+A
A-

ضياء توفيقي... 40 عاما من الهندسة والموسيقى والشعر

اعتلى هرم “المهندسين العرب” ونظم أهم مؤتمر بالبحرين

رئيس جمعية المهندسين البحرينية لـ4 مرات

الموسيقى مساحاته الخاصة التي لم يفارقها منذ شبابه

ألف كتابين ونال الدكتوراه بعد أن وصل القمة

أديب وشاعر يهوى الكتابة ويعشق الأدب

ورث من والده الالتزام بالعمل والوقت

 

أديب وشاعر وموسيقى ورياضي قبل أن يكون مهندسا ذا صيت ذائع بالبحرين، فمن فريق الذواودة نشط ضيفنا ضياء توفيقي، قبل أن يتسلق سلم النجاح خطوة بخطوة، وليترأس أكبر جمعية مهنية في المنطقة، وهي جمعية المهندسين البحرينيين، والذي ساهم في صعودها منذ سبعينات القرن الماضي لتكتسب أهمية مهنية معتبرة بالمنطقة. وخلال 40 عاما في العمل الهندسي، من بينها أكثر من 20 عاما قضاها في الطيران المدني ومطار البحرين الدولي واحتكاكه بالمنظمات الهندسية المهنية والمؤتمرات، اكتسب توفيقي خبرة كبيرة في المطارات، ليحول هذا الشغف، إلى عمل تجاري ناجح من خلال مكتب أخذ يتبوأ مكانة مرموقة في السوق. ويقدم حاليا توفيقي استشارات هندسية مختلفة ويتميز بتقديمه استشارات هندسية للمطارات في البحرين وخارجها. وإلى جانب إدارته مشروعه الناجح، لم يغفل ضياء توفيقي التصاقه الشديد بجمعية المهندسين البحرينية، والتي تضم أكثر من 2000 مهندس، إذ انتخب توفيقي لرئاسة الجمعية أربع مرات ليكون أكثر المهندسين اعتلاء لهذا المنصب كما حاز ثقة المهندسين في العالم العربي حين تم اختياره رئيسا لاتحاد المهندسين العرب في الدورة الماضية.

وفيما يلي نص اللقاء مع المهندس الدكتور ضياء توفيقي:

- ترعرعت في المنامة ودرست في القطاعين العام والخاص، تحدث لنا بداية حياتك وأين درست؟

نحن من فريج الذواودة، ويفصلنا عن رأس الرمان شارع واحد، ومدرسة رأس الرمان كانت قريبة منا، ولهذا السبب ارتدت هذه المدرسة.

لكن قبلها، الوالد رحم الله أدخلني مدرسة القلب المقدس، وحينها لم يكن هذا الأمر معتادا أن يرتاد بحريني مدرسة أجنبية، وبقيت فيها سنة أو سنتين إن لم تخني الذاكرة، وبعدها انتقلت إلى مدرسة حكومية، والأمر الجيد أنني تعلمت فيها اللغة الإنجليزية، وهو ما ساعدني كثيرا لاحقا في التميز في الدراسة.

 

- أجواء الدراسة تختلف بالتأكيد في الستينات، كيف كان نشاطك حينها؟

بالطبع، وأتذكر حين انتقلت من المدرسة الأجنبية كان الطلاب يستغربون اتقاني اللغة الإنجليزية وكأني أتيت من كوكب آخر.

طبعا في تلك كان هناك نشاط قوي في فرق الكشافة وفرقة الأشبال، إلى أن أنهيت المرحلة الابتدائية، وانتقلت إلى مدرسة القضيبة في الإعدادية، ثم مدرسة المنامة الثانوية.

 

- تحدثت عن والدك وأنه أدخلك مدرسة أجنبية منذ مراحل طفولتك المبكرة، هل كان تأثير الوالد على حياتك كبيرا؟

نعم، تعلمت من الوالد رحم الله الكثير، وربما أكثر شيء شدني إليه وشعرت أنه أمر مهم في حياة الإنسان، هي الصرامة، وأعني أن تكون ملتزما بعملك وبوقتك، وأن تكون لك معايير وأسس تحافظ عليها، وهذا أمر مفيد في أمور التربية والعمل.

والولد رحم الله كان يعمل في التجارة، ورغم كونه تاجرا، إلا أنني لم أنخرط معه في شؤون التجارة حينما كانت طفلا، فكان تركيزي منصب على الدراسة وتحصيل العلم.

 

-  إذن ميولك كانت للهندسة وليس التجارة أو عالم الأعمال؟

ميولي نحو الهندسة بدأ من الصغر وبشكل ذاتي، وأتذكر كنت أقوم بعمل مجسمات لأعمال معمارية بنفسي وذلك من الخشب، كنت أشتري ألواحا خشبيه من السوق، وكنت أعمل قاعدة وأقوم بعمل مجسمات للأحياء الشعبية (الفريج).

وإلى جانب الهندسة، كانت لدي ميول نحو الموسيقى من الصغر، فبدأت على آلة “الميلوديكا” و”الاكورديون” ومازالت أزاول هوايتي الموسيقية إلى اليوم. وأتذكر كذلك، كنت أهوي الرياضة، وكان لدينا نادٍ للكرة القديم فوق سطح المنزل وأسمينها نادي الوحدة، إلى جانب مسرح موسيقى.

افتخر أني من فريق الذواودة الذي خرج أجيالا قدمت الكثير لمملكة البحرين.

 

-  هذا يؤكد مقولة ارتباط الهندسة بالفن؟

بالفعل أجد هناك ارتباطا، وعملت مرة لقاء مطولا بخصوص علاقة الهندسة بالموسيقى، رغم عدم وجود علاقة مباشرة، لكن ربما يكون هناك علاقة الرياضيات والأوزان.

الهندسة هي “فن راق” كما هي الموسيقى، خصوصا بعض أنواع الهندسة التي تحتاج حسا فنيا مثل الهندسة المعمارية.

 

- كيف كانت بداية دخولك المهنة الهندسية؟

بعد مرحلة المدرسة، كان هناك شيء داخلي يدفعني نحو دراسة الهندسة، ولم تكن هناك اعتبار لفرص العمل أو متطلبات السوق، وكان يفترض أن أدرس في الهندسة في الهند، ولكن لم يكتب ذلك، والتحقت في كلية بالهندسة المدنية في كلية الخليج (جامعة البحرين حاليا)،  ثم التحقت بجامعة ساوثهامبتون في بريطانيا وكنت مبتعثا من جانب الطيران المدني، وبعد ان أنهيت البعثة عملت في الطيران المدني وأرسلت بعدها بعامين لدراسة الماجستير في هندسة المطارات.

- وأين بدأت العمل في حقل الهندسة في بداية مشوارك؟

كما ذكرت سابقا، عملت في إدارة الطيران المدني، وعملت بصورة مكثفة بعد عودتي من الدارسة في المطار. بدأت العمل في مطار البحرين منذ نحو العام 1977 وكان المطار صغير، وكانت الفكرة ابتعاث بحرينيين وتدريبهم من أجل أن يتولوا الأمور الهندسية في المطار عوضا عن الأجانب، وكان المطار حينها يمر بمرحلة توسعة وتطوير. المطار خلق لي فرصة لتكوين الجانب المهني والحصول على الخبرة، وتدرجت في المطار على مدى أكثر من عقدين لأختتم عملي هناك بأن أتولى مدير الشؤون الإدارية.

 

- ما الذي أضافه إليك العمل لسنوات طويلة في مطار البحرين الدولي؟

المطارات تتيح للإنسان إعطاءه فرصة للتعلم في مختلف الجوانب الهندسية وحتى المالية والإدارية. العمل في المطارات هو عمل صعب ولا يرتبط بوقت، فالمطار يعمل على مدار الساعة.

أول ما بدأت كنت أتعلم، وكنت أنزل إلى المدرج، وكنا نعمل الخطوط الأرضية للصباغة وذلك بالطبشور، وبدأت من البداية حتى تدرجت لأعلى المناصب، وهذا ما أنصح به المهندسين، أنه ينبغي له التدرج والاهتمام بالحصول على الخبرة أولا قبل التفكير في المنصب والمزايا.

 

- لماذا انتقلت من الوظيفة الحكومية، والتي استمرت بها لأكثر من عشرين سنة، وكنت تحب عملك في المطارات، إلى تأسيس عملك الخاص؟

انتقلت من العمل الحكومي إلى العمل الخاص في العام 2003، وبصراحه كان القرار صعب، كنت أحب المطار، ولكن كنت في الوقت نفسه أبحث عن تحد جديد خصوصا بعد اكتسابي لخبرة كبيرة في المطارات.

كنت أرغب في دخول مجال الاستشارات الهندسية، خصوصا تلك التي تتعلق بالمطارات، وقمت حينها بافتتاح المكتب.

كل إنسان يبحث عن التغيير، وكان لدي الطموح في تقديم الاستشارات خصوصا فيما يتعلق بالمطارات ليس على مستوى البحرين فقط، بل حتى على المستوى الخارجي، فمن خلال المكتب الاستشاري استطيع تقديم خبرتي لمطار البحرين وحتى للمطارات الأخرى في العالم.

 

- بطبيعة الحال كما هو الحال العمل مع أي مشروع تجاري أو عمل حر، تكون هناك تحديات، ما هذه التحديات التي واجهتك؟

اول تحدٍّ هو الحصول على المشاريع، خصوصا كوني أسست مكتبا جديدا، فالجميع ينظر إلى تاريخ المكتب رغم كوني مهندسا معروفا.

لكن بدأ العمل على مشروعات بالتدريج، واكتسبنا سمعه في السوق، والآن نحصل على مشروعات كبيرة.

بالنسبة للمطارات، نقدم استشارات ودراسات لجهات محلية وخارجية.

بدأنا بخمسة أشخاص فقط، ومع التوسع يوجد لدينا حاليا 40 مهندسا وموظفا في المكتب.

ويعمل المكتب حاليا على جميع أنواع الخدمات الهندسية، ويصنف المكتب بالدرجة “أيه”، وهي الدرجة الأولى التي يمكن أن يوكل لها المشروعات الكبيرة.

 

- كيف تقيِّم المستقبل في مجال العمل في المكتب الهندسي؟

طبعا، هناك تطور مستمر، وكلما ارتفع حجم المشروعات نقوم بزيادة عدد المهندسين وهذا طبيعة حال العمل في المجال الهندسي.

لكن الأمر لا يخلو من تحديات، خصوصا فيما يتعلق بالمنافسة مع المكاتب الهندسية الكبيرة التي لديها خبرات تفوق 100 سنة، لكننا نحاول المنافسة ليس في البحرين فقط، بل حتى في الخارج.

 

- هل لكم طموح في التوسع إلى خارج البحرين؟

نعم، هذا ما نصبو إليه، وهذا في الخطة المستقبلية، ندرس المناطق الجغرافية التي يمكن أن نقدم العمل الذي لدينا خبرة فيه مثل المطارات وإدارة المشاريع، ننظر إلى فرص في شرق أوروبا مثلا.

 

-  حصلت على الدكتوارة مؤخراً، هل تحدثنا على ذلك؟

مواصلة دراسة الدكتوراة كانت في ذهني باستمرار، ولكن للانشغال بالعمل، لم يتسن لي الانتهاء من تحقيق هذا الطموح مبكرا، وفي 2009 قررت مواصلة الطريق وحصلت على الدكتوراة من جامعة “لافبرا” في تخصص المطارات.

 

- متى بدأت نشاطك التطوعي في الجمعيات المهنية المحلية والإقليمية؟

انضممت لعضوية جمعية المهندسين البحرينية في العام 1979، أي قبل سنوات من تأسيس الجمعية التي تأسست في العام 1972، ودخلت مجلس الإدارة منذ العام 1986، وتقلدت مختلف المناصب، مثل الشؤون الاجتماعية، وشؤون الأعضاء، إلى أن وصلت إلى نائب الرئيس.

وفي العام 1996 انتخبت رئيسا لجمعية المهندسين البحرينية لثلاث دورات، وفي الدورة الحالية دعاني الإخوة الأعضاء لترشيح نفسي مرة ثانية، فلبيت هذه الدعوة. اليوم الجمعية هي أقوى جمعية مهنية في المنطقة، وينضوي تحت عضويتها أكثر من 2000 مهندس، وركزت لمدى نحو 5 عقود على عملها الأساسي ولم تخرج من نطاق المهنة، وقدمت الكثير وتحظى باحترام في المنطقة، وكل ذلك بفضل جهود الأعضاء ومجالس الإدارات المتعاقبة طوال تاريخ الجمعية.

اعتقد أن العمل التطوعي ليس جزءاً ثانويا، وهو جزء لا يتجزأ من عملي اليومي، وربما أعطيه اهتماما أكثر من عملي الخاص.

وحلمي أن أجد دخول الدماء الجديدة والأعضاء الشباب في أنشطة الجمعية بشكل أوسع، خصوصا مع وجود عزوف من الشباب في المشاركة في أنشطة الجمعية، ولا أعتقد أن هذا العزوف ينطبق على جمعيتنا فقط، بل معظم الجمعيات.

 

- ترأست اتحاد المهندسين العرب، كيف تقيم التجربة؟

بالمناسبة، عملي التطوعي لا يقتصر على جمعية المهندسين البحرينية، عملت على تأسيس جمعية التخطيط الإستراتيجي في العام 2005؛ بغية تقوية هذا الجانب في البحرين. وفي الطيران المدني ترأست جمعية الادخار والتسليف.

أما بخصوص اتحاد المهندسين العرب، اعتبرها تجربة فريدة، خصوصا أن موقعي كان يغطي جميع التكتلات المهنية على مستوى العالم العربي. واستطعنا تنظيم مؤتمر مهم للاتحاد في البحرين تناول الكثير من أوراق العمل خصوصا فيما يتعلق بالمواصلات.

 

- ما هواياتك؟

أحب الموسيقى، وأعزف حاليا على العود والبيانو و الكيبورد، ورياضة الدراجات النارية.

وبالنسبة للرياضات الأخرى، أنا مشجع لكرة القدم، وأترأس رابطة “ليفربول”.

 

-  لديك تجربة في الكتابة والشعر والتأليف، هل تحدثنا عن تجربتك الأدبية؟

ألفت كتابين أحدهما كتاب “بعيدا عن كل شيء”، وهو منقسم إلى جزأين، الأول عبارة عن خواطر، والجزء الآخر يتناول تجربتي في الطفولة وصدر في العام 2005.

كما ألفت كتابا آخر يتناول القضايا الإدارية الحديثة.