+A
A-

محمد بن مبارك: الأنصاري مفكر اهتم بقضايا وطنه وأمته

أقامت هيئة الثقافة والآثار برعاية كريمة من عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، مساء أمس، حفلًا لتكريم محمد جابر الأنصاري. وأناب صاحب الجلالة الملك، نائب رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة لحضور حفل التكريم الذي أقيم في الصالة الثقافية بحضور عدد من أصحاب السمو والمعالي والسعادة، حيث أدلى سموه في هذه المناسبة بالتصريح التالي:

إنه لمن دواعي اعتزازي أن أقوم نيابة عن جلالة الملك بحضور هذه المناسبة التي يتم فيها تكريم الدكتور محمد جابر الأنصاري تأكيدًا لاهتمام جلالته بتكريم مبدعي البحرين وشخصياتها الوطنية التي ساهمت في بناء نهضتها الحديثة، وتقديرًا لعطائه الفكري والأدبي والثقافي عبر مسيرته الممتدة عدة عقود أثرى من خلال مؤلفاته وكتاباته رفوف المكتبات. ويسرني بهذه المناسبة أن أقدم الشكر لهيئة البحرين للثقافة والآثار ورئيستها الشيخة مي بنت محمد آل خليفة لتبنيها وإقامتها لهذا المشروع الوطني الهام، الذي يتم من خلاله تكريم كاتب ومفكر وأديب بحريني جاوزت أصداء أعماله الأدبية وفكره السياسي والاجتماعي الصعيد المحلي إلى النطاق العربي والإسلامي وحتى العالمي.

وإن كان للبحرين أن تفخر بأبنائها وتكرم الذين أسهموا في نهضتها الفكرية والأدبية فإن محمد جابر الأنصاري يأتي من ضمن هؤلاء الأبناء المخلصين من خلال ما تقلده من مناصب يأتي على رأسها منصب مستشار حضرة صاحب الجلالة الملك للشؤون العلمية والثقافية، وإسهاماته في المشروع الإصلاحي لجلالة الملك وميثاق العمل الوطني.

وإني لأذكر بالخير والتقدير إسهاماته أثناء عملنا المشترك في تأسيس دائرة الإعلام ومن ثم وزارة الإعلام، وعضوية مجلس الدولة.

ومن خلال فكر ناضج واطلاع واسع، اهتم محمد جابر الأنصاري بقضايا وطنه وأمته وأسس بذلك علاقاته الواسعة بالمفكرين العرب وغيرهم من أبناء عصره الذين أشادوا بفكره ورؤاه السياسية والاجتماعية ومؤلفاته التي ستظل مصدرًا داعمًا للأدب ومرجعًا للباحثين والقراء باعتباره واحدًا من أهم المفكرين العرب. وانتهز هذه المناسبة لأعرب عن صادق تمنياتي لمحمد جابر الأنصاري بموفور الصحة والعافية، وعن تقديري لما قدمه لوطننا العزيز وأمته من خدمات في مجالات الفكر والأدب. من جانبها أعربت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة عن شكرها وامتنانها لجلالة الملك لتفضله برعاية الحفل، قائلة إن الثقافة في مملكة البحرين تحظى بدعم دائم ومستمر من جلالته. كما وتوجهت بالشكر الجزيل لنائب راعي الحفل سمو الشيخ محمد بن مبارك الذي يتابع ويدعم الشأن الثقافي في مملكة البحرين. وأشادت بالدور الذي قدمته عائلة الأنصاري في إنجاح هذا الحفل، متوجهة بالشكر أيضًا لصفاء إبراهيم العلوي التي قامت بالإعداد والإشراف على كتاب “الكلمة من أجل الإنسان: سيرة المفكر الدكتور محمد جابر الأنصاري” المخصص لهذه المناسبة، وأستاذة الطب النفسي ومؤسسة متحف المرأة بإمارة دبي بالإمارات العربية المتحدة رفيعة غباش التي عملت على إنتاج فيلم “منارة البحرين”.

وقالت “نجتمع اليوم جميعًا مع محبي الدكتور محمد جابر الأنصاري، هذا الاسم اللامع في تاريخ البحرين الحديث، الذي أثرى المملكة والعالم العربي بالعديد من الإصدارات والإسهامات الفكرية محققًا نجاحًا وأثرًا جميلًا على مستوى العالم العربي”، مضيفة “الدكتور محمد جابر الأنصاري لم تقتصر إنجازاته على المستوى المحلي، بل حمل اسم البحرين إلى محافل العالم العربي والعالم أجمع”، مختتمة كلمتها بتأكيد أن الثقافة هي ما يروج للمنجزات الحضارية للأوطان.

وفي كلمتها باسم عائلة محمد جابر الأنصاري، قالت ابنته الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة هالة الأنصاري “ينطلق الشكر والامتنان عميقًا لراعي الحفل، صاحب المقام السامي، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله ورعاه، فهو، من بعد الله، صاحب الفضل الأول على والدنا في سرائه وضرائه، وعبر علاقة فريدة من نوعها، تمتد إلى يومنا هذا، جمعت القائد بالمثقف على مدى 3 عقود، في علاقة تكاملية وتوافقية، قد يقل مثيلها في أزماننا العربية، ولم يهدأ خلالها فكر والدنا بتقديم المستطاع، لترجمة تلك الرؤية الملكية الإصلاحية الرحبة، النابضة بروح التجديد، والمتسعة بطموحاتها لكل آفاق وآمال غد البحرين المشرق”. وأضافت “وتأتي الإنابة الكريمة لسمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة لهذا الحفل، لتضفي له أهمية وطابعًا خاصًا، أولًا، لمكانته الوطنية الرفيعة، فلسموه سبق الريادة بإسهاماته الكبيرة في بناء نهضة البحرين الحديثة التي نقف أمامها بإجلال واحترام وتقدير، وثانيًا، لمكانته العزيزة على قلب والدنا الذي لن ينسى له مواقفه الإنسانية ومساندته الأخوية منذ أن آمن بقدراته وعينه مراقبًا في دائرة الإعلام عندما كان سموه مسؤولًا عنها، واستمر دعمه له متفهمًا حاجته لممارسة دوره كمفكر حر ورغبته بأن يكون بعيدًا عن اعتبارات وقيود العمل الإداري، وبقي حبل الود والمحبة ممدودًا إلى يومنا هذا ومهما بعدت بينهما المسافات”. وأردفت “بالنيابة عن والدتي وأفراد عائلتنا الصغيرة والممتدة، أعرب لكم عن مدى فخرنا وسعادتنا جميعًا، بأن نكون شاهدين لهذه الوقفة التقديرية التي قررتها هيئة البحرين للثقافة والآثار وأحسنت اختيار توقيتها، في سياق أفراحنا الوطنية، وتوفقت في حِبَكْ مضمونها الذي جاء محملًا بالحب والتقدير والتكريم لوالدنا العزيز”، قائلة “كما أقف بكل تقدير وامتنان أمام الجهود الكبيرة للشيخة مي بنت محمد آل خليفة والشيخة هلا بنت محمد آل خليفة، وأعضاء فريق عملهم المبدع والمتميز، على احتفائهم المقدر بجهود والدنا الذي يعني لنا الكثير في مثل هذه الظروف وهذا التوقيت”.  وأضافت أن عائلة الأنصاري تعمل على تأسيس دارة ثقافية وفكرية تحمل اسم الأنصاري، قائلة إن العائلة تأمل أن تكون نواة لصرح ثقافي يستمر في نشر والتعريف بإنتاجه الفكري، بالغًا بذلك مكانته المأمولة ضمن تاريخ البحرين الثقافي والفكري المعاصر.  وأشادت هالة الأنصاري بالحفل، موضحة أنه استطاع ترجمة مكانة الأنصاري كأحد رواد الفكر والثقافة على الخارطة الوطنية، وعبرت مضامينه بكل رقي وجمال عن حجم الاعتزاز بعطائه. وقالت “نقف اليوم أمام إرثه الكبير برهبة وعزم الحريص على حفظه وإحيائه وإتاحته ملكًا تحت تصرف وطنه الصغير الذي انطلق منه حالمًا بعودة الروح لأمته العربية، وبقيام نهضتها، واستئناف مجدها وزمان وصلها، الذي عايش تاريخه، بصولاته وجولاته، منقبًا ومحللًا لأسباب مده وجزره”. وشهد حفل تكريم محمد جابر الأنصاري افتتاح معرض “الكلمة من أجل الإنسان: من حياة المفكر محمد جابر الأنصاري” في بهو الصالة الثقافية، إذ يضم المعرض مقتنيات للأنصاري ومجموعة من كتبه ومقالاته وشهاداته وصورًا من حياته، نظمته هيئة البحرين للثقافة والآثار بالتعاون مع عائلة الأنصاري. ويستمر المعرض حتى تاريخ 22 ديسمبر الجاري.

كما تضمن الاحتفال عرضًا موسيقيًا غنائيًا لفرقة هارموني من مجموعة تاء الشباب الثقافية، احتفى بكلمات قصيدة “ميلاد أوال” للأنصاري، وحمل ألحانهم وغناءهم.

وشهد الحفل كلمة لأستاذ علم الاجتماع السياسي والأمين العام الأسبق للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت محمد غانم الرميحي، قدم خلالها قراءة لفكر محمد جابر الأنصاري ومتوقفًا عند مشروعه الذي هو محاولة للتعرف على كيفية تداول السلطة في العالم العربي، متمنيًا إعادة قراءة ما كتب الأنصاري، كما اختصر أهم القضايا والمواضيع التي اهتم بها الأنصاري، ومنها المفاهيم العربية والتشريعات وعلاقة الدين بالدولة، بالإضافة إلى أهمية المؤسسات في البحث عن الخلاص والدولة العادلة المطلوبة في المنطقة العربية.  وفي فقرة أخرى من الحفل، تم عرض فيلم “منارة البحرين” الذي عملت على فكرته وإعداده أستاذة الطب النفسي ومؤسسة متحف المرأة بإمارة دبي بالإمارات العربية المتحدة رفيعة غباش.  وقدمت الإعلامية البحرينية سوسن الشاعر كلمة أعربت خلالها عن سعادتها لانتمائها على مملكة وفية لأشخاص ساهموا في بناء الوطن. كما تحدثت عن بالعلاقة التي تجمعها مع الأنصاري وذكرياتها معه، كما سردت محطات جمعتها بالأنصاري، مستذكرة إسهاماته وإنجازاته الفكرية.  كما وتم توزيع كتاب “الكلمة من أجل الإنسان: سيرة المفكر الدكتور محمد جابر الأنصاري” الذي أصدرته هيئة البحرين للثقافة والآثار وقامت بإعداده والإشراف عليه صفاء إبراهيم العلوي. ويرصد الكتاب عبر فصوله الستة سيرة المفكر الأنصاري من مختلف جوانبها، كيف عاش، وكيف نما فكره حتى تحقق مشروعه النهضوي بشعار “الكلمة من أجل الإنسان”، بوجود شهادات من أسرته وأقاربه وأصدقائه وكبار الأدباء والكتاب والمفكرين الذين عملوا معه وكتبوا عنه وساء من البحرين أو الخليج أو الوطن العربي.