+A
A-

“التسيب” في سداد “الكريدت” يؤرّق التجار وينذر بأزمة ثقة

زينل: “التسهيلات” وصلت لمدد غير طبيعية ولابد من تحرك

لاري: قدمت مقترحًا لتشكيل “وكالة ائتمان” ولا أذان صاغية

التأخر في الدفع يرفع كلفة التاجر ويضطره لرفع الأسعار

زينل يناشد الحكومة المبادرة وتسريع المدفوعات

 

تحدث أصحاب أعمال عن تفاقم مشكلة التخلف عن سداد مستحقات المشتريات التجارية، ضمن فترة تسهيلات الائتمان أو ما يعرف بلغة التجارة الدارجة “الكريدت” التي تمنحها الشركات لبعضها البعض لسداد قيمة المشتريات والخدمات التي تحصل عليها، ما ينذر بأزمة انعدام ثقة إلى جانب تكبد الشركات لخسائر كبيرة.  وتمنح الشركات عادة فترة سداد تصل إلى 60 أو 90 يومًا في المتوسط لسداد قيمة المشتريات وهي ما تسمى بـ “التسهيلات الائتمانية” أو “فترة الائتمان”، على أن يقوم الطرف المشتري أو الذي حصل على الخدمة من المزود، بسداد قيمة مشترياته بعد انقضاء هذه الفترة، ما يمنح الطرف المشتري مرونة أكبر لتحصيل السيولة ودفعها للبائع، كما يعطي البائع قدرة تسويقية أكبر.  ووصف رجل الأعمال البارز، إبراهيم زينل، الوضع الحالي فيما يتعلق بالالتزام بفترات الائتمان الممنوحة بين الشركات والمؤسسات لسداد المستحقات بأنها حالة “تسيب” وأنه لا بد من التحرك بسرعة للوقوف على أبعاد المشكلة وإيجاد الحلول الناجعة لها.  ودعا زينل الحكومة إلى المبادرة وبأن تكون قدوة للآخرين في تسريع المدفوعات، وأن يتم البدء بإجراء دراسة لوضع حد للتمدد غير الطبيعي في فترات التسهيلات الائتمانية.

 

مدد غير طبيعية

وأدلى زينل برأيه بخصوص “حدود الائتمان” والتخلف عن مواعيد الدفع بالقول “هذا الموضوع أصبح هاجسًا كبيرًا لكثير من التجار، وهو نتيجة لعدة عوامل، هناك تأخير في المدفوعات من قبل الدولة، وهناك توسع كبير وقد يكون غير مدروس بالنسبة لمنافذ ومحلات البيع الكبيرة، وهذا يضعهم تحت التزامات التسديد، وهم يستفيدون من التسهيلات الائتمانية لذلك، فالتجار يعطون فترة ائتمان تصل 60 أو 90 يومًا مثلاً، لكن عملية السداد تتأخر حتى 120”، مضيفًا أنها قد تصل حتى إلى 180 يومًا.  وحذّر زينل من مغبة التأخر في سداد التسهيلات الائتمانية بالقول “هذا يضغط على المدى البعيد على الحركة التجارية، وأي تحرك بإيجاد نظام ائتماني أو غيره من الحلول، سيكون محل ترحيب، آملاً أن تقوم غرفة تجارة وصناعة البحرين بدراسة الموضوع، وأن تضع مقترحات لوضع حدٍّ لهذا التمدد في فترات الائتمان التي وصلت لمدد غير طبيعية”.

 

آثار متفاقمة

وأشار زينل إلى أن استمرار هذه المشكلة على المدى الطويل سيخلق نوع من عدم الائتمان في الشارع التجاري، حيث إن السوق تعتمد على الثقة، وإذا ما اهتزت هذه الثقة فإنها ستتأثر كليًّا. وبين أن المنافسة الشديدة التي يتعرّض لها التجار في السوق قد يجعل البعض غير مكترث بعملية الدفع “ولا ننسى أن التأخر في الدفع قد يؤدي إلى ارتفاع الكلفة على التاجر وقد يردي على المدى البعيد، فقد يقوم التاجر باحتساب هذه الكلفة على المستهلك، نحن ندور في حلقة مفرغة”، موضحًا أن بعض الشركات قد تتأثر في الالتزام بأجور موظفيها وبالتالي تواجه ضائقة مالية.

 

الحلول المحتملة المشكلة

وبخصوص الحلول المقترحة، أشار إلى أن بعض البلدان الأجنبية تقوم باحتساب نسب فائدة على التأخير في موعد سداد التسهيلات الائتمانية بين الشركات والمؤسسات، ليس بغرض جني المكاسب ولكن لتشكيل نوع من الردع لعدم التهاون في سداد الالتزامات، إلا أن زينل رأى من الصعوبة بمكان تطبيق هذه الفكرة في البحرين أو الخليج خصوصًا أن موضوع الفائدة غير مرغوب فيه، كما لا يوجد نظام لإدارة هذه العملية.

 

بدون “كريدت” لا مشترٍ

من جانبه، قال رجل الأعمال، علي لاري، إن مشكلة عدم الالتزام بفترات التسهيلات الائتمانية بين الشركات أصبح أمرًا منتشرًا ويقلق الكثير من التجار خصوصًا في الفترة الأخيرة. وأوضح أن إحدى الشركات لديها أكثر من 250 ألف دينار مستحقات على المحلات، إذ تخطت المستحقات فترة الائتمان المعطاة لاستحقاق هذه المبالغ، مشيرًا إلى أن المتأخرات تصل مددها لقرابة العامين.

وأضاف لاري أن التعامل بـ “الكريدت” شائع في السوق بين الموردين وتجارة التجزئة أو مقدمي الخدمات، ومن دون تقديم التاجر لفترات ائتمانية أو “كريدت” فإنه لا أحد سيشتري بضاعته.

وبين أن عدم الالتزام بفترة “الكرديت” لا تقتصر على المحلات الصغيرة فقط بل حتى المحلات الكبيرة، ففي العادة يعطي التجار فترات تتراوح بين 30 و90 يومًا، لكن للأسف لا يلتزم الكثيرون بهذه المدد.

وتابع “بعض المؤسسات تتعذّر بعدم وجود السيولة الكافية لسداد المستحقات التي عليه للموردين، والشيء الغريب أن بعض هذه المحلات يتعامل أصلاً بالنقد مثل المطاعم ومحلات التجزئة”.

 

وكالة ائتمان على غرار “بنفت”

وبيّن لاري أن مشكلة عدم الالتزام بفترات التسهيلات الائتمانية يخلق مشكلة للموردين مع البنوك التي تطلب مستحقاتها بدورها خصوصا للمستوردين الذين يستخدمون بشكل كبير خطابات الاعتماد من البنوك من أجل الاستيراد، إذ في حال التأخر عن السداد فإن هذه البنوك تفرض غرامات على الموردين.

وأشار إلى أن التأخير في سداد المستحقات يعد في حد ذاته خسارة، حيث يمكن استثمار هذه المبالغ في ودائع وسندات حكومية تدر قرابة 7 % سنويًّا على التاجر.

وقال لاري إنه قدّم مقترحًا قبل سنوات بتأسيس “وكالة للائتمان” تعمل بطريقة مشابهة لـ “بنفت”، إذ يتم تقييد تعاملات الائتمان بين الشركات في هذه الوكالة والتي تقوم بدورها بتصنيف التجار وفق التزامهم بفترات الائتمان المتفق عليها، بحيث يكون التاجر على بينه بخصوص مدى التزام الطرف الثاني بتعاقداته، خصوصًا أن بعض أصحاب الأعمال يقوم بإغلاق السجل مع عدم وجود ضمانات بنكية تغطي التزاماته، في حين يقوم البعض الآخر بالاستفادة من “الكريدت” في توسيع نشاطه وافتتاح مزيد من الفروع دون الالتزام بسداد المستحقات المترتبة عليه للشركات والموردين. وبين أنه لم يجد تجاوب مع المقترح الذي قدمه بطريقة مكتوبة.