+A
A-

أيهما أكثر ربحية... مشاريع النفط الصخري أم المياه العميقة؟

 مثلما شهدت أعمال النفط الصخري في الولايات المتحدة زخمًا في الآونة الأخيرة، فمن المرحج أن تشهد عمليات التنقيب في المياه العميقة انتعاشًا هي الأخرى، إذ تقول شركة “رويال داتش شل” إن النشاط البحري أصبح الآن أكثر قدرة على منافسة نظيره الصخري على البر، بحسب تقرير لموقع “أويل برايس”.

وكان من المعتقد منذ انهيار أسعار النفط العام 2014، أن العمليات الصخرية قصيرة الدورة ستكتسب ميزة تنافسية سعرية، بما يخفض بشكل كبير المخاطر التي تواجه الشركات من خلال تحقيق الأرباح في غضون أشهر قليلة أو حتى أسابيع.

وبعكس ذلك تمامًا، يتطلب الحفر في المياه العميقة نفقات ضخمة للغاية، على أن يحقق عائداته على مدى سنوات أو حتى عقود، ما يجعله مكانًا غير مرغوب فيه، في ظل بيئة “أسعار منخفضة لوقت أطول” أو في عالم يقترب من بلوغ ذروة الطلب على النفط.

 

فرق هائل في الكلفة

لكن “شل” كان لها رأي آخر، إذ قال رئيس أعمال التنقيب في الشركة “أندي براون” لـ”فاينانشيال تايمز” إن أرباح الأعمال البحرية باتت أفضل، وإن العمليات الأكثر إثارة في الوقت الراهن هي تلك التي تجري في المياه العميقة.

وأعطت “شل” الأولوية لمشاريع بحرية في البرازيل وخليج المكسيك وبحر الشمال، ويرجع السبب وراء انجذاب الشركة لهذا المجال إلى انخفاض كلفة المشاريع الجديدة بشكل كبير في السنوات الأخيرة.

وترى الشركة أن الأعمال البحرية يمكن أن تنافس غيرها بقوة وربما تحقق عائدات أعلى بسبب خفض التكاليف الأساسية، وبحسب “براون” فإن أسعار التعادل في مشروعات المياه العميقة تحوم حول 30 دولارًا للبرميل.

وهذا المستوى جدير بالمقارنة مع كثير من مشروعات النفط الصخري البرية، وفي الواقع يتفوق على بعضها، فعلى سبيل المثال في منطقة جنوب وسط أوكلاهوما النفطية، يحوم سعر التعادل حول 65 دولارًا للبرميل، وفقًا لبيانات “بلومبرج نيو إنرجي فاينانس”.

وحتى بعض المناطق الأكثر تنافسية في صناعة النفط الصخري هي أكثر تكلفة بكثير، إذ يتراوح سعر التعادل في حقل “إيجل فورد” بين 48 دولارًا و61 دولارًا للبرميل، وفي “باكيين” بين 53 دولارًا إلى 56 دولارًا، وفي “ديلاوير” يسجل 57 دولارًا، وحتى في “بريان ميدلاند” يصل إلى 37 دولارًا.

 

آفاق مبشرة

ووفقًا لـ”ريستاد إنرجي” كانت هناك موافقات استثمارية لـ45 مشروعًا في المياه العميقة هذا العام، وهو ما يفوق مجموع ما شهده العام 2016 كاملًا، ويضعها على الطريق لتجاوز المستوى المسجل في 2017 بنسبة 50 %.

وفي العام المقبل والذي يليه، يمكن أن ترى هذه المشاريع المزيد من النشاط، حيث تشير تقديرات “وود ماكينزي” إلى أن صناعة النفط ستنفق نحو 300 مليار دولار بين عامي 2019 و2020.

وتهدف “شل” إلى توليد ما بين 6 مليارات إلى 7 مليارات دولار من التدفق النقدي الحر سنويًا بحلول عام 2020 من عمليات المنبع، ويقول رئيس وحدة التنقيب والإنتاج “أندي براون”: إنه لأمر رائع أن يكون لدينا أعمال في المحفظتين، ورغم أننا نعمل على تنمية أعمالنا في النفط الصخري، فإن المياه العميقة تتمتع بقدر أكبر من الإمكانيات لتحقيق تدفق نقدي هائل.

 

مسارات الكبار لا تتقابل

وليست كل شركات النفط الكبرى تقتفي أثر “شل”، وتتبع أغلبها نهجًا مختلطًا نوعًا ما، فمثلًا، اشترت “بي بي” الأصول الصخرية لـ”بي إتش بي بيليتون” مقابل أكثر من 10 مليارات دولار، مما يجعلها منتجًا رئيسًا في الحوض البرمي، ومع ذلك أعطت الشركة البريطانية الضوء الأخضر لعدد من مشاريع المياه العميقة بما في ذلك المرحلة الثانية من “ماد دوج 2”.

وكما تتبع “إكسون موبيل” هذا النهج المزدوج الاتجاه، حيث أنفقت أكثر من 6 مليارات دولار في أوائل عام 2017 لتوسيع تواجدها في الحوض البرمي، لكن الشركة تولي الآن اهتمامًا بتطوير اكتشافاتها البحرية في غيانا.

وبينما تعهدت “كونوكو فيليبس” بالابتعاد عن أعمال التنقيب في المياه العميقة خلال انهيار أسعار النفط، وعدت بالتركيز بشكل كبير على العمليات في المناطق الصخرية.

وبعبارة أخرى، لا يوجد نهج تتوافق عليه جميع الشركات في الوقت الحالي الذي تنمو فيه الأعمال الصخرية بسرعة، وفي ظل بقاء الطلب على المدى الطويل موضع شك، لكن رغم اختلاف المسارات، لم تعد عمليات التنقيب في المياه العميقة تلعب دورًا هامشيًا.