+A
A-

بدر كيكسو... صاحب “يوكو” وخوض غمار البحر

شركته أول من جلب الكنكري في السبيعنات

تقنيات جديدة لرصف الشوارع باستخدام المخلفات

دخل النشاط البحري حين كان الجميع يخشونه

استخدام المطاط في رصف الطرق لتحمل ثقل الشاحنات

يعشق الرياضة وساهم في تأسيس “الترسانة” و”الجزائر”

والده تاجر لؤلؤ مشهور قبل كساد الحرفة

بدأ مدرسا لكي لا يبتعد عن عشق كرة القدم

 

بدر أحمد كيكسو من مواليد العام 1946، وهو أحد رجال الأعمال البارزين في قطاع التجارة والأعمال ومن القلة الذين لا تغيب عنهم ذاكرة الطفولة والشباب، بين أزقة فريج الفاضل الذي خرج مجموعة كبيرة من رجال الأعمال والأدباء والشخصيات البارزة في البلاد، وفيه نشأه وترعرع ضيفنا في لقاء الأحد لهذا الأسبوع. من الصعب أن تتحدث عن بدر كيكسو  دون أن تسهب في الحديث عن المنامة في الخمسينات وستينات القرن الماضي الذي كانت فيه المنامة في أوج عطائها الثقافي والأدبي والاجتماعي. ولا يخفي كيكسو تأثير الرياضة وكرة القدم بالتحديد على حياته المهنية في اختيار سلك التدريس؛ لكي لا يبتعد كثيرا عن شغفه بكرة القدم، إذ ساهم في تأسيس فريق “الترسانة” وفريق “الجزائر” في مرحلة مبكرة من حياته.

وأسس كيكسو أنشطة تجارية، ناجحة، منذ مطلع سبعينات القرن الماضي، ليواكب عصر النهضة العمرانية التي شهدتها البحرين، إذ ساهم بتأسيس أول شركة بحرينية، وهي “يوكو”، لتجوب غمار البحر من أجل جلب الحصى والكنكري من الخارج، ولتساهم في تشييد مشروعات كبيرة في البلاد، ولتشارك في بداية انطلاقة عمرانية حديثة مازالت شواهدها حاضرة إلى اليوم. وتعتبر مجموعة بدر أحمد كيكسو، من الشركات العائلية المعروفة والتي تنشط في مختلف الأنشطة التجارية مثل الخدمات الهندسية ورصف الشوارع، واستيراد وبيع مواد البناء والأدوات الصحية والبلاط، إلى جانب الخدمات البحرية، وخدمات تقنية المعلومات وأنظمة الأمن، إلى جانب السفر والسياحة.

ويدير دفة المجموعة بدر أحمد كيكسو إلى جانب أبنائه الأربعة: أحمد، حسن، سلمان ومحمد، في حين لم تغب كريمته من المشاركة في أنشطة التجارة. وتعد المجموعة من الشركات البارزة في الأنشطة الهندسية، فمن خلال شركة يوكو للهندسة، انطلقت أول آلة لإعادة التدوير من خلال شركة يوكو للهندسة والتابعة للمجموعة، وقبل أعوام تم إرساء مشروع تدوير الأسفلت في رأس الخيمة لمساحة 32 كيلومترا لمجموعة بدر أحمد كيكسو – فرع الإمارات وذلك بالتعاون مع حكومة رأس الخيمة.

فيما يلي نص لقاء البلاد مع رجل الأعمال البارز بدر كيكسو للحديث عن مراحل حياته الجميلة، والتي سلطت الضوء كذلك على حقبة ذهبية في الحياة بالبحرين:

* في البداية، أين نشأ بدر كيكسو، وهل التجارة كانت حاضرة في بداية مشوار حياته؟

ولدت في العام 1946 في “فريج الفاضل” بالمنامة، والذي يعتبر من الفرجان العريقة بالبحرين، والتي وصل أصداؤها إلى بقية دول الخليج، وكنا نشعر بالفخر حين نسافر في الماضي ونشير إلى أننا من فريج الفاضل.

الوالد كان تاجرا للؤلؤ ورجلا عصاميا، وبعدما تعرضت تجارة اللؤلؤ للكساد بدأ في ممارسة أنشطة تجارية أخرى، وهي بيع المواد الغذائية، وكان والدي يتردد على الهند باستمرار، وكنتُ اصطحبه إلى السوق أيام طفولتي. لقد زرع فينا الوالد الكثير من القيم وورثنا منه سمعة طيبة.

 

ارتبطت مرحلة طفولتك وشبابك بالرياضة وكرة القدم بشكل كبير، حيث ساهمت في تكوين شخصيتك، حدثنا عن تجربتك مع نادي الترسانة والجزائر؟

كنت أعشق كرة القدم، وفي وقت الفراغ كنا نلعب كرة القدم في الفرجان، وسعينا في أن يكون لنا تجمع، لذلك عمدنا لاستئجار مرآب صغير ندفع مبلغ إيجاره وقدره 10 أو 15 روبية، وكان كل لاعب يساهم في مبلغ الإيجار وشراء الزي الخاص بالفريق، وبعدها أسسنا فريق الجزائر، وأتذكر حين قدمت على ترخيص لتأسيس النادي تفاجأ الجميع بصغر أعمارنا، وطلبوا منا ضرورة كتابة نظام تأسيسي للفريق وقمنا بكتابته بأنفسنا، صحيح أننا كنا صغارا، ولكن كنا نقوم بأعمال كبيرة، ونعتبر أنفسنا رجالا.

وأتذكر كيف سافرنا بحرا، ونحن صغار إلى قطر للعب أول مباراة كرة قدم، وخلالها قمتُ بإقناع عائلات جميع اللاعبين من أجل السفر للعب، لكن إحدى الأمهات لم توافق أن يسافر أبنها معنا. وأتذكر أننا كنا نعلب كرة القدم مع الجنود الإنجليز رغم أننا لم نكن حينها نتقن الإنجليزية.

اكتسبت الكثير إذًا من فترة شبابك ومن الرياضة تحديدا، كيف أثر ذلك على تكوين شخصيتك؟

من المواقف التي لا أنساها في حياتي، وفي الصف السادس ابتدائي، حين أردنا افتتاح مقر لنادي الجزائر سنة 1959 كان يتطلب ذلك استصدار تصريح، وذهبت حينها إلى “دار الحكومة”، والتي هي تقع مكان السفارة البريطانية حاليا، وكانت توجد فيها معظم المؤسسات الحكومية تقريبا، إذ طلبت من مساعد الزياني رحمه الله، استصدار رخصة، فطلب صياغة دستور للنادي للحصول على الرخصة، وفعلا قمتُ بكتابة هذا الدستور، وعندما رجعت له، واطلع عليه، سألني من قام بكتابته، قلت له أنا، فطلب مني الجلوس وأخذ يسألني ويختبرني؛ ليتأكد أنني فعلا من كتبه، ولا أنسى حينما أبدى استغرابه. كيف يتمكن أطفال في مرحلة عمرية مبكرة القيام بمثل هذه الخطوة؟ مثل هذه التجارب أعطتني دافعا في الحياة، إذ كانت لدي دائما الجرأة الكافيه للقيام بأي مبادرة وعمل شيء أكبر من طاقتي، وكان طموحي أكبر من سني وأتحمل قدر كبير من المسؤولية.

في جيلنا كنا نشعر بأننا رجال، وأباؤنا قاموا بتربيتنا لكي نهزم الصعاب، ودائما ما نتعرض للمشكلات ولكن نقوم بحلها بروح الإيمان وأن يكون للشخص مبادئ في الحياة يتقيد بها.

وأهل البحرين، والجيل الذي عشنا فيه، كرمنا الله فيه بالكثير من الأمور، مثل حب الوطن، حب الناس والأصدقاء والجيران، والرجولة، والمسؤولية.

 

أين تلقيت تعليمك؟

قبل التحاقي بالمدرسة، تلقيت التعليم على يد معلمي القرآن الكريم، بعدها دخلت المرحلة التحضيرية بالمدرسة الشرقية (مكان المخبز الشرقي حاليا)، وكان الصف حينها مشيدا من سعف النخيل، وبعدها التحقت بالابتدائية في “بيت عرشي” في رأس الرمان، ثم درست الثانوية التي كانت حينها تعد بمستوى الجامعة، وكانت مدرسة واحدة في البحرين، وهي في المنامة.

 

عملت بالتدريس، لماذا اخترت هذه المهنة في انطلاقة حياتك؟

التحقت بمهنة التدريس بعد استكمال دراسة المرحلة الثانوية في العام 1965 تقريبا واستمررت فيها حتى 1970، وجاء اختياري لهذه المهنة بسبب حبي للرياضة ولعدم رغبتي في تغيير طريقة حياتي عندما كنت طالبا، عملت في هذه المهمة أربع سنوات، إذ درست عددا من المواد مثل اللغة العربية والعلوم والرياضيات والرياضة.

 

مارست التجارة في مطلع السبعينات، كيف كانت البداية؟

الإنسان دائما يفكر في الأفضل، تعرفت على أحد الأشخاص الأميركيين، وكان يعمل في إحدى الشركات، ومتخصصا في أنشطة  البحر، وطلب مني العمل معه في بعض المجالات، وعرض عليَّ فكرة تأسيس شركة وقمنا بذلك، إذ عملنا في القطاع البحري إلى جانب شركاء، وكل شخص أدى فينا دوره بكل أمانة وإخلاص لنؤسس فيما بعد شركة “يوكو للمقاولات البحرية”، وقد عملت فيها لقرابة 48 عاما، وساهمت في الكثير من المشروعات، وكنا أول من عمل في البحر في منطقة الخليج بهذه المتانة والقوة.

نحن أول شركة قمنا بجلب الكنكري من رأس الخيمة في العام 1972، وكانت البداية لبناية الشيخة حصة بالمنامة، وعلمنا مع “هوارد كريمي” وذلك لتوسعة مطار البحرين في السبعينات، إلى جانب مشروع توسعة مجمع السلمانية الطبي.

وكانت الشركة من أعرق الشركات رغم أن العمل في البحر كان ينطوي على مخاطر.

وأتذكر كانوا يقولون لنا أنتم لا تستطيعون العمل في البحر وستتعرضون لخسائر، وأن هذا العمل يختص به الأجانب.

لماذا بدأتم استيراد الكنكري منذ السبعينات، ألم تكن هناك مواد محلية؟

كان يوجد كنكري محلي، ولكن لم يكن بتلك الجودة المطلوبة بحسب التحاليل، إذا يتعرض للتفتت بعد مرور عدة سنوات، لكن الكنكري الذي كانت الشركة تجلبه من رأس الخيمة نوعيته أجود ويصلح لمختلف المشروعات.

 

وماذا عن نشاط استيراد الكنكري ومواد الردم حاليا؟

نعم مازلنا نعمل في هذا النشاط، لدينا حاليا قطعتان بحريتان لتوفير مواد الحصى والكنكري (عدد 2 دوبة وقاطرتين)، إذ نقوم باستيراد هذه المواد من رأس الخيمة.

 

ما المشروعات الجديدة التي تنفذها الشركة؟

تحتاج البحرين تطوير الشوارع، نحن نركز على مشروعات رصف الشوارع، خصوصا مع توافر الكثير من التقنيات الحديثة.

بدأنا في إدخال تقنيات حديثة خصوصا فيما يتعلق برصف الشوارع، إذ عملنا لمدة ثلاث سنوات تقريبا مع وزارة الأشغال؛ من أجل اعتماد نظام جديد لرصف الشوارع، وذلك باستخدام مخلفات الأسفلت من الشوارع القديمة، وبناء على هذه التقنية تقوم الآلة بإزالة الشارع القديم ورصف الشارع الجديد بالأسلفت المزال من الشارع القديم نفسه، وفي الوقت نفسه، وهذا يعني توفير الكثير من التكاليف بنحو 40 %.

كما بدأنا بإدخال تقنيات أخرى في رصف الشوارع من خلال عمل مزيج فريد من الإسفلت يتم فيه استخدام المطاط في خليط الإسفلت المستخدم في رصف الشوارع، والذي ينتج عنه شوارع أكثر تحملا لحركة الشاحنات والمركبات الثقيلة الأمر الذي يطيل عمر الشوارع.

 

متى تطبق التقنيات الجديدة في رصف الشوارع؟

التقنية خضعت للاختبار على أرض الواقع من جانب وزارة الأشغال التي أقرت تقنية إعادة رصف الشوارع بالمخلفات، ونتوقع تطبيقها قريبا للمرة الأولى في البحرين.

أما بالنسبة لتقنية المطاط، فقمنا برصف هذه الشوارع، وقدمنا تجارب للوزارة كذلك.