+A
A-

سجن 3 متهمين بغسيل أموال لشيكات مزوّرة

برأت المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة متهمَين مما نسب إليهما من تهم تتعلق بغسيل الأموال لعدد من الشيكات المزوّرة المنسوب صدورها لإحدى الشركات التجارية المعروفة، فيما دانت 3 متهمين آخرين بالتهم ذاتها، وعاقبتهم بالسجن لمدة 5 سنوات مع تغريم كلا منهم مبلغ 100 ألف دينار عما أسند إليهم من اتهام في البند أولاً، كما حبست اثنين من المُدانين أيضًا لمدة سنتين عما أسند إليهما من اتهام في البندين ثانيًا وثالثًا للارتباط، ما يعني سجنهما لمدة 7 سنوات.

كما أمرت المحكمة بإبعاد المتهمين الثلاثة المُدانين نهائيًا عن المملكة عقب تنفيذ الحكم المقضي به بحقهم، فضلاً عن الأمر بمصادرة المحررات -الشيكات- المزوّرة المضبوطة.

تشكيك المحكمة

وفي شأن تبرئة المتهمَين، قالت المحكمة إنه ولما كان الإسناد في المسائل الجنائية إنما يبنى على الجزم واليقين لا على مجرد الظن والتخمين، ولما كانت لا تطمئن إلى صحة إسناد الاتهام للمتهمين الثاني والرابع؛ لما ثار حولها من الشكوك والريب بشأنهما، وخلت الأوراق من ثمة دليل يقيني يمكن الاعتماد عليه على وجه القطع واليقين يمكن الاستناد إليه لثبوت الواقعة في حقهما، مما تنتهي معه المحكمة إلى القضاء ببراءتهما مما نسب إليهما عملاً بالمادة 255 من قانون الإجراءات الجنائية.

وأوضحت أنه عما نسب للمتهمَين المبرأين من أنهما أجريا عمليات عدة تتعلق بعائد جرائم التزوير في محررات خاصة والاحتيال، كما أخفوا ملكية عائدها مع علمهم أنها متحصله من نشاط إجرامي، فإنها وهي بصدد تقدير أسانيد الاتهام التي قدمتها النيابة العامة تدليلاً على ارتكاب المتهمين للواقعة والمتمثل في أقوال شهود الإثبات، لا ترقى إلى اطمئنانها وثقتها ولا ترقى إلى مرتبة الدليل المعتبر في الإدانة؛ وذلك لما إحاطها من شكوك وريب وما أصابها من اضطراب يجعلها بمنأى عن ارتياح وجدان المحكمة.

وبينت في أسباب تشككها بالنسبة للمتهم الثاني، فإنه من المبادئ القانونية أنه “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص”، وعملاً بهذا المبدأ فإن الركن القانوني لأية جريمة هو الصفة غير المشروعة للفعل أو الامتناع عن الفعل، والتي ينص عليها القانون ويضع عقابا جزائيًا، كما يسمى هذا المبدأ بمبدأ شرعية القاعدة الجنائية أو شرعية الجرائم والعقوبات، والذي يميز جريمة غسل الأموال عن الكثير من الجرائم هو القصد الجنائي العام والخاص والمتمثل في علم الجاني، وبالتالي فإن العلم بعناصر الواقعة الجرمية هو العنصر المميز لركن العمد أو القصد، وأن توجه إرادته لارتكاب الفعل، ولابد أن ينصرف هذا العلم إلى سائر عناصر هذه الواقعة، وبالتالي فإن جريمة غسل الأموال هي جريمة عمدية تتطلب توافر القصد الجنائي العام والشرط الخاص، إذ لا تقوم بخلاف ذلك وبالتالي إذا وقع الشخص في جهل أو غلط ينتفي القصد الجنائي لديه.

وأضافت أنه لما كان ما تقدم، وهديًا به، ولما كان المتهم الثاني قد أنكر التهمة المسندة إليه، ونازع في توافر القصد الجنائي بشقيه العام والخاص في حقه، وكان القدر المتيقن في الأوراق على توافر أركان جريمة غسل الأموال عمومًا ومنها القصد الجنائي في حق المتهم لا يكفى لتوافر القصد الجنائي بشقيه في حقه ولا يسوغ الاستدلال به، إذ إن تحريات شاهد الإثبات الأول وما شهد به بتحقيقات النيابة العامة وأمام المحكمة لم تجزم عن مدى علمه بتزوير الشيكات، إذ شهد المذكور بأن علم المتهم الثاني بتزوير الشيكات غير ثابت، وأن ظرف تسلمه للمبالغ يعتقد بأنها غير مشروعة بالنظر إلى ضخامة المبلغ وطريقة تحويلها للخارج.

وتابعت، كما أن أيًّا ممن سُئِلَ بالتحقيقات وأمام هذه المحكمة لم يشر إلى علم المتهم الثاني بأن هذه الأموال متحصلة من جريمة، ومن ثم تنتهي المحكمة إلى عدم توافر القصد الجنائي لديه بعنصريه، وتنتهي إلى عدم توافر أركان الجريمة في حقه، وهو ما ينطبق على المتهم الرابع أيضًا إذ إن الأوراق جاءت خاليةً مما يفيد علمه بالواقعة برمتها، ولا يقدح في ذلك تحويل بعض المبالغ إليه ودخولها في حسابه الخاص، إذ قد يكون هذا المبلغ سدادًا لدين أو ما شابه ذلك، ومن ثم تتشكك المحكمة في صحة إسناد الاتهام إليه.

تفاصيل القضية

وذكرت المحكمة أن تفاصيل الواقعة تتحصل في قيام المتهم الخامس بإرسال 8 شيكات مزوّرة عن طريق إحدى شركات الشحن العالمية، منسوب صدورها للشركة المعروفة المجني عليها ومسحوبين على أحد البنوك، بمبالغ تتراوح بين 19 ألفًا 100 دينار و19 ألفًا و900 دينار إلى المتهم الأول.

وتواصل المتهم الخامس مع أحد الأشخاص وطلب منه صرف قيمة الشيكات وإيداعها في حسابه المصرفي ثم إعادة صرفها وإعطائه قيمتهما؛ مقابل عمولة قدرها 10 % من قيمة كل شيك، على أن يكون التعامل مع المتهم الأول بهذا الشأن.

لكن هذا الشخص المشار إليه سرَدَ الواقعة لشاهد الإثبات الأول، والذي كلّفه بالتعامل مع المتهم الأول تحت إشرافه, فقام بالتعامل معه واستلم منه 3 شيكات على ثلاث أيام متتالية وهي أيام 26, 27, 28 من شهر نوفمبر 2016، ومبلغها بالترتيب 19 ألفًا و700 دينار و19 ألفًا و400 دينار و19 ألفًا و900 دينار.

وأضافت أن الشخص المبلّغ بشان الواقعة صرف اثنين من الشيكات حسب المتفق عليه مع شاهد الإثبات الأول وأودعهم في حسابه، ثم سحبهم وأعطى للمتهم الأول مبلغ 17 ألفا و700 دينار قيمة الشيك الأول, ومبلغ 17 ألفا و400 دينار قيمة الشيك الثاني، ومن ثم تواصل المتهم الأول مع المتهم الثاني وتقابلا وسلّمه مبلغين (16 ألفا و500 دينار و16 ألف دينار) على يومين متتالين.

وأشارت إلى أن المتهم الثالث توصل بعد ذلك مع المتهم الثاني، وأبلغه بأنه دائن لأحد الأشخاص البحرينيين بمبلغ 30 ألف دينار، وطلب منه تحصيل هذا المبلغ وتحويله له؛ كونه مقيما في بلاده وليس في مملكة البحرين، فوافق الثاني على ذلك بحسن نية، ومن دون أن يعلم مصدر هذه الأموال وأنها متحصلة من جريمة تزوير للشيكات المنوّه عنها سلفًا.

وتواصل المتهم الأول مع الثاني وتقابلا وقام بإعطائه في المرة الأولى مبلغ 16 ألفا و500 دينار، وفي اليوم التالي مبلغ 16 ألفا، فقام المتهم الثاني هو وزميل له -حسن النية أيضًا- بتحويل مبلغ 20 ألفا و320 دينارا على تحويلات عدة لصالح المتهمين الثالث والرابع، وأودع 10 دينار آلاف في حسابه الشخصي لحين تحويلها.

وقررت المحكمة أن تحريات شاهد الإثبات الأول أكدت صحة الواقعة على هذا النحو المتقدم، وبأن المتهم الأول على علم بأن الشيكات مزوَّرة، وأن أموالها متحصلة من جريمة, وأن علم المتهم الثاني بتزوير الشيكات غير ثابت وأن ظرف استلامه للمبالغ يعتقد بأنها غير مشروعة بالنظر إلى ضخامة المبلغ وطريقة تحويلها للخارج.

كما أن الشاهد قد ضبط المتهم الأول وبحوزته خمس شيكات أخرى بذات بيانات الثلاث شيكات المستخدمة، وتم ضبط المتهم الثاني وضبط معه مبلغ 2180 دينارا من باقي المبلغ الذي استلمه من المتهم الأول بخلاف مبلغ 10 آلاف دينار المودعة في حسابه.

وثبت بتقارير أبحاث التزييف والتزوير أن الشيكات الثمانية جميعها عبارة عن صور ملونة أُخذت عن طريق جهاز كمبيوتر متكامل وطابعة ملونة، وأن التوقيعين المذيلين للشيكات هي تواقيع مزوّرة، وأنها متطابقة تمام الانطباق على بعضها البعض وأنها جميعًا أُخذت من أصل صحيح.

اتهامات “النيابة”

وكانت وجهت النيابة العامة للمتهمين الخمسة أنهم في غضون شهر نوفمبر من العام 2016، ارتكبوا الآتي:

أولاً: المتهمون جميعًا: أجروا عدة عمليات تتعلق بعائد جرائم التزوير في محررات خاصة والاحتيال، كما أخفوا ملكية عائدها مع علمهم أنها متحصلة من نشاط إجرامي وذلك على النحو المبين تفصيلاً بالتحقيقات.

ثانيًا: المتهمان الأول والخامس:

1 -    اشتركا وآخر مجهول بطريق الاتفاق في تزوير محررات خاصة وهي عدد ثمانية شيكات منسوب صدورها زورًا لشركة وكالة سيارات معروفة بأن اتحدت إرادتهما معه على اصطناع تلك الشيكات كليًا على غرار الأصل فتمت الجريمة بناءً على ذلك الاتفاق.

2 -    استعملا المحررات المزوّرة المبينة في البند (1) بأن أرسلها المتهم الثالث للمتهم الأول عبر شركة اشحن عالمية، وبأن سلّم الأخير عدد 3 شيكات منها للشخص الذي أبلغ عنهم مع علمهما بتزويرها.

ثالثًا: المتهم الأول: توصل للاستيلاء على المبالغ النقدية المبينة القدر بالأوراق والمملوكة للشركة المجني عليها؛ وذلك بالاستعانة بطرق احتياليه، بأن استعمل الشيكات المزوّرة وسلمها للشخص المذكور لأجل تقديمها للبنك لصرفها.