+A
A-

مصر... المقياس الأكمل للثقافة بكل اتجاهاتها وأبعادها

مهرجان الأهرام الثقافي الذي نظمته مؤسسة الأهرام الصحفية المصرية بالتعاون مع وزارة شؤون الإعلام تحت شعار “مصر العروبة وبحرين الوفاء .. حضارتان ومصير مشترك”، وذلك بمقر جامعة البحرين، كان بحق تظاهرة فنية متميزة، فهو ليس مجرد تجمع فني وإعلامي وثقافي، وإنما كان له طابع خاص مثلما هي العلاقة بين البحرين وجمهورية مصر العربية الشقيقة لها من العمق والخصوصية والمتانة عبر التاريخ. كان مهرجانا عميق بخصوصيته وأبعاده وروافده، فمعرض الكتاب الذي ضم خمسة آلاف عنوان أتحفنا بالكتب الأدبية والثقافية والتاريخية والعلمية، وجال بنا في محطات العلم والمعرفة. كيف لا ومصر هي القوة والحب والمودة والمستقبل. مصر هي المقياس الأكمل للثقافة بكل اتجاهاتها وأبعادها ودروس التاريخ تعلمنا عن أرض العبقريات وعمالقة وقادة الفكر والأدب من أحمد لطفي السيد أول من ترجم لأرسطو وأول من دعا إلى إنشاء مجمع اللغة العربية، إلى أحمد حسن الزيات، واحمد رامي، وتوفيق الحكيم وطه حسين والعقاد وغيرهم.

اما المعرض التشكيلي الذي احتوى على ثلاثين لوحة لكبار الفنانين المصريين الذين أثروا الساحة الفنية المصرية والعالمية، فكان مثيرا للإعجاب بالفعل، ويعكس بشكل قاطع على غزارة المنابع الفنية التي يستقي منها الفنان المصري وقدرته المذهلة على السير في كل الأنواع الفنية. رسومات ذات حساسية جمالية وطبيعة زاخرة بالدهشة الأصيلة. عندما تقف أمام لوحة الفنان صلاح عناني والمعنونة بـ “الخالدين” تشعر بأن ثمة روحا شعرية تنتظم إنتاجه المتنوع، حتى أن ألوانه تتخذ في كثير من الأحيان طابعا غنائيا عذبا. لوحة وان جاز التعبير خالدة، كخلود شخوصها كأم كلثوم وطه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ. لقد شدتني هذه اللوحة كثيرا وتوقفت عندها؛ لأنها بالفعل لوحة فيها طابع التكامل الجمالي والدلالات الشعورية التي تبين مدى ارتباط الشخصيات الخالدة بالجمهور، لم تكن لوحة تقليدية وإنما رائعة تعكس ناصية الفنان صلاح عناني الحرفية وعمق أصول صياغته الفنية وطاقته الخارقة.  أما لوحة “ذات العيون العسلية” للفنان محمود سعيد  تتموج خطوطها وأشكالها بين متاهات الرغبة، كأن الحب يركض في هذه اللوحة جاريا أمامنا كالإعصار.  الفنانة سناء البيسي قدمت لوحة عنوانها “تكوين تجريدي” وحسب وجهة نظري كمتذوق ...ظل اللون عندها تتنوع بلاغات تعبيره، وكانت هناك مواءمة بين موضوعية الأشكال وذاتية الفنان. جمعت سناء بين التشخيص والتجريد وحورت مشاهدها فخلقت عالما آخر جميلا. عالما موسيقيا يشير إلى البحار ولو لم تر بحرا. كما قدم المهرجان أبرز الكتابات والتغطيات المنشورة في صحيفة الأهرام عن مملكة البحرين عبر مراحل زمنية مختلفة، صفحات من لقاءات الأخوة والتعاضد والتكاتف والمصير المشترك بين مصر والبحرين.