+A
A-

قريبًا.. 150 دولارًا سعر برميل النفط

في المطبوعة الدورية السنوية “بور ريشتردز ألماناك” التي أصدرها بنجامين فرانكلين، اعتاد المفكر والسياسي الأميركي على ضرب المثل بقصة هذه المملكة القديمة التي انهارت بسبب سلسلة من الأحداث بدأت بنقص مسمار حدوة الحصان.

وبحسب تقرير لـ بلومبيرغ  يبدو أن العالم في طريقه لتجربة شبيهة مع سلسلة من الأحداث الكارثية المماثلة لما وقع في هذه المملكة، لكن هذه المرة ستبدأ من سوق النفط بفعل قرار المنظمة البحرية الدولية عام 2008 للحد من محتوى الكبريت في وقود السفن إلى 0.5 %.

وعجلت المنظمة بوتيرة الأحداث في عام 2016 عندما اقترحت الأول من يناير 2020 تاريخًا لتفعيل هذا الحد، وهو ما اعتمدته بشكل نهائي في نوفمبر 2017.

المسمار الضائع في مملكة الأمس سيكون في عالم اليوم هو الوقود المنخفض الكبريت الذي ستحتاجه سفن الشحن الدولية قريبًا، وقد تكون النتيجة زيادة كبيرة في أسعار النفط تكفي لوقوع ركود عالمي. لكن كيف لمنظمة بيروقراطية بالكاد يعرفها البعض التسبب في مثل هذه الكارثة؟ الإجابة ببساطة هي من خلال فعل الشيء الصحيح لكن بسرعة كبيرة.

تحرق معظم السفن العابرة للمحيطات زيت الوقود الثقيل بمحتوى عالي الكبريت، لذا تشكل الانبعاثات التي تخلفها وتشمل أكاسيد الكبريت وأكاسيد النيتروز مخاطر كبيرة على البيئة وصحة الإنسان، وفقًا لتحذيرات المنظمة البحرية الدولية.

 

خفض نسبة الكبريت في الوقود البحري

وخفضت المنظمة نسبة الكبريت المسموح بها في الوقود البحري إلى 3.5 % عام 2012، واستهدفت تراجعًا تدريجيًّا يصل بها إلى 0.5 %خلال الفترة بين عامي 2020 و2025.

وفي دراسة أجريت عام 2016، تبين أن التأخير في تطبيق الحد الأقصى 0.5 % سيسهم في أكثر من 570 ألف حالة وفاة مبكرة خلال الفترة بين 2020 و2025، لذا قررت المنظمة التعجيل بالموعد النهائي.

قد لا تكون المصافي قادرة على توفير ما يكفي من الوقود المنخفض الكبريت بحلول عام 2020، فهناك عدد قليل للغاية منها قادر على إنتاجه دون زيت الوقود البحري غير المتوافق مع المعايير كمنتج ثانوي.

وتحتاج صناعة الشحن ما بين 6 إلى 8 ملايين برميل من زيت الوقود يوميًا، ولتخفيض محتواه من الكبريت إلى 0.5 % من متوسط 2.2 %حاليًّا، ستحتاج صناعة التكرير إلى بناء 25 وحدة معالجة متطورة. هذا الأمر سيستغرق سنوات للتصميم، ومليارات الدولارات للتنفيذ، وإذا طُلبت اليوم بالكاد ستكون جاهزة عام 2022.

وبالتالي، إذا لم يتم تأجيل حد النصف في المئة كبريت، الذي سيصبح ساري المفعول بعد 21 شهرًا من الآن، فقد يرتفع سعر وقود الشحن بنسبة 30 %، وأسعار النفط الخام إلى 150 دولارًا للبرميل.

وهنا يؤكد خبراء دوليون أن دول الشرق الأوسط وخصوصًا الخليج العربي وهي من أكثر المناطق إنتاجًا للنفط ستكون المستفيد الأول من هذه الإجراءات وزيادة الطلبات، وبالتالي الاستفادة من الأسعار المرتفعة المتوقعة.

البحرين تستعد لدخول نادي المنتجين الكبار

وتشير مؤسسات ذات صلة إلى أن البحرين تستعد لدخول نادي المنتجين الكبار بعد الكشف النفطي الذي أعلن عنه الشهر الماضي. حيث تم اكتشاف أكبر حقل نفطي بتاريخ المملكة حتوي على 80 مليار برميل نفط، يؤكد وزير النفط الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة إمكانية الاستفادة من 15 % على الأقل منه. ويحتوي الحقل على احتياطيات غاز تتراوح بين 10 تريليونات و20 تريليون قدم مكعب.

وأكد مسؤولو شركة بابكو البحرين أن كلفة استخراج النفط الجديد وهو من النوع الصخري لن تتجاوز الـ 40 دولارًا بحسب التقنيات الأميركية الحديثة في هذا المجال، فيما سيبدأ الإنتاج بعد 5 سنوات من الآن، وهي مدة تتقاطع مع المتطلبات العالمية المتعلقة بالتلوث. كما أشاروا الخبراء إلى مصافي البترول الجديدة التي تنشئ في الخليج العربي، مشيرين إلى مشروع توسعة مصفاة سترة (البحرين) والذي تصل كلفته نحو 5 مليارات دولار، وسيرفع طاقة المصفاة إلى 360 ألف برميل يوميا من 267 ألفًا حاليًّا.

وكانت شركة نفط البحرين “بابكو” خاطبت بنوكا دولية مطلع الشهر الجاري، لاستطلاع رغباتها في تقديم التمويل اللازم لدعم توسعة مصفاة سترة النفطية.

وفاتحت بابكو بنوكًا تجارية بخصوص الحصول على قرض تتجاوز قيمته مليار دولار على الأرجح. ويقدم بي.إن.بي باريبا وإتش.إس.بي.سي المشورة للشركة.

ومن المقرر تغطية بقية تكلفة المشروع بأموال من الشركة، من المتوقع أن تتجاوز مليار دولار، إضافة إلى تسهيلات دين تدعمها وكالات ائتمان صادرات بقيمة لا تقل عن ثلاثة مليارات دولار.

وأوضحت مصادر بحسب “رويترز” أن الشركة تجري محادثات متقدمة مع وكالات ائتمان صادرات من بينها إس.إيه.سي.إي الإيطالية ويو.كيه.إي.إف البريطانية وسي.إي.إس.سي.إي الإسبانية وبنك التصدير والاستيراد الكوري.

 

توسعة المصفاة وخط الأنابيب السعودي

وتنتج المملكة حوالي 50 ألف برميل يوميًّا من حقل البحريرين وقرابة الـ 150 ألف برميل من حقل أبو سعفة المشترك مع السعودية.

وأرست بابكو في نهاية العام الماضي عقود المشروع التي تصل قيمتها إلى 4.2 مليار دولار على كونسورتيوم يضم تكنيب إف.إم.سي وسامسونج الهندسية وتكنيكاس ريونيداس الإسبانية.

وتعمل البحرين الآن على إنشاء خط أنابيب نفطي جديد بطاقة 350 ألف برميل يوميا يربط بينها وبين السعودية لخدمة مشروع التوسعة المزمعة لطاقة التكرير في البلاد.

وعودة إلى إمكانية رفع الأسعار، فقد ربطت الدراسة ما حدث قبل عقد من الزمان، عندما تزامن قرار الاتحاد الأوروبي بشأن الديزل المنخفض الكبريت مع انخفاض غير متوقع في إمدادات الخام اللازمة لإنتاجه. وفي ضوء هذه التغيرات، وخلال 18 شهرًا بعد القرار ارتفعت أسعار الديزل إلى 4.60 دولارات للغالون من 2.50 دولار، بينما قفز النفط الخام إلى قرابة 145 دولارًا للبرميل من 55 دولارًا.

وشهدت سوق النفط تحولا ملحوظًا أيضًا خلال السنتين التاليتين لقرار المنظمة البحرية الدولية بشأن قرار نسبة النصف في المئة كبريت، حيث اتفق أعضاء أوبك وروسيا على كبح الإنتاج.

وتواجه الصناعة في الوقت نفسه صعوبات في فنزويلا وكندا لتعزيز إنتاجها، أما بالنسبة للإمدادات الصخرية المتزايدة من الولايات المتحدة فتحتوي على القليل من الخام المتوسط والثقيل والثقيل للغاية اللازم لاستخراج نواتج التقطير المنخفضة الكبريت.

وقد تؤدي مضاعفة أسعار النفط الخام الناجمة عن الإجراء المفاجئ للمنظمة إلى خفض ما بين 2 % و4 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وسيخفض حركة نقل البضائع العابرة للمحيطات بشكل حاد يزيد أسعار المستهلكين.