+A
A-

إبداعات السهلاوي تكرس مسيرة الشاب العصامي

قبل عشرين عاما، أو أكثر بقليل، كان للشاب عادل السهلاوي حلم في أن ينقل إبداعه الذي نشأ عليه منذ نعومة أظفاره في صناعة المنتوجات الخشبية والجلدية إلى العالمية، فكانت البدايات الصغيرة بغرفة خشبية بسيطة صنعها بنفسه فوق سطح منزل والده بمدينة عيسى.

ولم تكن الظروف المحيطة به حينها، لا العائلية ولا الاجتماعية تسعفه لأن يحقق عُشر هذا الحلم، لكنها الإرادة والعزيمة التي نشأ عليها، والتي ميزته عن أقرانه، فكان منذ الوهلة الأولى مختلفا، ومميزا، وصانعا للجديد.

بعد سنوات طويلة من العمل الجاد، والمجهد، والمضني، والمرهق، استطاع السهلاوي أن يتغلب على الكثير من الصعاب، فكانت النجاحات بأن شق طريقة بكل اقتدار، وحرفه، بصنعة لا يتقنها بهذا الشكل في هذا البلد، إلا هو.

كيف يحول فتات الخشب، وفتات القماش، والجلديات، إلى حقائب، ومحافظ، وحافظات للهواتف المتنقلة، وأحزمة جميلة، ومعطف جلدية، وقبعات أنيقة، يتهافت عليها السواح قبل غيرهم، بإعجاب ورغبة جامحتين.

مندوب البلاد التقاه أخيرا في ورشته الصغيرة في براحة منزله بمدينة حمد، والتي تخرج منها إبداعاته للعالم، وألقت الضوء سريعا على المتغيرات الجديدة التي حققها في السنوات الأخيرة، والتي كان تتوجيها بأن أصبح سفيرا للصناعة الحرفية البحرينية بأقطار كثيرة من دول العالم.

يقول المصمم السهلاوي “التميز الجديد الذي وفقت فيه بأن دمجت الجلد الطبيعي مع منتوجات قماشية متنوعة، كقماش “الغترة الحمراء”؛ لإبراز التراث البحريني الأصيل، بجوانبه المضيئة والعميقة واللافتة، كصناعة سروج الخيل، والحقائب، والمعاطف، وبرقع الصقر، وهي خطوة حداثية لاقت استحسان الكثيرين، سواحا وبحرينيين وخليجيين، وحتى من الأقارب والأصدقاء”.

ويزيد “كما أضفت أخيرا سعف النخيل في هذه الأعمال، خصوصا في الحقائب النسائية، العبايات، الملابس، المباخر، حدوات الخيل، الكثير من الناس يبحثون اليوم عن المنتوجات الحرفية المميزة، والتي تقدم طابع البلد بشكل أنيق، وتكون بالأساس بــ (شغل اليد)”.

وفي سؤال لـ “البلاد” عن نوع الخامات التي يستخدمها ومصدرها، قال “أغلب الخامات من أمريكا، المكسيك، تايلند ومصر، وأغلى الخامات هي جلد الغزال، حيث تصل القطعة (المتر المربع) قرابة المئة وعشرين دينارا، هنالك أيضا جلود التماسيح، والبقر، وبعض القطع الكريمة، والتي أُطعم بها الطلبيات الخاصة”.

وعن أهم أعماله يقول “سروج الخيل هي أهمها، وأكثرها جهدا ووقتا وإبداعا في العمل، ولقد قمت مسبقا بصناعة سرجين، أحدهما لسمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، والآخر لسمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة، استغرقا مني أربعة أشهر لكل منهما”.

واللافت في بعض أعمال المصمم السهلاوي، بأنه لا يتخلص من بقايا الجلود والقطع الخشبية، والتي تكون مخلفات لأعماله وإبداعاته، وعن ذلك يقول لــ “البلاد”: “لا أرمي القطع المتبقية، وأنما أدخلها كجوانب تجميلية في الحقائب والميداليات والمعاطف الجلدية، الأمر يرتبط هنا بمقدرة المصمم، وبالزاوية التي ينظر من خلالها للعمل نفسه”.

ويضيف “في الكثير من مشاركاتي العالمية، كان هنالك إقبال كبير على الكثير من الأعمال التي هي صنيعة بقايا القطعة، أو بقايا المخلفات كما يقولون، ومنها من فازت بمسابقات للمصممين والمبدعين”.

وعن أهم زبائنه يقول “السواد الأعظم من النساء والشباب والذين يطلبون طلبات محددة أغلبها قمصان ومعاطف وحقائب، وعلى مستوى الجنسيات، فالأغلب من دول الخليج العربي، مع الإشارة بأنني الوحيد الذي يفعل ذلك بالبحرين”.

ويتابع السهلاوي “لاقت موهبتي التقدير من جانب هيئة السياحة والمعارض، وهيئة الثقافة والآثار، واللذين فتحا لي في الأعوام الأخيرة الأبواب على مصراعيها لتمثيل البحرين في المعارض الحرفية العربية والدولية، منها مشاركاتي في المغرب، تونس، عمان، باكستان، مصر، وغيرها”.

ويقول “كما كان لي مشاركة بالعيد الوطني الأخير في بريطانيا، بقصر الملكة اليزابيث، وبحضور سفير البحرين هنالك الشيخ فواز بن محمد آل خليفة، والذي قدم لي مشكورا كل الدعم الممكن، ولقد لاقت مشاركتي بتوفيق من الله إعجاب الحضور وإبهارهم”.

وعن أهم إنجازاته الإقليمية الدولية، يعلق السهلاوي “مشاركاتي في المعارض الدولية مستمرة لا تتوقف، وعملي ساهم في تعريف العالم على الثقافة البحرينية، هذا العمل توجت به أخيراً بـ (الوسام الأزرق) كأفضل مشروع يدوي في العالم بمعرض (ميكر فير) بالكويت بفبراير الماضي، ولقد فزت بالجائزة ذاتها مرة أخرى بشهر مارس الماضي في مدينة دبي”.

ويردف “بعد هذا المشوار الطويل من الإبداع والتطوير والعمل الشاق، تحولت أخيرا نحو مرحلة تعليم الشباب والنشأة في البحرين لمفاهيم هذه الحرفة الإبداعية، وتدريبهم، وغرس مداخيل الحرفة بهم، ولكي يكونوا موهوبين بصنعة تميزهم، يستطيعون من خلالها أن يخدموا أنفسهم، وبلدهم على حد سواء”.