+A
A-

كلما أصبحت الحكومة أقرب من المواطنين كانت أكثر إنجازا

المشروعات الصحية والتعليمية والإسكانية أولوية لا تقبل التأجيل

حريصون على تعزيز التعاون مع السلطة التشريعية والمجالس البلدية

نجاح أي صحيفة يعد بمثابة توطيد لأركان المسيرة الديمقراطية

شعبنا واع ومتحضر ومبدع ومصدر فخر واعتزاز

جلالة الملك عمل على تنظيم البيت الوطني وعززه بالميثاق

نسعد بكتابات “البلاد” ونهتم بانتقاداتكم ونتفاعل مع هموم المواطنين

ننظر إلى التحديات الاقتصادية بروح المثابرة بهدف تجاوزها

نحرص على أن يكون عملنا ملبيًا لتطلعات الحاضر والمستقبل

البحرين تنعم بأجواء انفتاح ينبغي تطويعها في الحفاظ على ريادتها

توجيهات للوزراء بالنزول إلى الشارع والاستماع إلى المواطنين

 

رغم المسؤوليات الجسمية والمتابعة الشخصية والدائمة لمختلف الأمور التي تهم الوطن والمواطن، ورغم قوافل السفراء والضيوف الراغبين في نيل شرف مقابلة سموه، إلا أن رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة منحنا من وقته المزدحم والثمين لإجراء مقابلة صحافية لصحيفة “البلاد” بمناسبة مرور 10 سنوات على إصدارها، هذه المقابلة التي لن تنسى من تاريخ “البلاد” وستظل خالدة في سجلها المضيء؛ لعظم شأن شخصية سموه ومكانته الرفيعة محليا وخليجيا وعربيا ودوليا، ولقيمة ما يطرحه سموه دائما من أفكار ورؤى تلامس الواقع بتحدياته وتطرح سبلا ناجعة وآليات فاعلة؛ للتوصل لمستقبل مشرق للبشرية جمعاء.

إن موافقة سموه على إجراء هذا اللقاء لهي مظهر جديد من مظاهر قرب سموه من الصحافيين، وهي جزء من دعم وتقدير سموه للصحافة البحرينية وحرصه على أن تقوم برسالتها وتؤدي دورها، إضافة إلى أنها تحمل تقديرا خاصا تعتز به “البلاد” أيما اعتزاز. ورغم تكاثر الأسئلة التي تجوب في خاطري وازدحامها، إلا أنني أردت أن تكون هذه المقابلة كاشفة عن أمور كثيرة تحيرنا وتضغط على عقولنا، وأثق أننا لن نجد لها التفسير الشافي والجواب الكافي إلا عند سمو الأمير خليفة بن سلمان، فنظرته الثاقبة مثل القبس الذي ينير الكثير من غياهب دروب السياسة المعتمة.

في هذه المقابلة، وضع سموه - كعادته - النقاط على الحروف، فلم يترك أمرًا يهم الوطن والمواطن إلا حسمه، ولم يدع شأنه من شؤون المنطقة والعالم إلا بينه بكل حكمة؛ لتصبح رؤية الحاضر واضحة وخارطة المستقبل مرسومة ومحددة. ولم يترك سموه المناسبة، إلا وقد أعطى للمملكة العربية السعودية حقها ووصف مكانتها المهمة والحيوية وصفا دقيقا بليغا.

لنبحر أيها القارئ الكريم في فكر سمو الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة الذي ينير الطريق للجميع؛ ليسلكوا المسالك المؤدية للأمن والرخاء.

 

مملكة البحرين مقبلة على استحقاق انتخابي نيابي وبلدي جديد.. ما تطلعات سموكم نحو هذا الاستحقاق؟

ـ قبل أن أجيب على سؤالك أود أن أتوجه بخالص التهنئة إلى صحيفة “البلاد” ومجلس إدارتها وجميع المنتسبين لها من صحافيين وكتاب وإداريين وعاملين، بمناسبة مرور 10 أعوام على انطلاق الصحيفة التي شكلت إضافة في مسيرة العمل الصحافي في مملكة البحرين، واستطاعت خلال عقد من الزمن أن تصنع لنفسها مكانة كصحيفة وطنية كرست قيم ومبادئ الرسالة الصحافية السامية التي تقوم على المصداقية والموضوعية.

وإنني حريص يوميًا على قراءة صحيفة “البلاد”، ويسعدني كثيرًا ما وصلت إليه من مستوى راق ومتميز في الشكل والمحتوى، كما أنني فخور بما لديكم من طاقات صحافية وإعلامية تتميز بالمهنية العالية في تناول مختلف قضايا الشأن العام.

إن نجاح أي صحيفة من الصحف التي تصدر في مملكة البحرين، يعد بمثابة توطيد لأركان المسيرة الديمقراطية التي تعيشها المملكة في ظل العهد الزاهر لعاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة الذي يولي الصحافة والصحافيين اهتمامًا كبيرًا؛ لإيمانه بأهمية دور الصحافة والإعلام في التعبير عن قضايا الوطن ومساندة جهود التنمية في شتى المجالات.

وما أتمناه لكم دائمًا هو النجاح والوصول بالصحيفة إلى المرتبة التي تستحقها على خارطة الصحافة الخليجية والعربية.

وأود هنا التأكيد أن مسيرة العمل الوطني في البحرين ماضية، بإذن الله، وعلينا أن نكون يدًا واحدة في استكمال مسيرة التنمية الشاملة التي تشهدها بلادنا والتصدي لأي محاولات تريد النيل من أمن الوطن واستقراره.

إن البحرين اليوم تنعم، بفضل الله، بأجواء انفتاح ينبغي تطويعها؛ لتكون عنصرًا داعمًا في الحفاظ على ريادتها وتنافسيتها كمركز مالي واستثماري، فنحن أمام مستقبل أكثر اتساعًا ونتطلع إلى إعداد جيل أكثر قدرة وعطاء لوطنه ومجتمعه في ظل متغيرات الحياة، وعلينا أن نعمل وبقوة بالعقول والأيدي لصياغة الآمال التي نرجوها لبلدنا.

إن جلالة الملك، حفظه الله، عمل على تنظيم البيت الوطني وعززه بميثاق العمل الوطني الذي أجمع عليه شعب البحرين، وعلينا التمسك بالوحدة الوطنية وعدم التفريط فيها، فهي الباعث الحقيقي للنهضة والسياج الحامي، بعد الله جلت قدرته، في وجه كل من يريد العبث بأمن الوطن واستقراره.

ونؤكد دائما ضرورة أن تظل الوحدة الوطنية محاطة بالرعاية والاهتمام على المستويين الشعبي والرسمي؛ لأنها تشكل على الدوام الباعث للإنجازات الوطنية، وعلينا أن نشيع المحبة فيما بيننا كمجتمع، وأن نتيح للأفراد المجال لأنْ ينطلقوا بطاقاتهم وإبداعاتهم، وعلينا أن نبني إرادتنا الوطنية ونعمل على حمايتها، فالبحرين تستحق منا الكثير، كما يجب أن تكون مصلحة الوطن هاجس الجميع، وأن يكون الانتماء إلى البحرين هو القيمة التي نغرسها في نفوس أجيالنا القادمة.

أما فيما يتعلق بسؤالكم، فإن مملكة البحرين مقبلة على مرحلة مهمة عبر الانتخابات التشريعية والبلدية المقبلة التي تعد لبنة جديدة في صرح العملية الديمقراطية في المملكة، ولعل ما اكتسبناه خلال الفصول التشريعية الماضية من خبرة وتجربة يمثل مصدر قوة تعزز من مسيرة العمل البرلماني في البحرين وتجعلها أكثر قدرة على التعامل مع تحديات الحاضر والمستقبل.

إننا نطمح أن تفرز الانتخابات التشريعية والبلدية المقبلة نتائج تعبر عن الإرادة الوطنية والشعبية، وأن يواصل ممثلو الشعب الذين سيختارهم الناخبون استكمال ما أنجزته المجالس السابقة من مشروعات وقوانين تعزز من التجربة الديمقراطية في المملكة في إطار من التعاون والتفاهم الذي يرتقي بالعمل البرلماني إلى آفاق تخدم الوطن والمواطن.

ونحن في الحكومة كنا - ولا نزال - حريصين على تعزيز التعاون مع السلطة التشريعية والمجالس البلدية في كل ما من شأنه أن يرتقي بالوطن ويعود بالنفع على المواطن في حياته ومعيشته، فغايتنا المشتركة خدمة الوطن ورفاه المواطنين، ونحن والسلطة التشريعية شركاء في خدمة الوطن.

وبما أننا مقبلون على استحقاق انتخابي جديد فإنه يجب أن تكون هناك مشاركة فاعلة في هذا الاستحقاق، وأن تتلاقى حوله الجهود الوطنية الحريصة على التوافق الوطني الذي يدعم المسيرة الديمقراطية، وأن ندعم بالتصويت والمشاركة الانتخابات المقبلة ونرسم المستقبل الذي نتطلع إليه ونتعلم من كل التجارب التي مررنا بها.

وما نؤكده دائما هو تعزيز دور المؤسسات الدستورية القائمة ومنها السلطة التشريعية بمجلسيها الشورى والنواب، باعتبارها تمثل صوت الشعب الذي ينبغي أن يكون مسموعًا وحاضرًا في أي أمر يتعلق بحاضر الوطن ومستقبله.

 

عبر المسيرة البرلمانية الممتدة يجد المتابع أن سموكم أول المتصدين لأية عثرة تعتري طريق التعاون الحكومي البرلماني، وذلك بزيارات سموكم لمجلس النواب أو الاجتماع مع أعضاء السلطة التشريعية، كيف ترون نتائج هذا التعاون على المواطن وعلى الوطن عموما؟

- إننا في الحكومة حريصون على أن تسود روح المحبة والتعاون علاقتنا مع السلطة التشريعية بمجلسيها الشورى والنواب؛ لأن التعاون هو السبيل الوحيد لتحقيق الآمال المرجوة لتقدم الوطن ونهضته، وسيظل التعاون هو النهج الذي سوف نسير عليه، وسوف تتواصل زياراتنا ولقاءاتنا بأعضاء مجلسي الشورى والنواب؛ من أجل التشاور وزيادة التنسيق في كل ما من شانه أن يعود بالنفع على الوطن والمواطنين.

ولعل تجربة الفصول التشريعية السابقة خير دليل على ما حققه التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية من نجاح أثمر عن تفاهم وتنسيق في العديد من مشروعات القوانين التي تتلمس احتياجات المواطنين، والحكومة تحرص على ألا يكون أي اختلاف عابر في وجهات النظر سببًا أو معوقًا لإقرار أي أمر يتعلق بحياة المواطنين واحتياجاتهم.

 

نرى أن سموكم دائمو التوجيه بإطلاع السلطة التشريعية على مبررات الحكومة من اتخاذ بعض الإجراءات أو سن بعض التشريعات وكان آخرها تعديل قانوني التقاعد، حيث ترأستم سموكم اجتماع العمل الأول للفريق الحكومي البرلماني المعني بدراسة القانونين ويرى الكثير أنكم بذلك تؤسسون لقاعدة تعاون حكومي برلماني تفتقر لها الكثير من البرلمانات العريقة في المنطقة.. حدثنا سموكم رعاكم الله أكثر عن هذه الخطوات؟

ـ إن دور وواجب كل السلطات سواء التنفيذية أو التشريعية أو القانونية، هو الحفاظ على سيادة وأمن واستقرار الوطن بأبعاده المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإذا لم يكن هناك تعاون وتكامل بين هذه السلطات فإن النتائج المرجوة لا تتحقق، ولذلك فإننا نحرص على أن تكون الرؤية واضحة للرأي العام أولا وأعضاء السلطة التشريعية ثانيًا في كل إجراء أو تشريع نتقدم به؛ لأن ذلك هو السبيل الصحيح للوصول إلى تفاهم مجتمعي تجاه مثل هذه القضايا ذات الصلة بحياة المواطنين ومعيشتهم.

وإننا في الحكومة نحرص على أن يكون عملنا ملبيًا لتطلعات الحاضر واحتياجات المستقبل من خلال وضع جملة من المشروعات التنموية الطموحة مع الأخذ في الاعتبار مختلف التحديات وفي مقدمتها حجم الموارد المتاحة والإنفاق المطلوب، وتلك مسألة ليست هينة ولكننا نعمل دائما على أن تكون هناك أولوية للمشروعات ذات الأهمية التي لا تقبل التأجيل، وفي مقدمتها المشروعات الصحية والتعليمية والإسكانية ومشروعات البنية التحتية مع الاهتمام بجودة الحياة.

 

المتتبع لجلسات مجلس الوزراء يُدرك أن الموضوعات التي تتصدر بيان الجلسة هي تلك المستجدة وخارج إطار جدول الأعمال، ونجد أن هذه الموضوعات تتركز في مجملها على المواطن، وهي سُنة أسستم لها سموكم ولا نراها في بيانات مجلس الوزراء في دول المنطقة، حدثونا سموكم أكثر عن هذا الموضوع؟

ـ إن الحكومات في تاريخ التطور السياسي البشري وجدت من أجل تحقيق متطلبات المواطنين، وكلما كانت الحكومة قريبة من المواطنين تستمع إليهم وتتعرف على احتياجاتهم وتعمل على تلبيتها فإنها تكون أكثر إنجازًا، وذلك نهج تعلمناه من الوالد صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البحرين الأسبق (طيب الله ثراه)، ونعمل جاهدين لأن يكون أسلوب العمل الحكومي خارج الإطار التقليدي القائم على التقارير المقروءة، ولذا فإن كل التوجيهات للوزراء والمسؤولين بالنزول إلى الشارع والاستماع إلى المواطنين وأخذ ملاحظاتهم في عين الاعتبار عند تنفيذ أي مشروع؛ لأنهم هم المستهدفون بتلك المشروعات.

وانطلاقًا من ذلك، فإن مجلس الوزراء في كل جلسة أسبوعية يهتم بأن يكون إلى جانب جدول الأعمال بنود أخرى للموضوعات المستجدة التي ترصدها وسائل الإعلام واستطلاعات الرأي العام وغيرها، وذلك من شأنه أن يرتقي بمنظومة العمل الحكومي ويزيده قوة وصلابة؛ لأن المواطن هو محور التنمية وغايتها، وكل مشروعات التطوير والتحديث هدفها تلبية تطلعات المواطن سواء في المدن أو القرى وتوفير المقومات التي تضمن له حياة كريمة ومزدهرة.

 

نجد أن سموكم حريصون على التواصل مع المواطنين في مختلف المناسبات فضلا عن الزيارات الميدانية المعلنة وغير المعلنة التي تحرصون سموكم عليها بشكل مستمر للالتقاء بالمواطن، كما أن مجلس سموكم العامر الذي يلتئم بشكل أسبوعي يشكل منبرا حرا لجميع المواطنين والمعنيين بمختلف القطاعات لطرح وجهة نظرهم بشأن الخدمات والمعوقات التي تعترض تمتعهم بأفضلها كما أردتم سموكم، كيف ترون سموكم هذا المجلس وما يُطرح فيه؟ وماذا تعني لكم هذه اللقاءات والزيارات؟

ـ إن التواصل مع المواطنين واللقاء بهم يشكل لي شخصيًا مصدر سعادة لا حدود لها، إذ تتيح لنا هذه اللقاءات والزيارات الفرصة لكي نتعرف عن قرب على ما يشغل اهتمامات الناس والقضايا التي تشكل أولوياتهم، إضافة إلى التعرف على احتياجاتهم ومتطلباتهم، وفي بعض الأحيان توفر هذه اللقاءات المباشرة أمامنا نوافذ جديدة تخص القضايا والموضوعات ومن ثم وضعها في عين الاعتبار.

إننا في البحرين، ولله الحمد، نتميز عبر السنين بأننا مجتمع قائم على التواصل والمحبة بين جميع أفراده الذين يعرفون بعضهم البعض، تلك خصال حميدة توارثناها عن الآباء والأجداد وتتجسد جلية في مجالسنا التي تشكل ملمحًا يعكس هويتنا الأصيلة، ويجب علينا الحفاظ عليها وترسيخها في نفوس الأجيال الشابة.

 

تصريحاتكم كافة بشأن العقبات التي تعتري مملكة البحرين والتحديات، نراكم سموكم تراهنون فيها على المواطن البحريني ومواقفه، ولدى سموكم إيمان مطلق بأن المواطن هو سر النجاح وثقتكم كبيرة في قدرته على التعامل مع التحديات، بماذا تصفون سموكم المواطن البحريني ومواقفه عبر التاريخ؟

ـ نعم، فالمواطن البحريني أثبت في مختلف المراحل التاريخية أنه قادر على حماية وطنه والذود عنه، فلم يتأخر يومًا عن الدفاع عن أمن واستقرار بلده، والوقوف بقوة إلى جانب قيادته، فكان حائط الصد الذي فشلت أمامه كل المؤامرات التي حيكت ضد البحرين وشعبها، ونقدر عاليًا ما يبديه المواطن من عزم وإصرار على العطاء والمساهمة في رفعة وطنه، فشعبنا واع ومتحضر ومبدع ومصدر فخر واعتزاز دائمًا.

 

لقد مرت مملكة البحرين بتحديات ومحاولات للتأثير على نسيجها الاجتماعي وبث الفرقة وشق صف الوحدة، كيف وجدتم سموكم وعي المواطن البحريني وتعامله معها؟

- لقد عايشنا الكثير من التحديات، ومررنا بتجارب عدة حاول البعض خلالها أن يبث الفرقة والانقسام بين أبناء المجتمع، ولكن بحمد الله، باءت جميعها بالفشل؛ بفضل تماسك ووعي شعب البحرين، الذي كان وسيظل دومًا بمشيئة الله، عصيًا على كل محاولات الفرقة والانقسام، محبًا لوطنه، فنحن شعب واحد يصون وطنه ويحافظ على منجزاته ومكتسباته ويعمل بما يمتلكه من سمات الإخلاص والتفاني؛ من أجل مستقبل أفضل.

 

تمر المنطقة ومملكة البحرين بتحديات اقتصادية جمة، ما خطط الحكومة للتعامل مع هذه التحديات؟

ـ دائما ما ننظر إلى التحديات الاقتصادية بروح المثابرة والعزيمة بهدف تجاوزها، والتعامل معها بمرونة والبحث عما تنطوي عليه من فرص لتقوية أركان التنمية في المملكة، فالاقتصاد البحريني يتميز بتنوع وقدرة على مواكبة وتجاوز التحديات.

وكما تعلمون فالاقتصاد العالمي اليوم مترابط، وما يحدث من أزمات اقتصادية في أي بلد يمكن أن يؤثر بشكل أو بآخر على مختلف دول العالم، وقد مررنا بفترة شهدت تراجع أسعار النفط بشكل كبير وهو ما أثر على حجم الإيرادات في الدول النفطية ككل، وكان من الضروري التوجه إلى إيجاد بدائل تكفل تنويع مصادر الدخل واستمرار دوران عجلة النمو للحفاظ على مكتسبات المواطنين ومواصلة تنفيذ المشروعات التنموية.

 

كيف ترون سموكم دعم المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت لمملكة البحرين، لتحسين وضعها الاقتصادي؟

ـ نقدر عاليًا دعم الأشقاء من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت، ومواقفهم المشرفة تجاه مملكة البحرين، والتي تعكس عمق روابط الأخوة والمحبة التي تربط مملكة البحرين بأشقائها، وهي مواقف ليست بمستغربة من الأشقاء، الذين نكن لهم كل المحبة والتقدير، وهي تجسد الإيمان بوحدة الهدف والمصير المشترك الذي يربط شعوبنا، ومواقف الأشقاء إلى جانب البحرين لا يمكن أن تنسى، وستبقى شاهدة على عمق أواصر الأخوة والتعاون بيننا لما فيه الخير والنماء لدولنا وشعوبنا.

 

كيف ترون سموكم دور الصحافة الوطنية في الشأن المحلي؟ وما تقييمكم لما يكتب فيها؟ وماذا تعني لسموكم الصحافة البحرينية؟

ـ نحن نقدر الدور الوطني لصحافتنا المحلية بكتابها ومحرريها، وما أسهموا به من تنوير للمجتمع البحريني في شتى مجالات المعرفة، وإعلام القارئ بمختلف التطورات والأحداث التي تشهدها منطقتنا والعالم، وقبل ذلك بطبيعة الحال، إلقاء الضوء على ما تشهده بلادنا من تطورات ونمو وإنجازات ومكتسبات تحققت بفضل تضافر جهودنا جميعًا كل في مكانه ومن موقعه.

وإننا لعلى ثقة في قدرات أبناء البحرين على تحقيق المزيد من الإنجازات على الصعيد الصحافي والإعلامي، وحرصهم على أن تكون المادة الصحافية التي يقدمونها لمجتمعهم رصينة ومتوازنة، يطلع من خلالها الجميع على الحقائق، فالصحافة هي مرآة المجتمع.

ومن خلال صحيفتكم أوجه التحية لكل العاملين في الحقل الصحافي والإعلامي وأقول لهم إننا نسعد بكتاباتكم ونهتم بانتقاداتكم، ونتفاعل مع ما يطرحه المواطنون على صفحاتكم من مشاكل وهموم، فخدمة المواطن ستظل هي شاغلنا الشاغل، وما تقومون به في هذا المجال هو محل الاهتمام والتقدير.

وأؤكد لكم أن الصحافة شريك مهم من شركاء الوطن، وعنصر فاعل في المجتمع، لا تكتمل جوانب الصورة الكاملة إلا بها، ومن هنا يأتي حرصنا على التواصل مع الصحافة والعاملين فيها، وتبادل الرأي والمشورة معهم، ونسعد دائما بوجود الكتاب والصحافيين في مجالسنا والحديث معهم، والاستنارة مما يطرحونه من أفكار وتصورات نثق أنها تنبع من حس وطني غيور وحرص كبير على الوطن ومستقبل الأجيال القادمة.

 

كيف ترون سموكم علاقة مملكة البحرين مع دول الإقليم والعالم؟

- سياسة مملكة البحرين الخارجية قوامها الاحترام المتبادل مع كل دول العالم، والحرص على توطيد أواصر التعاون مع مختلف الدول، والاستفادة المتبادلة من الخبرات والتجارب الناجحة، التي تسهم في تنمية الشعوب والارتقاء بمستوياتها المعيشية.

نحن بلد يحترم التزاماته وتعهداته وفق الأعراف الدولية، ونرى أن ذلك هو السبيل لاستقرار دول العالم وتفرغها إلى التنمية الشاملة والابتعاد عن الصراعات والحروب، التي تهدم ولا تبني، وتدمر ولا تعمر، ويكفي ما عاناه العالم في السنوات الماضية، من نزاعات ومحاولات لزعزعة الاستقرار والأمن في كثير من المناطق، وهو ما ألقى بظلاله وتأثيراته على العالم بأسره.

وعلينا أن نأخذ العبرة مما يحدث في بعض الدول من أحداث أعادتها إلى الوراء وعرقلت خطواتها التنموية بعد أن كانت في الطليعة.

وتحرص مملكة البحرين دائمًا على أفضل العلاقات مع الأشقاء والأصدقاء في مختلف أنحاء العالم، وتدرك أن استثمار تلك العلاقات والتعاون بين الدول، يصب في مصلحة الشعوب وتقدمها.

كما أننا نرى أن التنمية الشاملة والارتقاء بحياة الإنسان، هما الهدف الأسمى الذي تسعى دول العالم إلى تحقيقه، لكن هذا الهدف لا يمكن له أن يتحقق في ظل تدخل بعض الدول في شؤون الدول الأخرى، ومحاولة زعزعة أمنها واستقرارها وعرقلة خطط التنمية التي تنفذها.

ونرى أن الوقت قد حان؛ لكي يتصدى المجتمع الدولي لكل الظواهر السلبية التي تؤثر على مقدرات الشعوب، وتُزعزع الأمن والاستقرار في العالم.

 

كان لإنجازات سموكم المحلية صدى دولي تُوّج بكمّ كبير من الجوائز العالمية.. كيف ترون سموكم التأثير الإيجابي لكل ذلك على سمعة ومكانة مملكة البحرين؟

- نحن نفخر بشهادات وتقدير المنظمات والهيئات الدولية لما تحققه مملكة البحرين من منجزات، لاسيما على صعيد التنمية البشرية، كما أننا نعتز بالمراتب المتقدمة التي تحرزها المملكة في مختلف المؤشرات الدولية والتقارير المتخصصة، والتي تؤكد أن البحرين تسير في الطريق الصحيح، وأنها باتت نموذجا للتميز في الإنجاز.  ونؤكد أن ما تحقق للبحرين صنعته إرادة شعبها، فنحن مجتمع متجدد، وعلينا أن نصون ونستثمر أي نجاح تحقق، فكل ذلك ما كان ليتحقق، لولا تضافر جهود أبناء البحرين وإخلاصهم في خدمة الوطن، وتفانيهم في إبداع وابتكار كل ما هو جديد لتحقيق الإنجاز تلو الآخر، ونرى أن ذلك هو نتاج طبيعي لمجتمع تتسم العلاقة بين أفراده جميعًا بالمحبة والألفة، والحرص على تقدم بلادنا، والوصول بها إلى المكانة التي تستحقها إقليميًا ودوليًا.

ونحن فخورون بما تحقق ولا نكتفي به، بل نسعى دائما إلى المزيد، ووضع لبنات جديدة في صرح الإنجازات، التي يشعر بها كل من يقيم على أرض البحرين، ويدرك مدى ما بُذل من جهد مخلص وتفان في سبيل تحقيقها.

 

هناك تدخلات خارجية واضحة في الشأن المحلي.. كيف نجحت الحكومة في سد الثغرات التي يتم عبرها تمرير تلك التدخلات؟ وكيف استطعتم وقف تمويل الإرهاب من الخارج حتى غدت البحرين، كما كانت، واحة أمن وأمان واستقرار؟

ـ إن احترام سيادة واستقلال الدول مبدأ لا حياد عنه، والتزام الآخرين بما نلزم به أنفسنا، هو السبيل لوقف التدخلات في شؤون الغير، كما أن المجتمع الدولي يجب أن يتحمل مسؤوليته في وقف تلك التدخلات؛ حتى لا تسود الفوضى في العالم.

أما بالنسبة لموضوع الإرهاب، فإن نجاح البحرين في التصدي لهذه الآفة لم يكن جهدًا حكوميا فقط، بل كان عملا جماعيًا جسد عزيمة أبناء البحرين ومدى حرصهم على الحفاظ على وطنهم، فكانوا العنصر الذي أفشل كل مخططات الفوضى والتخريب التي أريدت بالوطن، وحفظ ما تحقق للبحرين من مكتسبات وطنية وحضارية.

ولقد عملت البحرين على تعزيز التعاون مع الدول الصديقة؛ للقضاء على ظاهرة الإرهاب ومن يقف وراءها وتجفيف منابع تمويلها، وأنه بتوافر إرادة المجتمع الدولي يمكن حصار ظاهرة الإرهاب والقضاء عليها والنأي بالعالم عن شرورها.

 

المتتبع لتصريحات سموكم يرى أنها لا تخلو من الإشادة والدعم لسياسة المملكة العربية السعودية.. ماذا تعني المملكة الشقيقة لسموكم؟ وكيف تنظرون إلى دورها في مواجهة التحديات التي تحيط بالأمة الإسلامية وفي مقدمتها مواجهة الإرهاب؟

- المملكة العربية السعودية هي السند والعضد، وهي الداعم القوي والرئيس لمملكة البحرين، ونحن لا ننسى مواقف المملكة الشقيقة معنا في السراء والضراء على السواء.. فنحن نرتبط معًا برباط مصيري، والمملكة العربية السعودية الشقيقة هي صمام الأمان والاستقرار ليس لمنطقتنا فحسب، بل والإقليم وأيضًا العالم، ولهذا تحظى مواقفها وسياساتها بالاحترام والتقدير في العالم أجمع.

ونحن نرى أن المملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ودعم ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لا تتوانى عن مساندة الدول العربية والإسلامية، بل ودول العالم الأخرى، ومواقفها في هذا المجال واضحة، فهي بلد الخير الذي يمتد إلى الجميع.

وما من شك في أن جميع الشعوب العربية والإسلامية تحمل محبة من نوع خاص للمملكة العربية السعودية وتقديرا كبيرا لدورها الجليل في رعاية الأماكن المقدسة والاهتمام بها، ومبادراتها لمساندة أشقائها وأصدقائها لا تحتاج إلى دليل، فهي دائما تسارع إلى تقديم العون إلى كل محتاج، وهي تقوم بذلك الدور انطلاقًا من مكانتها الإقليمية والدولية التي تبوأتها بعطاءاتها ووقوفها الدائم إلى جانب قضايا الحق والعدل.

كما نستذكر بكل الخير المملكة الشقيقة ومساهماتها في التنمية بمملكة البحرين، ووقوفها معنا دائمًا، ومبادراتها التي لا تتأخر لمساندتنا، فجزاهم الله عنا كل خير، وأدام عليهم جميعًا نعمة الأمن والاستقرار.

أما فيما يتعلق بدور المملكة العربية السعودية في مواجهة التحديات التي تحيط بالأمة الإسلامية وفي مقدمتها مواجهة الإرهاب، فإن السعودية تقوم بدور رئيس وكبير في مواجهة هذه التحديات، وهي الحليف والداعم الأكبر لأمن واستقرار المنطقة، ولها دور محوري ومؤثر في السياسات العالمية، وهو دور يتجسد في مشاركاتها في مختلف المحافل الدولية والتنسيق والتشاور المستمر مع الأشقاء والأصدقاء، وهي لا تتوانى عن بذل الجهد في هذا المجال، وكلنا يعلم ما تقوم به المملكة الشقيقة، ونقدر دورها وجهودها، ونرى أن تلك الجهود ستؤتي ثمارها بتعاون الجميع معها.

كما أننا نقدر للملكة العربية السعودية دورها الرائد والمؤثر في إبراز صورة ومفاهيم الإسلام الصحيحة، والتأكيد في مختلف المحافل أن الإرهاب هو ظاهرة إجرامية لا ترتبط بدين أو مذهب معين وإنما تنبع من الفهم الخاطئ أو الجهل بصحيح الدين، وما يحدث حاليا في العديد من مناطق العالم لهو خير تأكيد على أن الإرهاب لا يفرّق، وأنه يستهدف الجميع دون تمييز.