بسم الله الرحمن الرحيم

“مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا” صدق الله العظيم.

بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره تلقينا خبر وفاة سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية نائب رئيس مجلس الوزراء وزير العدل والشؤون الإسلامية السابق.. وإنه لخبر ليحزن القلب ويدمع العين، فقد كان سموه أحد رموز البحرين البارزة وإحدى أهم الشخصيات التي كان لها دور جلي في شتى المجالات ولاسيما المجال السياسي والثقافي والإسلامي والخيري، عاش للأمة الإسلامية وتوفي لها محبا للخير والقرآن الكريم، وتولى حقيبة العديد من الوزارات داخل مملكة البحرين، وهو موسوعة ثقافية كبيرة جدا، وكان (رحمه الله) يهتم بكل صغيرة وكبيرة تتعلق بالجانب الشرعي، وهو الأب الروحي لكل خير وعطاء.. وإننا عند فقدنا لشخص حبيبٍ وغالٍ لا يعزينا في فراقه سوى أن نذكر محطاتٍ من حياته نتوقف عندها كي نستشعر عِظَم ما كان يقدمه لنا في حياتنا ومدى الفرق الذي أحدثه بعد رحيله.. إذ إنه (رحمه الله) ولد في مدينة المحرق العام 1922، وتعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم في سنوات عمره المبكرة فهو ومنذ نعومة أظفاره كان الإيمان يحتوي قلبه، ثم التحق بمدرسة الهداية الخليفية وتخرج فيها بالعام 1940.

ومن المناصب التي تولاها سموه، قاض بمحاكم البحرين على مدى 5 سنوات، إذ بدأ مسيرة حياته العملية ملتحقًا بالقضاء، فعُيّن في العام 1951 قاضيًا بمحاكم البحرين واستمر في مزاولة عمله حتى نهاية العام 1956، إذ تم في العام 1957 تعيينه قاضيًا بمحكمة الاستئناف العليا حتى العام 1962.

ثم شغل وظائف إدارية عدة في الدولة، إذ عُين رئيسا لبلدية الرفاع مدة 5 سنوات ورئيسا لبلدية المنامة، ورئيسا لمجلس التخطيط والتنسيق في الفترة من العام 1967 حتى العام 1970، إذ تقلد كرسي وزارة الزراعة والبلديات العام 1971، ثم أصبح وزيرا للعدل والشؤون الإسلامية ثم نائبا لرئيس الوزراء، ثم شغل منصب رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.

ومن أبرز إنجازاته (رحمه الله) تأسيس أول مكتبة عامة في البحرين سنة 1954، وهي المكتبة الخليفية. فكان إنجازا بارزا وحدثا وطنيا شهد له أبناء الوطن.

لقد كان سمو الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة إنسانا مفكرا مثقفا وكاتبا بارزا، إذ أصدر الكثير من المجلات مثل مجلة “الهداية” الإسلامية ومجلة “الوثيقة”، ومن مؤلفاته كتاب “البحرين عبر التاريخ” وكتاب “رؤى إسلامية: من وحي القرآن”، وكتاب “مكانة البحرين في التاريخ الإسلامي”، وكتاب “تاريخ آل خليفة في البحرين” والعديد من الإصدارات التي تشهد له بعلمه وثقافته.

سمو الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة. اسم ارتبط بأحلى شهور السنة وأعظمها، شهر رمضان المبارك الذي عودنا فيه كل عام أن يبشرنا بقدومه، وها هو يودعنا اليوم في نفس الشهر وفي أيام العشر الأواخر المباركة، فيا له من شرف حظي به (رحمه الله) أن وافته المنية في أعظم الأيام، ويالها من أخير الخواتيم لأعماله بإذن الله، فلا ينال هذا الشرف سوى المؤمن الذي نال رضا الله ومحبته، وفي هذا المصاب لا يسعنا سوى أن ندعو الله تعالى له بأن يؤنس وحشته ويغفر له ويرحمه وأن يبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله ويسكنه فسيح جناته، ويمسح على قلوب ذويه ويلهمهم الصبر السلوان.

حنان بنت سيف بن عربي