+A
A-

دراسة تستعرض تحديات “المقاولات” وحلولها

اعتبرت دراسة أعدها رجل الأعمال، المدير التنفيذي لمؤسسة الأسد للمقاولات الإنشائية، هشام مطر، بعنوان “التحديات والصعوبات التي تواجه قطاع المقاولات والتشييد العمراني”، قدمها مطر إلى غرفة تجارة وصناعة البحرين، أن ضعف مساهمة وتنمية المؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في المشاريع الحكومية، وزيادة عدد السجلات قطاع المقاولات مقارنةً بحجم المشاريع المطروحة مما يتسبب في إخلال التوازن في المنافسة، هي من أبرز التحديات التي تواجه قطاع المقاولات في البحرين.

ورأى مطر أن أهم التحديات التي تفاقم من وضع سوق قطاع المقاولات والتشييد العمراني هي حرية انتقال العمالة والعمالة غير النظامية (السائبة) أو التاركة للعمل ومنافستها بالقيام بأعمال البناء والتشييد مفتقدة كل معايير الجودة والمهنية، وكثرة النزاعات العمالية والقضايا في المحاكم مما يتسبب في توقف وتأخير وشل الكثير من المشاريع الصغيرة والكبيرة على حد سواء، والاختلاف والتباين في التخصصية لأعمال قطاع المقاولات بالنسبة لمزاولي المهنة وضعف القدرات المهنية ومعايير الجودة لمزاوليها خصوصا الصغيرة والمتوسطة.

وأضافت الدراسة أن من التحديات التي يواجهها المقاولون زجهم في أروقة النيابة والمحاكم من جراء ما يسمى بالمخالفات الجنائية، التأشيرة المرنة، مؤكدة أن الحلول الناجعة لإعادة الوضع للقطاع تتمثل في إنشاء محكمة تجارية عامة تشمل لجنة تنفيذية متخصصة في قطاع المقاولات، وضع معايير محددة لمزاولة المهنة وإصدار الرخص الخاصة بها، الحد والقضاء بشكل نهائي على كافة أنواع ظاهرة العمالة غير النظامية بكل فئاتها، وإلغاء نظام التأشيرة المرنة.

وأوضح مطر - عضو جمعية المقاولين البحرينية، وعضو غرفة تجارة وصناعة البحرين -في دراسته أن مما لاشك فيه أن لقطاع المقاولات والتشييد أهمية كبرى؛ كونه عنوانًا للتطور الاقتصادي والعمراني، وبالتالي لابد أن نسلط الضوء على أهم وأبرز التحديات والمشكلات على أكبر قطاع حيوي ورئيس مساهم في عمليات البنية التحتية لاقتصاد أي دولة من الدول. ومن هذا المنطلق نستعرض فيما يلي هذه المعوقات لهذا القطاع وما يقابلها من مقترحات وحلول من شأنها تعزيز القطاع وتجعله أكثر تنظيمًا وتطورًا، مما يعني خلق فرص وظائف جديدة للشباب البحريني وكل ذلك يأتي لدعم المنظومة والرؤية الاقتصادية للمملكة 2030:

مزاولة المهنة والتخصصات المتباينة

الاختلاف والتباين في التخصصية لأعمال قطاع المقاولات بالنسبة لمزاولي المهنة وضعف القدرات المهنية ومعايير الجودة لمزاوليها خصوصا المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تعد النسبة الأكبر في هذا القطاع. فقد اقترحت الدراسة لحل هذه المشكلة، إنشاء لجنة تنفيذية مشتركة بين القطاع الحكومي وذلك بالتعاون مع القطاع الخاص؛ لتنظيم مزاولة قطاع المقاولات من خلال وضع معايير محددة لمزاولة المهنة وإصدار الرخص الخاصة بها. والتركيز على برامج التدريب والتثقيف من حيث الإرشادات والسلامة المهنية والمدنية لقطاع المقاولات من جانب وزارة العمل.

كثرة النزاعات لدى المحاكم

كثرة النزاعات العمالية والقضايا في المحاكم تتسبب في توقف وتأخير وشل الكثير من المشاريع الصغيرة والكبيرة على حد سواء. فالحل المقترح لهذا التحدي يشمل إنشاء محكمة تجارية عامة تشمل لجنة تنفيذية متخصصة في قطاع المقاولات مما يساعد كثيرًا وبنسبة مئوية عالية جدًا في عدم توقف وتأخير وتعثر كثير من المشاريع العمرانية بسبب طول أمد التقاضي. وأيضا استحداث نموذج عقود موحد أسوة بعقود الفيديك (FIDIC) المعتمد من الاتحاد الأوروبي للمهندسين الاستشاريين، والذي تحدد فيه العلاقة بين صاحب العمل والمقاول والأطراف الأخرى من ذوي الاختصاص من مهندسين واستشاريين للمشروع. الالتزام والأخذ في الاعتبار بعقود التوظيف المبرمة بين الشركات والمؤسسات في قطاع المقاولات والعمالة الأجنبية العاملة فيها لدى هيئة تنظيم سوق العمل من حيث الشروط والبنود المتفق عليها بين الطرفين مسبقًا؛ لضمان ديمومة سير الأعمال في الفترات الزمنية المتفق عليها حسب التزامات عقود المشاريع لهذا القطاع. وعدم السماح لانتقال الموظف إلى منشأة مماثلة بالمسمى الوظيفي نفسه لبعض الوظائف التي تتضمن أسرار عمل المنشأة السابقة من بيانات حسابية وبيانات الزبائن إلا بعد مرور عامين كحد أدنى؛ للحفاظ على حقوق المنشأة والحفاظ على توازن المنافسة العادلة في هذا القطاع.

انتقال العمالة و”السائبة”

حرية انتقال العمالة والعمالة غير النظامية (السائبة) أو التاركة للعمل ومنافستها بالقيام بأعمال البناء والتشييد مفتقدة كل معايير الجودة والمهنية في هذا القطاع الحساس يخلق عدم التوازن التنافسي في هذا القطاع، ومؤثرة سلبًا على شريحة واسعة من الشركات والمؤسسات في هذا القطاع. وقد اقترحت الدراسة حلا لهذه المشكلة يتمثل في الحد والقضاء بشكل نهائي على كافة أنواع ظاهرة العمالة غير النظامية بكل فئاتها من خلال تكثيف التفتيش الرقابي والحملات من جانب الجهات المعنية بالمملكة. إصدار قوانين تشريعية صارمة لردع المخالفين لكل من العمالة الأجنبية والكفلاء على حد سواء في حال مساهمتهم في انتشار هذا النوع من العمالة غير النظامية. وضع ضوابط وآلية لمنع هذه الظاهرة من تفاقمها من خلال التوعية والتثقيف للعمالة الأجنبية من جانب كل الجهات المعنية كالسفارات التابعة لجنسيات العمالة والجهات الحكومية. وتعويض المنشأة في حال تثبيت بلاغ ترك العمالة للعمل؛ وذلك بتوفير بديل لتيسير المشاريع التي هي قيد الإنشاء.

التأشيرة المرنة

لقد أثبتت التجربة حتى الآن أن نظام التأشيرة المرنة لا تتماشى مع سير قطاع المقاولات والتشييد من كل جوانبه. واقترحت الدراسة  إلغاء نظام التأشيرة المرنة والقضاء على العمالة الغير نظامية حسب قانون الجهات المختصة بالمملكة.

من جهة أخرى، أوصت الدراسة بتمديد تجديد فترة إقامة العامل الأجنبي كحد أقصى، وإعطاء فترة سماح لمدة شهر كحد أدنى لتجديد الإقامة للعامل الأجنبي بعد انتهاء إقامته.

الرسوم على القطاع

وتطرق البحث لعدم مقدرة بعض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمتعثرة دفع رسوم وقدرها  10 دنانير لكل عامل أجنبي على كل يعمل في هذا القطاع، مقترحة إعادة النظر في تخفيض مبلغ الـ 10 دنانير إلى 5 دنانير للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمتعثرة.

وأشار الباحث إلى احتساب الرسوم الصحية للعمالة البحرينية، موجها إلى ضرورة إلغاء هذه الرسوم خصوصا أنها تتضارب  مع حقوق المواطنين المكفولة بنص دستور البحرين.

كما ذكرت الدراسة تراكمات الرسوم على شركات المقاولات في كل من هيئة سوق العمل والتأمينات الاجتماعية خصوصا بالنسبة للمقاولين المتعثرين، وبالتالي زجهم في أروقة النيابة العامة والمحاكم، موصية بعمل آلية تقسيط مريحة وميسرة بعد إثبات التعثر لتلك المؤسسات والشركات.

وتوقفت الدراسة أيضا عند المخالفات المرصودة من جانب هيئة سوق العمل وفرض غرامات مالية كبيرة بعض المقاولين، مقترحة إعطاء ومنح مهلة لتصحيح الأوضاع والمخالفات في فترة زمنية تحددها الهيئة، مشيرة أيضا إلى احتساب مخالفات جزئية على جميع السجلات لأولئك المقاولين، موصية بحصر المخالفات على كل قيد تجاري بصورة جزئية لا تشمل السجلات الأخرى.

وتضمنت  كثرة مخالفات وزارة العمل للصحة والسلامة المهنية واحتساب مبالغ كبيرة تقدر بمبلغ 500 دينار على كل حالة مخالفة وعدم معرفة المطلوب من هذا القطاع من جانب الوزارة في هذا الصدد، لافتة الى إمكان التعاون البنّاء من حيث طريقة تبليغ الشركات والتثقيف وتوصيل ما يطلب من القطاع بصورة مهنية مباشرة لتفادي هذه المخالفات الجسيمة.

سكن العمال الأجانب

لم تغفل الدراسة عدم توافر أراضٍ مخصصة لسكن العمالة الأجنبية في هذا القطاع وظهور مساكن عشوائية في الأحياء السكنية والمدن ما تسبب في ظواهر اجتماعية سلبية غير متجانسة ومتكافئة من حيث النسيج الاجتماعي. واقترحت الدراسة تخصيص وتوفير أراضٍ سكنية مخصصة للعمالة الأجنبية متوفرة فيها البنية التحتية من كهرباء وماء وصرف صحي وكل ما يتعلق بشبكات البنية التحتية.

أزمة المحجر

احتوى البحث الذي أعده هشام مطر إلى تأخر عمليات الردم للمشاريع العمرانية للقطاع الخاص؛ وذلك لعدم توفر المواد الخام الداخلة في عمليات الردم الأساسية للمشاريع مما يربك سرعة العمل بسبب غلق المحجر المخصص لعمليات تفجير المواد الخام، حيث أوصى بفتح المحجر وتخصيص حصص للقطاع الخاص بدلا من حكره على مشاريع القطاع الحكومي فقط. وتطوير خطط المحجر لتوفير المواد الخام لعمليات الردم للمشاريع العمرانية القادمة.

عشوائية التصنيفات

تطرقت الدراسة لعشوائية تصنيفات الأراضي وتداخلها في وعدم توافر (data Base) قاعدة بيانات أساسية للتخطيط العمراني المستقبلي للمستثمرين، موصية بتفعيل دور التخطيط العمراني من حيث وضع خطة مستقبلية واضحة المعالم لتصنيفات وعمليات التخطيط لكافة الاحتياجات بفترة زمنية لا تقل عن خمس سنوات. وتفعيل دور التثقيف العمراني للمدنيين والمستثمرين على حد سواء لعمل المشاريع وذلك من خلال وسائل الإعلام والندوات وكل وسائل التواصل الاجتماعي لهذا الغرض.

من جانب أخرى، ذكرت الدراسة كثرة عدد سجلات قطاع المقاولات مقارنة بالمشاريع المطروحة مما يتسبب بإخلال التوازن في المنافسة، مشيرة الى إمكان تصميم استبانة؛ لحصر وتحديث أعداد السجلات في قطاع المقاولات والمشاريع المطروحة من جانب وزارة الصناعة والتجارة وبالتعاون مع وزارة البلديات، وحصر تلك المشاريع حفاظا على نظام النسبة والتناسب بين عدد السجلات وعدد المشاريع في القطاع.

غياب برامج التمويل

تطرقت الدراسة لصعوبة التمويلات البنكية لقطاع المقاولات خصوصا للمؤسسات الصغيرة والصغيرة، موصية بإنشاء محفظة مالية مشتركة معنية للتنمية، والتي من شأنها تقديم التمويل الميسر للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتأسيس مصرف بنكي مشترك يشمل القطاع الحكومي والغرفة التجارية على الصعيد المحلي. وفي السياق ذاته، ذكر البحث ضعف مساهمة وتنمية المؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في المشاريع الحكومية، مشيرا إلى إمكان تفعيل قرار دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الصادر من رئاسة الوزراء وذلك بتخصيص نسبة 20 % من المشتريات و10 % من المناقصات الحكومية الخدمية لتلك المؤسسات والذي من شأنه أن يضمن مشاركة وتنمية تلك المؤسسات.