+A
A-

سلمان رضي: العزيمة مفتاح النجاح

استعنا بقرض من بنك التنمية في الفرع الثاني

صندوق العمل “تمكين” ساعدنا بدفع نصف الفوائد

أرباحنا تأثرت بـ “المضافة” وهدفنا بقاء الزبائن

دعوات الوالدة لها الفضل في الرزق ووجودها يمنحني دافع

نفضل تناول الطعام في المحل ولا نسعى لتوصيل الطلبات

تعلمتُ من الوالد قوة القلب والجرأة والمجازفة

نتحمل “المضافة” عن الزبون رغم ارتفاع أسعار المواد الأساسية

 

بدأ مشروعه التجاري من الصفر، وعلى الرغم من اختلاف شهادته وخبرته مع طبيعة المشروع إلا أنه استطاع النجاح وتخطي الصعوبات، فهو لا يعرف المستحيل، بل يعتبر تلك الصعوبات تحديا لمهاراته. حصل على ماجستير إدارة مخاطر الأعمال من جامعة جلاسكو بالعام 2004، وعمل نحو 9 سنوات في بنوك عالمية وشركات مالية واستثمارية مهمة بين بريطانيا وأميركا، ثم أطلق مشروعه في أبريل 2016 المتخصص في العصائر الطبيعية والحلويات، يعتزم سلمان رضي افتتاح الفرع الخامس لمشروعه “نيويورك وود بيري” مطلع العام المقبل 2020.

 

ماذا عن حياتك المهنية؟

بعد التخرج لم أرجع إلى البحرين، وفي العام 2004 استقررت في بريطانيا لمدة عامين، حيث توظفت في أحد البنوك العالمية هناك، ثم عدت إلى المملكة وتوظفت في بنك بيت التمويل الخليجي لمدة سنة واحدة، ولكن عدت بعدها إلى بريطانيا وعملت هناك في شركات مالية واستثمارية لمدة عامين.

ثم أصبح لدي الرغبة للعودة إلى أرض الوطن والاستقرار والزواج، وعند عودتي توظفت في شركة “ارنست ويونغ” للتدقيق، وكانوا يرسلونني لدول مثل الكويت والإمارات (دبي) وغيرهما لمدة عامين، ثم نقلتني الشركة إلى مكتبها في لندن لمدة سنة واحدة، بعدها تم نقلي إلى مكتب نيويورك وبقيت هناك نحو سنتين ونصف، ومن نيويورك تم نقلي إلى فلوريدا التي بقيت فيها سنة ونصف تقريبا.

بعد العودة إلى البحرين كانت لدي الكثير من الفرص للدخول في مجال الأعمال وفي الشركات الكبيرة، إلا أنني فضلت أن أبدأ بالعمل الحر والمشروع الخاص بي.

متى بدأت المشروع وكيف كان تقبل الأهل؟

عند عودتي من أميركا قررت أن أبدا مشروعي الخاص، ومع افتتاحي للفرع الأول في أبريل 2016 بمحل صغير تلقيت الكثير من الانتقادات؛ بسبب الفرق والاختلاف بين الشهادة والخبرات التي لدي ونوع المشروع، لكنني أصررت على الاستمرار، إذ كان أحد أهدافي ألا أرجع لأكون موظفا، بل أكون مؤسسا لمشروع. في البداية كان المحل سيكون متخصصا بالعصائر الطبيعية ولكن بعدها رأيت أنه لابد أن يكون المشروع من جانب متوسع، فأضفنا الحلويات وبذلك كنا أول محل في البحرين متخصص في العصائر الطبيعية والحلويات.

ما الصعوبات التي تلقيتها في التأسيس؟

في البداية كانت الصعوبات متمثلة بالأمور المادية. كان لدي مبلغ صغير ولكن الوالد دعمني، والتحدي الثاني أنني كنت جديدا في المجال ولا أملك أي فكرة عن بعض الأمور وبدأت من الصفر في التواصل مع موردي الفواكه والشوكولاتة.

أكبر الصعوبات لدي كانت في الموظفين، فمع بداية المشروع وتأسيسه يكون العامل متخوفا ولا يتوقع النجاح وضمان استلام الرواتب بنهاية كل شهر، والكثير من الذين تقدموا للوظيفة بعد أن أعلنتُ عن الوظائف في الإنترنت رفضوا قبول العمل وبدأت بعامل واحد فقط وكان يبلغني بعدم وجود زبائن، فكنت أنهي عمله اليومي عند العصر ولكن في فترة قياسية زاد الطلب وتم توظيف 3 موظفين واستقر المحل أشهر عدة حتى تم توظيف مزيد من الموظفين.

كما كان استئجار المحل تحديا، فمع البحث في مواقع عدة، رفض الجميع تأجيري محلا لخوفهم بأنني جديد في السوق التجارية. وفي أول فرع لنا بسلماباد طلبوا مني بعض الأمور وعرضا تقديميا (برزنتيشن) وأفكارا ورسومات للمشروع وأمورا عدة لتكون لديهم ضمانا، حتى أنهم قاموا بالسؤال عني ومن أكون والخلفية التي لدى الناس عني وعندما تأكدوا من جميع الأمور وافقوا تأجيري المحل، وكان “يوم إنجاز عالمي”.

كيف واجهتم تلك الصعوبات مع افتتاح الفرع الثاني؟

خلال أقل من سنة كان الإقبال قد زاد بالفرع الأول بصورة قياسية، فقررنا التوسع وافتتاح فرع ثان بمحل مساحته أكبر، كان هناك صعوبات قد قلت، وصعوبات زادت منها الأمور المادية، إذ سنبدأ من الصفر ودون وجود أي مبلغ تم توفيره، وبذلك استعنا ببنك البحرين للتنمية وأخذنا قرضا منهم، واستفدنا من صندوق العمل (تمكين) إذ كان يساعدنا بدفع نصف الفوائد، فيما افتتحنا الفرع الثالث والرابع بالمدخول الذي كان لدينا من الفرع الأول والثاني.

عندما ذهبنا لاستئجار الموقع من “ممتلكات” للفرع الثاني رحبوا بالفكرة، إذ لا يوجد مشروع مشابه في مشروعهم، ومع السمعة الطيبة التي تكونت للمشروع لم نتلق أي صعوبة في الحصول على المحل، وبالمواد فقط قمنا بزيادة الكميات.

كما أثني على جهود “تمكين” الذي ساعدنا كثيرا في فروعنا الأربعة، حصلنا على الدعم في معظم الأمور مثل التسويق والأجهزة والمعدات والصناديق.

من أين أتت فكرة اسم المشروع؟

غالبية الناس عند رؤية الاسم “نيويورك وود بيري” تعتقد أنه مشروع “فرنشايز” ولكنه مشروع بحريني بامتياز، فبعد أن قمنا بتسمية المشروع مسميات عدة وتم رفضها من قبل وزارة الصناعة والتجارة والسياحة، قررنا أن يكون الاسم “نيويورك وود بيري”.

وكل القصة هي أنني عندما كنت مع عائلتي في نيويورك كانت توجد منطقة تبعد ساعة واحدة اسمها “وود بيري” وهي منطقة بها أكبر “آوت لت” في أميركا. عندما كنت موظفا هناك كنا نذهب أسبوعيا إلى هذا “الآوت لت” ونقوم بشراء بعض الأشياء إلى الأهل والأصدقاء، وبعدما رأينا الإقبال فتحنا حسابا على موقع التواصل الاجتماعي (انستغرام) لبيع الأشياء المخفضة للعلامات التجارية المشهورة، وبتلك الفترة كان حسابنا أكبر “آوت لت” للبيع “أونلاين” على مستوى البحرين، ومن هناك قمنا بتكوين جزء من رأس المال للمحل.

كيف ترى المنافسة مع ظهور محلات عدة أخيرا؟

المنافسة شرسة وقوية في البحرين ولكن البقاء للأفضل، لا أقوم بامتداح المشروع ولكن بشهادة الزبائن نحن نبدأ بطرح منتج والمنافس يطرح مثله بسعر أقل بـ100 فلس فقط! ولكن الزبون يعود لنا بعد أن يرى اختلاف الطعم.

بدأنا توزيع القهوة والماء مجانا مع كل طلب، وفكرة القهوة جاءت في الفرع الأول وبشهر رمضان تم تقديمها للزبائن كونها مشروبا تقليديا، وبعد توقيفها وصلتنا العديد من الشكاوى حتى أن الزبائن طلبوا توفيرها وسيقومون بشرائها ومع ضغط الزبائن طرحناها من جديد مجانا، إذ لا نستطيع تسعيرها بعد أن تم تقديمها مجانا أولا.

والمياه أيضا كانت عملية مشابهة، فكنا نبيع الماء وهذه من الأمور والصعوبات التي صادفتنا مع الموردين، كنت أطلب من مورد واحد أن يستورد من تركيا وتم توقيف التصدير لأسباب معينة، حينها قال إنه سوف يوفر لي كمية أخيرة، وبعد توقف توفير الماء تحيرت من أين أحصل على المورد الثاني، وفي تلك الفترة تم توفير الماء مجانا واستمر الحال هكذا حتى مع المورد الثاني.

لا أنكر أن هذا الأمرين البسيطين تسببا بخسارة للمشروع ولكنها حركة تسويقية، ونحن لا نطمع بأموال الناس ولكن نرجو استمرار وجودهم زبائن لدينا، ولدي خطة تسويقية للمدى الطويل وهي استمرار المحل حتى لو كلفني توفير الماء والقهوة مجانا، وحتى الآن نحن نتحمل ضريبة القيمة المضافة عن الزبون حتى مع ارتفاع أسعار المواد الأساسية للاستخدام في إعداد الحلويات، باستطاعتنا أن نأخذ 5 % ضريبة على الزبون ومنها سيكون سعر طبق البانكيك من 3 دنانير إلى 3.100 دينار، فهي لن تؤثر على الزبون ولكنها تؤثر علينا؛ نظرا للكميات، ولكننا مستمرون بتحمل الضريبة، فأنا أفضل أن نقوم ببيع 100 طبق بسعر 3 دنانير بدل أن نبيع مثلا 3 أطباق بـ5 دنانير، ورغم تأثر أرباحنا من الضريبة فإن خطتنا على المدى البعيد هو مواصلة إقبال الزبائن والاستمتاع بأطباقنا والأسعار والخدمات المميزة التي نقدمها.

لم نتأثر بالمنافسة مع الجودة

مع وجود المنافسة لم نتأثر، بالعكس، فهي أثبتت حب الزبائن لمنتجاتنا، ومبيعاتنا في ازدياد، فنحن نستخدم الأفضل في مكونات الأطباق التي ارتفعت أسعارها 40 % من بداية المشروع، ومستمرون بنفس الأسعار السابقة.

كما أنني أحرص على استخدام البيض البحريني أو السعودي، ولا أريد أن أغير في مكونات الأطباق التي ستؤثر على الجودة وبذلك سنخسر الزبائن إذا تغير طعم الطبق.

ما المشاكل التي صادفتك مع الموردين؟

بعض المنتجات لا يكون لها بديل في البحرين، فأضطر الذهاب إلى السعودية وحتى الكويت أو دبي والعودة بنفس اليوم لجلب المواد التي نحتاجها لأطباقنا.

في إحدى المرات قال مورد “البستاشيو” إنه لن يستطيع توفير الكميات إلا بعد أيام الإجازة الأسبوعية، وأنا لا أستطيع أن أقول للزبون إن المنتج الذي يريده غير متوافر فاضطررت أن أذهب إلى دبي عند الصباح لشراء علبتين بـ50 دينارا تكفي للطلبات بالإجازة الأسبوعية.

هل هناك خطة توسعية قريبا؟

سنفتتح الفرع الخامس مطلع العام 2020، فالزبائن زادوا عن السابق، كما يأتينا زوار من السعودية والإمارات.

هل هناك خطة للتوسع خارج البحرين؟

ندرس هذا التوجه وافتتاح فروع خارج البحرين، ولكن هناك صعوبات مختلفة عن التي تلقيناها في المملكة، كما أنني أقوم بزيارة جميع الفروع على الأقل مرتين في اليوم وإذا افتتحنا فرعا خارج البحرين ستكون هناك صعوبة، وإذا تم إعطاء حقوق الامتياز لأحد الأفراد من الممكن ألا يحافظ على الجودة وسمعة المحل لذلك أنا متردد قليلا، لدي مستثمرون مهتمون في السعودية ولكني أُفضّل التأني في اختيار الشريك المناسب.

كما لدي فرصة لأن أكون موردا لبعض السلع التي يستوردها المحل مباشرة من إيطاليا ونستهلك منها كميات كبيرة، ولا يوجد من هذه السلعة في البحرين.

كيف تقضي يومك؟

في الصباح أكون في المكتب، وعند الحاجة لبعض الأمور خارج المكتب مثل البنوك أو الوزارات أقوم بإنهائها والعودة من جديد للمحل، ثم أعود فترة الغداء إلى المنزل وأعود من جديد عصرا لأزور الفروع.

سجلت في أحد الأندية الرياضية ولكن لم أستطع ترك العمال. بعد المشروع تغيرت وتأثرت حياتي الاجتماعية وأصبحت أرى أصدقائي أسبوعيا فقط.

ماذا تفعل بحضورك اليومي مع العمال؟

بحكم أنني عشت فترة سنوات في الغربة خارج البحرين في أفضل البلدان أفادني ذلك كثيرا في التعامل مع العمال وهذا السبب الرئيس في النجاح، وأصبحت أحب عمل بعض الأمور بنفسي، فأنا أتابع مع العمال أمور التخزين والمطبخ، حتى أن الموظفين بمختلف جنسياتهم يثنون على المرونة التي أتعامل بها معهم وأتعاطف معهم كثيرا.

هل كنت تحلم بتأسيس مشروعك الخاص منذ الصغر؟

كنت أحلم بتأسيس مشروع خاص في مجال دراستي والاستشارات والتدقيق.

هل كانت عائلتك تعمل في مجال التجارة؟

كان لدى الوالد مصنع كبير للملابس في نهاية الثمانينات تقريبا ويورد المنتجات لأميركا بكميات كبيرة، ثم دخل مجالات أخرى مثل الميديا والحدائق والألعاب.

كما أن خالي يعمل في مجال التجارة ولديه أحد المخابز المعروفة في البحرين.

ودعوات الوالدة لها الفضل في الرزق ووجودها يعطيني دافعا إيجابيا.

ماذا تعلمت من الوالد في مجال التجارة؟

قوة القلب والجرأة والمجازفة، كما أنه ينصحني دائما بأن أكون موجودا في المشروع، و “تقابل الحلال” حسب قوله.

ما دور زوجتك في المشروع؟

ساعدتني كثيرا، فهي تدخل المطبخ مع الموظفين وتحضر الأطباق، كما أنها موجودة في أحد الجوانب بالإدارة.

 

كم لديك من الذرية؟ وكيف يرون المشروع؟

أبنائي فخورون جدا بالمشروع، حتى أنهم قرروا تولي إدارة الفروع عندما يكبرون منذ الآن، حسين (7 سنوات) ولد في بريطانيا، وملكة (4 سنوات) ولدت في أميركا، ومحمد (سنتان) ولد بالبحرين.

هل تسعى للتجديد في المحل؟

أحرص على زيارة المعارض المخصصة للأغذية التي تقام في دبي أو إيطاليا، فبعض المواد التي نستخدمها، و “الصوصات” تعرفت عليها عند زيارتي لهذه المعارض في إيطاليا وأصبحت أشتريها مباشرة من البائع هناك وهذا الأمر يعطينا تميزا عن بقية المحلات.

كما نتابع الأمور على شبكة الإنترنت، وعند سفرنا لأي المناطق أقوم بالبحث عن الأمور المشابهة ومقارنتها بمستوى منتجات محلنا.

هل هناك فكرة لتوصيل الطلبات مستقبلا؟

لا، نحن نفضل أن يأتي الزبون ويأكل الطبق في المحل طازجا وساخنا حتى يكون لجميع أطباقنا قيمة، أتتنا عروض من شركات التوصيل ولكننا رفضنا.