+A
A-

“فيتش”: الخليج يتفوّق على العالم بتطوير البنية التحتية

 قالت وكالة التصنيف الائتماني العالمية “فيتش” في تقرير صدر عنها منذ يومين إنه بخلاف أميركا وأوروبا، تقوم دول الخليج بتطوير أصول بنية تحتية رئيسية جديدة بوتيرة قوية، وذلك لأن لديها بنية تحتية ضئيلة عمرها 50 عامًا. أما الاقتصادات الأقدم كالولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي فلديها مشكلة في اكتساب الزخم والقبول العام لجمع الأموال وإصلاح البنية التحتية القديمة، في حين أن دول الخليج مشيدة على بنية تحتية محدودة منذ عام 1960.

وأضافت الوكالة أنه في الآونة الأخيرة، استثمرت هذه المنطقة بكثافة في تنويع اقتصادها بعيداً عن النفط والغاز. واليوم، تواصل المنطقة نموها من حيث عدد السكان والمتطلبات العامة. وفي سعيها المتواصل نحو الاستثمار في البنية التحتية الجديدة والنظر في الأموال التي ستجنيها مستقبلاً، فإن وسائل النقل والمرافق الجديدة تبدو جاهزة للمستقبل، لا سيما أن تطور البنية التحتية في منطقة الخليج اكتسب المزيد من التقدم.

 

تأثير انخفاض النفط

مع ذلك، الحكومات والصناعات في المنطقة واقعة تحت ضغط تنفيذ وتقديم الكثير من أجل القليل. ففي عام 2017، أثر انخفاض أسعار النفط على التوسع الاقتصادي، ولو أنه من المتوقع أن يرتفع الآن. وفقاً لأبحاث “فيتش سوليوشنز”، ستشهد اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي تسارعًا ملحوظًا في نمو الناتج المحلي الإجمالي.

وأشارت “فيتش” بحسب ما نقلت جريدة القبس الكويتية، إلى أن منطقة الخليج أنفقت أكثر من أميركا ودول غرب أوروبا على تطوير البنية التحتية (مطارات، موانئ، طرق، مياه، إلخ).

وتابعت: في البداية مولّت بلدان المنطقة بنيتها التحتية وتطويرها من إيرادات إنتاج النفط والغاز في الستينات. وفي منتصف العقد الأول من القرن الحالي كان النهج المتبع في الإمارات العربية المتحدة هو “ابنيها وستأتي الإيرادات لاحقاً”، في ظل عقبات وقيود قانونية قليلة.

ومع ذلك، في عام 2008 وصل هذا الاتجاه إلى نهاية مفاجئة عندما تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر بسبب الأزمة المالية العالمية. وقامت دبي بتشييد مشاريع رئيسية مميزة مثل جزيرة النخلة، وبرج خليفة، وطورَّت مناطق اقتصادية حرة حول مرافق مثل الموانئ والمطارات لتشجيع الاستثمارات الإضافية.

ولفت التقرير إلى أن الخليج منطقة تجارية، واستمر هذا الواقع مع تطوير ميناء جبل علي (مملوك من قبل موانئ دبي العالمية). بالإضافة إلى ذلك، قامت المنطقة بتطوير أصول النقل الرئيسية من خلال بناء أربعة مطارات تبلغ طاقتها الاستيعابية 20 مليون مسافر كل عام. على سبيل المثال، مطار دبي الدولي الذي يعد مطارًا رئيسيًّا، بلغت طاقته الاستيعابية أكثر من 88 مليون مسافر في عام 2017 بالإضافة إلى أكثر من 2.65 مليون طن من البضائع. ومع ذلك، فإن العلاقة السياسية بين مختلف البلدان في منطقة الخليج قد خلقت شكوكاً جيوسياسية دولية من شأنها أن تؤثر في التجارة.

الحاجة إلى مشاريع أكثر

وتساءلت “فيتش” عما إذا كانت دول مجلس التعاون الخليجي بحاجة فعلاً إلى مزيد من الاستثمارات في البنية التحتية، مشيرة إلى أن الاستثمارات الهائلة في قطاعات النقل والطاقة والسياحة في أبوظبي ودبي ستؤدي إلى نمو قوي في قطاع الإنشاءات في الإمارات العربية المتحدة خلال العقد المقبل.

وقالت إن أولويات الإمارات في تطوير البنية التحتية كجزء من جهودها الرامية إلى التنويع الاقتصادي، وتنفيذ مجموعة من المشروعات المستقبلية تزيد قيمتها على 300 مليار دولار تجعل من دول مجلس التعاون الخليجي مركزاً عالمياً لهذه الصناعة، كما ستظل هناك فرص كبيرة للمشاركة الأجنبية.

بالنسبة للسعودية، رصدت ضمن خطط رؤية السعودية 2030 مشروعات نقل وبنية تحتية اجتماعية بقيمة 48 مليار دولار. وكجزء من هذه الاستراتيجية، حددت الحكومة مشاريع البنية التحتية التي تشمل قطاعات الطاقة والمياه والهيدروكربونات والطرق والسكك الحديدية والموانئ والمطارات.

وهناك الآن إرادة سياسية لدفع تشريع جديد إلى الأمام يساعد في الخصخصة، من خلال مجموعة من مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتسهيل استخدام التمويل الخاص الطويل الأجل لدعم نسبة كبيرة من المشاريع الرأسمالية، وسوف تشكل السكك الحديدية تطورًا رئيسيًّا في المنطقة. على سبيل المثال، لا تملك عُمان حاليًّا أي بنية تحتية للسكك الحديدية.

ومع ذلك، قررت لجنة وزراء النقل في دول مجلس التعاون الخليجي في العام الماضي تأجيل العمل في مشروع سكة الحديد التي تربط دولها بعضها ببعض من 2018 حتى 2021-2020.

دليل آخر على قوة الإنفاق على البنية التحتية في منطقة الخليج هو معرض إكسبو العالمي 2020 الذي ستستضيفه دبي. ويخدم المعرض ثلاثة مطارات دولية، وشبكة طرق ذات مستوى عالمي، والتوسعة الجديدة في نظام مترو دبي (الذي بدأت عملياته عام 2009 فقط).

 

النفط والغاز عصب الاقتصاد

وفي الكويت، شارف مشروع جسر الشيخ جابر الأحمد الصباح على الانتهاء، البالغة تكلفته 3 مليارات دولار، ويهدف إلى تقليل مسافة السفر بين مدينة الكويت والصبية من 104 إلى 36 كلم، بحيث تصبح مدة الرحلة أقل من 30 دقيقة بدلاً من 90 دقيقة.

لكن السؤال: هل تستطيع الاقتصادات الخليجية الابتعاد عن النفط والغاز، تقول الوكالة إن الجواب المختصر: لا، في هذه الفترة. إذ لا تزال دول التعاون تعتمد كثيرًا على القطاع الهيدروكربوني. وعلى الرغم من تراجع أسعار النفط، فإن بعض الدول ستشهد تسارعًا ملحوظًا في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي. ولأسعار النفط تأثير كبير على الإنفاق الحكومي لهذه البلدان، فهي تغذي تطوير بنيتها التحتية والقوة الشرائية المتحسنة للعائلات من خلال الإنفاق الحكومي على الأجور والدعم. ومع أن الدول تقوم على تنويع اقتصادها لتقليل الاعتماد على النفط والغاز، فإن الاستثمار لا يزال يتجاوز القطاعات الأخرى.

من الناحية التاريخية، اعتمدت المنطقة على جذب شركاء أجانب للمساعدة في تطوير مشروعاتهم النفطية، وكذلك بناء البنية التحتية. ومع ذلك، فقد أثرت القضايا الجيوسياسية الإقليمية مع مرور الوقت على اهتمام المستثمر الأجنبي الاستراتيجي.

في غضون ذلك، تقول “فيتش” إن تطور البنية التحتية في منطقة الخليج مثير للإعجاب مقارنة بمرحلة تطوير النفط والغاز في منتصف الستينات. وقد ساعد تنفيذ تدابير الابتعاد عن عائدات النفط والغاز على تنويع اقتصاد الشرق الأوسط، فيما تواصل المنطقة الاستثمار في البنية التحتية الرئيسية بوتيرة متقدمة عن الاقتصادات الغربية، حتى بعد انخفاض إيرادات النفط إثر الأزمة المالية العالمية.