+A
A-

المادة 87 “لا مثيل لها بأغلب الدساتير” وتجيز إصدار قانون رفضه البرلمان

- موضوع التقاعد يمثل أهمية لجميع المواطنين

- له آثار كبيرة تمس الأمن المجتمعي والاقتصادي والإنتاجي والإنمائي

قال النائب عيسى تركي لـ “البلاد” إن المادة 87 من الدستور “تعد مادة لا مثيل لها في أغلب الدساتير”، وهي المادة المنظمة للصلاحيات والمدد والأدوات التشريعية للموضوعات الاقتصادية أو المالية.

وتجيز المادة التي يشير إليها النائب تركي صدور مشروعي قانوني إصلاح نظام التقاعد المثيرين للجدل بمرسوم بالرغم من رفض مجلس النواب لهما بالجلسة الماضية.

ولفت الى أن موضوع التقاعد يمثل أهمية لجميع المواطنين وله آثار كبيرة تمس الأمن المجتمعي والاقتصادي والانتاجي والإنمائي، وبالتالي فان عرضه بصفة الاستعجال وفي الأيام الأخيرة من عمر الفصل التشريعي (برلمان 2014) لا يستقيم مع سلامة العملية التشريعية.

وردا على احتمال اللجوء للمحكمة الدستورية لتحصين مشروعي القانونين قبل إصداره بمرسوم له قوة القانون، تساءل تركي: “هل دستورية مشروع قانون ما تغل صلاحية المشرع او تصادر سلطته من رفض هذا المشروع، خصوصا إذا اتجهت إرادة الشعب إلى رفضه أو إلى وجود ملاحظات موضوعية أو غيرها من الأمور؟”.

وقدّم النائب تركي إضاءة قانونية عن المسار الدستوري والقانوني المتوقع للقانونين المثيرين للجدل وسط النقاش الحكومي - النيابي - الشوري بشأنهما. وفيما يأتي نصها:

اعتبارات الرفض

بلاشك أن السلطة التشريعية تعد أحد الأركان الأساس لأي نظام ديمقراطي لكونها آلية التمثيل السياسي للإرادة الشعبية ولها دور كبير في صنع السياسيات العامة من خلال وظيفتها التشريعية، فهي صاحبة الاختصاص الأصيل للتشريع، فالشعب صاحب السيادة ومصدر السلطات جميعا.

وان مقتضيات اليمين الدستورية تلزم هذه السلطة أن تكون مخلصة للوطن وللملك، وان تحترم الدستور، وان تذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، وان تؤدي أعمالها بالامانة والاخلاص، وان لا يكون لأي جهة سلطان عليها في عملها.

ان المشروع الاصلاحي لجلالة الملك، كما نص ميثاق العمل الوطني أخذ بنظام المجلسين لتحقيق الكثير من المزايا من أهمها عدم الانتقاص من اختصاص السلطة التشريعية ووضع الضمانات التي تكفل سلامة العملية التشريعية.

وتأسيسا على ما سبق فان مجلس النواب عندما رفض مشروعي التقاعد بالإجماع مارس دوره التشريعي بأمانة، مراعيا المصلحة العامة، معبرا عن الإرادة الشعبية، فالشعب البحريني بمكوناته وأطيافه كافة، قال بصوت واحد “لا للمساس بالتقاعد”.

ومجلس النواب تعاطى بمهنية مع مشروعي القانون ورفضه ليس فقط لشبهة عدم الدستورية، وإنما لاعتبارات قانونية وموضوعية عديدة. وصحيح ان اللجنة التشريعية والقانونية بمجلس النواب رأت وجود شبهة عدم الدستورية بالمخالفة لنص المادة “32/‏أ “ والمادة “119” من الدستور، إلا أن لجنة الخدمات بمجلس النواب وأعضاء مجلس النواب رفضوا مشروعي القانون من حيث المبدأ لاعتبارات أخرى بجانب شبهة عدم الدستورية، بغية الحفاظ على حقوق ومكتسبات المواطنين.

ان التقاعد يمثل أهمية لجميع المواطنين وله آثار كبيرة تمس الأمن المجتمعي والاقتصادي والإنتاجي والإنمائي، وبالتالي فان عرضه بصفة الاستعجال وفي الأيام الأخيرة الإضافية  من عمر الفصل التشريعي لا يستقيم مع سلامة العملية التشريعية.

أحترم ولكن...

نحترم راي اللجنة التشريعية والقانونية بمجلس الشورى عندما خلصت الى دستورية مشروعي قانون التقاعد. وأعتقد بأننا نتفق على أن رأي اللجنة غير ملزم، كما أن المحكمة الدستورية هي صاحبة الاختصاص الأصيل في بيان مدى دستورية أو عدم دستورية القوانين، ولكن هل دستورية مشروع قانون ما تغل صلاحية المشرع أو تصادر سلطته من رفض هذا المشروع، خصوصا إذا اتجهت إرادة الشعب إلى رفضه أو إلى وجود ملاحظات موضوعية أو غيرها من الأمور.

آمل أن تتجه لجنة الخدمات بمجلس الشورى، وكذلك أعضاء الشورى عند عرض مشروعي القانون للتصويت برفضهما، فالمستشار مؤتمن وأعضاء مجلس الشورى جزء لا يتجزأ من التمثيل الشعبي، والذي ينادي ويطالب برفض مشروعي القانون.

ناهيك أن الحكمة من نظام المجلسين هو التدقيق في المهمات التشريعية، وعدم التسرع في الوصول إلى قراراتها، كما أن مجلس الشورى يوجد فيه عناصر ذوو خبرة وتخصص وحنكة، وبالتالي فإن الأولى رفض المشروع، وإعادة تقديمه كمشروع قانون مع بداية الفصل التشريعي المقبل لمنع الخطأ والتسرع في التشريع، وضمان أن يكون القانون أكثر اتفاقا وأقرب إلى المصلحة العامة ومحافظا على حقوق ومكتسبات المواطنين.

لا مثيل لها

المادة 87 من الدستور -التي قد تعد مادة لا مثيل لها في أغلب الدساتير- هي المنظمة للصلاحيات والمدد والأدوات التشريعية للموضوعات الاقتصادية أو المالية، وبالتالي لمجلس الشورى أن يبت في المشروع خلال خمسة عشر يوما من اليوم التالي لإحالة المشروع إليه من قبل مجلس النواب، سواء كان البتُّ بالقبول بالمشروع كما ورد أو تعديله، او رفضه في خلال ذلك الأجل.

واذا توافق رأي مجلس النواب مع رأي مجلس الشورى برفض المشروع “يسقط المشروع”، أما إذا اختلف مجلس الشورى في رأيه ووافق على المشروع أو انقضت المدة المقررة (وتسمى الميعاد الناقص) من دون أن يبت فيه، يعرض على المجلس الوطني للبت فيه خلال خمسة عشر يوما.

ولا تعتبر جلسات المجلس الوطني قانونية إلا بحضور أغلبية أعضاء كل من المجلسين على حدة، وتصدر قراراته بأغلبية أصوات الحاضرين، وعند تساوي الأصوات يرجح الجانب الذي منه الرئيس.

وإذا وافق المجلس الوطني على المشروع يرفع لجلالة الملك للتصديق عليه، أما إذا رفضه المجلس الوطني يسقط المشروع، أما إذا انقضى ذلك الأجل من دون أن يبت فيه جاز لجلالة الملك أن يصدره بمرسوم له قوة القانون، ولا يعرض هذا المرسوم بعد صدوره على المجلس الوطني.

ثقة الشعب

إن جلالة الملك رأس السلطات ومن بينها السلطة التشريعية وله أن يصدر مراسيم لها قوة القانون، وقد بينت المادة  “38” من الدستور انه يجوز لجلالة الملك عند رفض المجلس الوطني لهذا المشروع أن يصدر مرسوم له قوة القانون بهذا المشروع أثناء حل مجلس النواب، ويكون نافذا من تاريخ صدوره، على أن يعرض هذا المرسوم على كل من مجلس النواب ومجلس الشورى، ويجب عدم إقراره من المجلسين حتى يزول ما كان له من قوة القانون.

أؤمن بحكمة جلالة الملك وبانتصاره الدائم لإرادة الشعب وانحيازه الثابت لضمير الوطن ووقوفه مع مطالب المواطنين. جلالته رئيس الدولة وأب لأبناء هذا الوطن، وإن سحب هذا المشروع المثير للجدل احترام للإرادة الشعبية سيعزز من ثقة الشعب بالمشروع الإصلاحي ويدعم الاستقرار والأمن الاجتماعي.