+A
A-

نظام ديمقراطي فريد لترسيخ ثقافة الانتخاب

تعتبر الانتخابات مجرد آلية أو أداة لضمان مشاركة المواطنين في عملية صنع القرار، ولتأكيد أحقيتهم في اختيار من يرونه الأفضل والأنسب في تمثيلهم والتعبير عنهم أمام الأجهزة، ولتجسيد حقيقة إرادة الأمة، وأن الشعب هو مصدر السلطات جميعها.  لذلك اتفقت الأنظمة المعمول بها والسائدة في العالم المعاصر على أمرين مهمين، أحدهما كفالة حق الانتخاب من دون نقص باعتباره ركنا ركينا لرابطة المواطنة التي تضمن للجميع دون تمييز الإدلاء بآرائهم ما دامت تتوفر فيهم الشروط المقررة في قوانين مباشرة الحقوق السياسية.

والأمر الآخر يتعلق بمحورية دور العملية الانتخابية بكل مراحلها وإجراءاتها في رفع مستوى الحس الوطني بالشؤون العامة، وكيفية الانخراط في أتونها، والتي تسهم بالتأكيد في دعم ثقافة الانتماء والولاء، وفي تنمية وعي المجتمع بالمصالح الحيوية للأوطان، والسبل المناسبة لتحقيقها عبر ترسيخ مبادئ الرقابة والمساءلة والشفافية.

ولم تكن البحرين ببعيدة عن الثقافة، وأكدت نظم الانتخاب المعمول بها في المملكة على هذه التقاليد والأعراف والمبادئ التي تعلي من شأن قيمة الديمقراطية النيابية، ويكون فيها للمواطنين الحق في اختيار وانتخاب ممثلين لهم للبت في المسائل والملفات المهمة التي تعنيهم وتؤثر في شؤونهم ومستقبل أبنائهم.

وانتهجت مملكة البحرين، وضمن أطر ممارساتها للديمقراطية النيابية، نظاما ربما يكون فريدا لترسيخ ثقافة الاختيار والانتخاب وللتعبير عن إرادة الناس، واتبعت في سبيل ذلك، وبحسب ما تحدده القوانين المنظمة، عدة آليات مهمة كانت وما زالت تجسد حقيقة تفرد وتميز تجربتها النيابية ومشروعها الإصلاحي الذي دشنه عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وهي:

أولا: تأكيد أهمية الاقتراع الحر السري المباشر، مثلما يؤكد على ذلك الدستور المعدل الصادر في 14 فبراير 2002 وتعديلاته عام 2012، حيث تنص المادة 56 منه على أن أعضاء مجلس النواب ينتخبون بطريق الاقتراع العام السري المباشر.

ثانيا: التعويل على مبدأ “فردية” الانتخاب، مثلما حدد المرسوم بقانون رقم 15 لسنة 2002 المعدل بشأن مجلسي الشورى والنواب وتعديلاته بالمرسوم بقانون رقمه 39 لسنة 2012، والذي أشار إلى أن نظام انتخاب أعضاء مجلس النواب يكون طبقا لنظام الانتخاب الفردي (المادة 9)، وكذلك الأمر بالنسبة لانتخاب أعضاء المجالس البلدية.

ثالثا: الارتكاز على رأي أغلبية المصوتين دون غيرهم (ممن أدلوا بأصواتهم، وشاركوا فعليا في الحضور لمراكز الاقتراع) في تحديد نتيجة الانتخابات النهائية، ومن هو المرشح الفائز بتأييد كتلة التصويت الأكبر، حيث تنص المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 15 لسنة 2002 المعدل بشأن مجلسي الشورى والنواب وتعديلاته بالمرسوم بقانونه رقم 39 لسنة 2012 على أن انتخاب أعضاء النواب يكون بالأغلبية المطلقة لعدد الأصوات الصحيحة، ويُعاد الانتخاب بين أكثر المترشحين الحاصلين على أكبر عدد من الأصوات، ويُعتبر فائزا من حصل على أكبر عدد من الأصوات في الجولة الثانية، وكذلك الأمر بالنسبة لانتخابات المجالس البلدية.

ويتناسب هذا النظام المعمول به في مملكة البحرين، والذي يرتكز على أغلبية الأصوات الصحيحة مع طبيعة الظروف والتحديات التي تواجهها المملكة، خصوصا أنه يأخذ برأي هذه الأغلبية التي أدلت برأيها، كما أنه لا يتجاهل دور أي كتلة تصويتية لم تستطع أن توصل مترشحها للفوز بالانتخابات، حيث يحق لأكثر 3 مترشحين لم ينالوا الأغلبية المطلقة في الجولة الأولى الدخول للمنافسة في جولة ثانية، وهو ما يعني التعويل على دور الناخبين وقدرتهم وحدهم على حسم نتيجة الانتخابات، ومن ثم مدى مشاركتهم في تحديد الفائزين بالدوائر الانتخابية والمقاعد النيابية بالتالي.