+A
A-

خالد جناحي: هذه خطة إرجاع البحرين مركزا ماليا

4.5 مليار دولار فوائد الدين العام بحلول 2023

نحتاج 3 مليارات دولار لتسديد سندات مستحقة العام الجاري

الكشف النفطي الجديد يمنحنا تفاؤلا وبصيص أمل

ارتفاع أسعار النفط عن المقدّر بالميزانية وفّر مليار دولار

علينا إدارة ملف السياحة بالاعتماد على التكامل مع السعودية

يجب إشـراك المؤسسـات المحلية بترتيب القروض

ثبات نسبة البحرينيين بـ“الخاص” بعد 10 سنوات على “إصلاح السوق”

هل تصبح البحرين هونغ كونغ السعودية؟

إلغاء الخطوط الحمراء أمام الشباب ودعمهم لاستشراف المستقبل

 

 

حذّر الخبير المصرفي خالد جناحي من ارتفاع الدين العام في البحرين إلى مستويات يصعب السيطرة عليها مستقبلا.

وتوقع أن يصل - في حال استمرت السياسة الاقتصادية الحالية - إلى 100 % من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري، وإلى 107 % العام المقبل، الأمر الذي عده خطيرا.

وأضاف في حديث مع “البلاد” أن الأرقام كبيرة ويصعب سدادها في ظل تراجع الإيرادات وتمدد العجز وتطور المتغيرات الإقليمية، إلا أنه أبقى الباب مفتوحا لشيء من التفاؤل والأمل.

وربط جناحي تفاؤله بالكشف النفطي الجديد الذي أعلن عنه في مارس الماضي، والذي يحوي نحو 80 مليار برميل من النفط، وحوالي 20 تريليون متر مكعب من الغاز.

وأشار إلى أن المشكلة الأكبر في الأمر تتعلق بالفوائد المترتبة على هذا الدين، والتي قدّرها بـ 1.25 مليار دولار (بالأسعار الحالية) وهو رقم كبير أيضا، يحتاج إلى وقفة وتبصّر.

ونبه من مغبة الاقتراض من البنك والصندوق الدوليين، معتبرا يوم حدوث ذلك - لا سمح الله - أنه سيكون يوما أسود، لكنه عاد ليشير إلى أن الرياض وأبوظبي لن تتركا البحرين لوحدها في هذه الظروف.

وتساءل: لماذا لا يتم تنويع مصادر الدخل؟ (...) طالما شددت ودعيت إلى فرض ضرائب على الثروات كمصدر معتبر للدخل، إضافة إلى الاستفادة من الانفتاح والمشروعات والبرامج في المملكة العربية السعودية.

ودعا للعمل على إنجاز التكامل بين البلدين وجعل البحرين هونغ كونغ من وجهة نظر الشقيقة الكبرى. واقترح جناحي، لإعادة موقع البحرين المالي إلى الواجهة، بدمج 3 بنوك بحرينية كبرى، ودمج 4 شركات تأمين، تولد مؤسسات مالية برؤوس أموال ضخمة قادرة على الجلوس مع الكبار في منطقة الخليج.

وطالب بإعطاء الشباب الكفؤ، من دون تمييز، ووفقا للمنافسة الشريفة وتكافؤ الفرص، دورا أكبر في صنع القرار والمشاركة في الإعداد للمستقبل، والسماح لهم بالتفكير خارج الصندوق وإلغاء ما يسمى بـ “الخطوط الحمراء” التي تقف حائلا أمام إبداعاتهم. وكانت مجلة اليوروموني قد حذرت من ارتفاع مستوى المخاطر لدى البحرين، إذ قالت في مقال نشر منذ أيام إنه وصل إلى 46.8 نقطة من 100، بعد أن كان 23.3 نقطة قبل 10 سنوات تقريبا، بمعنى أنه زاد بواقع 23.5 نقطة.

وأوضحت المجلة أن الارتفاع بالبحرين هو الأكبر على مستوى دول الخليج، التي ارتفع مستوى المخاطر لديها هي الأخرى ولكن بمستويات أقل، وبمعدل تراوح بين 11 و12 نقطة.

وأشارت أيضا إلى الدين العام الذي ارتفع خلال السنوات العشر الماضية من 10 % من الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى 100 % في العام 2018، وهي تقريبا نفس النسبة التي أوردها صندوق النقد الدولي. وانتقدت المجلة عدم “الالتزام” بتطبيق رؤية 2030، إذ أوضحت أنه رغم مضي 10 سنوات على إطلاقها إلا أنه لم يظهر أي شيء ذو قيمة على أرض الواقع. وتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ النمو في البحرين العام الجاري 3 % وفي 2019 نحو 2.3 %. كما توقع أن يكون العجز في الميزانية العامة للدولة حوالي 3.4 مليار دولار في 2017، و3 مليارات في 2018، مرجعا سبب انخفاضه العام الجاري إلى تطبيق ضريبة القيمة المضافة التي ستوفر بعضا من الدخل. (أرجأت البحرين تطبيق الضريبة إلى العام المقبل).

ومن المعلوم أن الناتج المحلي الإجمالي للبحرين يصل إلى حوالي 34 مليار دولار.

وسيبلغ مستوى التضخم في 2018 قرابة الـ 3.4 % فيما هناك توقعات بانخفاضه إلى 2.4 % في 2019، بحسب صندوق النقد.

وفيما يلي نص الحوار:

 

الدين العام.. الفوائد.. السندات

ما تقييمكم لوضع الدين العام بالمملكة حاليا ومستقبلا؟

بلغ الدين العام حتى نهاية فبراير الماضي (وهي آخر إحصاءات رسمية أصدرها مصرف البحرين المركزي) 28.3 مليار دولار، مشكلا قرابة الـ 87.5 % من الناتج المحلي الإجمالي (بحسب بيانات فبراير).  وهو رقم كبير، والمشكلة أنه مرجح للارتفاع خلال العام الجاري ليشكل 100 % من الناتج المحلي، وإلى 107 % العام المقبل (36.5 مليار دولار تقريبا).

وتقدر الفوائد المترتبة على الدين العام اليوم بـ 1.25 مليار دولار، وهو رقم كبير أيضا، يحتاج إلى وقفة وتبصّر.

وأضاف جناحي “إذا استمرت المملكة على هذا المنوال فإن الدين العام سيصل قبيل العام 2023 لحوالي 60 مليار دولار أي 140 % من إجمالي الناتج المحلي، إذا افترضنا أن الناتج المحلي سوف يرتفع 43 مليار دولار (حسب تنبؤات صندوق النقد الدولي)، لكننا نتحدث هنا من الناحية النظرية ونتمنى ألا يحدث ذلك”.

يجب ألا ننسى أن العجز في الحساب الجاري، بحسب صندوق النقد، لن يقل عن 3 % من الناتج المحلي في المنظور القريب والمتوسط، مع الأخذ في الاعتبار كذلك الجزئية المتمثلة بالعجز في الحساب الإكتواري للتأمينات الاجتماعية.

وتابع “رغم كل هذه الأرقام الرهيبة إلا أن الاكتشاف النفطي الجديد يعطي بصيص أمل، ويجعلنا متفائلين بالمستقبل بعض الشيء، لكن حتى يبدأ إنتاج النفط فإنه يلزمنا، بحسب ما أعلن وزير النفط، حوالي 5 سنوات”.

وكان وزير النفط قد قال خلال الإعلان عن الكشف النفطي الجديد مارس الماضي إن الكميات المتوافرة تصل إلى 80 مليار برميل، في حين يمكن استخراج ما بين 5 % و15 % منها، وهناك 20 تريليون متر مكعب من الغاز، وهو الشيء الجيد من وجهة نظر جناحي.

إلا أن جناحي، وبالاعتماد على توقعات المؤسسات العالمية المختصة والأمثلة الموثقة في الأردن وسلطنة عُمان بشأن هذا النوع من النفط (الزيت الصخري) فإن الكميات القابلة للاستخراج بحسب رأيه تتراوح بين 2 % و3 % فقط.

وتساءل جناحي: هل هذه النسب تعد مجدية اقتصاديا؟ خصوصا إذا علمنا أن الشركات العالمية تطلب فائدة أكبر في مثل هذه الأنواع من الحقول.

عن ذلك، قال مسؤولو شركة نفط البحرين “بابكو” إن التقنيات الأميركية الحديثة استطاعت إنتاج برميل النفط بكلفة 40 دولارا، وبما أن الأسعار حاليا زادت عن 65 دولارا للبرميل فإنه مجد اقتصاديا، مؤكدين أن طبيعة الحقل البحريني الجديد أفضل وأسهل للاستخراج من ذلك الموجود في أميركا. ووفقا لآراء بعض المتخصصين فإن هامش الربح على النفط الصخري يتراوح بين 20 % و30 %.

كل هذا شيء جيد، لكن كم نحتاج من كميات وأسعار للنفط لتصفير العجز؟

إذا افترضا أن نسبة الفائدة بقيت على ما هي عليه في البحرين والبالغة 7.5 %، تكون المملكة ملزمة بسداد 4.5 مليار دولار كفوائد سنوية بحلول العام 2023.

في ظل الاكتشاف الجديد، نحن نحتاج إلى 200 ألف برميل وفقا لما نشر، وبالتالي لابد أن يكون سعر البيع 200 دولار للبرميل حتى نستطيع سداد 4.5 مليار دولار (الفوائد).

بالمحصلة سيزيد العجز إلى مستويات قياسية إذا لم ترتفع الإيرادات، وهنا سؤال يطرح نفسه: كم ستوفر سياسة الإصلاح الاقتصادي والتقشف التي بدأ تطبيقها منذ عامين، والتي تخللها رفع الدعم عن السلع الرئيسة وعن مشتقات البترول والكهرباء وفرض الرسوم والضرائب...؟ نصف مليار دولار، أكثر، أقل، ماذا يعني؟ لماذا لا يتم تنويع مصادر الدخل؟

ومما “يزيد الطين بلة” أنه قبيل البدء بإنتاج النفط من الحقل الجديد، أي خلال السنوات الخمس المقبلة، ستحين مواعيد استحقاق دفع السندات التي أخذت سابقا، ومع عدم وجود إيرادات ستضطر الدولة لأخذ سندات جديدة لدفع المستحقات القديمة، ما يعني ارتفاع العجز.

يذكر أن ميزانية 2017 - 2018 بنيت على أساس سعر البترول 55 دولارا إلا أنه ومن حسن الطالع وصل الآن إلى 70 دولارا مما يزيد الدخل بحوالي مليار في هذه الفترة.

في 2018 نحتاج بين 3 و4 مليارات دولار لدفع السندات المستحقة وفرق العجز، يتبعها تلك المستحقة في الأعوام 2019 و2020 وهي قليلة نسبيا، لكن المشكلة تعود بالظهور بشكل أكبر بالأعوام بين 2021 و2028.

يضاف إلى ذلك، حجم الفوائد على هذه الديوان التي ستزيد أيضا، خصوصا أن الاعتماد ينصب على النفط وبطبيعة الحال الأسعار العالمية غير مرشحة للارتفاع.

يشار إلى أن الشركة القابضة للنفط والغاز (نوجا) تبحث للاقتراض من السوق العالمية لتغطية نفقات توسعة المصفاة التي تقدر بـ 5.5 مليار دولار. وقال جناحي “يجب الأخذ بعين الاعتبار نسبة التضخم القابلة للارتفاع، تماشيا مع صعود الأسعار، والتي ستؤثر كثيرا؛ كون البحرين دولة استهلاكية بامتياز”.

 

هل تدفع الحاجة البحرين للاقتراض من البنك والصندوق الدوليين؟

إن حدث ذلك سيكون يوما أسود، وأنا آخذ بحكمة الرياض وأبوظبي في دعم البحرين حتى لا تذهب إلى هذا الطريق؛ لأن ذلك سيوقعنا في مشاكل كبرى. والجميع يعلم أن أي دولة خليجية تذهب إلى هذه المؤسسات فإن ذلك لن يكون بمصلحة دول المجلس الأخرى.

إذا طالعنا السندات البحرينية في الأيام القليلة الماضية، سواء المستحقة في الأعوام 21، 26، 27، 28 أو حتى العام 2047 فإننا نلاحظ أن أسعارها منخفضة جدا، (...) اليوم وصل سعر سندات الاستحقاق للعام 2047 عند 87 دولارا، وهي متراجعة من 95 دولارا خلال أيام، حتى سندات “نوجا” انخفضت هي الأخرى من فوق الـ 100 دولار إلى 95 دولارا.

 

المحافظة على موقع البحرين مركزا ماليا

هل ما زالت البحرين مركزا ماليا للمنطقة؟

أعتقد أن هذا كلام “أكل عليه الدهر وشرب”، لم تعد البحرين ومنذ سنوات تحتل هذا المركز، فقد سبقتها بأميال عواصم خليجية أخرى، دبي وأبوظبي مثالا. كما أن الرياض وبفضل الخطط والبرامج والانفتاح والقيادة الشابة المتمثلة بسمو ولي العهد، تخطو بسرعة فلكية وهي العاصمة المالية المقبلة للمنطقة.

فكيف يمكن اعتبار البحرين مركزا ماليا ولا يوجد فيها كيانات مالية قوية تستطيع الجلوس مع الكبار في المنطقة على طاولة واحدة؟

 

كيف لنا إعادة البحرين للركب في هذا المجال؟

للعودة إلى الواجهة من جديد، علينا - ببساطة - خلق موقع قدم لنا بين الكبار في المنطقة.

فمثلا أقترح دمج بنك البحرين الوطني وبنك البحرين والكويت والجزئية البحرينية في البنك الأهلي المتحد؛ لإنتاج بنك بحريني تجاري كبير.

عند اندماج هذه الكيانات الثلاثة ستنتج مؤسسة بموجودات تفوق الـ 30 مليار دولار، وأكثر من 500 مليون دولار أرباح سنوية.

وهنا على الجميع النظر إلى المصلحة العامة للوطن، وغض النظر عن الأضرار التي قد تصيب بعض الأشخاص في مجالس الإدارات، أو خسارة بعض الوظائف، وإغلاق عدد من الفروع؛ لأن ذلك سيكون وقتيا، إذ ستظهر النتائج الإيجابية بعد 3 سنوات على أكثر تقدير.

الأمر قابل للتطبيق، خصوصا إذا علمنا أن للحكومة يد طولى في هذه البنوك بمساهمتها المؤثرة من خلال التأمينات الاجتماعية وشركة ممتلكات القابضة.

أما الأمر الثاني فهو إنشاء شركة تأمين كبرى قادرة أيضا على مواكبة التطور وحجم الأسواق الإقليمية والعالمية، إذ اقترح دمج المجموعة العربية للتأمين (أريج) والشركة البحرينية الكويتية للتأمين و “سولدرتي” القابضة والوطنية القابضة، وهو مشروع سينتج كيانا تأمينيا برأس مال لن يقل عن 700 مليون دولار، الأمر الذي يعطي قوة وزخما ومنافسة أكبر على مستوى المنطقة.

أما الأمر الثالث فهو بالإضافة إلى ضرورة تطوير الأنظمة والتشريعات (والقوانين المتعلقة بالإفلاس) لتتواكب مع العصر الجديد، فنحن بحاجة إلى تغيير طريقة معاملة المؤسسات المالية.

وتابع جناحي: ليس من المنطق “تدليل” المؤسسات العالمية التي تسببت بالأزمة المالية في 2008 والاعتماد عليها في ترتيب القروض والسندات وتمويل المشروعات وترك المؤسسات المحلية والخليجية، بل ونلومها على آثار الأزمة المالية ونحمّلها مسؤوليتها بدعوى أنها لم تكن متنبهة وحذرة.

لكن علينا الاعتراف بأنه تم إدخال بنك البحرين الوطني - نسبيا - على موضوع ترتيب القروض، وهذا شيء جيد، لكن المطلوب أكثر من ذلك. الأمر الرابع الاستثمارات الأجنبية والمحلية، لابد من العمل على جلب هذه الاستثمارات وخلق بيئة جاذبة مشددا على تطبيق القوانين المنظمة على الجميع وعلى السواء من دون تمييز أو تراخ لأي من كان بحيث لا يكون أحد فوق القانون.

تنويع الدخل.. السياحة مثالا

كيف يمكن الاستفادة من القطاع السياحي لتنويع مصادر الدخل، وتزامن ذلك مع الخطط والبرامج التي أطلقت في السعودية بهذا الخصوص؟

بنت البحرين سياستها السياحية على تدفق الزوار خصوصا من السعودية، ولكن الأمر تغير الآن بعد بدء الشقيقة الكبرى بإطلاق البرامج والفعاليات والمشروعات السياحية والترفيهية الضخمة التي تستهدف السعوديين والخليجيين والزوار من البلدان الأخرى، وهي تسير بسرعة كبيرة جدا في هذا المجال.

لذا باتت البحرين مضطرة، بل مجبورة، لتغيير طريقة إدارة ملف السياحة، بالاعتماد على النمو الكبير الذي تشهده السعودية وبالاستفادة من العلاقات التاريخية والأخوية العميقة، التي تمتد لسنوات طوال. فالفكرة تكمن في التكامل السياحي والترفيهي بين البلدين والابتعاد عن المنافسة، بحيث تكون السياسة السياحية بالبحرين جزءا لا يتجزأ من السياسة السياحية السعودية، وأن تكون بيد الرياض؛ كونها الأكبر، وبذلك يتم العمل على جعل البحرين هونغ كونغ السعودية، على أن يكون التطبيق من جهة الشقيقة الكبرى.

وكان الوزير المسؤول عن الترفيه بالسعودية قد أعلن قبل أسابيع أن وزارته ستضخ نحو 64 مليار دولار في السياحة والترفيه خلال السنوات العشر المقبلة.

كما أُعلن في 29 أبريل الماضي عن إنشاء مدينة ترفيهية ضخمة جديدة غرب الرياض تحمل اسم “القدية” ضمن خطة “رؤية 2030”.

وقررت السعودية، السماح بفتح دور السينما اعتبارا من مطلع العام الجاري.

 

إصلاح سوق العمل

ما رأيك بمشروع إصلاح سوق العمل، والبرامج التي يتضمنها؟

أعتقد أن فكرة المشروع عموما جيدة، فالجميع يريد أن يكون البحريني مهيأً ومتدربا وخيارا مفضلا لدى أصحاب الأعمال، لكن التطبيق لم يأت كما أريد منه.

وعند مقارنة أعداد العمالة الأجنبية، منذ بدء تطبيق المشروع في العام 2008 بأرقام العام الحالي أو السابق سنكتشف أنه لم يتحقق شيء على أرض الواقع.

للأسف، ما زالت عقدة الأجنبي موجودة، إذ يفضل كثيرون “العم الأبيض” في مواقع العمل.

ووصل عدد العمالة في القطاع الخاص في نهاية العام الماضي (بحسب بيانات هيئة سوق العمل) حوالي 763.1 ألف عامل، بينهم 604.7 ألف أجنبي، و158.4 ألف بحريني، ما يعني أن البحرينيين يشكلون 20.7 %.

وكان عدد العمالة في القطاع الخاص قبل نحو 10 سنوات (في النصف الأول من العام 2008) حوالي 393 ألف عامل بينهم 317 ألف أجنبي، و76 ألف بحريني، إذ يشكل البحرينيون 19.3 %.

ومع مقارنة الأرقام فإن نسبة البحرينيين لم تتغير تقريبا، على مدار السنوات العشر الماضية، إذ ارتفعت بشكل طفيف لم يتجاوز الـ 1.4 %.

وواصل جناحي “لكنني من المعجبين بصندوق العمل (تمكين)، فهو استطاع إنجاز الكثير وتدريب البحرينيين، وفتح آفاقا وفرصا جيدة للشباب، فضلا عن دعمه للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تعد عصب أي اقتصاد ناشئ”.

 

الشباب البحريني والمستقبل

كل هذه البرامج تستهدف الشباب، هل ترى أن الشباب البحريني أخذ فرصته؟

عندما أُسأل عن الشباب يتبادر إلى ذهني ما يحدث في المملكة السعودية، فهي تسير بخطى سريعة وثابتة وواثقة بالارتكاز على الشباب، وبقيادة الشاب الملهم ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان.

لا نريد هنا الإشارة فقط إلى المشروعات وإلى “نيوم”، بل نريد التحدث عن الطريقة الجديدة في إدارة الدولة، جميعنا لاحظ كيف تعاملت الكاميرا مع وجه وحركات جسد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان عندما تكلم بالمؤتمر الشهير في أكتوبر العام الماضي، وكيف كان تأثيره على الحضور وكيف علق بالأذهان كل ما قاله. أصبح ملهما للشباب السعودي والخليجي، خصوصا الفتيات اللواتي حصلن على بعض مطالبهن من خلاله. فالمستقبل للشباب، علينا ترك المجال لهم وإعطاؤهم الفرصة الكاملة للمساهمة والبدء بتكوين السياسات المستقبلية وإشراكهم بصنع القرار، ونشدد هنا على نوعية الشباب الكفؤ ذي الإمكانات والجدارة من دون تمييز، فنحن من الماضي وجزء منا بالحاضر لكننا لسنا للمستقبل.

دعني أستشهد هنا بما قاله رجل الأعمال والملياردير الأميركي وارن بافت “الماضي في سلة المهملات، والحاضر جريدة، والمستقبل علامة استفهام”.

في البحرين نحن متأخرون في هذا المجال، (...) لاحظ أن معظم أعضاء مجالس إدارات الشركات من كبار السن أو أبنائهم، وما زالوا متمسكين بالكراسي، إلى متى؟ ألا يريد هؤلاء التقاعد وفتح المجال للشباب؟

المطلوب تغيير العقلية، وخلق شيء حقيقي على أرض الواقع وليس الاكتفاء بالكلام.

 

هل ترى أن التعليم والمناهج قادرة على إنتاج جيل شاب يعتمد عليه؟

لدينا في البحرين كثير من المتعلمين وكثير منهم خريجو أفضل الجامعات الدولية، ولكن التعليم ليس بالمناهج والكتب فقط، وإنما بالتفكير والنقد الذهني بحيث يفتح لهم المجال للبناء.

المطلوب فتح المجال لهم للتفكير خارج الصندوق، وألا يكون هناك خطوط حمراء أمام النقاش والأسئلة.

لماذا نحن العرب عندما نتحدث وننظر إلى الخارج، نوافق على إلغاء الخطوط الحمراء ونبدي إعجابنا بأفكار الشباب هناك وكيف أن لديهم الجرأة الكافية لطرح أي شيء، في حين أن داخل بلداننا وبيوتنا نزيد من هذه الخطوط.

الفكرة ليست بالتعليم وإنما بطريقة التعليم وطريقة التعامل والانفتاح، فالجامعات الكبرى لا تقول ماذا درست وإنما ماذا استفدت مما تعلمت وماذا قدمت وكيف ستغير.

وعلى الشباب التفكير بالتنافس على مستوى العالم وليس فقط محليا؛ حتى يستطيعوا العيش في المستقبل بالنظر إلى التطور والتغييرات السريعة في مناحي الحياة، وجميعنا يعلم أن التغييرات التي حدثت في السنوات العشر الماضية فاقت ما حدث على مدار 150 عاما، وبالمقابل فإن التغييرات المنتظرة خلال السنوات القليلة المقبلة ستزيد أكثر 50 مرة عما كانت عليه.

في مصلحتنا تقبل المستقبل، وهذه دعوة إلى الجميع من البيت إلى المدرسة إلى المسؤولين والجهات المعنية بضرورة فتح المجال للشباب الكفؤ للانطلاق، لذا أدعو الكبار للمساعدة في التغيير وتسريعه.

 

هل أنت متفائل بالمستقبل؟

أنا متفائل بالشباب الكفؤ والجّاد، فهم المستقبل، والذين سيغيرون، وهنا أؤكد أن التغيير إجباري وأقصد البحرينيين والعرب عموما.

شبابنا في معظم الأوقات أفضل من الشباب الأجانب، لكن للأسف هناك لديهم ظروف أفضل، ولا يوجد عندهم خطوط حمراء ويمكنهم التفكير خارج الصندوق.