخر لإجراء مراسم الخطبة، فاستجابت المحكمة لطلبه، لكن الأب فاجأ المحكمة مجددًا بالسفر إلى خارج البلاد، فقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم.

ولفتت أول درجة في حيثيات حكمها إلى أن الولي في شأن تزويج البنت البكر الذي يشترط إذنه في صحة الزواج هو الأب أو الجد للأب، ويشترط رضاها بذلك لنفاذ تزويجها، ومع عدم وجودهما أو أحدهما تستقل البنت إذا كانت بالغة رشيدة بالزواج، وليس للولي الامتناع عن تزويجها من غير ذي سبب شرعي، كما ينص فقهاء المذهب الجعفري أنه يحق للولي منع ابنته البكر من الزواج بغير الكفوء عرفًا، وأن المراد بغير الكفوء عرفًا هو من يكون في مصاهرتهم له غضاضه أو عار أو منقصة في اقتران ابنته به ومصاهرة عائلتها به، وإن كان كفوء شرعًا.

وقررت المحكمة أن المدعى عليهما الأول والثاني لم يطعنا بأن المدعى عليه الثالث غير كفوء لها شرعًا أو عرفًا أو ما إلى ذلك من أسباب، كما لم يقدما مبررًا لرفضهما سوى التعسف في استعمال حق الولاية المعطى لهما شرعًا، وهو يعتبر مبررًا وسببًا وجيهًا في سقوط ولايتهما في تزويج ابنتهما وعدم اعتبار إذنهما واستقلالهما فيه، وتأيد ذلك بتراخيه وعدم جديته فيما أبداه موكل الأب من عدم ممانعته في تقدم الشاب لخطبة ابنته منه ومماطلته حول اللقاء به في المدد والآجال التي أمهلتهم المحكمة.

وبشأن دفع الأب بأن ابنته صغيرة في السن ولم تتم الـ 18 من عمرها، فيما يؤكد تاريخ ميلادها بأنها أتمت الثامنة عشرة من عمرها الآن.

كما قالت أن الأب امتنع عن تزويج ابنته دون مبرر شرعي أو قانوني، فلا محيص من الحكم إلى ثبوت عُضلِهِ للمدعية وسقوط ولايته وولاية جدها.

فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بإسقاط ولاية الأب والجد في شأن تزويج الشابة واستقلالها في تزويج نفسها من الشاب الذي تقدم لخطبتها، وذلك بعد صيرورة الحكم نهائيًا، وألزمت الأب بمصروفات الدعوى.

فلم يرتض الأب هذا الحكم وطعن عليه بالاستئناف، وفاجأ ابنته بأنه يطلب من خطيبها مهرًا تعجيزيًا مقداره 15 ألف دينار مقابل تزويجها منه، إلا أن المحكمة رفضت استئناف موضوعًا وأيدت الحكم المستأنف بإسقاط ولايته عليها في تزويج نفسها من الشاب المتقدم لخطبتها والذي يكبرها بأربعة أعوام فقط.