بدأت المحكمة محاكمة متقاعد متهم بتزوير طلب إصدار تصريح عمل لخادمة باسم شخص آخر ودون علمه ودوّن بيانات سيدة مدعيا أنها زوجة المجني عليه ومريضة بالحساسية وضعف النظر خلافا للحقيقة؛ من أجل الحصول على 10 دنانير من مكتب تخليص معاملات الذي أقر صاحبه أن المتهم هو من تقدم إليه بذلك الطلب لتقديمه للجهات المختصة.

وأمرت المحكمة الكبرى الجنائية الأولى بتعيين محام للدفاع عن المتهم عن طريق وزارة العدل مع استمرار حبسه لحين الجلسة المقبلة المقرر انعقادها في يوم 11 سبتمبر المقبل.

وتشير التفاصيل حسبما جاءت في بلاغ تقدم به ابن المجني عليه، تضمن أن والده كان يعمل سابقا عمل حر، إذ كان يعمل في الصيد، لكنه ترك أعماله بسبب سوء حالته الصحية، لمعاناته من مع مرض السكر والضغط والقولون كما أنه أصيب بجلطات عدة، لذا فهو غالبا ما يكون في المستشفى، ولا يستطيع الحركة، ما استدعاه لتقديم البلاغ نيابة عنه.

وأشار إلى أنه بشأن عدد الخادمات تحت كفالة والده، فإن الأخير قد استخرج تأشيرة عمل لخادمة واحدة فقط وكان ذلك قبل 6 سنوات، إذ تم جلب خادمة على كفالة والده لكي تعمل في منزل عمته، إلا أنه تفاجأ قبل نحو سنة واحدة من بدء التحقيق معه بمعرفة النيابة العامة، باتصال شخص لا يعرفه، أفاد له بأنه يعمل في إدارة الجنسية والجوازات والإقامة ويرغب في تحويل خادمة آسيوية على كفالته والده إلى كفالته (أي الموظف).

وأفاد ولأنه ووالده لا يعلمان أي شيء عن تلك الخادمة، فما كان منه إلا أن توجه إلى وزارة العمل وتحصل على بيانات الشخص الذي تقدم بطلب إجراءات جلبها، وتكلم معه فأبلغه الأخير أنه مخلص معاملات وأن شخص حضر لمكتبه وجلب له تلك الأوراق فقام بتخليص الإجراءات الرسمية بناء عليها، ولم يبلغه باسم ذلك الزبون.

وعندما راجع هيئة تنظيم سوق العمل، اكتشف تزوير بصمة والده على استمارة استخراج رخصة الخادمة، كما اكتشف بأنه مدون بالاستمارة أن زوجة والده هي الشاهدة الثالثة بالقضية، وأن سبب الحاجة للخادمة هو لمساعدة الأخيرة المريضة بضعف النظر والحساسية.

وبسؤال السيدة الوارد اسمها في استمارة الطلب قررت أنها ليست زوجة المجني عليه، ولا تربطها به ثمة علاقة، وأنها تفاجأت بتدوين بياناتها كزوجته في استمارة استخراج رخصة الخادمة بزعم أن الخادمة لرعايتها؛ بسبب حالتها الصحية خلافا للحقيقة.

وبالتحقيق مع مخلص المعاملات بداية؛ باعتباره متهما بارتكاب الواقعة، أفاد بأن المتهم المتقاعد هو من سلم المحررات المزورة موضوع الواقعة إلى مكتبه الخاص بتخليص المعاملات؛ من أجل تخليص إجراءات استخراج تأشيرة عمل لخادمة فتولى ذلك العمل، كون أن هذه مهنته وهدفه الحصول على فائدة أو عمولة مالية، ولو كان يعلم أن الموضوع فيه مشكلة لما تدخل بهذا العمل وورّط نفسه من أجل مبلغ 10 دنانير.

وأضاف أن المتهم تعامل مع مكتبه مرات عدة ولا مشاكل شخصية معه سوى أنها هذه المرة الثانية التي يتورط فيها بسبب المستندات التي كان يجلبها المتهم لمكتبه، مبينا أن الأخير تعامل معه نحو 20 مرة، وجميع معاملاته خاصة باستخراج تأشيرات عمل لجلب خدم المنازل لأشخاص مختلفين، مبينا أن المتهم يتعامل معه كونه يمتلك ترخيصا لتخليص المعاملات في حين لا يملك هو ذلك، لذا فإنه لابد له أن يتعامل مع أحد المكاتب ليتحصل على عمولته، فلجأ إلى مكتبه بنفسه ومن ثم استمر بالتعامل معهم لفترة، إذ يأخذ مكتبه مبلغ 10 دنانير فقط والفائدة المعتادة في أية معاملة، أما المتهم فإنه يتحصل باعتقاده على مبالغ بسيطة من أصحاب تلك المعاملات.

وأكد أن الظاهر له من تلك الأوراق أنها صحيحة ولا يوجد بها أية شبهة، لكنه اشتبه مرة واحدة عندما تم استدعاؤه قبل سنتين في قضية أخرى مماثلة، مشيرا إلى أن معظم الأوراق التي يقدمها له المتهم كانت تحمل بصمة فقط دون توقيع، وأن معظم شهادات الراتب تتبع لجهة واحدة فقط، فتم إخلاء سبيله.

وبالفعل ثبت بتقرير خبير التزييف والتزوير بإدارة الأدلة الجنائية أنه من خلال تدقيق ومضاهاة طبيعة بصمتي الإصبعين المرفوعتين من على المستند موضوع الواقعة - استمارة طلب إصدار تصريح عمل لخدم المنازل ومن في حكمهم - مع بصمات يد المتهم، فإنه يجزم بتطابق بصمات يد المتهم سالف الذكر بأكثر من 12 علامة مميزة مع طبعتي البصمتين الموجودتين على المستند موضوع الواقعة، فتم استدعاؤه للتحقيق معه.

وأنكر المتهم الاتهامات، وقال إنه في السابق كان يعمل لدى إحدى الوزارات لحين العام 2001، وبقي لحوالي 10 سنوات عاطلا عن العمل، وكانت ظروفه الاقتصادية صعبة، وبذلك الوقت كان معتادا على الحضور في مقهى شعبي بسوق المنامة قرب محطة النقل العام، إذ يتردد عليه عدد كثير من المواطنين والأجانب ومن ضمنهم مخلص المعاملات الذي تعرف عليه هناك قبل 5 سنوات.

وأفاد أنه لما علم أنه ذلك الشخص يمتلك مكتبا لتخلص المعاملات وأبلغه أنه سيعطيه مبالغ مالية تتراوح ما بين 5 و10 دنانير عن كل زبون يجلبه إليه، فقد جلب له طوال تلك الفترة عددا من الزبائن غالبيتهم أجانب الجنسية ومن المترددين على ذات المقهى ولديهم مشاكل بشأن التأشيرات والسفر.

وكان يبلغ الأجانب بشأن المكتب ويستلم منهم الأوراق الخاصة بهم ويأخذها بنفسه أو مع ذلك الشخص للمكتب ويعطيها للمخلص أو ابنه الموظف لديه، ويتحصل مقابل تلك الأعمال على مبلغ بسيط.

ولفت إلى أنه في بعض المرات كان المخلص يعطيه أوراقا ويطلب منه أن يبصم أو يوقع عليها أو يكتب اسم الشخص الأجنبي، فكان يقوم بذلك بحسن نية؛ خصوصا أن نظره ضعيف ولأن المخلص هو من يطلب منه ذلك، وكان يخبره أن تلك الإيصالات عادية ولا مشكلة فيها؛ لكي يعطيه المخلص المبلغ المالي مقابل ذلك، ولكن حصلت له مشكلة بعد ذلك، إذ تم اتهامه بتزوير بصمة شخص وتم الحكم عليه بالسجن لمدة 4 سنوات عن ذلك، وأن هذه القضية مشابهة لها أيضا ولكنه لا يعرف الشاكي ولا يتذكر أي شيء عن تلك الأوراق، وبالفعل ثبت بكشف الاستعلام الجنائي الخاص به أنه سبق اتهامه والحكم عليه في قضايا مماثلة.

وثبت بخطاب صادر من إدارة الموارد البشرية والمالية بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف أن المجني عليه ليس من منتسبي الوزارة، وأن شهادة الراتب لم تصدر عن طريق القسم، كما أن الختم المستخدم غير مطابق لأختام الوزارة وكذلك التوقيع.

وأسندت النيابة العامة للمتهم أنه بتاريخ 28 يوليو 2015، ارتكب الآتي:

أولا: ارتكب تزويرا في محررات رسمية، وهي استمارة طلب إصدار تصريح عمل لخدم المنازل ومن في حكمهم وشهادة راتب، بطرق التزوير المحددة قانونا، بأن حرّف الحقيقة في الاستمارة حال تحريرها، إذ وضع عليها بصمة نسبها إلى المجني عليه، كما نسب إليه زواجه من سيدة خلافا للحقيقة في حين اصطنع شهادة الراتب ووضع عليها ختم مزور منسوب صدوره إلى قسم شؤون الموظفين بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف وكذا توقيع مزور منسوب إلى مدير القسم، وكله بنية استعماله كمحررات صحيحة.

ثانيا: استعمل المحررات المزورة موضوع التهمة أولا فيما زورت من أجله واعتد بالبيانات المدونة بها بأن قدمها إلى المخلص من أجل تقديمها للموظف المختص بهيئة تنظيم سوق العمل؛ لاستخراج تصريح عمل لخادمة، مع علمه بتزويرها.