+A
A-

المخابز الآلية تتحمل تبعات مالية ثقيلة جراء تثبيت الأسعار

تواجه المخابز الآلية في البحرين تحديًا في الإبقاء على سعر منتجات الخبز الآلي في حدودها المدعومة عند 100 فلس في ظل ارتفاع التكاليف التشغيلية خلال السنوات القليلة الماضية سواء في فاتورة الكهرباء أو المحروقات والأجور والمواد الداخلة في صناعة السلعة وغيرها.

ورغم أن الحكومة تقدم أسعار الدقيق المدعوم للمخابز الآلية بحدود دينارين لسعر الكيس زنة 50 كيلوجراما، في سياسة انتهجتها دعمًا لهذه السلعة الغذائية منذ استقلال البلاد، إلا أن تكلفة الطحين لا تذكر حاليًّا ضمن تكلفة إنتاج الخبز بعد أن ارتفعت غالبية مدخلات الإنتاج لأضعاف قيمتها. كما تقدم الحكومة دعمًا للكيروسين للمخابز الشعبية والآلية، إذ تشتريه بنحو 60 فلسًا للتر، لكن عددًا من أفران المخابز الآلية يستخدم الديزل إلى جانب الكهرباء في عملية التشغيل، وهما غير مدعومين للمخابز حاليًّا.

وفي 2008 قدمت الحكومة دعمًا إضافيًّا للمخابز عبر تخفيض كيس الطحين من نحو 3.7 دينار إلى دينارين فقط، بعد أن أعربت مخابز عن رغبتها في زيادة أسعار المنتجات المدعومة، في حين تصل أسعار الطحين في السوق العالمية لنحو 7 دنانير. ويعد الخبز في البحرين الأرخص عالميًّا حسب العاملين في هذه الصناعة.

ويقول عاملون في مجال المخابز إن الدعم على الطحين قبل عقود كان يمثل عاملاً مساعدًا، إذ كان يشكل قرابة 70 % إلا أنه في الوضع الحالي لا يكاد الطحين يشكل سوى 20 % أو 30 % من تكاليف الإنتاج.

وفي الوقت الذي تبيع المخابز الآلية الخبز اللبناني والخبز الأفرنجي بأنواعه “الرول” و”السليس” و”الصمون” بـ 100 فلس مقابل الحصول على الطحين المدعوم، إلا أن التكلفة الحقيقية للإنتاج تزيد عن ذلك لدى بعض المخابز.

وعلى الرغم من أن بعض المخابز طلبت عدم تزويدها بالطحين المدعوم مقابل الاستغناء عن إنتاج المنتجات المدعومة، إلا أنه تم التلويح لها باتخاذ إجراءات قانونية إذ يعتبر عدم تقديم الخبز المدعوم مخالفا للقانون. وينص القانون على أنه يقتصر استعمال الطحين المدعوم والمنتج من قِبل شركة البحرين لمطاحن الدقيق على صناعة الخبز البلدي والشعبي واللبناني والإفرنجي (الروتي والكماج والرول) واللوف، كما يُحظر على أصحاب المخابز الآلية والشعبية استخدام الطحين المدعوم في إنتاج أنواع الخبز الأخرى ذات القيمة المضافة أوالمنتجات التجارية الأخرى التي يدخل الطحين في صناعتها، أو بيع الطحين المدعوم أو عرضه للبيع أو التصرف فيه بأي وجه يخرج عن حدود الغرض المخصص له.

وتبيع المخابز الآلية الخبز على البقالات ونقاط التوزيع بسعر يقل عن 100 فلس، كما أنها تعطي نسبة استرجاع للمحلات التجارية في حال بقاء منتجات الخبز دون وجود مشتر، إذ تربح المحلات نحو 20 % من البيع. ودفعت الظروف المالية غير المواتية عددًا من المخابز البحرينية لهجر هذه الصناعة، في حين فضّل آخرون تأجير المخابز بالباطن على آسيويين، بحسب عاملين في الصناعة.

 

ارتفاع التكاليف بنسبة 300 %

ويعلق مالك مخابز الجزيرة، علي الشبيب، من واقع خبرته كخباز ثم مالك لمخبز منذ العام 1968، قائلاً “صحيح أن الطحين مدعوم منذ العام 1974 لكن نرى المواد قد ارتفعت طوال هذه السنوات”، في إشارة إلى أن الطحين لم يعد يمثل تلك النسبة الكبيرة في التكلفة. إذ إن بعض المواد الداخلة في صناعة الروتي والخبز ارتفعت بنسب 300 % وحتى 400 % مثل السكر والزيوت والمحسنات إضافة إلى عدد من الأمور التي تدخل في عملية الإنتاج كالكهرباء وغيرها. وبيّن الشبيب، أن المخابز الآلية تبيع منتجات الخبز المدعومة بسعر 80 فلسًا للبرادات في الوقت الذي بالكاد تستطيع تغطية تكاليف الإنتاج، بل إنها تعتمد في الدخل على المنتجات الأخرى والتي لا تستخدم فيها مواد الدعم.

وأشار “مثلاً أسعار مواد التغليف كانت سابقًا تبلغ نحو 470 دينارًا للطن، حاليًّا 1200 دينار للطن، والزيت كنا نشتري العلبة بنحو 3 دنانير والآن سعرها يبلغ 7 دنانير والسكر ارتفع للضعف ليبلغ سعره نحو 10 دنانير للكيس”.

 

المخابز “مديونة”

ولخّص الشبيب الوضع الذي تعيشه المخابز الآلية في البحرين بأنه وضع “صعب”، ففي حين لا تستطيع هذه المخابز رفع الأسعار لأنها تتعاطف مع المواطن الذي بأمسّ الحاجة إلى وجود منتجات خبز مدعومة في ظل محدودية دخل الكثيرين، إلى جانب التزام هذه المخابز بتثبيت الأسعار وعدم تخليها عن تقديم هذه السلعة الضرورية، إلا أنها تكافح للبقاء على هذا الوضع في ظل ازدياد تفاقم المصروفات التشغيلية.

وأكد شبيب “معظم المخابز مديونة”، محذرًا من أن عددًا منها قد يتوجّه للخروج من السوق إذا لم تتغير الأوضاع الراهنة.

 

مطلوب دعم “تمكين” والكهرباء

ودعا الشبيب الجهات المعنية للالتفات إلى موضوع المخابز الآلية وتقديم التسهيلات التي تساعدها على إنجاز مهمتها في توفير منتجات الخبز للمواطنين، مقترحًا عددًا من النقاط، من بينها تقديم تخفيضات فيما يتعلق بالكهرباء أو الحصول على دعم “تمكين” في المصاريف التشغيلية.

 

خسائر من الخبز المدعوم

ويتفق علوي المرزوق، من مخابز المرزوق مع ما ذهب إليه الشبيب، حين أشار إلى أن المخابز بالكاد تغطي التكلفة إذا لم تكن تخسر في عملية بيع الخبز المدعوم. وقال المرزوق إنه على الرغم من أن بعض المخابز تعمل بطريقة آلية بالكامل وبعضها نصف آلي أو أقل، إلا أن ذلك لا يبعدها عن موضوع الخسارة في الخبز المدعوم. وشرح المرزوق، قائلاً “مثلا نحن يكلفنا الخبز 65 فلسًا ونبيعه للبرادات بسعر 80 فلسًا، أي أن هناك هامش 15 فلسًا، لكن مع إرجاع 20 % من منتجات الخبز المدعوم للشركة في اليوم الثاني فإن ذلك يعني عدم تحقيق أي ربح بل يعني الخسارة وهذا ما يحدث في كثير من الأحيان”.

وأكد المرزوق أن المخابز مع وجود دعم للخبز بمختلف أنواعه كسلعة رئيسية في حياة المواطنين، إلا أن ذلك لا ينبغي أن يكون على حساب المخابز الآلية نفسها.

وأشار إلى أن المخابز في وضع “صعب” وهي تلجأ للتموين الخارجي وغيرها من الأعمال كمصدر دخل، وليس على منتجات الخبز، لكن ذلك لا يعني أنه يتوجّب عليها تحمل الخسارة لتغطية الدعم، موضحًا أن دعم الكهرباء وغيرها من الأمور ستوفر هامشًا ربحيًّا لها.

وعلى الرغم من أن “تمكين” تقدم الدعم للمعدات دائمًا، لكن المرزوق يرى أنه يجب أن يتم تسهيل الإجراءات خصوصًا للشركات التي تمتلك تاريخًا جيدًا في الصناعة.