+A
A-

كتاب غاندي يضيء 17 قصة عن التسامح ومواجهة التطرف الديني

لماذا؟ وما جدوى الكتابة الآن عن أي إنسان، مهما بلغت أهميته وعظم شأنه وعلا قدره، مثل المهاتما غاندي، وذلك بعد مضي 7 عقود على وفاته؟

يجيب الباحث عبدالنبي الشعلة عن هذا السؤال في كتابه الجديد عن غاندي، والذي دشنه حديثا، ويحمل عنوان “غاندي.. وقضايا العرب والمسلمين”؛ بمناسبة مرور 150 عاما على ولادة الزعيم الهندي الأشهر عالميا.

ويعيد الباحث قراءة هذه الشخصية التاريخية الملهمة من أرشيف المكتبات العربية والأجنبية ووثائق المراسلات بين الجهات الرسمية وشهادات غير مباشرة لمن عاصره واحتك معه وتأثر به أو أثّر عليه، إذ أمضى سنوات طويلة تراوده فكرة كتابة بحث معمَّق أو كتاب للقارئ العربي عن المهاتما غاندي، آملاً أن يساهم ذلك العمل في بلورة قدرة القادة والزعماء والجماعات السياسية والدينية على تبني الأساليب السلمية واللّاعنف في إحداث التغيير في مجتمعاتنا، ومتمنيًا أن يصبح إضافة قيمة إلى المكتبة العربية الفقيرة نسبيًا إلى مثل هذه الأعمال، على الرغم من دور غاندي في إرساء قواعد سياسة الهند الصديقة والمناصرة لقضايا العالم العربي والأمة الإسلامية.

بابو الهند

الهنود بمختلف انتماءاتهم ومواقعهم ينادونه “بابو” أي والدنا، وكانوا وما يزالون ينظرون إليه بقدر كبير من الاحترام وبقدر أكبر بكثير من التبجيل والتقديس والتقدير، ولعقود طويلة، لا يكاد حديث سياسي يدور بينهم إلا وكان غاندي محوره أو على أطرافه.

وما يزال الشعب الهندي يحتفل بذكرى يوم ميلاده في الثاني من شهر أكتوبر من كل عام بإعلان ذلك اليوم عطلة رسمية، كما تقف الهند برمتها، لدقيقتين، وقفة صمت أو وقفة وقار، في “يوم الشهيد Shaheed Diwas”، في الساعة الحادية عشرة من يوم الثلاثين من شهر يونيو من كل عام تخليدًا لذكرى رحيل زعيمهم المهاتما غاندي، وتمجيدًا لكل شهداء الأمة الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل تحقيق استقلال الهند.

ويضيء الباحث في 17 قصة منفصلة ولكنها متصلة بمحورها الأم كيف استطاع غاندي بجسمه الهزيل ولباسه الهندي الأبيض التقليدي البسيط وعصاه الزاهدة من أن يكون محورا لمواجهة التطرف الديني والأنظمة الطبقية دون أن يكون معتنقا لتوجهات سياسية أو حزبية أو فئوية. ويقع الكتاب في 144 صفحة من القطع المتوسط.

ويروي الباحث تأثير انفتاح غاندي على التجربة البريطانية الرائدة بالزمن القديم، وكيف استثمر دراسته للقانون في رحلته العظيمة للبحث عن الحقيقة واستخدام عصا القانون البريطاني في مواجهة المستعمر وسلطته.

إكبار فائض

ويتناول الباحث تأثير الزيارات المكوكية بين القارات على توليد التحالفات، ومن بينها زيارة غاندي إلى جنوب إفريقيا، حيث استغرقت الرحلة بين القارتين الهندية والإفريقية مسافة طويلة للوصول لجنوب إفريقيا.

ويكشف الباحث عن معاناة غاندي في التصدي للضغوط الصهيونية بسبب مواقفه الإيجابية من العرب والمسلمين والقضية الفلسطينية. وعلى الرغم من أن غاندي ولد في أسرة وضمن بيئة هندوسية محافظة، وأصبح هندوسيًا ملتزمًا حتى النخاع، إلا أن توجهاته ومواقفه اتسمت بقدر بالغ من الاهتمام والتقدير للدين الإسلامي، وانسجامًا تامًا مع قيمه، وإكبارًا فائضًا لنبي الإسلام ورسالته، وتماهيًا جليًا مع المسلمين وقضاياهم.

قاوم الابتزاز

وأي باحث لن يجد صعوبة في اكتشاف قدر كبير من نفور غاندي من تأكيد الفكر اليهودي على تميز اليهود وتفوقهم على سائر البشر والأمم، فقد قال “كان اليهود القدماء يعتبرون أنفسهم، من دون سائر الناس، شعب الله المختار، فكان من نتيجة ذلك أن أُنزِلَت بأحفادهم عقوبة غريبة ظالمة”.