+A
A-

هل سيعتذرون لقضاة الشرع؟

لاشك أن حادثة انتحار فتاة بحرينية في ريعان الشباب حدث صادم وفجيع ومؤلم أصاب المجتمع البحريني المتلاحم والعاطفي بالذهول والأسى، ما جعله عرضة للشائعات الكثيرة تصدى لها أفراد انتهازيون وجماعات انتهازية متربصة لتحيك قصصًا كاذبة تؤسس بها مواقف موجهة ومعروفة ضد القضاء الشرعي في مملكة البحرين.

فسرعان ما امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام المختلفة بالافتراءات والأكاذيب للصعود على جثث الضحايا، واستدرار العواطف المتوقدة وتلقينها مواقف معبأة ومعروفة ضمن سياق بروباغندا تجافي الموضوعية والحقيقة والإنصاف، وتتحيَّن الفرص وتتصيَّدها من بين أوجاع الناس ومآسيهم ضمن مشروع معروف وواضح لطمس كل أثر ديني من وجه الدولة واستبداله بقوانين مستوردة من الغرب المنحل والمستبد تحديًا لضمير هذا البلد الكريم وضمائر أبنائه المسلمين. 

وبعد بضعة أيام من الحادثة الأليمة انقشع غبار الكذب والدجل ليتضح للناس شيء من حيثيات القضية، وتبيَّن أنَّ المحاكم الشرعية بريئة من تلك الحملة المسعورة المبنية على الزيف والكذب. فيثور السؤال: مَن مِن أولئك الانتهازيين الذين تصدروا المشهد الإعلامي تباكيًا على الحدث تراجع عن كلامه واعتذر عما راكمه من افتراءات في مواقع التواصل الاجتماعي وفي المجالس العامة؟! هل يمتلكون الجرأة والشجاعة ليعتذروا من قضاة المحاكم الشرعية الذين شنَّعوا عليهم ورموهم بشتى الافتراءات والأكاذيب؟! هل اعتذروا من كل طرف شوَّهوا وشنعوا عليه؟!

والأدهى والأمر من كل ذلك أنَّ كثيرًا من المتصدين لتلك الحملة المسعورة ممن يقدَّمون على أنهم من النخبة، إعلاميًّا وحقوقيًّا وقانونيًّا، فما الذي منعهم من التقصي والتحري والاستعلام قبل إطلاق مسلسلات الأكاذيب الدرامية؟! إنها الانتهازية ومشاعرها التي تجعل أصحابها يبنون مشروعاتهم وأحلامهم وأطماعهم ويروجون أجنداتهم وأيديولوجياتهم من رحم المعاناة والمأساة للآخرين، فهم ينظرون للضحايا بأنهم فرصة للتكسب تعمي الأبصار والبصائر عن كل حقيقة إنسانية، تمامًا كما هو حال تجار الحروب وقادة الأحزاب الأيديولوجية الثورية.

وختامًا، أقول لأولئك الذين يصرون على تغيير جلودنا وهويتنا وتاريخنا: لقد اختار آباؤنا منذ السبعينات التأكيد على هويتهم، وصانت الدولة بقيادتها الرشيدة الحكيمة تلك الهوية واحترمتها، وأنتم كما كنتم أو كان آباؤكم منذ التصويت على الهوية الإسلامية للبحرين، فلا أقل من منحنا الحرية التي تدَّعون المطالبة بها، واحترموا إرادتنا، ومن لم تُعجبه قوانين الأسرة الشرعية، فليذهب ويتزوج وفق الشروط التي يشاء.