+A
A-

معاهدة الصداقة مع “آسيان” بوابة لتنمية علاقات المنامة بدول الرابطة

تجسيدًا لرؤية عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، في ترسيخ أواصر التعاون مع الجميع وتشجيع الحوار بين الحضارات والثقافات والأديان، ودعم كل الجهود الساعية لتعزيز الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، والاهتمام بتطوير العلاقات والتعاون المشترك مع القارة الآسيوية عموما، ومع رابطة الآسيان خصوصا، قام وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، أمس، بالتوقيع على وثيقة انضمام مملكة البحرين إلى معاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا (Treaty of Amity & Cooperation in Southeast Asia)؛ تنفيذًا للمرسوم الملكي رقم (89) لسنة 2019 بانضمام مملكة البحرين إلى معاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا وبروتوكولاتها المعدلة حتى 2010.

وأجريت مراسم التوقيع على الوثيقة خلال اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان)، الذي يسبق أعمال القمة الـ35 للرابطة المزمع عقدها خلال الفترة 2 - 4 نوفمبر الجاري بمدينة بانكوك.

وجاء انضمام مملكة البحرين إلى المعاهدة بعد موافقة الدول العشر أعضاء الرابطة وبالإجماع على ذلك، لتكون ثالث دولة عربية تنضم للمعاهدة إلى جانب جمهورية مصر العربية، والمملكة المغربية.

وتحمل هذه الخطوة العديد من الدلالات الاستراتيجية، إذ تعد المعاهدة بمثابة بوابة لمنطقة جنوب شرق آسيا تسهم بشكل كبير في تنمية علاقات مملكة البحرين بدول رابطة الآسيان، وهي العلاقات التي تحرص على تعزيزها وتوثيقها حكومة مملكة البحرين بقيادة رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، ودعم ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولا أدل على ذلك من استضافة مملكة البحرين للاجتماعين الوزاريين الأول والثالث لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ورابطة (الآسيان) في مايو 2009 ونوفمبر 2013 على الترتيب، إضافة إلى تأسيس “مجلس دول الآسيان والبحرين” العام 2017؛ بهدف ‏تطوير ‏العلاقات ‏التجارية والاقتصادية والسياحية والثقافية، بما يعود بالنفع على مملكة البحرين ودول ‏الآسيان ويؤدي لزيادة ‏حجم التبادل ‏التجاري، وزيادة فرص ‏الاستثمار، و‏خلق شراكات اقتصادية مثمرة بين الجانبين.

ويؤكد انضمام مملكة البحرين لمعاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا دور وزارة الخارجية كمنسق للتعاون بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والآسيان، وهو الدور الذي أقره الاجتماع الوزاري الثالث لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ورابطة أمم جنوب شرق آسيا (الآسيان) الذي استضافته مملكة البحرين في 26 نوفمبر 2013، بهدف تعميق أواصر العمل المشترك بين تجمعين ينتميان إلى منطقتين استراتيجيتين لهما أهمية حيوية للتجارة والاقتصاد العالمي.

إن رابطة دول جنوب شرق آسيا المعروفة اختصارًا باسم “آسيان”، والتي تأسست في 8 أغسطس 1967 في بانكوك بمملكة تايلند وتضم عشر دول، وهي “بروناي دار السلام، مملكة كمبوديا، جمهورية إندونيسيا، جمهورية لاو الديمقراطية الشعبية، ماليزيا، جمهورية اتحاد ميانمار، جمهورية الفلبين، جمهورية سنغافورة، مملكة تايلند، جمهورية فيتنام الاشتراكية”، تعتبر من أهم النماذج الناجحة دوليًا، وتكتسب أهمية اقتصادية كبيرة ولها وزن اقتصادي مؤثر، فهي أحد أكبر منتجي المواد الخام في العالم، وتمتلك ثالث أكبر قوة عمل في العالم، لاسيما في ظل التعداد السكاني الكبير، ما يجعل لها القدرة على جلب الاستثمارات الخارجية، حيث تحتل منطقة الآسيان المرتبة الثانية عالميًا من حيث استقطابها للاستثمارات الأجنبية.

ومن المقومات والمزايا التي تتوافر للآسيان أيضًا ما تتمتع به منطقة جنوب شرق آسيا من مؤهلات طبيعية مهمة، حيث تتوافر الأراضي الخصبة والصالحة للزراعة، واحتياطي هام من مصادر الطاقة متمثل في البترول والغاز الطبيعي.

أما معاهدة الصداقة والتعاون التي انضمت إليها مملكة البحرين، فقد أبرمت في فبراير العام 1976 من قبل الدُول المؤسسة للرابطة، خلال أول قمة لها بجمهورية إندونيسيا، إذ وقع قادة الآسيان على معاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا وإعلان التوافق في الآسيان.

وتطبيقًا لهذه الاتفاقات عملت دول الآسيان على تدعيم تعاونها في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية وتبنت استراتيجيات عملية لتحقيق التنمية السريعة في اقتصاداتها. وفي العام 1987 تم تعديل المعاهدة، بما يسمح للدول من خارج رابطة الآسيان بالانضمام إلى هذه المعاهدة بشرط موافقة الدول الأعضاء في الرابطة بالإجماع على الانضمام، إذ أصبح عدد الدول المنظمة إلى المعاهدة من خارج رابطة الآسيان 30 دولة بعد انضمام مملكة البحرين وجمهورية ألمانيا الاتحادية لها اليوم، ومن هذه الدول: جمهورية مصر العربية، المملكة المغربية، الولايات المتحدة الأميركية، المملكة المتحدة، الجمهورية الفرنسية، روسيا الاتحادية، جمهورية الصين الشعبية، الاتحاد الأوروبي. وتهدف المعاهدة إلى تعزيز السلام الدائم والصداقة طويلة المدى، والتعاون بين شعوب الدول الأطراف بما يسهم في قوتها وتضامنها وعلاقاتها الوثيقة؛ استرشادًا بالمبادئ الأساسية مثل الاحترام المتبادل للاستقلال والسيادة والمساواة والسلامة الإقليمية والهوية الوطنية لجميع الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتسوية الخلافات أو النزاعات بالطرق السلمية، ونبذ استخدام القوة أو التهديد بها.