+A
A-

علي مرهون ... الهروب من البطالة أقحمه قطاع المقاولات

الغربة ساعدتني في دخول عالم التجارة

أصبح لجمعية المقاولين كلمة مسموعة

شقيقي ساعدني على اقتحام هذا القطاع

عشقي للطبخ حقق نجاحا باهرا لمشروع مطعم المشويات

قطاع المقاولات هو الأشد تأثرا بأي هزة اقتصادية

نصيحتي للشباب: لا تعتمدوا على أحد وابدأوا بكل ثقة

 

على الرغم من قضاء رئيس جمعية المقاولين البحرينية، علي مرهون، نحو 30 عامًا في قطاع المقاولات، إلا أنه لا يخفي شغفه  بـ”الطبخ” و”المطابخ”، إذ يرى أن قصته مع عالم الأعمال والتجارة، كما يرويها لـ “البلاد”، بدأت من خلال كونه طباخًا ماهرًا.

مرهون رئيس ناجح لجمعية المقاولين وعضو في اتحاد المقاولين العرب، ومع ذلك فهو فخور بأن مشواره مع الأعمال والعمل الحر بدأ ببساطة  من خلال المطبخ. لقد اكتسب فن الطبخ من خلال مرافقته لبعض زملاء العمل من جنسيات عربية في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومن ثم استفاد من هذه التجربة لتدشين مشاريعه الخاصة به عند العودة لأرض الوطن. فإلى مضابط الحوار معه:

 

البداية من الإمارات

ولد مرهون لأسرة متواضعة، حيث لم يكن والده يعمل في المقاولات، حيث تلمّس خطواته الأولى في العمل والتجارة منذ العام 1977، حينما  كان يسافر مع جده إلى الدمام للعمل والبيع في سوبرماركت.

بعد انتهاء المرحلة الدراسية، فضّل ضيفنا التوجّه إلى الإمارات العربية المتحدة للعمل في السلك العسكري، حيث التحق بالقوات المسلحة الإماراتية لما يقارب الخمسة أعوام، إذ تدرّج في مهماتها حتى وصل لمدير إداري بمدرسة الحرب الكيماوية في أبوظبي.

وروى مرهون لنا كيف أن فترة الغربة شكلت له فترة تجربة حياتية مختلفة، احتك من خلالها وتعلم الكثير من الفنون والخبرات مع زملائه، فاستطاع مثلا تعلم فن الطبخ وتحضير الشواء والمشويات والمقبلات من خلال زملائه المصريين وغيرهم من الجنسيات الأخرى، ما جعله بارعًا في ذلك ليقوم أحيانًا بإعداد الطعام بنفسه لهم.

 

الحنين للبحرين وشبح البطالة

وبعد قضائه لعدة سنوات في أبوظبي، قرّر مرهون العودة إلى أرض البحرين، إذ كان يرغب في إكمال نصف دينه والزواج خلال فترة شبابه، وحاول خلال هذه الفترة الحصول على وظيفة  بالبحرين، فتقدم لمختلف الوزارات والجهات لشغل وظيفة، إلا أن الحظ لم يحالفه للحصول على فرصة عمل، مشيرًا إلى أنه بقى عاطلاً لفترة من الزمن، وكان ذلك الوضع يزعجه أيّما إزعاج، فهو لا يحب أن يرى نفسه عالة على أحد أو بدون وظيفة وهدف في الحياة، لذلك قرّر استثمار معرفته في الطبخ التي اكتسبها في الامارات العربية المتحدة في مشروع تجاري يكون له سندًا وعونًا  في حياته المستقبلية.

وبالفعل، افتتح مرهون مطعمًا للمشويات في العام 1986، مضيفًا بكل فخر أنه كان يقوم بنفسه بإعداد اللحم والشواء بنفسه، ولا يرى أن ذلك يعيب صاحب أي مؤسسة أو عمل استثماري.

وحقق مطعمه نجاحًا باهرًا، وشهد إقبالاً من قبل الزبائن، على المشويات والأكلات التي كان يعمل بنفسه على إعدادها، لافتًا إلى أن المطعم كان نقطة تجمع للشباب ولتناول الوجبات  في أجواء من الألفة والمحبة، وهذا ما جعله يعشق هذه المهنة، إذ يكون الطعام في أحيانا كثيرة ملتقى للحب بين أفراد المجتمع بمختلف مستوياتهم.

وعن تجربته في المطعم يقول مرهون، إن عمل المطاعم ضرب من الأنشطة التجارية التي تحتاج إلى متابعة مستمرة ويومية سواء في عملية الشراء وإعداد الأكل وخدمة الزبائن وغيرها.

ويؤكد “حتى الآن أنا أعشق الطبخ، وحين يتجمع أفراد العائلة للغذاء أحب أن أقوم بإعداد الطعام بنفسي، وأتحين الفرصة لكي أقوم بإعداد الشواء عند الخروج مع الأصدقاء، حيث أجهّز اللحم وتهيئته للشواء، حتى أن أحد الأصدقاء قال لي قبل أيام لا أعلم لماذا لا تفتح لك مشروعًا للطبخ، حتى طبخة (الباجه) الشعبية لي معها شأن”.

ويرجع مرهون الفضل لهذا النجاح في مجال المطاعم لأحد ممن تعرف عليهم في الغربة من سوريا والذي افتتح في وقت لاحق حين كان في أبوظبي، مطعمًا يدعى “أبوشقره”، حيث تعلم من هذا المطعم إعداد مختلف أنواع المقبلات.

 

قطاع المفروشات

ومع تحقيق مشروعه الأول في البحرين للنجاح الباهر، قام مرهون بتوكيل العمل لأحد أشقائه، وقرّر العودة للإمارات والخدمة في سلك الشرطة في دبي، وهناك عمل كذلك لمدة خمس سنوات تقريبًا.

وبعد قضاء فترة الخدمة في هذه الإمارة، عاد مرهون مجددًا إلى المملكة، وهنا بدأ العمل في قطاع المفروشات حيث افتتح مفروشات “الولاء” واستمر بها  لمدة تقارب 12 عامًا، إلا أن انخفاض الإقبال على المفروشات في فترة ما، جعله يقرّر إغلاق المحل.

 

اقتحام قطاع المقاولات

وبالتزامن مع المفروشات وقبيل ترك هذا القطاع، بدأ علي مرهون ممارسة العمل في المقاولات على أرض الواقع وبصورة مكثفة منذ مطلع التسعينات، وذلك بمساعدة شقيقه الذي كان له خبرة في المجال، ويرجع مرهون الفضل لنجاحه في المقاولات إلى شقيقه الذي علمه كل شيء في هذا القطاع، الأمر الذي سهّل عليه تدشين المشروع، إذ بدأ أ بأربعة عمّال فقط، حين دخل المقاولات قبل نحو ثلاثين عامًا، ولكن استطاع من خلال المتابعة المستمرة لعمله، والقيام بزيارة المواقع والتأكد من أن العمل يسير عل ما يرام، حقق نجاحًا كبيرًا، مؤكدًا أن نجاح المقاول يكون بالاهتمام بأدق تفاصيل العمل.

ويقول مرهون إنه أخذ يحب، منذ اقتحم هذا المجال، هذه المهنة مما ساعده على التغلب على التحديات والظروف الصعبة التي كان يواجهها آنذاك.

 

جمعية المقاولين

وبخصوص بداياته في العمل التطوعي أو المؤسسات الاجتماعية والأهلية، وبالتحديد جمعية المقاولين، كشف مرهون أن أحد زملائه اقترح عليه أن يتقدم للعضوية في الجمعية التي تأسست في العام 2001، فدخل في عضويتها في الدورة الثانية من عمر الجمعية. وأخذ يتابع شئون جمعية المقاولين البحرينية، ويحضر أنشطتها، ويشارك في فعالياتها المختلفة واجتماعاتها ليصبح أحد الأعضاء الفاعلين، ومن ثم رشّح نفسه لعضوية مجلس الإدارة وحصل على ثقة الأعضاء.

ويسرد ضيفنا أنه قد أوكلت له ذات مرة مهمة الأمين المالي في البداية، لكنه لم يجد نفسه مناسبًا لهذه المهمة، فاستبدل مع أحد الأعضاء المنصب، ليصبح هو أمين سر الجمعية، ويكون زميله أمينًا ماليًّا.

ومع بداياته في جمعية المقاولين البحرينية، كان مرهون مسئولاً عن المراسلات التي تتم مع الجهات المعنية والوزارات، مشيرًا إلى أن الجهات الرسمية لم تكن، في بداية عمر الجمعية، تتعاطى معها بصورة لائقة أو بصفتها ممثل للمقاولين، بيد أن الصورة تغيرت بعد مرور سنوات.

ويوضح مرهون كيف أن الجمعية أصبحت تراسل وتجلس مع مختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية والجهات الرسمية، حتى أنها تعاونت مع لجان في مجلس النواب ومجلس الشورى وقدمت الاقتراحات وشاركت مع المجلس التشريعي في وضع بعض القرارات.

ويشير مرهون بكل فخر إلى قرار إشراك الجمعية في إحدى اللجان الوزارية المعنية بشئون المقاولات، إذ كان ذلك تحول تاريخي، بأن يتم إشراك جمعية أهلية في لجنة وزارية، وهو دليل لمدى الاعتراف والاحترام الذي حظيت به جمعية المقاولين البحرينية كممثل لطيف واسع من أصحاب الأعمال يشمل النقليات والشحن والحفريات وغيرها.

وبيّن أن جمعيته نجحت تنظيم أكبر مؤتمر لها، وهو مؤتمر جمعية المقاولين البحرينية والذي شكل نقطة تحول لبحث مختلف القضايا الاقتصادية التي تهم القطاع.

 

تنسيق إقليمي

ومثلما حصلت جمعية المقاولين البحرينية على تقدير واعتراف محلي، استطاعت أيضًا، كما يقول رئيسها، الوصول إلى المستوى الإقليمي من خلال العضوية في اتحاد المقاولين العرب، وتمثيلها للبحرين في أحد الاجتماعات الذي استضافه السودان الشقيق، كما وقعت الجمعية اتفاقية تعاون مع لجنة المقاولات في الغرف التجارية بالمملكة العربية السعودية.

 

تحديات متصاعدة

وبخصوص تقييمه لقطاع المقاولات في البحرين خلال العقود الماضية، يرى مرهون أن التحديات التي يواجهها قطاع المقاولات في المملكة في تصاعد مستمر، لافتًا إلى تذبذب سوق مواد البناء الأولية ونقصها في السوق بين فترة وأخرى، إذ تشهد البحرين باستمرار أزمات متلاحقة سواء في الأسمنت أو الرمل أو الدفان أو الكنكري وكلها تزعزع القطاع العقاري، لذلك تعمل الجمعية لحل أي مشكلة تطرأ في هذا السياق.

ويضيف رئيس جمعية المقاولين، أن قوانين العمل والسجل التجاري الجديدة، التي فتحت المجال  للعمالة الأجنبية بالسوق المحلية تشكل تحديًا كبيرًا، مؤكدًا “أزمة العمالة السائبة في تزايد في السنوات الماضية كنا نتحدث عن 25 ألف عامل بدون رخصة والآن نتحدث عن 60 ألف عامل، هذا يعني أن المشكلة تتفاقم”.

ويوجّه مرهون كذلك انتقاده لـ “لنظام العمل  المرن” الذي جعل الأجنبي ينافس البحريني بطريقة “غير عادلة”، وفقًا لاعتقاده، كما أنه فتح بعض الأنشطة التجارية للأجانب بصورة كاملة مما يصب كذلك في هذا السياق فهو في غير صالح البحرينيين وفي غير صالح الشركات الصغيرة، التي خرج بعضها من السوق تمامًا، كما يقول.

 

نصيحة للبحرينيين

وفي الختام، وجّه رئيس جمعية المقاولين البحرينية نصيحة للشباب البحريني، قائلاً لهم، “لا تعتمدوا على الأبوين، لا تركزوا في مجال واحد فقط في العمل، مارس أي مشروع، المهم أن تبدأ بثقة، وحينها ستجد أن الحظ سيحالفك، وبالتأكيد إذا ما عزمت ستحقق مبتغاك، وليس عليك الخجل من أي عمل شريف مهما كان، مادام سيغنيك عن مد اليد إلى الناس”.