+A
A-

صويلح: لماذا توقفت بعثات التنقيب الأجنبية من الحضور إلى البحرين؟

الإرث الحضاري لا يدرك قيمته إلا أبناء البلد

أشجع على إنشاء متاحف صغيرة في المدارس

لماذا لا يُستفاد من خبرات جمعية التاريخ والآثار؟

 

أكد الباحث والمؤرخ عبدالعزيز صويلح أنه وللمحافظة على الآثار الوطنية، وتعزيز مكانتها، يتوجب بأن يكون المشرفين والمنفذين عليها من أبناء الوطن، مبيناً بأن هذا الإرث الحضاري لا يدرك قيمته إلا المواطنون.

وأوضح صويلح، صاحب كتاب “حضارة دلمون” بحديثه لـ “البلاد” أهمية عودة بعثات التنقيب الأجنبية لممارسة عملها، مشيراً إلى أنه كان لها إسهامات مؤثرة في تنوير وتثقيف أبناء المناطق، بما يوجد من ارث حضاري في المناطق التي تقوم بالتنقيب فيها.

واقترح صويلح إنشاء متاحف صغيرة بالمدارس، تساعد الطلبة على معرفة حضارات وتاريخ بلدهم العريق.

وفيما يلي نص اللقاء. 

أصدرت أخيرا كتاب (حضارة دلمون) ما الذي دفعك الى ذلك؟

أصدرت هذا الكتاب بناء على انتشار مسمى دلمون في الكثير من المؤسسات دون علم ومعرفة بدلمون وبماذا تعني دلمون؟ وعندما يسأل الطلاب في المدارس عن حضارة دلمون، يقولون البحرين، كما أن درايتهم بهذه الحضارة ومعرفة إنجازاتها، لا تخفى فقط على الطلبة وبمن يتعامل بهذا الاسم، ولكن أيضاً المدرسون والقائمون على تدريس هذه الحضارة.

ما أهم ما ركزت عليه في الكتاب؟

استعرضت وبالتفصيل ما يتعلق بتحديد الموقع الجغرافي لحضارة دلمون أو ما يطلق عليه دلمون، وطرحت مختلف آراء الباحثين والدارسين حول هذه الحضارة والحضارات الأخرى، وبينت وجهة نظري الخاصة حول موقعها الجغرافي وهل تعني فقط البحرين، أم تمتد لحدود جغرافية أبعد من حدود جزر البحرين، رغم أهميتها.

كما استعرضت الجذور التي ينتمي اليها سكان دلمون، أصحاب هذه الحضارة ومن أين أتوا؟ وطبيعة علاقتهم بالبحرين، وعلاقتهم بالساحل الشرقي من شبه الجزيرة العربية.

وتضمن هذا الفصل الدور الحضاري الذي قام به سكان دلمون في خلق علاقة تواصل حضاري فكري واقتصادي ما بين شعبها وشعوب حضارة بلاد الرافدين، وحضارة عيلان، وحضارة وادي السند، في أكبر مدنها التاريخية حضارة (موهنجداروا) و(هارابا)، وحضارة (مغان) التي تمثل اليوم مساحة جغرافية كبيرة من دولة الإمارات العربية وسلطنة عمان.

ما معالم هذه الحضارة وإنجازاتها والقيم الفكرية لها؟

حضارة دلمون تتميز عن بقية الحضارات التي نشأت في الشرق الأدنى القديم، باعتبارها حضارة شعب وليس حضارة ملوك، فهذه الحضارة بنيت بسواعد أبنائها فلم تكن هنالك انهار تحكم الاستقرار الدائم في الأرض، وانما جهود بشرية ساهمت من الاستفادة من ينابيع المياه الطبيعة وأسسها حولها مدن بسيطة انتشرت في مدن مملكة البحرين على طول الساحل الشرقي لشبه الجزيرة العربية.

من هذه المدن مدينة قلعة البحرين، وسار ودراز والناصرية هذه المدن تم التعرف على أجزاء من معالمها ومرافقها ومن ابرز تلك المرافق المعابد (لكل المدينة) والآلهة الخاص بها، وهذه صفة تتميز بها المدن الحضارية التاريخية.

فالمعبد يمثل مقر السلطة الدينية والدنيوية، وكهنة المعابد يمثلون تلك السلطتين، فعند زيارتنا مثلا لمدينة سار الدلمونية والتي تعتبر في نظري كباحث ميداني في مجال التنقيب والبحث الأثري، مدينة دلمونية نموذجية، يستلزم الأمر الاهتمام بها على النطاق المحلي، وإبرازها حضارياً حيث تم التعرف على وحدات بناءها العمراني، ومعبدها الرئيسي الذي خصص لعبادة الآلهة (القمر) وكذلك تم التعرف على أسواقها، ومدافنها.

فيما يتعلق بالمواقع الأثرية والدلمونية، هل ترى بأن أعدادها بمستوى الطموح؟ وبم تنصح؟

للمحافظة على أي الآثار الوطنية، يجب أن يكون المشرفون والمنفذون عليها من أبناء الوطن، لأن هذا الإرث الحضاري لا يدرك قيمته إلا أبناء البلد.

وعليه، نجد أن من السلبيات الكثيرة التي تعاني منها الآثار والمعالم في البحرين التالي: لا توجد خارطة مساحية للمملكة عموماً محدد عليها هذه المواقع الأثرية والمباني التراثية بشكل عام، ثانياً: يجب أن تكون هنالك حراسة على هذه المواقع من قبل أبناء الوطن، ومن سكان هذه المواقع نفسها، ثالثاً: التنسيق مع بعثات التنقيب العاملة بالمواقع أن يكون برفقتهم من العاملين معهم (بحرينيين)، وان يتولون بعد نهاية كل موسم، احتضانهم في جامعاتهم الخاصة لتأهيلهم أكاديمياً.

هل ترى بأنه لا يزال هنالك اهتمام مجتمعي بتاريخ البحرين القديم؟ كيف؟

هذا الاهتمام يعتمد على أساليب وطرق التوعية التي تقوم بها الجهات المسؤولة، في السابق وقبل سنوات عندما كنا نعمل في هذا الميدان، كنا سنويا وبعد نهاية كل موسم تنقيبي نُعد معرض لآخر المكتشفات بكل موقع أثري، وإبراز أهميتها الحضارية للبحرين.

كما إننا أسبوعياً كنا نستعرض آخر الإنجازات التي تمت على يد فرق التنقيب التي تقوم بإنجاز حفائر لها بمملكة البحرين، وكان عددها أكثر من سبع بعثات أجنبية (الإنجليزية، الفرنسية، ألمانية، دنماركية، بلجيكية، وجامعتين من اليابان وبعثة عربية مشتركة وبعثة عراقية).

هذه البعثات توقفت في الوقت الحاضر، والذي كان لها إسهام من خلال نتائج تنقيباتها في تنوير وتثقيف أبناء المناطق، بما يوجد من ارث حضاري في المناطق التي تقوم بالتنقيب فيها.

وكنا نقوم بتقديم محاضرات في مختلف مدارس البحرين، وطرحنا على المدارس فكرة إنشاء متاحف صغيرة في المدارس، هذه الوسائل المتعددة التي ذكرتها هي التي تسهم في عملية التنوير والتعريف بالإرث الحضاري للبحرين، مما يعمق روح الانتماء للوطن وحب الوطن، وهذا ما نفتقده الآن.

هل ما هو موجود في المناهج التعليمية يتوافق مع مستجدات نتائج التنقيب بمملكة البحرين؟

لابد من عمل مراجعة دقيقة لما هو مقدم ويدرس لطلابنا حول تاريخ وحضارة مملكة البحرين، واخص بالذكر التاريخ القديم، فقد كلف بأعداده في الوقت الحاضر أشخاص بعيدون عن هذا التخصص، وليسوا على دراية بما استجد في تاريخ البحرين، هؤلاء الأشخاص ينتمون لشركات أجنبية ليس لها وجود بالبحرين، تم تكليفها بأعداد مناهج العلوم الاجتماعي لمختلف المراحل فيما يخص التاريخ القديم.

كان من الواجب أن يستفاد من الكفاءات المحلية التي كتبت وتكتب في هذا التاريخ ولديها علم ميداني بآخر المستجدات في الإسهام الحضاري لمملكة البحرين.

هل تولي الجهات المعنية اليوم تعليم النشأة بتاريخ بلدهم؟

للإجابة عن هذا السؤال لابد أن نتساءل: هل هنالك تعاون ما بين هيئة الثقافة والآثار ووزارة التربية والتعليم لاعداد منهج تربوي تعليمي تثقيفي وتعريفي بحضارات البحرين، من خلال تعاون مشترك.

كانت هنالك تجربة جميلة في السابق تتمثل بوجود ممثل مقيم لوزارة التربية والتعليم في متحف البحرين الوطني، ينسق الزيارات المدرسية لمختلف المراحل التعليمية، أسهم مع الوقت في بناء علاقة تنظيمية جميلة، لتنظيم تلك الزيارات.

إضافة إلى ذلك، كان في المتحف قاعة تعليمية لطلاب المدارس، وطرحنا كممثلين في البحرين بأكثر من مؤتمر خارجي، فكرة إنشاء متحف الطفل والذي كان موجود نموذجا منه في متحف البحرين، وهو عرض مجموعة من الآثار التقليدية بهذه القاعة، تمكن الطفل من حملها والتعرف عليها، ولأن الطفل يستوعب بكل جوارحه، أين هذا المتحف؟

كلمة أخيرة

آمل أن تستفيد هيئة الثقافة والتراث الوطني من الكوادر العلمية المتخصصة في تاريخ وحضارة البحرين الغنية في جمعية آثار وتاريخ البحرين.