+A
A-

مواطن يطالب “البلديات” بمنحه ترخيصا و“الإدارية” ترفض

رفضت المحكمة الكبرى المدنية الأولى (الدائرة الإدارية) دعوى مواطن كان قد أقامها ضد قرار سلبي صادر من وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني، التي لم تمنحه تصريحًا باستكمال البناء الذي أقامه على عقار دون ترخيص منها، مما ترتب عليه تسجيل مخالفات بناء ضده وصدور أحكام عليه بالغرامة، كما ألزمت المحكمة رافعها بالمصروفات، مؤكدة في حكمها عدم إساءة الوزارة استعمال سلطاتها بهذا الشأن، إذ لم يقدم المدعي أية دلائل على ذلك.

وذكرت المحكمة في حكمها أن وقائع الدعوى تتمثل في أن المواطن المدعي تقدم بلائحة دعوى ذكر فيها أنه أقام بناء في منطقة الرفاع، وقد تم تحرير مخالفات ضده، للبناء بدون ترخيص، إذ صدرت ضده أحكام قضائية بتغريمه عن هذه المخالفات، وأنه حتى الآن لم يتمكن من الحصول على التراخيص اللازمة لاستكمال بناء العقار والانتفاع به، وهو ما دفعه للمطالبة بإلغاء القرار السلبي الصادر من البلديات بالامتناع عن إصدار التراخيص اللازمة له، وإلزامهما بالموافقة على منحه التراخيص اللازمة تنفيذًا لأحكام القضاء.

وأوضحت المحكمة في حيثيات حكمها أن البيّن من مطالعة أحكام قانون تنظيم المباني أنه لا يجوز تشييد بناء أو إقامة أعمال أو إضافة أي جزء إليها أو هدمها أو هدم أي قسم منها أو إجراء أي تعديل فيها بالتوسعة أو التعلية أو الدعم سواء في الشكل الخارجي للبناء أو في العمل أو في ترتيبه الداخلي، كما لا يجوز تغيير معالم أية أرض بحفرها أو ردمها إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من البلدية، وعلى الأخيرة أن تبت في طلب الترخيص في خلال مدة لا تجاوز 30 يومًا على تقديم الطلب.

وأضافت أن القانون أكد أنه من المستقر عليه أنه لا يجوز إنشاء مبان أو إقامة أعمال إلا بعد الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة، ويستهدف الترخيص أصلا مطابقة مشروع البناء لأحكام واشتراطات تنظيم البناء، الذي يتعين أن يكون الترخيص الصادر مطابقًا ومراعيًا لها، وإلا كان مشوبًا بعيب مخالفة القانون. وتابعت، أن أي ترخيص هو قرار إداري نهائي تفصح بموجبه الجهة الإدارية عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطات بمقتضى القوانين واللوائح بقصد تحقيق المصلحة العامة، وتتمتع في منحه بسلطة تقديرية واسعة، فيحق لها رفض طلب الترخيص إذا ما رأت أنه يتعارض مع اعتبارات الأمن العام أو الصحة العامة أو حركة المرور أو جمال تنسيق المدينة أو الحي، وهذه السلطة ليست مطلقة، بل مقيدة بعدم التعسف أو الانحراف، ومن ثم تخضع جهة الإدارة وهي تمارس هذه السلطة لرقابة القضاء، وذلك للتأكد مما إذا كانت هذه الممارسة تمت في نطاق الضوابط المحددة لها أم لا.

ولفتت المحكمة إلى أنه من المستقر عليه أن القرار الإداري يحمل على سببه الصحيح، ما لم يقم الدليل على عدم صحته، وأنه لا إلزام على جهة الإدارة بتسبيب قراراتها، ما لم يلزمها القانون بذلك، وأن عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها هو من العيوب القصدية في السلوك الإداري، قوامها أن يكون لدى الإدارة قصد إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، وأن القرار الإداري السلبي يتحقق عندما ترفض الجهة الإدارية أو تمتنع عن اتخاذ إجراء كان من الواجب عليها اتخاذه بحكم القانون.

وبينت أن مناط قيام القرار السلبي الجائز الطعن عليه أن تكون هناك قاعدة قانونية عامة تقرر حقًّا أو مركزًا قانونيًّا لاكتساب هذا الحق، بحيث يكون تدخل الإدارة لتقريره أمرًا واجبًا عليها متى طلب منها ذلك، ويتمثل ذلك المسلك السلبي إما برفض الجهة الإدارة صراحة أو ضمنًا بالامتناع عن اتخاذ الإجراء الملزمة بإصداره.

وقررت أنه يتفرع عن ذلك أنه إذا لم يكن ثمة إلزام على الجهة الإدارية بأن تتخذ موقفًا إيجابيًّا ولم تقم باتخاذه، فإن رفضها أو سكوتها لا يشكل حينئذ الامتناع المقصود، وبالتالي لا يوجد في هذه الحالة أي قرار إداري سلبي مما يجوز الطعن عليه.

وأضافت المحكمة أن امتناع الجهة الإدارية المدعى عليها عن إصدار التراخيص اللازمة لاستكمال بناء العقار موضوع التداعي هو أمر تترخص فيه وفقًا لسلطتها التقديرية ولا يحدها في ذلك سوى أن يكون قرارها مبرّأً من شائبة إساءة استعمال السلطة، وهو ما لم يقم عليه دليل من الأوراق، الأمر الذي تغدو معه الدعوى الماثلة - والحالة هذه - قائمة على غير سند من القانون جديرة بالرفض، وإلزام خاسرها بمصروفاتها.